10 مطالب اقتصادية على طاولة «الحوار الوطنى»

الأحد، 07 مايو 2023 11:31 ص
10 مطالب اقتصادية على طاولة «الحوار الوطنى»
الحوار الوطني
أمل غريب

  

- تحديد الهوية الاقتصادية للدولة وإعادة بناء الثقة بين المواطن البسيط ورجل الأعمال والدولة

- نجاح العمل في تحويل موازنة الدولة من "موازنة أبوب" إلى "موازنة برامج"

- التدخل بشكل مباشر للرقابة على الأسعار دون فرض تسعيرة جبرية وأحداث حالة التوازن في تحديد الأسعار أو الكميات المتداولة بناء على العرض والطلب

- وثيقة ملكية الدولة وضعت رؤية محددة لطريقة ودور القطاع الخاص فى قاطرة الاقتصاد

- منح القطاع الخاص اهتمام كبير ووضع روشتة حلول لجميع مشكلاته للوصول إل مرحلة التعافي

- الاهتمام بالزراعة كونه هو نقطة إطلاق شارة البدء لانطلاق الصناعة والتجارة والاستثمار.. ودعم الفلاح المصرى وتمهيد الأرض له وتوفير السلالات الزراعية الجيدة

- النظر إلى ملف المصانع المتوقفة أو المتعثرة وحل أزمة العملة الصعبة بحلول قصيرة الأجل وأخرى طويلة

- دراسة القروض الدولية التى حصلنا عليها ونقوم بإعادة هيكلتها وجدولتها مع الجهات المانحة

- تنمية موارد الدولة من العملات الأجنبية وحث الاقتصاد على التنامى والتعافى عن طريق زيادة الإنتاج والتصدير

- إعادة النظر إلى غابة التشريعيات المرتبطة بالاقتصاد وكذلك ملف الضرائب الذي يحتاج إلى نظرة متأنية لما يسببه من معاناة للمستثمرين والمواطنين

 

 

الحوار الوطني

تعتبر القضايا الاقتصادية، من أهم الملفات المطروحة على مائدة الحوار الوطنى، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، والتي تشغل المواطنين، وهو ما دعا القائمين والمشاركين في جلسات الحوار، إلى تضمين المحور الاقتصادي، على 8 لجان، هم: " التضخم وغلاء الأسعار،  الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي،  أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة، الاستثمار الخاص (المحلي والأجنبي)، الصناعة، الزراعة والأمن الغذائي، العدالة الاجتماعية، السياحة".

وكان لعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى، وكذلك رؤساء أحزاب، وجميعهم مشاركون في جلسات الحوار الوطنى، أراء في المحور الاقتصادي، أوضحوا من خلالها رؤيتهم فيما تضمنته لجان المحور، خاصة أنها الأكثر تشابكا مع الشارع ومتطلبات المواطنين.

 


التضخم وغلاء الأسعار

في هذا المحور تحدث الدكتور محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب وقال إن ظاهرة التضخم تضرب المجتمع المصري بقوة، ناتجة عن الأزمات العالمية المتلاحقة، سواء الأزمة الصحية التي أحدثتها جائحة فيروس كورونا، ثم تلاها الصراع الجيوسياسي بين روسيا وأوكرانيا، والتحالفات الدولية والتجاذبات السياسية الدولية، وآثارها على سلاسل الإمداد، مما أدى إلى وجود حالة من حالات التضخم في العالم أجمع، وبما أن الاقتصاد المصري، منفتحا على العالم، فبالضرورة أن مصر تأثرت بشكل مباشر، وأدى إلى وجود بعض الأزمات الاقتصادية داخل المجتمع المصري، وأهمها ارتفاع الأسعار، والذي يمس الحياة اليومية للمواطن بشكل مباشر، ويؤثر في قدرته على إشباع حاجاته ومتطلباته، لذا فإن هذا الملف شائك وهام، ويهم جموع الشعب المصري، من بين ملفات المحور الاقتصادي الذي سوف يتم مناقشتها وتناولها باستفاضة داخل جلسات الحوار الوطني، خاصة أن لها علاقة بتوصيف حالة التضخم داخل المجتمع المصري، علاوة على آثاره وأسبابه والنتائج، وأخيرا الحلول السريعة، الواجب اتخاذها في الوقت الأني، لوقف هذا النزيف، ثم الحلول الضروري تنفيذها على المدى الطويل.

 

وعن تضارب الأراء بين الأصوات المنادية بضرورة تدخل الدولة بمراقبة الأسعار وفرض تسعيرة جبرية لبعض السلع أم أنه سوق حر متروك للعرض والطلب ولا تستطيع الدولة التدخل فيه؟.. قال الدكتور محمد سليمان، "إنه ليس هناك تعارضا بين الرأيان، فدائما وأبدا دور الدول هو "منظم ومراقب"، ما يعني أنه على أي دولة إصدار تشريعات منظمة وتراقب مدى كفاءة تطبيقها، وتهيء بيئة الأعمال، وبالتالي إذا نظرنا إلى الأسباب الرئيسية، لحدوث التضخم، نجد أن ارتفاع الأسعار هو الظاهرة، لكن لها أسباب، فما هو سبب التضخم؟.. هل هو زيادة الطلب؟ أم ارتفاع تكلفة الإنتاج؟ أم خللا في سياسات التسعير؟ أم يوجد لدينا اختلالات هيكلية في النظام المصرفي؟.. وما يتعلق بالرد على تدخل الدولة بشكل مباشر للرقابة على الأسعار، فإن الإجابة "نعم"، لكن دون فرض تسعيرة جبرية على بعض المنتجات في نظام السوق الحر، وإلا تكون الدولة مخلة بالقواعد الأساسية الراسخة للاقتصاد الحر، وهو أن تحدث حالة التوازن سواء في تحديد الأسعار أو الكميات المتداولة بناء على العرض والطلب، بينما الرقابة على الأسعار بشكل يمنع الاحتكار، وأن تكون لدى السوق حالة كاملة من المنافسة، وللتوضيح فإن هذه الحالة الأخيرة، هي نظرية فقط، وليست مطبقة في أي دولة على مستوى العالم، ويتم صياغتها للقياس عليها فقط، وحينما تقترب من حالة المنافسة الكاملة، فنحن هنا في إحدى حالات كفاءة الأسواق، وعندما تقترب من الحياد التنافسي، وله علاقة بالحياد الضريبي، والشق الثاني، له علاقة بحياد المشتريات العامة، وشق ثالث متعلق بالتسعير، لذلك فإن كل هذه الأمور مجتمعة، تؤدي إلى السيطرة على الأسعار، قولا واحدا، في الوقت ذاته فإن الدولة تتدخل فقط في تحديد أسعار السلع السيادية أو الاستراتيجية، ومنها على سبيل المثال "البترول.

 

وأشار سليمان إلى ان الامر كله يتوقف على ما يسمى بمرحلة "كفاءة الأسواق"، وهي لن تتحقق إلا بتوافر عنصر أساسي، وهو "توافر المعلومات"، بنفس القدر والتوقيت وبدون تكلفة للكافة وبكفاءة، واعتقد أنه إذا تم تحقيقه سنصل إلى "المنافسة"، وثانيا، أن تسلك الدولة سلوك له علاقة بتحقيق التوازن في كل السياسات الاقتصادية الكلية، سواء المالية أو المادية أو الاستثمارية أو التسعير.

 


أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة

فى هذا المحور قال المهندس حسام الخولى، نائب رئيس حزب مستقبل وطن، وممثل الأغلبية البرلمانية بمجلس الشيوخ: "عندما نتحدث عن أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة، والتي تتضمن الشركات الوطنية المطروحة للبيع، ولماذا لا تسير الأمور بالسرعة المطلوبة؟ لابد أن نعي جيدا أن تلك المؤسسات التي تطرحها الدولة، إنما هي ليست ملكية خالصة كما يبدو للمواطن العادي، والحقيقة أن الدولة تمتلك نسبة محددة أي كانت، ويتشارك معها بنسب أخرى عدد من المؤسسات أو صناديق أو الهيئات الأخرى، ما يعني أن الحصول على الموافقات اللازمة يستلزم موافقة كل الجهات الشريكة للدولة في الشركة المطروحة للبيع، علاوة على أن رئيس الوزراء، ليس لديه أي صلاحية ولا يملك قرار البيع منفردا، ولا حتى إبلاغ أى رئيس مجلس إدارة واحد من رؤساء هذه الجهات، بسرعة الموافقة على الطرح للبيع، خاصة أن كل جهة شريكة لابد لها من التشاور مع مجالس إدارتها، حفاظا على أموالهم ووضعهم القانوني".

 

وأوضح الخولي، أنه كان لابد من وجود حل لتكرار مثل هذه الأزمات، التي تعيق تنفيذ وثيقة ملكية الدولة، مثمنا على قرار رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بتشكيله لجنة داخل مكتبه، دورها فقط، تذليل العقبات وفك الترابط والتشابك بين الجهات المتعددة داخل الشركة أو المؤسسة المطروحة للبيع، وشدد على ضرورة الأخذ فى الاعتبار، بأن الدولة المصرية تسعى في ظل الجمهورية الجديدة، إلى جذب المستثمر الأجنبى، طرح مؤسسات وشركات ومشروعات للبيع.

على الجانب الأخر، قال الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطى: "يجب علينا تحديد الهوية الاقتصادية للدولة، هل نحن مع سياسة الانفتاح أم القطاع العام.. أين الهوية الاقتصادية؟، لذلك يجب معرفة وتحديد وإعلان الهوية الاقتصادية الوطنية لبلد نامي مثل مصر، ولابد أن تتضمن مخرجات الحوار الوطني، تعريفا محددا للهوية الاقتصادية للدولة، فضلا عن ضرورة إعادة بناء الثقة بين المواطن البسيط ورجل الأعمال والدولة فى مجال الأعمال والصناعة، فإذا عادت ستنتهى أهم المعوقات الاقتصادية.

 

وفي سياق منفصل، قال الدكتور كريم سالم، أمين مساعد التثقيف والتدريب بحزب الشعب الجمهورى "أرى أن الحكومة حققت إنجازا كبيرا، فيما يتعلق بوثيقة ملكية الدولة، والذي وضع رؤية محددة لطريقة ودور القطاع الخاص فى قاطرة الاقتصاد المصري، والآليات التى سيتعامل من خلالها القطاع الخاص والفرص الاستثمارية المتاحة، حيث جاءت هذه الوثيقة كنقطة انطلاق بأنه كان لدينا مشاكل ومعوقات اقتصادية وتم حلها"، مشددا على أنه تم بالفعل تحقيق عائد أولى خلال العام الماضى، وموضحا أنه لا بد وأن يدرك الجميع حجم التحديات الموجودة، سواء فى ملف الضرائب أو الصناعة، وبالفعل تم وضع رؤية للتعامل مع هذه التحديات، وهذا سيتطلب وقتا، ولكن الحقيقة، هناك خطوات تمت على أرض الواقع، وتم تحديد التوجه الاقتصادى، وكانت الدولة جادة فى مشاركة القطاع الخاص".

 


الاستثمار الخاص (المحلي والأجنبي)

في هذا المحور تحدث المهندس تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل، ووكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، وقال أن الاقتصاد هو القاطرة التي تقود كلا من المحور السياسي والاجتماعي، مشيرا إلى ضرورة التفكير بطرق أكثر جدية، لحل المشكلات الاقتصادية التي تعرضت لها الدولة رغما عنها، متأثرة بالأزمات الدولية، التي أحاطت العالم، بداية من جائحة كورونا، انتهاء بالحرب الأوكرانية، مما تسبب في ارتفاع نسب التضخم وغلاء الأسعار.

 

وقال: "نحن في حزب إرادة جيل، نؤمن بأن الحوار الوطني، يمكنه تقديم رؤى واضحة لمواجهة الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار، والإسهام فى وضع حلول منطقية للعديد من القضايا والأزمات الاقتصادية التي تمر بها الدولة والقطاع الخاص والمستثمرين، خاصة القطاع يمثل ما يزيد عن 80% من الناتج القومي للدولة، وأرى أن القطاع الخاص فى حاجة لأن ينال قسطا كبيرا، من الحوار الوطنى، ووضع روشتة حلول لجميع المشكلات المتعلقة به، حتى يستطيع الوصول لمرحلة التعافي".

 

وعلى الجانب الأخر، أوضح الدكتور سمير صبري، أمين مقرر لجنة الاستثمار الخاص والمحلي والأجنبي بالحوار الوطني، أنه سيكون هناك عدة جلسات لمناقشة محفزات الاستثمار، في ضوء إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار، وكيفية الاستفادة من هذا المجلس وتفعيل دوره، مشددا على أن الغرض هو توافق جميع كل التيارات ومن كل المدارس الاقتصادية، حبا في الوطن والوصول الى توصيات، حتى يتسنى رفعها إلى مجلس الأمناء ورئيس الجمهورية، من أجل اتخاذ ما يراه كلا في شأنه، سواء كان إصدار قانون أو تشريع أو إرساله لمجلس النواب.

 

وطالب سمير صبري، من جميع المشاركين في جلسات الحوار الوطني، بنبذ أي خلافات وتجاوز أى عقبات قد تظهر، والخروج من الحيز الضيق للمصلحة الشخصية، إلى تحقيق حلم الجمهورية الجديدة، وللعبور بمصر من كافة التحديات والأزمات الحالية، بجانب الدفع تجاه تعزيز مبدأ التشاركية في صنع القرار، والذي يمثل أساسًا لإنجاح الحوار.

 


الصناعة والزراعة والأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية

وفي هذا السياق، أوضح المهندس تيسير مطر، أنه لابد ونحن في معرض الحديث عن الحوار الوطني، أن نطرح تساؤلات هامة، منها "هل يوجد مشكلات بشأن الزراعة والصناعة؟"، لنجد أن الإجابة "نعم"، ما يؤكد على ضرورة الاهتمام بالزراعة بكل المقاييس، كونه هو نقطة إطلاق شارة البدء  لانطلاق الصناعة والتجارة والاستثمار، وبالتالى فعلينا جميعا دعم الفلاح المصرى وتمهيد الأرض له وتوفير السلالات الزراعية الجيدة، ليتمكن من إنتاج منتج ممتاز وتحقيق مكاسب والنهوض بالمنظومة الزراعية.

 

وتابع: "علينا النظر إلى ملف المصانع المتوقفة أو المتعثرة، لذا ندعو في حزب إرادة جيل، إلى  فكرة إعادة ترتيب الأولويات، وفقا لمبدأ الأهم ثم الأقل أهمية، مشيرا إلى ضرورة حل أزمة العملة الصعبة التى تشهدها الدولة، من خلال حلولا قصيرة الأجل وأخرى طويلة".

 

وأوضح أن الحل قصير الأجل يكمن في ندعو إلى دراسة القروض الدولية، التى حصلنا عليها ونقوم فيها بإعادة هيكلة الديون وجدولتها مع الجهات المانحة، لأنه الأفضل لنا، خاصة فى الوقت الحالي، بدلا من فكرة الحصول على قروض جديدة تزيد الأعباء علينا، داعيا صانع القرار فى المجموعة الاقتصادية إلى مراجعة الجهات المانحة للقروض الدولية، والتي بلغت 160 مليار دولار، علاوة على محاولة إطالة مدة الاستحقاقات بدلا من حدوث ضغط علينا، مما يتسبب فى زيادة الأعباء، وهذا أفضل لنا.

 

وتابع: بينما الحل طويل الأجل، يمكن أن يكون عبر تنمية موارد الدولة من عملات أجنبية، وحث الاقتصاد على التنامى والتعافى عن طريق زيادة الإنتاج والتصدير، وهى المدخلات الحقيقية التى تؤثر فى ميزان المدفوعات والميزان التجارى، وهذا الأمر يجب دعمه بزيادة الإنتاج والتصدير، مؤكدا أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر إلى غابة التشريعيات المرتبطة بالاقتصاد، حيث نجد أن هناك جهات تتعامل مع رجال الأعمال وفقا للقانون بشكل متناقض، فضلا عن ملف الضرائب الذي يحتاج إلى نظرة متأنية، لما يسببه من معاناة للمستثمرين والمواطنين، ما يحتم  ضرورة إقرار تشريع اقتصادى للمرحلة الراهنة، يدعم الإصلاح الاقتصادى، وحل مشكلات رجال الأعمال بشأن التمويل، في ظل إلغاء مبادرة الـ7%، الأمر الذي ضاعف الأعباء على الصانع المحلى، وأصبح عاجزا عن دفع الالتزامات المالية، وبالتالي أغلق المنشأة أو المشروع، بينما إذا تم تفعيل العكس، ودعم المستثمر وتأجيل دفع الضرائب أو تقسيطها، سوف نصنع حالة انتعاشة.

 


 الإصلاح المالي وإعادة هيكلة الوضع الاقتصادي

أكد الدكتور محمد سليمان، أن المحور الاقتصادي المطروح للمناقشة في الحوار الوطني، له علاقة بملف السياسة المالية للدولة، وهو أحد السياستين الكبار، "النقدية والمالية"، والأخيرة، لها علاقة بالدرجة الأولى، بالموازنة العامة للدولة، سواء الإيراد العام أو الإنفاق العام، فضلا عن أن الموازنة العامة مقسمة إلى أبواب مختلفة، وحينما يكون هناك عجز أولي أو فائض أولي، فهذا معناه أن إرادات الدولة غير كافية، لتحقق الالتزامات الجارية، فبالتالي يحدث ما يسمى بـ "العجز الأولي"، كما أن النفقات العامة يمكن أن تكون جارية أو استثمارية، والفرق بينهما يمكن أن يحقق العجز، سواء كبير أو صغير، لا يهمني الرقم، إنما نسبته هي الأهم، للناتج القومي.. وهل نتخوف منها أم لا؟ هل نحن وصلنا إلى مؤشرات خطرة ولها علاقة بالدين الداخلي أم الخارجي؟، وهنا يجب توضيح أن ما يقلقنا هو متوسطات المؤشرات في الدول الشبيهة لاقتصادنا، وبمعنى أخر، هل نحن في الحدود الأمنة أم في مرحلة الخطر؟.. لكن السؤال الأهم هو هل الدولة قادرة على إدارة هذا الدين والتصدي إلى هذا العجز؟.. وفي حالة عدم قدرة الدولة على التصدي، لهذا العجز فإننا هنا في خطر، بينما طالما الدولة قادرة على إدارة الدين، لا نستطيع الجزم ما إذا كنا في الحدود الأمنة أو لا، لكن بشكل عام ومطلق، فإن الدين العام الداخلي والخارجي لدينا، عالي، لكن هل هو في حدود الخطر؟.. نعم هو على مشارف الخطر، وهنا يوجد فرق بينهما، وإذا لم يتم عملية الإصلاح المالي، سنكون داخل مرحلة الخطر، مشيرا إلى أن الدولة بدأت عملية الإصلاح المالي، منذ صدور القانون رقم 6 لسنة 2022 "المالية العامة الموحد"، وهو إصلاحا جوهريا، لأنه يحول موازنة الدولة من "موازنة أبوب" إلى "موازنة برامج"، وهو ما يعني أنه لم يعد هناك باب المرتبات على سبيل المثال، موضحا أن موازنة "البرامج" مطبقة في العديد من الدول المتقدمة منذ فترة طويلة، لدرجة أنها تطبق في بعض البلدان من الخمسينات، والهدف منها هو ضبط الإنفاق العام وتعظيم موارد الدولة وحسن اتخاذ القرارات المالية وأولوية الاستثمار، بمعنى أن البرنامج لم يمول بابا، أما الشق الثاني، فهي برامج وأداء، والأخير هذا هو عنصر هام، في الحكم على كفاءة الموازنة العامة للدولة، وهو ما يتضح عندما يأتي الحساب الختامي للدولة، فق تم تخصيص مبالغ محددة لهذا البرنامج، فما هو أداءه؟.. وهل حققت النتائج أم لا؟، مشددا على أن هذا التشريع هو خطوة جبارة، في طريق الإصلاح المالي، موضحا أنها سيتم تطبيقها في 2026.

 

وأوضح أن البرلمان بدأ في العمل مع الحكومة بحيث يعدها ويجهزها للانتقال من موازنة الأبواب إلى موازنة البرامج، لأنها ليست بالعملية السهلة، بل هي في غاية الصعوبة، لافتا إلى أن هناك مطالبات بضرورة وجود موازنات استرشادية تقابل الموازنات التقليدية، من أجل القول بأننا نستطيع ننتقل انتقال سلس، نحو عملية الإصلاح المالي، حتى في إعداد الموازنة والإنفاق العام والرقابة على الإيرادات، مشيرا أن ذلك سيؤدي ضبط العجز بين الدين العام وعجز الموازنة بنسبة كبيرة، موضحا أنه أصبح لدينا اليوم ما يسمى بـ "أولويات الاستثمارات العامة"، وهي ضبط للإنفاق العام، وهي ما يجعلها تتكامل مع السياسة النقدية للدولة لتحقق السياسة الاقتصادية الكلية، فحينما يتم توجيه الإرادات العامة للدولة الموجودة ضمن الموازنة العامة إلى برامج محددة، فهذا يعني إصلاح وترشيد للإنفاق، وهو ما يعني إلى تقليل الدين العام للدولة، مشيرا إلى أن السياسات الاقتصادية الكلية، لا تؤخذ بسهولة، ما يعني أنه إذا تحول نظام الموازنة من "موازنة أبواب" إلى "موازنة برامج"، يمكن السيطرة على العجز بين الدين العام وعجز الموازنة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق