فلسطين ليست وحدها.. اجتماع العلمين بداية لعملية جديدة لمداوة التصدع الفلسطيني وفتح صفحة جديدة للمصالحة الوطنية

السبت، 05 أغسطس 2023 08:00 م
فلسطين ليست وحدها.. اجتماع العلمين بداية لعملية جديدة لمداوة التصدع الفلسطيني وفتح صفحة جديدة للمصالحة الوطنية
محمود علي

- أبو مازن وأمناء الفصائل يوجهون الشكر لمصر والرئيس السيسى لحمايتهم الوحدة الوطنية ومصالح الشعب الفلسطيني 

- الفصائل تتفق من مصر على ضرورة توحيد الصف وبناء استراتيجية وطنية.. وتشكيل لجنة لوضع آليات تنفيذية لحل القضايا الخلافية

- القيادة المصرية تؤسس خطوات مرسومة واستراتيجية ثابتة لدعم الفلسطينيين وحقوقهم العادلة وتحقيق سلام عادل وشامل 
 
 
مرت سنوات عديدة، دون أن يتم إحراز أي تقدم ملموس في المصالحة الفلسطينية، اجتماعات هنا، وحوارات هناك، لكن ظل الفشل يلاحق قادة الفصائل الفلسطينية في التوصل إلى اتفاق يؤسس لمستقبل سياسي موحد لا يقصي أي طرف، لكن مصر كعادتها نجحت في لم شمل جميع الفصائل الفلسطينية الأسبوع الماضي، في إطار دورها في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في فلسطين.
 
والأحد الماضي عقدت جلسات اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية فى مدينة العلمين الجديدة، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن"، في خطوة مثلت دفعة قوية في طريق المصالحة الوطنية، وتأكيد على حرص مصر على مساندة القضية المركزية للعرب.
 
11 فصيل فلسطيني، اجتمعوا في العلمين لمداوة تصدع فلسطيني وتراكم أمتد لسنوات، وانتهى الاجتماع إلى الاتفاق على بداية لعملية فلسطينية جديدة ومرحلة جديدة وبداية للمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، فالاجتماع شكل محطة ضرورية في هذه الفترة، خاصة أن جميع المشاركين طرحوا مواقفهم بكل وضوح، وكان هناك شعور لدى الجميع بالمسؤولية التاريخية تجاه أخطر ما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، وبالتالي فإن هناك إصرار على ضرورة توحيد الصف الوطني وبناء استراتيجية وطنية كفاحية لمقاومة الخطر الذي تتعرض له فلسطين، فالهدف ليس فقط إصدار بيان بل إيجاد وسيلة لتوحيد النضال.
 
وخلال السنوات الماضية كانت القاهرة دائماً حاضرة في الموعد دون أن تدخر أي جهد للحفاظ على وحدة فلسطين واستقرارها، ونجحت منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم؛ في تأسيس خطوات مرسومة واستراتيجية ثابتة، تدعم من خلالها أبناء الشعب الفلسطيني وحقوقهم العادلة بإيجاد سند قانوني لقيام دولة فلسطينية معترف بها من الأمم المتحدة والدول الأعضاء، ساعية في كل خطواتها إلى تحقيق سلام عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، انطلاقاً من دورها التاريخي والمحوري على المستوى الدولي والإقليمي، حتى جاء الوقت المناسب لجمع الأشقاء الفلسطينيين في مدينة العلمين لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وبالفعل توج الاجتماع بالتوصل لاتفاق على تشكيل لجنة تكون مهمتها الإشراف على استكمال كافة القضايا التي جرت مناقشتها لإنهاء الانقسام، والمضي قدما نحو توافق وطني يجمع الفلسطينيين تحت مظلة موحدة.

تملل فلسطيني من استمرار الخلاف
 
ولم يعد غائباً على أحد أن الشعب الفلسطيني سئم بشكل واسع، من الخلاف الواقع بين الفصائل الفلسطينية، ليخرج أكثر من مرة في الشوارع ويدعو إلى ضرورة إجراء مصالحة شاملة تنهي حالة الاستقطاب السياسي، لتخفيف معاناته اليومية، من أزمات متتالية على رأسها التصدي لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.
 
ووسط كل هذه التجاذبات السياسية بين الفصائل الفلسطينية، كان اجتماع العلمين قادراً على جمع ممثلين عن أكبر الفصائل من جميع أنحاء فلسطين، على رأسها حركتا "فتح وحماس" لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وحقق الاجتماع نتائج إيجابية ليكون نقطة انطلاق لدفع مساعي تحريك عملية السلام وتعزيز فرصة عملي المصالحة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، في سبيل التوصل إلى اتفاق على إنهاء حالة الانقسام، وتسوية شاملة من شأنها دعم الاستقرار، وتحقيق الاصطفاف الفلسطيني.
 
وفى اليوم التالى لاجتماع الفصائل، استقبل الرئيس السيسي، الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، مؤكداً دعم مصر الثابت والتاريخي للشعب الفلسطيني الشقيق، معرباً عن ترحيب مصر باستضافة اجتماع الفصائل الفلسطينية، خاصةً ما يتعلق باستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة بهدف الوصول إلى إنهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، حيث شهد اللقاء مناقشة سبل تنسيق المواقف والرؤى إزاء عدد من الموضوعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، خاصةً ما يتعلق بإعادة إحياء عملية السلام، حيث تم التشديد على ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة واستمرار الجهود لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، بما يحقق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة.
 
ولاقت مصر جراء استضافتها اجتماع الفصائل الفلسطينية بمدينة العلمين، إشادة واسعة من كافة أطياف المجتمع الفلسطيني وعلى رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن الذي توجه خلال لقاءه بالرئيس السيسي بخالص الشكر والتقدير له على استضافة مصر لهذا الاجتماع المهم، واحتضانها التاريخي للقضية الفلسطينية ولشواغل الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن اجتماع الفصائل ينعقد في ظل تطورات حيوية دولياً وإقليمياً وميدانياً، ويمثل فرصة سانحة للنقاش وتبادل وجهات النظر حول السبيل الأمثل لتحقيق المصالحة الوطنية.
 
كما أشاد الرئيس الفلسطيني بالتسهيلات التي قدمتها مصر لانعقاد اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، موجهاً الشكر للقاهرة على رعايتها المتواصلة لجهود المصالحة الفلسطينية، وحرصها الصادق على إنجاح هذه المصالحة من أجل حماية الوحدة الوطنية ومصالح الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن فلسطين يجب أن تظل واحدة موحدة بشعبها وأرضها وقيادتها.
 
الإشادة أيضاً جاءت من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الذي افتتح كلمته خلال اجتماع العلمين بتوجيه الشكر للرئيس السيسي والمسؤولين المصريين، على ما بذلوه في سبيل هذه القضية في كافة مراحلها بدءاً بالشهداء الأبرار، وانتهاءً بهذا الجهد الذي لا يتوقف في رعاية مصالح الشعب الفلسطيني وجمع كلمته، والحرص عليه باعتباره وقضيته جزءاً لا يتجزأ من أمن مصر واستقرارها ومستقبلها.
 
و خلال كلمته باجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية أشار الرئيس الفلسطيني إلى المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من قرن من الزمن، قائلاً "ومنذ أن تآمر الاستعمار الغربي، وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، على إصدار وعد بلفور المشؤوم عام 1917، الذي أعطى به من لا يملك وعداً لمن لا يستحق، وشعبنا المرابط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يناضل ويجاهد ضد الاستعمار والاحتلال، ويقدم آلافاً من الشهداء والجرحى والأسرى على طريق الحرية والكرامة والاستقلال".
 
وأضاف عباس أن وحدتنا وعملنا الجماعي المشترك، ولنحقق الأهداف والغايات النبيلة المرجوة منه لشعبنا وقضيتنا، يجب أن يقوم على مبادئ وأسس واضحة لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة وترتيب البيت الداخلي، مشدداً على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ويجب الالتزام بها وببرنامجها السياسي وبجميع التزاماتها الدولية، وأكد أن "العالم بأسره يعترف بـمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وهي البيت الجامع للفلسطينيين جميعاً، بل وأكثر من ذلك، فهي الكيان الوطني والسياسي للشعب الفلسطيني، وأم الدولة الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس، وحامية القرار الوطني المستقل والهوية الوطنية، ولا يجوز لأي فلسطيني أن يتحفظ على هذه المنظمة وبرنامجها الوطني والسياسي، بل إنه من الواجب الإجماع على حمايتها، لأنها تعتبر من أهم مكتسبات شعبنا، كما أن العالم يعترف بالدولة الفلسطينية، باعتبار أنه تم الإعلان عن قيامها بقرار من منظمة التحرير".
 
وأكد أبو مازن أنه أمام الاحتلال، واستمرار إرهاب المستوطنين، يتوجب علينا أن نتفق على هذه المقاومة للتصدي لعدوان المحتلين، كما يتوجب على المجتمع الدولي توفير الحماية الدولية لشعبنا في مواجهة من يعتدون عليه، وأن نعمل على إنهاء الانقسام، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، في إطار دولة واحدة، ونظام واحد، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد، وحكومة واحدة، ومصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية تفرض ذلك.
 
وبخصوص إجراء الانتخابات، قال أبو مازن: إن الانتخابات هي وسيلتنا الوحيدة لتداول المسؤولية، والمشاركة الوطنية، ونريد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني اليوم قبل غد، شريطة أن يتمكن أهلنا في القدس الشرقية المحتلة من المشاركة في هذه الانتخابات انتخاباً وترشحاً دون أية معوقات أو عراقيل، كما حصل في الأعوام 1996، و2005، و2006، وأكد أن من يعطل إجراء هذه الانتخابات هو دولة الاحتلال، لذلك نعود لمطالبة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بإلزام إسرائيل لكي نجري انتخاباتنا الديمقراطية في القدس، عاصمة دولتنا الأبدية، درة التاج وزهرة المدائن، والقدس تنادينا لنهبّ جميعاً لمواجهة التحديات التي تعترض شعبنا، فهذه مسؤوليتنا التاريخية الآن في حماية حقوقنا ومقدساتنا وثوابتنا الوطنية، التي لم ولن نتخلى عن ذرة واحدة منها.
 
وفي ختام الاجتماع اعتبر الرئيس الفلسطيني المباحثات التي أجريت بين الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بالعلمين، خطوة أولى وهامة لاستكمال الحوار  الساعي إلى تحقيق الأهداف المرجوة في أقرب وقت ممكن، طالباً من اللجنة الذي تم تشكيلها لاستكمال الحوار بهدف إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية؛ الشروع في العمل فوراً لإنجاز مهمتها والعودة إلينا بما تصل إليه من اتفاقات أو توصيات، متمنياً أن يكون هناك لقاء آخر قريب على أرض مصر للإعلان على إنهاء الانقسام بشكل نهائي واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
 
في سياق متصل دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى تبني خطة وطنية فاعلة تستجيب للتحديات التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية الحالية، وقال في كلمته أمام لقاء الأمناء العامين في مدينة العلمين "إننا وفي إطار مواجهة مخططات الاحتلال وسياسة حكومته الفاشية، وسعيًا لتحقيق وحدة شعبنا، نرى ضرورة تبني خطة وطنية فاعلة تستجيب للتحديات ذات الطابع الوجودي الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية الحالية في بعديها المتعلق بالاحتلال أو المتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي.
 
وقال إن الخطة الوطنية ترتكز على انتهاء مرحلة أوسلو، مؤكدأ أن الشعب الفلسطيني اليوم أمام مرحلة سياسية وميدانية جديدة، وأن التناقض الرئيس هو مع العدو الصهيون، و المرحلة الراهنة تتطلب مرحلة تحرير وطني، مطالباً بشراكة سياسية على أساس الخيار الديمقراطي الانتخابي ليكون المنطلق لبناء الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني بكل مكوناته ومستوياته، داعياً إلى أن تكون القضية الفلسطينية ومحورها القدس هي قضية وطنية عربية إسلامية إنسانية.
 
واعتبر أن ترجمة هذه المنطلقات في الخطة الوطنية يتطلب تبني خيار المقاومة الشاملة وتعزيز صمود شعبنا ونضاله ضد جرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس، وإزالة كل العقبات من طريقها وكل الالتزامات التي تتناقض مع حق شعبنا في مقاومة الاحتلال، وكذلك إعادة بناء وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل مجلس وطني جديد يضم الجميع على أساس الانتخابات الديمقراطية الحرة، وتشكيل المؤسسات الفلسطينية في الضفة والقطاع على أساس الانتخابات الرئاسية والتشريعية مع تحقيق دعم صمود أهلنا في القدس والضفة والعمل على إنهاء الحصار على قطاع غزة.
 
القضية الفلسطينية في قلب وعقل القيادة المصرية
 
ولم تكن خطوة لم شمل الأشقاء الفلسطينيين خلال الأسبوع الماضي، بإحدى البقاع السحرية الجديدة بالبحر الأبيض المتوسط مدينة العلمين، هي الأولى خلال السنوات القليلة الماضية، التي أكدت من خلالها القاهرة على حرصها الشديد في وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني والبحث عن حلول لهذه القضية المركزية، ففي فبراير الماضي كان لمصر دور كبير في الدعوة لتنظيم مؤتمر دعم القدس بالجامعة العربية، وسط حضور رفيع المستوى تصدره الرئيس السيسي وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، وعدد كبير من المسئولين العرب.
 
وأكد مؤتمر القدس أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية على المستوى الإقليمي لمصر، ومهما كانت التحديات التي تواجهها وانشغال المجتمع الدولي عنها؛ إلا أنها ستظل ذات أولوية كبيرة من جانب القاهرة ومن المهم وضعها دائماً على الأجندة الدولية والعربية، حيث أطلق المؤتمر من القاهرة، رسائل قوية ومباشرة، مفادها عدم قبول العرب بتهويد مدينة القدس أو تغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى، وهو ما أشار له الرئيس السيسي خلال كلمته بالمؤتمر، مؤكداً موقف مصر الثابت إزاء رفض وإدانة أية إجراءات إسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم لمدينة القدس ومقدساتها، مؤكدا أهمية دعم العرب لصمود القدس عصب القضية الفلسطينية.
 
وتكشف تحركات مصر في الملف الفلسطيني على مدار السنوات الماضية بما لا يدع مجالاً للشك، أن الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية دائما لم يخضع لأي حسابات أو مصالح آنية، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، وهو ما أظهرته مواقف مصر التاريخية بالتزامن مع أي أزمة تعيشها الأراضي الفلسطينية، في حين لم يكن قطاع غزة بعيدا عن أولوية القاهرة حفاظاً على هدوء الوضع في منطقة كثيرة الاضطرابات، وفي كل وقت زاد فيه صوت الرصاص داخل قطاع غزة، تسارعت مصر لتدارك الموقف لاحتوائه، كما أنها فتحت باباً للتنمية، وإعادة الإعمار، وإزالة الركام داخله.
 
وخلال السنوات القليلة الماضية، تحركت مصر عبر أدواتها الدبلوماسية لوقف أي تصعيد عسكري في قطاع غزة والضفة الغربية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وذلك على خلفيات توترات كادت أن تؤدي إلى اشتعال الوضع مجددا، وتبذل مصر جهود مكثفة بتوجيهات من الرئيس السيسي، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بشكل نهائي في فلسطين، وتهدئة الوضع للحد من نزيف الدماء، حيث نجحت الدولة المصرية في إقناع الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي بضرورة تجنب أي خطوات من شأنها أن تعيد المنطقة إلى نقطة الصفر.
 
تحركات مصر في القضية الفلسطينية، تركزت أيضا تجاه تحريك مسار السلام، والتصدي لكل المخططات الساعية لعرقلة حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، حيث التأكيد على الالتزام التاريخي بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، داعمة جميع التحركات والمبادرات العربية والدولية التي من شأنها حلّ القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في الشرق الأوسط على أسس عادلة، رافضة كل المساعي التي من شأنها أن تنتهك حقوق الدولة الفلسطينية.
 
وتعد القضية الفلسطينية بالنسبة للقاهرة الأكثر مركزية من بين قضايا الشرق الأوسط، لما لها من ارتباط دائم وثابت تحدده اعتبارات الأمن القومي المصري، لذلك تأتي القضية الفلسطينية علي رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية في وقتنا الراهن، وهو ما يدفع الرئيس السيسي إلى الاهتمام الخاص بها في لقاءاته مع القادة العرب.
 
وبالتزامن مع التحركات الدبلوماسية للقاهرة، قامت مصر بملحمة حقيقية من أجل سرعة إعادة إعمار غزة لعودة الحياة بشكل طبيعي إلى القطاع، والانتقال نحو الاستقرار بعد سنوات من الحرب، التي قضت على الأخضر واليابس، وطرقت مصر كل الأبواب من أجل عودة الروح للقطاع، وتجلى ذلك في التنفيذ السريع لكل المشاريع المصرية التي تبناها الرئيس السيسي بعد تدخله لوقف التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين داخل القطاع، حيث بدأت العام الماضي الآليات والمعدات المصرية، في تأسيس وإنشاء قواعد مدينة دار مصر 3 السكنية في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وذلك تحت إشراف كامل من قبل اللجنة المصرية لإعمار غزة.
 
وشرعت الآليات والمعدات التابعة للشركات الفلسطينية، وفق ما أكدته وكالة "سوا" الفلسطينية في ضخ الباطون في القواعد الخرسانية المسلحة بمدينة دار مصر 3 والتي بدأ العمل بها فعليا بداية شهر يناير قبل الماضي، وانتقلت مصر من مرحلة المساهمة والتأسيس لمشاريع البناء وإعادة الإعمار في قطاع غزة، إلى مرحلة الضغط على المجتمع الدولي من أجل المشاركة والمساهمة في وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة.
 
وتتحرك القاهرة وفق معطياتها الساعية إلى شرح ما يدور في قطاع غزة من مشاكل وأزمات، توثر بشكل جدي في الحياة المعيشية للمواطن الفلسطيني، الأمر الذي أدى في أكثر من مرة بانفجار القطاع، لذلك فإن تحركاتها تقوم على توضيح الرؤية للمجتمع الدولي لتقديم المساعدة للقطاع، وهو ما حدث في وقت سابق بعقد اللجنة المصرية لإعادة إعمار غزة ورشة عمل دولية حول إعمار القطاع، وذلك بمشاركة وفود أوروبية رسمية تمثل عددًا من دول الاتحاد الأوروبي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق