حمدي عبد الرحيم يكتب: مونديال مصري في حي الحسين

السبت، 03 ديسمبر 2022 06:00 م
حمدي عبد الرحيم يكتب: مونديال مصري في حي الحسين

- مئات الآلاف من المحبين جاء بهم الشوق إلى مقام الإمام من شتى البقاع حضروا صلوات الجماعة ورتلوا الفاتحة على روح الإمام الشهيد
 
لم يكن الحسين بن على بن أبى طالب لحظة ولادته طفلًا كغيره، لأنه ولد فى دائرة استثنائية، فأبوه هو فارس الإسلام وفيلسوفه وفتى الفتيان على بن أبى طالب، وأمه هى فاطمة الزهراء ابنة الرسول، وأخوه الذى يكبره مباشرة هو الحسن، وأخته هى زينب بنت على، وجدته لأمه هى أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وجدته لأبيه فاطمة بنت أسد التى سبق لها تربية النبي نفسه، وجده لأبيه هو سيد قريش أبوطالب بن عبدالمطلب، وجده لأمه هو النور محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آلة وسلم.
 
إجمالًا تمتع الحسين بنسب تحيط به الاستثنائية من أطرافه، ذلك النسب سيلقى بظله الأخضر على تكوين الحسين الفكري والوجداني.
 
المشهور أن ولادة الحسين كانت فى الثالث من شعبان من العام الهجري الخامس، ولكن المحقق العلامة الشيخ محمد صادق الكرباسى قال إن ولادة الحسين كانت بعد عشية يوم الخميس الخامس من شهر شعبان من السنة الرابعة الموافق للتاسع من يناير عام 626 م.
 
وقد أجمع المؤرخون على أن ولادته عليه الرضوان كانت فى المدينة المنورة.
 
ولكل تكتمل استثنائية سيدنا الإمام الحسين بن علي فقد أسكنه الله قلوب المصريين، الذين متى أحبوا، أقاموا لمحبوبهم جنة في قلوبهم لا يبرحها، حتى يرث الله السموات والأرض.
 
شهد الأسبوع الماضى تجليًا من تجليات محبة المصريين للإمام الحسين، فمصر هي البلد الوحيد الذين يحتفل بالحسين مرتين اثنتين في العام الواحد.
 
الاحتفال الأول هو احتفالهم بمولده في شهر شعبان من كل عام، وهو احتفال عادي ومنطقي وطبيعي، فمن المألوف الاحتفال بأعياد الميلاد، ولكن لأنه الحسين ولأنها مصر فإن مصر تقيم احتفالًا خاصة بمناسبة وصول رأس الحسين إلى القاهرة.
 
هل مر بكم حب كهذا؟
 
عن احتفال المصريين بوصول الرأس الشريف إلى القاهرة قصة تستحق أن تروى.
 
أنقل ـ بتصرف يسيرـ عن موقع الصوفي ، ما ملخصه:
 
يُجمع المؤرخون، وكُتَّاب السيرة على أنَّ جسد الحسين رضى الله عنه دفن مكان مقتله في كربلاء، أمَّا الرأس الشريف فقد طافوا به حتَّى استقر بـ (عسقلان) الميناء الفلسطيني، على البحر الأبيض، قريبًا من مواني مصر وبيت المقدس.
 
وقد أيَّد وجود الرأس الشريف بــ (عسقلان)، ونقله منها إلى مصر جمهور كبير من المؤرخين والرواد، منهم: ابن مُيَسَّرٍ، والْقَلْقَشَنْدِي، وعليّ ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي، وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد القاهرة المؤرِّخ العظيم (عثمان مدوخ)؛ إذ قال: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار: مشهد بدمشق دفن به الرأس أولًا، ثمَّ مشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض، نقل إليه الرأس من دمشق، ثمَّ نقل إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، ويقول المَقْرِيزِيُّ: إنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548هـ، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي، وكان ذلك عام 549هـ.
 
ويقول فضيلة الشيخ الحسيني هاشم، وكيل الأزهر وأمين عام مجمع البحوث -رحمه الله- تعليقًا على ما دَسَّهُ النَّسَّاخون على كتاب الإمام السيوطي «حقيقة السنة والبدعة» ما ملخصه:
 
وقد أَكَّدَ استقرار الرأس بمصر أكبر عدد من المؤرخين، منهم: ابن إياس في كتابه، والْقَلْقَشَنْدِي في «صبح الأعشى»، والمقريزي الذي عقد فصلًا في خططه المسمى «المواعظ والاعتبار» ص427، وص428، وص430 يؤكد رواية (ابن مُيَسَّرٍ) أن الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، هو الذي حمل الرأس الشريف على صدره من عسقلان، وسعى به ماشيًا حيث وصل مصر يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 548 هجرية، وحلت الرأس في مثواها الحالي من القصر يوم الثلاثاء 10 من جمادى الآخرة سنة 548 هجرية عند قُبَّةِ باب الديلم، حيث الضريح المعروف الآن بمسجده المبارك، وكذا السَّخَاوِي -رحمه الله- قد أثبت رواية نقل رأس الحسين إلى مصر.
 
انتهى النقل، وللنظر في طبيعة الاحتفال المصري الذي وصفه جماعة من الذين تمتعوا بحضوره بأنه «مونديال مصري خالص» فثمة مئات الآلاف من المحبين جاء بهم الشوق إلى مقام الإمام من شتى بقاع مصر، وقد حضروا صلوات الجماعة في المسجد ثم رتلوا الفاتحة على روح الإمام الشهيد، ولم يسجل الأمن حادثة واحدة تعكر صفو الاحتفال، الذي يجب أن نستثمره فنحسن استثماره ونجعله حفلًا عالميًا تستحقه القاهرة وتستحقه ذكرى الإمام.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة