العالم ينتفض خوفاً من الذكاء الاصطناعى.. الأمم المتحدة ومجلس الأمن يعقدان اجتماعات لمواجهة تهديدات التطور التكنولوجى والحفاظ على السلم والأمن الدوليين

السبت، 08 يوليو 2023 10:40 م
 العالم ينتفض خوفاً من الذكاء الاصطناعى.. الأمم المتحدة ومجلس الأمن يعقدان اجتماعات لمواجهة تهديدات التطور التكنولوجى والحفاظ على السلم والأمن الدوليين
صورة أرشيفية
هشام السروجي

تتسارع خطوات التطور التكنولوجي، بشكل يصعب على العقل استيعابه والوقوف على مستجداته التي تحدث كل ثانية، في تسارع مستمر وصراع بين عمالقة التكنولوجيا والمسيطرين على صناعتها.
 
ما تحقق من توسع في جميع مجالات العلوم النظرية والتطبيقية بفضل التكنولوجيا خلال الخمسون عاما المنقضية، لم يحققه الجنس البشري منذ بداية الخلق، كأن العالم استغرق في خطوة واحدة آلاف القرون، ثم فجأة بدأ الركوض بسرعة الضوء، حتى أن العقل البشري الذي صنع أساطير الآلهة الوثنية القديمة، في الميثولوجيا الاسكندنافية والسامرية والمصرية القديمة، لم يكن له أن ينسج قصة خيالية لا تصدق عما نعيشه اليوم، وما نستطيع تحقيقه نحن البشر العاديين بكبسة زر واحدة على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، ويعجز عنه مجتمع الآلهة القدامى.
 
كل هذا في نطاق التكنولوجيا البرمجية القديمة، أو ما يطلق عليها الذكاء الاصطناعي ضيق النطاق NAI، لكن بعد أن خرجت تطبيقات الذكاء الاصطناعي AGI إلي النور من نطاق المطورين وأصبحت في متناول يد المستخدمين، بإمكانيات تفوق في ابهارها اللحظات الأولى من نزول الإنسان على سطح القمر، الأن تستطيع أن تفعل كل ما تحتاجه من كتابات محتوى، ورسم وتصميم وتلفيق أصوات وبرمجة من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو ما ظهر حتي الان للمستخدمين، ولا نعلم ما هو مخفي عنه في سراديب الأسرار، أو في صفات الديب ويب، وبين مؤيد ورافض ومشاهد، يقف الجميع في انتظار دلالة تثبت ما يدور في ذهنه تجاه هذا الجيل الجديد من المغامرة البشرية.
 
الذكاء الاصطناعي يعني أن البرامج والتطبيقات تكتسب القدرة على تطوير نفسها، من خلال تجربة المستخدمين، مثل تطور العقل البشري من خلال التجارب المعرفية، ما يعني أن التطبيقات التكنولوجية قادرة على تطوير نفسها ذاتيا دون الحاجة إلي ادخال تحديثات من العنصر البشري، يسمح الذكاء الاصطناعي لجهاز الحاسوب أن يفكر، ويتصرف، ويستجيب كما لو أنه إنسان.
 
وتري بعض الأبحاث المنشورة في مراكز الدارسات المختصة بالتكنولوجيا والأمن المعلوماتي، أن الخطورة الكبرى تكمن في عدم السيطرة على حدود تطور التطبيقات، التي قد تجعلها تمثل خطر حقيقي على الوجود البشري، ولك أن تتخيل في حالة تطور أحد التطبيقات الأمنية وقرر أن السلوك البشري أصبح يهدد الوجود الكلي على الأرض بسبب التلوث المناخي، واتخذ قرار بشن الحرب على البشرية.
 
كل ما يدور الحديث عنه الأن وما هو في متناول يد المستخدمين يعتبر هو النسخة الأولية من جيل الذكاء الاصطناعي AGI، وهو ما سوف يتغير كليًا مع الوصول إلى الشكل الكامل من النسخة أو ما يطلق عليه الذكاء الاصطناعي الفائق ASI، وهو ما توقع المختصون أن يفوق الذكاء البشري في قدرته على التطور، ويقول نيك بوستروم الفيلسوف وخبير الذكاء الاصطناعي بجامعة أكسفورد لـ BBC إن الذكاء الفائق هو ذكاء "يتفوق بشكل كبير على أفضل العقول البشرية في كل المجالات تقريبا، بما يشمل الإبداع العلمي والحكمة العامة والمهارات الاجتماعية".
 
ومؤخراً دخلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى على الخط، من خلال الدعوة لعقد اجتماعات دولية لمحاولة رسم حدود الذكاء الاصطناعي وتسخير إمكاناته لتمكين البشرية، حيث عقدت جنيف يومي الخميس والجمعة، الماضيين "القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام"، بحضور حوالي 3000 خبير من شركات مثل Microsoft و Amazon وكذلك من الجامعات والمنظمات الدولية لمحاولة نحت أطر للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، وقالت دورين بوجدان مارتن، رئيسة الاتحاد الدولي للاتصالات، وكالة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التابعة للأمم المتحدة التي عقدت القمة: "هذه التكنولوجيا تتحرك بسرعة"، مشيرة إلى أن القمة "فرصة حقيقية لأصوات العالم الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي للالتقاء على المسرح العالمي ومعالجة قضايا الحوكمة، وعدم القيام بأي شيء ليس خيارًا، لذلك علينا المشاركة ومحاولة ضمان مستقبل مسؤول مع الذكاء الاصطناعي"، مشددة على أهمية دراسة الأطر والحواجز الممكنة لدعم الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.
 
وأكد مارتن إن الذكاء الاصطناعي يجب ألا يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية أو إدخال تحيزات على العرق أو الجنس أو السياسة أو الثقافة أو الدين أو الثروة.
 
وأثار ChatGPT ضجة كبيرة على مستوى العالم منذ إطلاقه أواخر العام الماضي لقدرته على إنتاج محتوى شبيه بالبشر، بما في ذلك المقالات والقصائد والمحادثات من موجهات بسيطة، وأدى إلى انتشار كبير في محتوى الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما جعل المشرعين يتدافعون لمحاولة معرفة كيفية تنظيم مثل هذه الروبوتات.
 
كما قالت ممثلة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد، إن مجلس الأمن الدولى سيعقد، خلال الشهر الجارى، أول اجتماع على الإطلاق حول التهديدات المحتملة للذكاء الاصطناعى على السلم والأمن الدوليين، موضحة أن "الاجتماع سيعقد يوم 18 يوليو الجاري وتنظمه المملكة المتحدة التي ترى إمكانات هائلة ولكن أيضا مخاطر كبيرة بشأن الاستخدام المحتمل للذكاء الاصطناعي على سبيل المثال في الأسلحة المستقلة أو في السيطرة على أسلحة نووية.
وأضافت أن "الاجتماع سيرأسه وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، وسيشمل إحاطات إعلامية من جانب خبراء الذكاء الاصطناعي الدوليين والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش"، مبينة أن "المملكة ملكة المتحدة تريد تشجيع نهج متعدد الأطراف لإدارة كل من الفرص الضخمة والمخاطر التي يحملها الذكاء الاصطناعي لنا جميعا"، مؤكدة أن "هذا سيتطلب جهدا عالميا".
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق