هل النجاح المدوي عار؟

السبت، 05 نوفمبر 2022 06:16 م
هل النجاح المدوي عار؟
حمدي عبد الرحيم

 
نحن ننتج حقًا وصدقًا بل نحتل المراكز الأولى في بعض القطاعات لكننا نتعامل مع تلك المراكز بوصفها فضيحة أو عارًا يجب دفنه 
 
قالت مواقع ذات حيثية: إن ثمن كيلو العدس الأصفر قد بلغ خمسة وستين جنيهًا.
 
وعلى خلفية هذا الخبر المزعج قال أحدهم: نحن لا ننتج شيئًا.
 
الكلام كله خطأ مركب، فليس صحيحًا أن ثمن كيلو العدس قد قفز إلى خمسة وستين جنيهًا بعد تعويم الجنيه، فالسعر يبدأ من خمسة وعشرين جنيهًا ويصل في بعض المتاجر الكبرى إلى اثنين وسبعين جنيهًا، فلما يخفي بعضهم عمدًا وجود عدس بخمسة وعشرين جنيهًا، أما الوجه الثاني من الخطأ فهو الاتهام بعدم إنتاجنا لشيء.
 
نحن ننتج حقًا وصدقًا، بل نحتل المراكز الأولى في بعض القطاعات، المراكز الأولى ليس على المستوى العربي أو الإفريقي بل العالمي، ولكننا نتعامل مع تلك المراكز بوصفها فضيحة أو عارًا يجب دفنه وعدم تسليط الأضواء عليه.
 
نبحث بجد ونشاط عن الأحزان والإحباط والتثبيط، وعندما نجد ما يدعو للتفاؤل والنهضة نفر منه فرار السليم من الأجرب.
 
لقد حققت مصر المركز الأول عالميًا في إنتاج التمور، وجاء في التفاصيل التي تناولتها وسائل الإعلام على استحياء كأنها تتناول فضيحة أو عارًا، قالوا: حققت مصر نموًا في معدلات إنتاج التمور خلال العام 2021، بعد أن نجحت في زراعة مليون و300 ألف نخلة من أصل مليوني ونصف المليون نخلة خلال السنوات السبع الماضية.
 
بلغ إنتاج مصر من التمور 1.7 مليون طن يمثل 18% من حجم الإنتاج العالمي للتمور، الذي يقدر بـ9 ملايين طن، لتحتل المرتبة الأولى عالميًا وعربيًا في إنتاج التمور.
 
أليس هذا نجاحًا يجب أن نحتفي به ونبني عليه ونحسن استثماره؟
 
هل زراعة النخيل ورعايته أمر يقوم به شعب من الكسالى البلداء الذين لا ينتجون شيئًا؟
 
زراعة النخيل ورعايته أمر شائق يحتاج لصبر يطول لسنوات، فقد تغرس نخلة ثم ترحل قبل أن تحظى بثمارها، يعني نحن شعب عامل مجتهد صابر، فأين البناء على هذا النجاح ، وأين الترويج له؟
 
وقد قرأت تصريحًا لافتًا للمهندس محسن البلتاجي رئيس جمعية "هيا" لتنمية وتصدير الحاصلات البستانية قال فيه: "إنه رغم إنتاج مصر العظيم من التمور، إلا أن نسبة التصدير منخفضة"، مشيرًا إلى أن هناك جهود مبذولة من الدولة والجمعية للوصول بصادرات التمور إلى مستويات تكون متناسبة مع الإنتاج الكبير.
 
وأضاف البلتاجي: أن زيادة نسبة الصادرات من التمور، يحتاج إلى إرشاد المزارعين بنوعية التمور التي يجرى زراعتها ومدى توافقها مع المنطقة المنزرعة، مشيرًا إلى أن هناك مناطق تكون غير صالحة لزراعة التمور.
 
وأوضح أن الجمعية تعمل على إرشاد المزارعين إلى استخدام الأساليب الحديثة في الزراعة، مؤكدًا أنهم يستهدفون الوصول بنسب تصدير ننافس بها العالم، وقال: "التمور يمكنها أن تساهم بنسبة كبيرة في الصادرات المصرية، في حالة الالتزام بزراعة الأصناف المطلوبة تسويقيًا، فهذا الإنتاج العظيم من التمور يساهم في خفض أسعار المنتج المحلي بالنسبة للمواطن المصري".
 
ومع تربعنا على قمة إنتاج التمور، تربعنا على قمة إنتاج زيتون المائدة، وأيضًا لم يتوقف أحد أمام هذا النجاح ويعمل على استثماره وتعظيم فوائده، بل تعاني زراعة الزيتون من مشكلة عجيبة مثل مشكلة التمور، وهى وفرة الإنتاج وقلة التصدير، وبعيدًا عن تلك المشكلة التي من السهل حلها، فهناك بشرى بأن الذي أنتج زيتون المائدة يستطيع إنتاج الزيوت لكي نتخلص من عبء استيرادها.
 
ومع التمور والزيتون هناك البرتقال الذي نحتل فيه المركز الثالث عالميًا والأول عربيًا، لا أظن بعد هذا النجاح هناك ما يبرر اتهامنا بالكسل أو القعود وعدم السعي الجاد المنظم، نحن ننتج وننافس ولا ينقصنا سوى البناء على ما وصلنا إليه وتعظيم الفوائد، لكي لا نهدر فرصًا ذهبية تضمن لنا الحضور الفعال على مستوى العالم.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق