رسالة مصرية لإفريقيا من كينيا: هدفنا الحفاظ على مصالح القارة السمراء والدفاع عنها في كل مكان

السبت، 22 يوليو 2023 10:00 م
رسالة مصرية لإفريقيا من كينيا: هدفنا الحفاظ على مصالح القارة السمراء والدفاع عنها في كل مكان
محمود علي

- الرئيس السيسى يضع ضع روشتة لحل المشاكل الإفريقية وإيجاد حلول فعالة لمعالجة أزمة الديون المتراكمة
 
من كينيا كانت الرسالة المصرية للقارة الافريقية واضحة، لن نكف عن السعي لتحقيق مصالح القارة السمراء، قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى وخلفه مواقف كثيرة تدعم هذا القول، فمنذ 2014 تاريخ تولى الرئيس السيسى المسئولية تحولت الوجهة المصرية إلى العمق الافريقى لحل مشكلات القارة الإفريقية، وإيقاف النزاعات بداخلها وتوصيل صوتها في المحافل الدولية، الدفاع عن حقوقها في كافة المناسبات، فضلا عن توحيد صفوفها والعمل على اتساق قرارها، وعودة الاستقرار بداخلها.
 
خلال مشاركته في أعمال قمة منتصف العام التنسيقية للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الكينية نيروبي الأسبوع الماضي، وضع الرئيس السيسى ما اسماه القاده الافارقة روشتة واضحة المعالم لصياغة مسارات وبرامج عادلة للتحول في مختلف المجالات التي تعاني منها القارة السمراء، حيث حملت كلمات الرئيس السيسي الكثير من الرسائل، التي أكدت على الرغبة والإرادة السياسية شديدة التركيز لدى القيادة المصرية في العمل على إيجاد حلول حقيقية لهذه القارة بكل سرعة من خلال قوة مصر الدبلوماسية، مع التشديد على اهمية تسريع تنفيذ أجندة التنمية الأفريقية 2063 والاستفادة من الخبرات والإمكانات المصرية، والاستعداد الكامل للعمل بجهد وإخلاص لتعميق التكامل الاقتصادي بين دول القارة ورفع مستوى معيشة شعوبنا، فضلاً عن تكثيف الجهود مع الشركاء الدوليين والمنظمات التمويلية لإيجاد حلول فعالة لمعالجة أزمة الديون المتراكمة.
 
تأتي تحركات مصر النشطة على الصعيد الإفريقي، في ظل ما تشهده دول العالم من أزمات متتالية بداية من أزمة كورونا مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية وصولا إلى الاضطراب الأمني الذي تشهده دولة السودان مؤخرا، الأمر الذي كان له تداعيات كارثية على قطاعي الاقتصاد والأمن خاصة في القارة الأفريقية التي تعاني من فقر وانعدام للتنمية وانتشار للنزاعات وحروب أهلية، وهو ما دفع الرئيس السيسي إلى الحرص دائما على حمل هموم أفريقيا والدفاع عن حقوقها واضعاً أمام أعينه أهداف محددة يسعى إلى تحقيقها خلال الفترة القادمة بالتنسيق مع دول القارة السمراء لرفع معدلات التنمية والسعي إلى إسكات البنادق بداخلها.
 
وعلى مر العقد الماضي، وخاصة منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم، وتتحرك مصر بفاعلية ونشاط في القارة السمراء من أجل تقوية وتمتين آليات العمل الإفريقي المشترك، حريصة كل الحرص على تعظيم الدور المصري من خلال تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية وتنشيط التعاون معها في كافة المجالات، وتوجت تحركات القاهرة ودورها الريادي في القارة برئاسة الرئيس السيسي الاتحاد الإفريقي في عام 2019، ورئاسة تجمع الكوميسا في عام 2021، وصولا إلى استلامه رئاسة وكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية نيباد.
 
وتعد مصر إحدى الدول المؤسسة لمبادرة النيباد وهي الذراع التنموية للاتحاد الأفريقى، وتمتد رئاسة القاهرة للجنة التوجيهية للمبادرة لمدة عامين، تستهدف من خلالها القاهرة تكثيف جهود حشد الموارد المالية فى المجالات ذات الأولوية لأفريقيا، وهو ما أشار له  الرئيس السيسي بقمة نيروبى الأسبوع الماضي. 
 
وخلال مناقشة البند الخاص بدور وكالة الاتحاد الأفريقى الإنمائية (النيباد) في تعزيز التكامل الإقليمي والقاري تحت مظلة أجندة 2063 بقمة منتصف العام التنسيقية التابعة للاتحاد الأفريقي، قال الرئيس السيسى، إن مصر تؤمن بمحورية مسار التكامل الإقليمى لدفع معدلات التنمية فى الدول الأفريقية وتعزيز سبل الاستقرار بها، مضيفا أن مصر تتولى رئاسة وكالة الاتحاد الأفريقى الإنمائية (النيباد)، فى ظروف بالغة الدقة، تتزامن مع تغيرات ملموسة على المستويين الدولى والإقليمي على الأصعدة السياسية والاقتصادية، وبما بات يتطلب تكاتف جهودنا لمواجهة التحديات التى تواجه شعوبنا، وتؤثر على قدرتنا على الاستمرار فى المسار التنموي لدولنا الأفريقية.
 
وأشار الرئيس السيسى إلى ما قدمته مصر خلال رئاستها للنيباد، ترتكز على دفع معدلات التكامل الاقتصادى واقتراح حلول لمواجهة التحديات القائمة، وهى الأولويات التى سيتم العمل على تنفيذها عبر التنسيق مع سكرتارية النيباد، برئاسة المديرة التنفيذية ناردوس بيكيلى، ومن خلال التشاور المستمر مع الدول الأفريقية الشقيقة، لافتا إلى سعى مصر لتسريع تنفيذ أجندة التنمية الأفريقية 2063، وعبر الاستفادة من الخبرات والإمكانات المصرية، بما فى ذلك شركات القطاع الخاص فى مجالات البنية التحتية والطاقة والاتصالات، وهى على أتم استعداد لتوفير الدعم اللازم للدول الأفريقية الشقيقة فى مسارها التنموي.
 
وأكد الرئيس السيسى أن من بين أبرز الأولويات المصرية لرئاسة النيباد على مدار العامين المقبلين "سرعة الانتهاء من الخطة العشرية الثانية لتنفيذ أجندة التنمية الأفريقية (2024-2034)، بما يأخذ فى الاعتبار الدروس المستفادة من تنفيذ الخطة العشرية الأولى والتحديات التى واجهناها، وعلى أن تتم صياغتها بالتنسيق الكامل مع التجمعات الاقتصادية الإقليمية، وبحيث تكون وثيقة جامعة يمكن الاستناد إليها فى تقييم مدى تحقيق القارة لأهداف أجندة التنمية العشرية حتى عام 2034".
 
ومن بين الأولويات المصرية أيضا وفق ما أكده الرئيس السيسى استمرار جهود حشد الموارد المالية فى المجالات ذات الأولوية، وعلى رأسها تطوير البنية التحتية، فى إطار برنامج تنمية البنية التحتية الأفريقية، بما فى ذلك المشروعات ذات الأهمية، ومنها مشروع الربط الملاحى بين البحر المتوسط وبحيرة فكتوريا والطريق البرى الرابط بين القاهرة وكيب تاون، بالإضافة إلى استمرار المساعي لتعزيز دور القطاع الصناعي فى دولنا الأفريقية، والانخراط فى سلاسل القيمة المضافة عالميا، عبر تحفيز تنوع الصناعات الأفريقية.
 
كما وضع الرئيس السيسي تبنى مقترح سكرتارية النيباد لإطلاق مبادرة "فريق أفريقيا لحشد الموارد" ضمن أولويات الرئاسة المصرية للنيباد، وذلك لتحديد الاحتياجات التمويلية للقارة الأفريقية، والعمل على تكثيف الجهود مع الشركاء الدوليين والمنظمات التمويلية لإيجاد حلول فعالة لمعالجة أزمة الديون المتراكمة، بما فى ذلك من خلال وضع آليات لتخفيف عبء الديون، عبر الإعفاء أو المبادلة أو السداد الميسر، بالإضافة للمقترحات ذات الصلة بحوكمة النظام المالى العالمى، بشكل يراعى احتياجات الدولة النامية بدرجة أكبر. 
 
وتلقي مصر بثقلها الدبلوماسي لتعزيز العلاقات مع دول القارة الإفريقية، حيث واضع الرئيس السيسي منذ توليه السلطة صوب عينيه حقيقة واحدة أن الانتماء المصري للقارة السمراء يقين راسخ لدى الدوائر السياسية المصرية الخارجية على مر تاريخنا الماضي والحاضر، ولنا في تحركات القاهرة الأخيرة للم شمل الفرقاء في السودان وليبيا وغيرها من الدول التي شهدت نزاعات مسلحة دليلاً على أن الدبلوماسية المصرية همها الأول والأخير تحقيق مصالح القارة الأفريقية، تطوير حاضرها وصياغة مستقبلها.
 
واستمرت مصر في المتابعة والتفاعل بإيجابية مع تطورات الأحداث في القارة؛ الأمر الذي انعكس بوضوح على تعدد الزيارات المتبادلة بين الرئيس السيسي وزعماء ورؤساء الدول الإفريقية.
 
نتائج هذه الزيارات ترجمت بشكل مباشر وسريع، من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات المشتركة، الهادفة إلى تحقيق تعاون مثمر في شتى المجالات بين مصر والدول الأفريقية، والآخذة في الاعتبار المتغيرات الجارية على الساحة الدولية.
 
ولم تفوت مصر أي فرصة أو مناسبة ولا لقاء إقليمي أو دولي إلا وتؤكد على موقفها الثابت في  الحفاظ على مصالح أفريقيا على المستوى الدولي، عبر دفع التضامن الإفريقي للوصول إلى أهدافه المشتركة، وهو ما ظهر بوضوح خلال رئاسة مصر لقمة المناخ (cop27)، والتي حرصت خلالها على الدفاع عن إفريقيا والتحدث بصوت القارة إعلاء لتطلعاتها في مواجهة كافة الأضرار ذات الصلة بالتغير المناخي، خاصة وأن دول القارة  السمراء هي الأكثر تأثراً بتداعيات تغير المناخ على الرغم من كونها الأقل إسهاما في الانبعاثات الملوثة.
 
وخلال قمة نيروبى عرض الرئيس السيسى رؤية مصر بشأن المحاور التى يتعين التركيز عليها خلال الفترة القادمة فى مسألة تغير المناخ وتأثيره على الدول الافريقية، وأولها توفير البيئة اللازمة للتنفيذ السريع لمشروعات، وبرامج مؤثرة، لخفض الانبعاثات من مختلف القطاعات، وتيسير النفاذ للطاقة المتجددة، الأمر الثاني صياغة مسارات وبرامج عادلة للتحول فى مختلف المجالات.
كما دعا ثالثًا إلى التركيز على مبدأي العدالة والإنصاف، بحيث يراعى التحول المطلوب، الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، ويتجنب الإجراءات الأحادية ذات التأثير المباشر على تدفقات التجارة الدولية، وبصفة خاصة صادرات الدول النامية والأفريقية.
 
رابع محور يتعين التركيز عليه كما قال الرئيس تحقيق العدالة المناخية، وتفعيل ترتيبات التمويل وصندوق الخسائر والأضرار، وتمويل التكيف، مع الاعتراف بما تتحمله الدول الأفريقية، من تكلفة لدعم مجتمعاتها فى مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، وخامسًا تعزيز التعاون الإقليمى لضمان تطوير قدرات الحفاظ على النظم البيئية المشتركة، وضمان الاستفادة المتكاملة بين الدول لاحتواء أية آثار سلبية عابرة للحدود.
 
المحور السادس الذي أشار له الرئيس توفير البيئة الدولية الداعمة واللازمة للتنفيذ، وبصفة خاصة التمويل الميسر والمناسب، وتعزيز النفاذ إليه، مع ضمان تناغم ذلك مع الملكية الوطنية، وألا يؤدى ذلك إلى خفض التمويل اللازم للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، كما أشار إلى أن المحور السابع هو التعامل الفعال مع تحدي المديونية وارتفاع تكلفة التمويل، بما فى ذلك اللجوء للحلول المبتكرة مثل آليات تبادل الديون، ومراجعة وشطب الرسوم والفوائد الإضافية.
 
وأعرب الرئيس السيسى عن أمله الاستمرار فى العمل على ترجمة تلك التوصيات إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، حيث قامت مصر إيمانًا بذلك، بإطلاق عدد من المبادرات حول موضوعات المياه، والتكيف والزراعة، والطاقة، والهيدروجين، والتنوع البيولوجى، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، ومن بينها مبادرة "حياة كريمة لأفريقيا"، ومبادرة "المنتدى العالمى للهيدروجين المتجدد"، والتى أدعوكم إلى الانضمام إليها”.
 
وتستثمر القاهرة النشاط الريادي في القارة السمراء من أجل وضع حد للنزاعات المسلحة وعلى رأسها إيقاف الحرب التي تشهدها السودان بين الجيش الوطني السوداني وقوات الدعم السريع، في إطار دورها المحوري بملف إسكات البنادق داخل القارة، متمسكة بمبادئها ومواقفها المتسقة مع ميثاق الأمم المتحدة، لنبذ العنف والتهديد وإيقاف استخدام القوة في العلاقات الدولية، والدفع نحو الجلوس على طاولة المفاوضات من جديد، خاصة وأن للحرب السودانية تداعيات كارثية اقتصادية واجتماعية وأمنية على دول القارة السمراء.
 
واحتضنت مصر قبل أسبوع "قمة دول جوار السودان"، والتي وضع خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي تصور مصر لحل الأزمة السودانية، انطلاقًا من 4 مرتكزات، من شأنها العبور ببلد الجوار الجنوبي الأول من مأزقه، الذي ينذر بكارثة للإقليم حال استمراره.
 
بداية يرتكز التصور المصري، على: مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فورى ومستدام، لإطلاق النار، بالإضافة إلى مطالبة كافة الأطراف السودانية، بتسهيل كافة المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات، للمناطق الأكثر احتياجاً داخل السودان ووضع آليات، تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية، ولموظفي الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.
 
كذلك إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبى طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية، وتشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
 
تكشف عناصر الرؤية المصرية عن محددات ثابتة للتعامل المصري مع الأزمات الإقليمية خاصة تلك التي تهدد أمنها القومي، وأزمات القارة الأفريقية ككل، في إطار دورها الريادي، الذي عكفت على استعادته من الأيام الأول لتولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في 8 يونيو 2014، بخطط ثابتة واضحة.
 
وتنطلق تحركات مصر وقياداتها وفق استراتيجية شاملة تقضي بحل النزاعات المسلحة بكافة مراحله، بداية من وقفه وعلاج مسبباته وصولاً إلى مراحل إعادة الإعمار والتنمية، بما يضمن العبور الآمن بالمراحل الانتقالية في مناطق الصراعات، والحفاظ على مؤسسات الدول والنسيج المجتمعي ووأد العنف، بما يضمن استقرار دول الجوار الإقليمي خاصة في أفريقيا، في ظل تشابك الأسباب والأطراف، وتنافس دولي مترسخ بالأساس في القارة السمراء، من شأنه إطالة أمد الأزمات.
 
ويرى الرئيس السيسي أن إعادة الإعمار في الدول التي تشهد صراعات لن تتم بالشكل المرجو، دون توقف النزاعات بداخلها، وقال في كلمته بالجلسة الافتتاحية لدول "جوار السودان": "عندما لا يكون هناك فرصة لتوقف النزاعات، لن يكون هناك فرصة لإعادة الإعمار، أو تواجد التمويل والمشاركة بشكل أو بآخر فيه، كما أن هناك فرق بين تخفيف آثار الأزمة سواء بتوفير الطعام أو المأوى أو الملبس أو حتى العلاج، وفرق بأنك تجري إعادة إعمار لدولة تعرضت لحرب، وإعادة الإعمار لن تتكلف أموال فقط ولكن هناك بعد إنساني ونفسي واجتماعي ترتب على هذه الأزمة، وأول خطوة مهمة من خلال المؤتمر نوجه نداء للدول التى فيها نزاعات ونقول لها، باسم المؤتمر وباسم شباب المؤتمر الذي يحلم بالأمن والأمان والتنمية وعلى القادة المسئولين، ينظروا بمنظور آخر لوقف النزاعات والصراعات حتى نخفف أو نقلل من حجم الآثار".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق