حرب الوثائق المخفية والكتب تشعل الصراع داخل البيت الأبيض

السبت، 04 فبراير 2023 06:00 م
حرب الوثائق المخفية والكتب تشعل الصراع داخل البيت الأبيض
محمد فزاع

- وثائق بايدن وترامب تضرب الحزبين وتفتح الباب أمام مرشح رئاسى خارج التوقعات

- «معركة حياته» كشف الغرف المغلقة لبايدن وخطة التخلص من كامالا هاريس

- «القتال من أجل أمريكا» فضح خطة ترامب مع الصين ومؤامرة إيفانكا
 
عامان يتبقيان على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ورغم أن الفترة المتبقية طويلة نسبياً، لكنها لم تمنع من الاشتعال المبكر للأجواء في واشنطن، بعد تأكيد الرئيس السابق دونالد ترامب، رغبته في رد الصفعة للرئيس الحالي جو بايدن، والترشح لانتخابات 2024، فيما تشير أغلب الاستطلاعات إلى رفض الأمريكيين لإمكانية إعادة المنافسة بين بايدن وترامب في الانتخابات المقبلة.
 
وكشف مؤخرا استطلاعا لشركة "هاريس"، أن 58% من الناخبين منفتحون على وجود شخصية معتدلة من خارج الحزبين في 2024، وما يعزز موقفهم أن ترامب سيبلغ 78 عاما وقتها، بينما سيكون أمام بايدن أسبوعين على عيد ميلاده الـ82.
 
ومع حالة الاستقطاب السياسي الداخلي بين أنصار الحزبين الكبيرين، واستعدادا للمنافسة القادمة بين المرشحين المحتملين، ظهرت "حرب الكتب"، كما كانت في الانتخابات الماضية، لما لها من دور كبير بالتأثير على الناخبين بنشر فضائح أو مؤامرات بين الجانبين كأحد الاسلحة المتاحة لكسب أرضية.
 
حرب كتب مبكرة
 
البداية كانت من ديسمبر الماضي، عندما أصدر الكاتب كريس ويبل، كتابا عن الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعنوان "معركة حياته" يتحدث عن الفترة الأولى من رئاسته للتوترات بين الرئيس ونائبته في الغرف المغلقة، ومنها إحباطه من نائبة الرئيس كامالا هاريس، أثناء توليها المنصب، موضحاً بأنّ بايدن "شعر بالانزعاج من أنّ زوجها، دوجلاس إمهوف، كان يتعامل في محفظتها السياسية، ما قد يشكل ضرراً سياسياً بالإدارة الجديدة".
 
وعبّر مسؤولون بالبيت الأبيض بأنّ "دائرة العمل الصغيرة الخاصة بهاريس لم ترغب بالعمل معها، بالبداية، وكان مستوى التعاون معها منخفضاً"، والأمر نفسه الذي أكد الكاتبين جوناثان مارتن وأليكس بيرنز، في "نيويورك تايمز" بكتاب "هذا لن يمر: ترامب وبايدن والمعركة من أجل مستقبل أمريكا"، واللذان أوضحا أن السيدة الأمريكية الأولى، جيل بايدن، اشتكت من اختيار زوجها كامالا هاريس للترشح لمنصب نائب الرئيس ومن ثم نائباً للرئيس.

هاريس وخطة التخلص منها
 
وقال أحد كبار المستشارين،: "أعتقد أن هناك استهدافًا محددًا لنائب الرئيس لا علاقة له بمهمتها، والأمر يتعلق بكل ما يتعلق بهويتها ورغبة البعض فى الجناح اليمينى في التخلص منها".
 
كتب ويبل أن بايدن نفسه وصف هاريس بأنها "تحت الانشاء" لصديق بعد بضعة أشهر من توليه الرئاسة، وكان الرئيس "منزعجًا" من أن الرجل الثانى دوج إمهوف اشتكى من تكليفات هاريس والمهام المسندة لها.
 
وكتب ويبل أنّ بايدن شعر بخيبة أمل من محيطه، عندما يتعلّق الأمر بمسألة الانسحاب من أفغانستان، فيما وجه كبار المسؤولين بإدارته أصابع الاتهام لبعضهم البعض بشأن الانسحاب الفوضوي، ومنهم وزير الخارجية، توني بلينكن، الذي يقال "المشكلة الأساسية هي أنّه حصل أسوأ توقّع لفشل الحكومة الأفغانية وقوات الأمن، وأضاف بلينكن أنه "طوال هذه العملية برمتها، كان هناك تقييم استخباري ثبت أنّه خاطئ".
 
شتائم وعدم ثقة وعضة كلب
 
الكاتب أشار إلى أن بايدن كان يشتم كثيرا بسبب غضبة من المهاجرين غير الشرعيين في الوصول لأمريكا، وكان يسمع صوته من جميع أنحاء الجناح الغربي، وازداد الأمر عندما غضب بعد أن شاهد تلفزيون ترامب ذي الشاشة الكبيرة الذي يحاكي الجولف في غرفة فوق المكتب البيضاوي، وطلب أيضًا إزالة مكتب لأنه كان بمثابة تذكير بترامب.
 
وكتب ويبل، أن بايدن فقد الثقة في الخدمة السرية بعد أن هاجمه كلب ترامب ويسمى "ميجور" في 6 مارس 2021، عندما جاء جو والسيدة الأولى جيل بايدن من جناح التنس بالبيت الأبيض، موضحا أن الرئيس الأمريكي يعتقد منذ قدومه أن العديد من العملاء العاديين بالخدمة دعموا الرئيس السابق، وكان يرى أن الوكالة مليئة برجال الشرطة السابقين الجنوبيين البيض والذين يميلون لأن يكونوا محافظين بشدة.
 
القتال من أجل أمريكا
 
وخلع وزير الخارجية الأمريكي السابق، مايك بومبيو، قبعة الدبلوماسية في كتابه "لا تتزحزح عن موقفك، القتال من أجل أمريكا التي أحب"، معبرا عن مدحه لرئيسه السابق دونالد ترامب، وذكر أن ترامب أخبره أن يخفف من لهجته تجاه الصين، ببداية تفشي وباء كورونا، لتجنب إغضاب الرئيس شي جين بينج، بعدما عبر الأخير عبر في مكالمة مع دونالد عن انزعاجه من تصريحات بومبيو، واعتبره تهديداً لاتفاق المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بين الطرفين.
 
وأوضح أنه بعد المكالمة ترامب مع الرئيس الصيني، تحدث لبومبيو وقال، "مايك، هذا الرجل اللعين يكرهك!"، وطلب منه التوقف عن مهاجمة الصين، مشيراً إلى أن ذلك يعرضنا جميعاً للخطر، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الولايات المتحدة كانت وقتها بحاجة إلى معدات صحية وقائية من الصين. وأوضح بومبيو أنه احترم رغبة ترامب في التوقف عن انتقاد الصين، لكنه "قال الحقيقة" في شأن الوضع، وأضاف، "كنا بحاجة إلى معدات صحية وتحت رحمة الحزب الشيوعي الصيني للحصول عليها".
 
لكنه في كتابه عاود الهجوم على عائلة ترامب، وزعم مايك بومبيو، في مذكراته أن سفيرة الأمم المتحدة السابقة، نيكي هايلي، "تآمرت" مع إيفانكا ابنة الرئيس السابق، دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنر لمحاولة أن تصبح نائبًا للرئيس ترامب. وكتب بومبيو أنه أخبر من قبل جون كيلي، كبير موظفي ترامب في ذلك الوقت، أن هالي قد حددت موعدًا لعقد اجتماع مع الرئيس لمناقشة ما زعمت أنه مسألة شخصية، ثم حضرت إلى اجتماع المكتب البيضاوي مع كوشنر وإيفانكا ترامب، الذين كانا حينها من كبار مستشاري البيت الأبيض.
 
وعن عملية قتل قاسم سليماني، أوضح بامبيو أنه قال لترامب إن "سليماني يسافر من بيروت إلى دمشق وبغداد، ويسافر في رحلات تجارية، ونحن نعرف مسار رحلته، إنه يخطط لقتل  مزيد من الأميركيين، ولدينا الأدوات اللازمة لمنعه"، موضحا أن ترامب أدرك الخطر، وقال إن "الوقت قد حان لضغط الزناد". وبعدها انفرد بومبيو بالرئيس ترامب وقال له بعد تفكير "سنوجه صاروخاً من مسافة 6 آلاف ميل ليضرب مطاراً دولياً، لم نقم بهذا من قبل"، لينظر الرئيس إليه مباشرة وأومأ برأسه، من دون أن يتفوه بكلمة، لكن عينيه بحسب بومبيو كان تصرخ محذرة من الفشل في تنفيذ العملية.
 
الوثائق تضرب بايدن وترامب
 
وطفت على السطح مؤخرا أزمة تواجه رئيسي أكبر دولة في العالم، فإذا بهما يسرقان الوثائق السرية، ويخفيانها بمنزليهما، ترامب خلال رئاسته لأمريكا، وبايدن حينما كان نائباً للرئيس بفترة رئاسة أوباما. شعر أعضاء الحزب الديمقراطي، بأنهم في أفضل حال حينما كُشف أن الرئيس ترامب يخفي مجموعة وثائق سرية ويحتفظ بها سراً في منزله في بالم بيتش بولاية فلوريدا، واتخذوا الأمر وسيلة للمطالبة بمحاكمته ومنعه من الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، وإجهاض طموحات ترامب في رئاسة ثانية.
 
لم تدم الدعوات الديمقراطية طويلا وشعورهم بالانتصار  ليقع الجمهوري الرئيس بايدن في موقف مشابه لترامب، بالعثور على وثائق ومستندات في أحد مكاتبه السابقة في واشنطن وفي منزله في ويلمينغتون بولاية ديلاوير تعود لفترة عمله نائباً سابقاً للرئيس أوباما، واشتعل الحماس لدى الجمهوريين ليطالبوا بمحاكمة بايدين وبالتالي عزله من الرئاسة.
 
واستعاد المحققون الفيدراليون أكثر من 300 وثيقة تحمل علامات "سري" من ترامب، والعدد الدقيق للوثائق السرية التي تم العثور عليها فى مكتب بايدن قدرت بنحو 10 وثائق وتحمل نفس الأهمية. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن اكتشاف المجموعة الثانية من الوثائق يثير تساؤلات حول التعامل مع الملفات الحساسة من قبل فريق بايدن، الذي يفخر بالالتزام بالمعايير والقواعد التي انتهكها الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن بايدن رد بأنه "اكتشفت عندما قام محاميّ بتنظيف مكتبي في جامعة بنسلفانيا".
 
في حال ترامب، يزعم بأن الأمر فصل جديد من فصول المؤامرة المحاكة ضده، ويعتبر أن المحاكمة الدائرة بشأن أحداث 6 يناير 2021، بهجوم الكونجرس، ومحاولة وقف التصويت على بايدن كرئيس، مجرد طريق ملتو، بهدف إزاحته من الوصول إلى البيت الأبيض والثأر من الديمقراطيين.
 
أما جو بايدن فالمشهد أكثر تعقيدا، إذ يعتبر أن القضية "مجرد مسرحية من الجمهوريين"، وقد حاول التخفيف من شأن الأمر، والتقليل من أهمية المشهد بقوله: "اسمعوا لقد وجدنا بعض الوثائق، التي كانت قد خزنت في المكان الخطا وسلمناها على الفور إلى قسم المحفوظات ووزارة العدل، نحن نتعاون بالكامل ونتطلع إلى حل هذا بسرعة".

ماذا في الوثائق؟
 
عثر محامو بايدن الشخصيون على 10 وثائق سرية، بعضها يحمل علامة "سري للغاية"، مدرجة في صندوق مع مواد أخرى في خزانة بمركز بايدن للدبلوماسية، والمشاركة العالمية بجامعة بنسلفانيا، وعثر على وثائق أخرى سرية في اكتشاف ثان داخل مرأب الرئيس بمنزله في ديلاوير.
 
تضمنت الوثائق التي تخص جو بايدن أوراق إحاطة سرية لنائب الرئيس حول دول أجنبية، وجرى تصنيف بعضها في غاية السرية، وتضمنت مواد تتضمن بيانات عن أساليب ومصادر جمع المعلومات الاستخبارية، ومعلومات عن أوكرانيا وإيران وبريطانيا، فيما صنفت مجموعة واحدة على أنها "معلومات حساسة ومصنفة".
 
أما في حالة ترامب، بدأ الأرشيف الوطني الاتصال بمكتبه بعد التأكد من أنه لا يمتلك بعض السجلات البارزة من فترة رئاسته، مثل المراسلات مع كيم جونج أون في كوريا الشمالية، وقدّم فريق الرئيس السابق بعض المواد للحكومة، بما في ذلك الوثائق السرية، لكن أمناء المحفوظات لم يجدوا أن فريق الرئيس كان متعاوناً بشكل كامل.
 
أدى ذلك إلى تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي أوصل إلى مداهمة ملكية مار إي لاغو في أغسطس، واكتشاف أكثر من 100 وثيقة إضافية.
وبموجب قانون السجلات الرئاسية، من المفترض أن تذهب سجلات البيت الأبيض إلى الأرشيف الوطني بمجرد انتهاء فترة الرئيس، وتتطلب التشريعات تخزين هذه الملفات بشكل آمن.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة