حقوق الإنسان برؤية مصرية: أنسنة الفلسفة العقابية (5)

السبت، 10 ديسمبر 2022 11:00 م
حقوق الإنسان برؤية مصرية: أنسنة الفلسفة العقابية (5)
نزلاء مركز الإصلاح والتأهيل
دينا الحسيني

- مراكز التأهيل والإصلاح تقدم يد المساعدة للسجناء لضمان عدم العودة للجريمة وتمكينهم من مساعدة أسرهم والإنفاق عليها من داخل السجن
 
لا تزال مصر ومؤسساتها تتعامل بشفافية مُطلقة في ملف حقوق الإنسان من كافة نواحيه، خاصة فيما يتعلق بملف «السجون»، فعلى مدار سنوات عكفت وزارة الداخلية على تطوير منظومة قطاع السجون واستبدال السجون العمومية بمراكز إصلاح وتأهيل متخصصة تنتهج فلسفة عقابية وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية شعارها لـ «السجين حق في حياة كريمة»، بما يتماشى مع الجمهورية الجديدة.
 
هذه السجون استقبلت عشرات الزيارات الدولية والمحلية من لجان حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المعتمدة دولياً، وزيارات لعشرات من المراسلين الأجانب الذين نقلوا الصورة كاملة وصحيحة للرأي العام الدولي قبل المحلي، فضلاً عن تفتيش قضائي مستمر لأماكن الاحتجاز، حيث يشكل المستشار حمادة الصاوي النائب العام بصفة دورية لجان تفتيش قضائي تضُم أعضاء من إدارة حقوق الإنسان والمكتب الفني للنائب العام، ويكلفهم بالانتقال برفقة متخصصين إلى  السجون، ومن بعدها مراكز الإصلاح للتفتيش عليها والتقابل مع النزلاء من المحبوسين على ذمة قضايا مختلفة، أو الصادر ضدهم أحكام قضائية باتة، للوقوف على حالاتهم المعيشية داخل السجن والتأكد من ملائمة مقرات الاحتجاز وأماكن التريض، والتأكد من جاهزية المستشفيات وعياداتها الخارجية والصيدلية الملحقة بها، لاستقبال المرضى في الظروف العادية أو الطارئة.
 
فضلاً عن التأكد من سلامة الإجراءات القانونية بها، ومدى توافر حقوق السجناء وفق الدستور والقانون، ويحرص الفريق القضائي على  سحب عينات عشوائية من أدوية الصيدلية الملحقة بالمستشفيات  لمطالعة تاريخ صلاحيتها، وخلال أزمة جائحة فيروس كورونا تابعت اللجان القضائية مدى انضباط كافة السجون بالإجراءات الاحترازية، والإجراءات المتخذة عند ظهور أية حالة مصابة، من عزل وتطهير وعلاج. 
 
قطاع الحماية المجتمعية بكافة المحافظات شهد عملية تطوير على مدار 8 سنوات، حيث استبدلت وزارة الداخلية، السجون العمومية بمراكز إصلاح وتأهيل خارج الكتلة السكانية بدأتها بمركزي إصلاح «وادى النطرون – بدر»، وذلك توافقاً مع استراتيجية حقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس السيسي سبتمبر 2021، وعملت تلك المراكز التأهيلية الجديدة على حماية المجتمع لما تقوم به من دوراً فعالاً في التأهيل والإصلاح النفسي وتقديم يد المساعدة لضمان عدم العودة للجريمة، وكذلك انخراط النزيل مع المجتمع عقب قضاء مدة العقوبة.
 
تقوم الفلسفة العقابية الحديثة التي تطبقها المراكز التأهيلية الجديدة على شق «إنساني» لصالح السجين نفسه فوجود محكمة وغرفة تجديد حبس داخل المركز تحمي النزيل من مشقة النقل خاصة إذا كان مريض لا يتحمل مشقة الجلوس داخل سيارة الترحيلات أو الانتظار داخل قاعة المحاكمة، بخلاف تعليمة حرفة يمتهنها بعد قضاء العقوبة، وتمكينه ايضاً من مساعدة أسرته والإنفاق عليها من داخل السجن، ذلك من خلال تقاضي أجر على العمل في المشروعات الإنتاجية مثل الزراعات المفتوحة، الصوب الزراعية، الثروة الحيوانية والداجنة، المصانع والورش الإنتاجية، وغيرها من مشروعات قطاع الحماية المجتمعية.
 
لكل ما سبق نالت المراكز الجديدة إشادات دولية واسعة بعد زيارات عديدة لوفود دبلوماسية وممثلي وسائل الإعلام الدولي والمنظمات الحقوقية، وأشادوا جميعاً بما يقدمه المركز من دعم نفسي للسجين من أجل إعادته للحياة شخصاً صالحاً.
 
دعمت الدولة بعد 30 يونيو 2014 السجون بتجهيز مستشفياتها للنزلاء بأحدث الأجهزة الطبية وأطباء من مختلف التخصصات، تعمل على مدار الساعة خاصة في الطوارئ أو بغرف العمليات، فضلا عن قوافل طبية دورية للكشف المبكر عن الأمراض ،وتم دعم مستشفى سجن القناطر للنساء بحضانات وأجهزة تنفس صناعي للأم وطفلها، وتوفير جهاز علاج الصفراء، وتوفير الألبان والمكملات الغذائية، فضلاً عن متابعة الأم الحامل بصفة دورية والاحتفاظ بسجل دوري لكل مريضة، والدفع بأجهزة حديثة لفحص قاع العين، مع عمل النظارات الطبية للمساجين الذين يعانون من صعوبة في الرؤية.
 
ووفرت الداخلية أطراف صناعية لنزلاء السجون من ذوي الإعاقة،  ذلك في إطار استراتيجية وزارة الداخلية الرامية إلى تعظيم أوجه الرعاية الطبية والاجتماعية المقدمة لنزلاء السجون، والعمل على زيادة أوجه التعاون مع كافة منظمات المجتمع المدني، وتحقيق التواصل المجتمعي، ودعماً لتوجهات الوزارة في إعلاء قيم حقوق الإنسان.
 
ويحسب إلى القيادة السياسية إطلاق مبادرة سجون بلا غارمين لفك الكرب، والتي كان لها أثر طيب في سداد ديون الغارمين والغرامات وإدخال الفرحة بالبيوت المصرية، وبرغم كل ذلك لم تكتف وزارة الداخلية بما سبق، بل حرصت على مراعاة البعد الإنساني والجانب النفسي، والاستجابة لطلبات المساجين وذويهم إما بالنقل لسجن قريب من محل إقامة الأسرة للتيسير عليهم، أو بالزيارات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق