قضية خطيرة ومساعدات مضحكة

الأحد، 18 يونيو 2023 10:00 ص
قضية خطيرة ومساعدات مضحكة
حمدي عبد الرحيم يكتب:

 

العالم يعترف بأن قضية البيئة والمناخ خطيرة وتتعلق بحياة الكوكب لكنهم يقدمون مساعدات مضحكة لا تسمن ولا تغني من جوع

 

لا شيء بالمجان، ولا تقدم ولا تتطور بدون دفع ضريبة، قد تكون باهظة، ولكن كل الأثمان والضرائب تهون ما لم تتعلق بالوجود البشري، ولكن ثمن التطور أصبح بكل أسف يتعلق بالوجود البشري، فعندما تقدم الإنسان على مستوى المنجز التكنولوجي كان كمن يبني بيد ويهدم بالأخرى، فما أشد التهديد الذي يتعرض له بني البشر، وانظر حولك ستجد الحرائق وتدمير الغابات، وبعض التدمير متعمد وبفعل فاعل، وتجد الاحتباس الحراري وتجد فيضانًا هناك وجفافًا هناك، وكل هذه الكوارث ما هي إلا رد من الطبيعة على تلاعب الإنسان بقوانينها.

قالت منظمة اليونسكو: إن هيئة الأمم المتحدة منذ نصف قرن مضى أدركت أن حماية البيئة البشرية وتحسينها هي مسألة رئيسية تؤثر على رفاه الشعوب والتنمية الاقتصادية في كل أنحاء العالم.

الأمر جد لا هزل فيه وشئون البيئة في غاية الأهمية والخطورة، والتعامل بحذر شديد مع كل ما يتعلق بالبيئة أصبح من الضروريات التي لا تقبل النقاش البيزنطي، لقد دفعت البشرية كلها ثمنًا باهظًا في ذروة وباء كورونا، فلماذا الإصرار على دفع ثمن إضافي؟

يخبرنا تقرير نشرته الزميلة اليوم السابع: بأن جمعية الأمم المتحدة للبيئة في عام 2022 قد اعتمدت قرارًا بوضع صك ملزم بشأن التلوث البلاستيكي، بما في ذلك في البيئة البحرية، مع الطموح لاستكمال المفاوضات بحلول نهاية عام 2024، حيث أن التلوث البلاستيكي يعد بمثابة تهديد يؤثر على جميع أنحاء العالم، فى كل القطاعات بدءاً من الحكومات والشركات وصولاً إلى المجتمع المدني، وهو الأمر الذي يتطلب العمل معاً لإيجاد الحلول ودعمها، حيث يتم إنتاج أكثر من 400 مليون طن من المواد البلاستيكية سنويًا في جميع أنحاء العالم، نصفها تقريبا للاستخدام الأحادي فقط. ويتم إعادة تدوير أقل من 10 % من إجمالي هذه المواد البلاستيكية. وتقدر كمية الملوثات التي ينتهي بها المطاف فى البحيرات والأنهار والبحار سنوياً من 19 إلى 23 مليون طن.

الأرقام مفزعة لا شك في ذلك ولكن أين الجديدة في التعامل على ساحة الأفعال لا الأقوال والمؤتمرات؟

قبل أيام عقدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة للمستوطنات اجتماعًا في العاصمة الكينية نيروبي، حيث اجتمع وفد رفيع المستوى في جلسة جانبية بعنوان "يوم النظافة العالمي.. جمع النفايات".

كل ما جاء في الجلسة مهم وطيب، ومن اللافت أن رئيس الجلسة أحمد فتحي، رئيس مؤسسة "شباب بتحب مصر".

كل الحاضرين تحدثوا حديثًا جادًا ومسئولًا عن خطورة قضية البيئة، ولكن ماذا بعد الأحاديث والكلمات الطيبة؟

لقد نجحت مصر في احتضان قمة المناخ في العام الماضي وكانت قمة ناجحة فلم يغب عنها اسم عالمي ولا تتأخر دولة عن الحضور والتفاعل مع برامج القمة وفعالياتها، ولكن يبقى الدعم المادي للدول المتضررة هو أساس كل حل وهو البوابة الملكية لعبور الأزمة.

لقد رأينا هشاشة وضآلة دعم الدول فاحشة الثراء لدولة البرازيل في زمن كارثة حرائق الأمازون، لقد تمخض الجبل فولد فأرًا، لقد قدمت الدول الأغنى في العالم خمسين مليون دولار للبرازيل، وهذا مبلغ مضحك يقل بكثير عن ثمن انتقال لاعب كرة قدم من فريق لآخر!

في قمة المناخ المصرية تحدث الرئيس الأمريكي جون بايدن فشكر مصر التي تحملت منفردة أعباء عقد تلك القمة العالمية ثم قال: أزمة المناخ تتعلق بالأمن البشرى، والأمن الاقتصادي، والأمن البيئي، والأمن القومي وحياة الكوكب ذاتها.

هذا كلام طيب بل طيب جدًا ولكن عندما جاء وقت الكلام عن المساعدات الفعلية التي ستقدمها أكبر قوة عالمية قال بايدن: إن بلاده ستقدم 150 مليون دولار لدعم الدول الأفريقية.

وهكذا نرى قضية خطيرة ومساعدات مضحكة لا تسمن ولا تغني من جوع.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة