"تحيا مصر بينا كلنا".. دستور أخلاقى وضعه الرئيس للمصريين

السبت، 08 يوليو 2023 07:10 م
"تحيا مصر بينا كلنا".. دستور أخلاقى وضعه الرئيس للمصريين
كتب - أشرف ضمر

"مصر أم الدنيا، وهتبقى قد الدنيا"، هكذا قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى لا توجد مناسبة يهتف فيها المصريون أمامه بـ"تحيا مصر"، إلا واستدرك موضحا ومؤكدا: "تحيا مصر بينا كلنا"، والمتأمل فى تلك العبارة سيجدها - رغم وضوحها وسهولة فهمها - منهجا اجتماعيا على المصريين أن يحيوا به حياتهم اليومية، ودستورا أخلاقيا يجب أن نحترمه جميعا ونعمل به فى سلوكياتنا العادية، فلا دولة حقيقية دون شعب واع، ولا وطن "قد الدنيا" إلا بمواطن "قد المسؤولية".
 
نعم، إنها تلك المسئولية الوطنية الأخلاقية التى تُلزم الفرد فى مجتمعه الصغير بالحفاظ على سلامة محيطه المادى الملموس، كالشارع، والطريق، ووسائل النقل والمواصلات التى يستخدمها، والمدرسة التى يعلم فيها أطفاله، والمستشفى الذى يتلقى به أفضل علاج بأسعار رمزية تصل للمجانية أحيانا، وغير ذلك كثير، تلزمه أيضا بالحفاظ على محيطه المعنوى غير الملموس، كالأفكار التى يتبناها، والأخبار التى يروجها، والآراء التى يتبناها و يرسخها تجاه أى حدث، أو حادث، أو حديث.
 
نعم، نحن الآن فى عصر الحلم المتاح والأمانى الممكنة، عصر الجمهورية الجديدة التى نشهد بشائرها يوما بعد يوم وهى تولد على أيادينا من رحم الأزمات والتحديات، لتنهض مصر وتنفض من على كاهلها غبار الفوضى والعشوائية وتزيح - بأيدى أبنائها المخلصين - كل ما تراكم على ملامح وجهها الصبوح على مدار عقود من تجاعيد اللامبالاة وشيخوخة السلبية فى فترة عانت فيها من عقوق بعض أبنائها لأسباب لا مجال لتناولها بالتفسير والرد، أو حتى مجرد ذكرها وطرحها.
 
اليوم تظهر ملامح ذلك الوجه الجميل أمام أعيننا، فيبهرنا نوره البهى العظيم الذى كدنا أن ننساه، ولم يكن يربط بيننا وبينه سوى أساطير عظيمة من زمن أسلافنا العظماء حين شيدوا حضارة أذهلت - ولا تزال - العالم القديم والحديث، وعلمت البشرية معنى النظام والقانون، بل معنى الدولة والوجود من الأساس. 
 
منذ أيام كنا نحتفل بالذكرى العاشرة لأعظم ثورات التاريخ المصرى خاصة، ثورة الثلاثين من يونيو، والتى أعادت مصر لأبنائها، وأعادتهم إليها، بعد أن اختطفها من لم يعرف قيمتها ولم يقرأ تاريخها ولم يدرك جينات وجذور هويتها الضاربة فى عمق التاريخ الإنسانى كله.
 
اليوم تطل علينا مصر أخرى، مصر جديدة غير التى كانت غارقة فى الجهل والمرض والفقر والإرهاب، وتحيط بها العشوائيات من كل جانب كحزام ناسف حول خصرها يهدد بالانفجار فى أى وقت، مصر تولد من جديد، وتعلن ثورة حقيقية فى البناء والعمل، وتنتظر من عقول أبنائها النابهة وسواعدهم الفتية الاستمرار فى العمل والبناء دون توقف، لتثبيت أركان الجمهورية الجديدة ودولة القانون وهيبة الدولة، مصر تعلن أن لا هوادة مع فساد أو عشوائية بعد اليوم، مصر تعلن سقوط الجمهورية القديمة بلا رجعة، أجل سقطت بأفكارها السوداء وظواهرها السيئة وسلبياتها المستفحلة فى بعض العقول، وانتهت بمفاهيمها ومفرداتها وعفنها وفسادها وتحايلها على القانون، سقطت لأن المصريين قرروا استعادة وطنهم من براثن هذا الماضى للانطلاق نحو آفاق مستقبل يليق بأعرق شعوب الأرض، من أجل هذا يؤكد الرئيس السيسى فى كل مناسبة أن مصر "ستحيا بنا جميعا، لا بفرد واحد حتى لو كان الرئيس نفسه" كما يوضح لنا دائما.
 
لقد تزامن الاحتفال بثورة الثلاثين من يونيو مع حلول #عيد_الأضحى، فعاشت مصر عيدين وفرحتين عظيمتين معا، إلا أننا فوجئنا بما يعكر صفو احتفالاتنا تلك حين طالعتنا صورة انتشرت كالنار فى الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعى، والحمد لله أنها انتشرت بسرعة البرق، فكان الرد من دولة القانون حاسما وناجزا وسريعا، رأينا فى الصورة جريمة ارتكبها شخص ما زال يحمل أفكار الجمهورية القديمة البالية، جمهورية "اخطف واجرى، وكبّر مخك"، رأينا جزارا يعتدى على أملاكنا نحن المصريين، حين ثقب عمود مونوريل ليعلق ما ذبحه للتو ويقطع لحومه تمهيدا لبيعها لمن يرضى أن يشترى منه، رغم أن دكان الجزارة- وفقا للصورة- لا يبعد سوى أمتار عن محل الواقعة.
 
هل يعلم ذلك المتناصح أن عمود المونوريل هذا جزء من بنية عظيمة أسسناها بكفاحنا ونضالنا، وتحملنا من أجلها- راضين- تبعات برنامج إصلاح اقتصادى- هو الأكبر والأقسى- بشجاعة وصمود أشاد بهما الرئيس نفسه فى أكثر من محفل وطنى وعالمى؟
 
هل يعلم هذا الفهلوى أنه حين ثقب عمود المونوريل بضمير مرتاح ونفس مطمئنة أنه أيقظ- دون أن يقصد- روحا كنا قد افتقدناها بفعل فاعل، روحا وطنية مصرية طبيعية؟ وكأن الغضب الذى اجتاح السوشيال ميديا جاء كرد فعل لجريمة شعر الجميع أنها تخصه وارتكبت فى حقه هو، نعم الآن يتعزز لدى المصريين شعور جامح بأن البلد بلدهم، وأن كل مبنى حكومى أو مشروع وطنى على أرضها يخصهم وحدهم وعليهم  الدفاع عنه والحفاظ عليه، وكأن الجزار لم يثقب عمود المونوريل، بل ثقب عمود منزل كل واحد منا، فتعاملنا جميعا مع الأمر على أنه شخصى للغاية، وتابعنا بقلق وشغف إلى أين ذهب المحضر، وأثلجت الغرامة الكبيرة والعقوبة المناسبة صدورنا، لقد كان انزعاجنا وطنيا لا مراء فيه، وكان قلقنا أخلاقيا أكثر منه شىء آخر، وكان غضبنا فطريا ومصريا خالصا، كأننا نصيح فى نفس واحد: هذه أموالنا، هذه أملاكنا، هذا وطننا، هذا بيتنا، حاكموا المجرم الذى تجرأ على العبث بما دفعنا ثمنه ليس مالا فحسب، بل صبرا وصمودا وتضحيات شهداء من خيرة أبناء هذا الشعب، اضربوا على يد كل من تسول له نفسه أن يضر مشروعا قوميا تدشنه الجمهورية الجديدة لمستقبل أبنائنا وأحفادنا، لقد حاربنا الفوضى وانتصرنا عليها، واجهنا العشوائية وألحقنا بها هزيمة ساحقة، لا مجال للتهاون ولا فرصة للعودة للوراء أبدا، لقد تحرك قطار المستقبل وعلى من لا يريد الركوب معنا النزول والمغادرة، راضيا لنفسه أن يكون قيد الإقامة الجبرية فى ماض بائد، وعلى من يقرر التحرك معنا نحو وجهتنا، التحلى بروحنا الوطنية، والالتزام بدستورنا الأخلاقى، وإلا وقع تحت طائلة قانون ثورتنا المجيدة التى أعلنها الرئيس على الفوضى بكل أشكالها، أو كما قال الرئيس: "تحيا مصر بينا كلنا".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة