خبراء يحيبون على السؤال الصعب.. هل تنخفض الأسعار بعد رفع سعر الفائدة؟

السبت، 08 أبريل 2023 10:30 م
خبراء يحيبون على السؤال الصعب.. هل تنخفض الأسعار بعد رفع سعر الفائدة؟
هبة جعفر

رفع الفائدة يقلل التكالب على الذهب ويوقف ارتفاع الأسعار ويزيد تحويلات المصريين في الخارج

قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها الخميس قبل الماضي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.25%، 19.25% و18.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس (2%) ليصل إلى 18.75%، ليكن بذلك الارتفاع للمرة الرابعة علي مدار عام لمواجهة ارتفاع التضخم والزيادة الغير مسبوق في الأسعار .

التساؤل الذى يطرح نفسه حاليا: ما هو تأثير رفع سعر الفائدة على السوق المصرى؟.. وما الموقف بشأن الجنيه المصرى خاصة أن هناك توقعات أثيرت قبل قرار البنك المركزى بأنه سيكون هناك خفض لقيمة الجنيه؟ وهل يستقر سعر الدولار ويتم القضاء على السوق الموازى؟ وهل هناك  اخري غير رفع الفائدة ؟.

يجيب الدكتور أحمد مصطفي أستاذ إدارة الأعمال والخبير الاستراتيجي للشئون السياسية والإقتصادية، على هذا السؤال بقوله إن ارتفاع مُعدلات التضخم بشكل غير مسبوق "نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية الناشئة عن الحرب الروسية الأوكرانية والتي سبقتها جائحة كورونا ن كذلك ظاهرة التغيُرات المناخية والذين كانوا مُجتمعين سبباً رئيسياً في اندلاع تلك الأزمة الحادة نتيجة تسببُهم مُجتمعين في تناقُص سلاسل الإمداد العالمية، مما أدي إلي تناقٌص في بعض السلع الاستراتيجية الأساسية وارتفاع أسعار الطاقة والوقود والغذاء، مما أدي ذلك إلي ارتفاع مُعدلات التضخُم، وهو الامر الذى استحوذ على اهتمام كافة أطياف وفئات المجتمع سواء المهتمين بالشأن الاقتصادي أو غير المعنيين به، في ظل وجود ارتفاع في أسعار السلع والخدمات بالأسواق المحلية، رغم المساعى الحكومية المستمرة للسيطرة علي مُعدلات التضخُم الأساسي التي قد وصلت خلال فبراير الماضي، بما يفوق التوقعات إلى 40.26%.

وأشار مصطفى إلى أن قرار رفع أسعار الفائدة قد لا يكون الحل الأنسب لموضوع التضخم بصفة عامة، لكنهُ حل سريع ومؤقت بهدف امتصاص موجة التضخّم الغير مسبوقة، ودعم أداء الجنيه أمام الدولار خاصة أن رفع أسعار الفائدة يرفع تكلفة الاقتراض بموازنة الدولة بواقع 13 مليار جنيه لكل 1% في سعر الفائدة، بالإضافة إلى رفع تكلفة الاقتراض للشريحة الصغيرة من الشركات والأفراد التي تستطيع  الحصول على قروض، وهو ما لا يتناسب مع خطط الدولة الرامية إلى زيادة حجم الاستثمار وتحقيق نسبة  4.1% في معدل النمو الاقتصادي المستهدف في العام المالي القادم، لذا اتجه البنك المركزي المصري نحو استخدام أداة رفع أسعار الفائدة، علي الرغم من أن البنك المركزي تمكَّن قبل ذلك من تثبيت سعر الفائدة لأكثر من عامٍ، نتيجة وجود استقرار نسبي لسعر الصرف، إضافة إلي مُعدّل تضخّم مُعتدل، وصلت نسبتُه إلي نسبة  5% في عام 2021، والذي كان أدنى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات، ورغم مرور عام في ذلك الوقت علي جائحة كورونا ،ولكن مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، واجه الاقتصاد المصري ضغوطاً جديدة وشديدة الصعوبة، إذ ساهمت هذه الحرب في ارتفاع أسعار الحبوب والقمح عالمياً، وكذلك في ارتفاع أسعار البترول ووصولها إلى مستويات ومعدلات قياسية وغير مسبوقة، ممّا ترك آثاراً سلبية خاصة أن مصر تُعدّ أحد أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم وكذلك للبترول، مما أدي إلي تراجع احتياطي النقد الأجنبي من نحو 41 مليار دولار في فبراير 2022 إلى نحو 37 مليار دولار في مارس 2022، ليبلغ أخيراً نحو 34 مليار دولار في مارس 2023 ليفقد الإحتياطي 17% من قيمته خلال عام، وهو ما انعكس على سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكى وعلى توافر الدولار نفسه، مما تسبب في زيادة الأسعار.

ولفت مصطفى إلى أنه في مواجهة هذه الأزمة الحادة اتجه البنك المركزي مباشرة إلى استخدام أدوات السياسة النقدية، فبدأ مسلسل رفع سعر الفائدة، بهدف امتصاص موجة التضخّم، ودعم أداء الجنيه أمام الدولار، موضحاً أن رفع سعر الفائدة تلقائياً يعني نظريا سحب السيولة النقدية من الأسواق وتوجيهها إلى البنوك ليجني العملاء العائد المرتفع من رفع الفائدة، وبالتالي انخفاض الطلب بالأسواق وتراجع الأسعار، إضافة إلي أن ارتفاع سعر الفائدة على الجنيه يدفع العملاء نظريا أيضاً إلى التخلّي عن العملات مُنخفضة الفائدة والتوجّه إلى العملة ذات العائد المُرتفع.

من جهته قال خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن رفع سعر الفائدة يسمح بتقليل عملية التكالب على الذهب وإيقاف ارتفاع الأسعار، والذي شهد ارتفاعا غير مسبوق خلال الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي يسمح أيضا بمزيد من تحويلات المصريين في الخارج والتي تستفيد من ارتفاع سعر الفائدة، موضحاً أن الأمر في حاجة إلى تغيير سياسات ولكن هذا الأمر يتم على جدول زمني وخطة تحتاج لوقت أطول تستهدف تقليل الواردات وزيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار والصناعة بشكل كبير، وبالتالي لا يمكن تنفيذ الموضوع بين يوم وليلة، وضرورة البحث عن بدائل لرفع سعر الفائدة مع الوقت خاصة أن مصر جربت هذا الأمر أكثر من مرة على مدار العام بهدف تقليل نسب التضخم وجلب الأموال الساخنة، وهو الأمر الذي يمكن حسم عدم نجاح تقديراته، خاصة أنه تم تسجيل أعلى نسب تضخم في تاريخ مصر، مع استمرار هروب الأموال الساخنة.

ومن جانبه قال الدكتور عز الدين حسانين، الخبير المصرفي، إن السياسة النقدية لديها العديد من الأدوات التي تستخدمها في حال الرغبة في التحكم في المعروض النقدي، فتستطيع بهذه الأدوات زيادة المعروض النقدي خلال فترات التباطؤ الاقتصادي لمحاولة إنعاش الدورات الاقتصادية وزيادة النقود في المجتمع لحث المواطنين على الاستهلاك وبالتالي زيادة الإنتاج أو زيادة المعروض من السلع والخدمات، وتستطيع السياسة النقدية من خلال هذه الأدوات تقليل المعروض النقدي في حال زياده النقود في الاسواق باكثر من المعروض من السلع والخدمات.

وأشار حسانين إلى أن من هذه الأدوات سعر الفائدة، الاحتياطي الإلزامي، بيع أذون الخزانة والأوراق المالية أو شرائها من البنوك، خفض سعر الائتمان والخصم، زيادة حد إقراض القطاع العائلي) Debt Burden Ratio ( وهو الحد الذي يتم احتساب حجم القروض الشخصية وكل منتجات الاقتراض من التجزئة المصرفية ويستخدم لزيادة النقود في الأسواق أو تقليلها، وبالتالي سنجد أن أدوات السياسة النقدية تستخدم في التحكم في حجم المعروض من الأموال داخل الأسواق وفي أيدي المواطنين ومن مدخراتهم فقط، على اعتبار أن زيادة السيولة في المجتمع بأكثر من المعروض من السلع والخدمات يساهم في ارتفاع الأسعار والعكس إذا انخفضت السيولة في المجتمع مقارنة بالسلع والخدمات المتاحة أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار.

وأكمل حسانين حديثه بقوله: متى توافر الدولار بوفرة في القطاع المصرفي ووجود احتياطي نقدي دولاري قوي يدعم الجنيه باستمرار أمام تقلبات أسعار الدولار العالمية، هذين العاملين هما صمام الأمان لدولة مستوردة لاحتياجاتها الأساسية وغير الأساسية، وبالتالي لابد أن تتجه الدولة إلي الصناعة والزراعة كأولوية اقتصادية خلال الخمس سنوات القادمة من اجل تقليل فواتير الاستيراد، مع زيادة موارد الدولة من الدولار من التصدير والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج وزيادة الاستثمارات خارج الحدود وتطوير الموانئ البحرية، لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة وزيادة التدفقات الاستثمارية من الاستثمار المباشر والوصول الي نسبه 25 % من الناتج المحلي الإجمالي بدلا من النسبة الحالية 1 الي 2%.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق