بلغة الأرقام.. ماذا تستفيد مصر من الانضمام لـ «بريكس»؟

السبت، 02 سبتمبر 2023 08:00 م
بلغة الأرقام.. ماذا تستفيد مصر من الانضمام لـ «بريكس»؟
طلال رسلان

تخطو مصر خطوات جادة فى تدعيم اقتصادها، وتنويع مصادر الدخل مع أقطاب مختلفة، لتخيف الضغط على العملة، والتحرر من هيمنة الدولار على فاتورة الاستيراد، واقتصادها بوجه عام، بما يسمح باحتياطى نقدى قوى، يحقق النمو بعد تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، جراء الحرب الأوكرانية الروسية.

بعد أيام من تصريح الرئيس عبدالفتاح السيسى عن أزمة الدولار فى مصر، بأن تلك الأزمة ستصير من الماضى مثل الأزمات التى مرت بها الدولة المصرية فى سبيل تدعيم أسس الجمهورية الجديدة، وتفوقت عليها الدولة بفضل جهودها وإرادتها، أعلن قادة مجموعة بريكس، عن انضمام 6 دول جديدة إلى التكتل الاقتصادى، من بينها 3 دول عربية هى مصر والسعودية والإمارات، فى خطوة تستهدف تقوية التحالف وتعزيز دوره العالمى.
 
ووسط التحديات الاقتصادية، التى تواجهها مصر فى خضم الأزمة الاقتصادية العالمية، جاء الإعلان عن انضمامها إلى بريكس، اعتبارا من يناير 2024، بمثابة نقطة ضوء تلقتها الأوساط المصرية الاقتصادية بترحيب وتفاؤل كبير.
 
وقال الرئيس السيسى، إن مصر تتطلع للعمل على إعلاء صوت دول الجنوب، إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التى تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية. وأضاف: «أثمن إعلان تجمع بريكس دعوة مصر للانضمام لعضويته، اعتبارا من يناير 2024، ونعتز بثقة دول التجمع كافة التى تربطنا بها علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة».
 
وأصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء المصرى، تحليلا سلط الضوء فيه على قمة «بريكس»، والفوائد المحتملة لمصر من عضوية المجموعة، وقال إن انضمام مصر لـ«بريكس»، يعد تأكيدا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لافتا إلى أن التقارب مع «بريكس»، يساعد فى «الترويج للإصلاحات التى شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية فى السنوات الأخيرة، بالصورة التى ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية».
 
وقال المركز، إن «استهداف التكتل، تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكى، سيخفف من الضغط على النقد الأجنبى فى مصر، الذى يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب فى صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية»، موضحا أن «وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل بريكس، سيمنح فرصا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل، يعنى استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التى تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمى، يمنح مزيدا من الثقل للدول النامية والناشئة».
 
انضمام مصر لـ «بريكس»، وموافقة بنك التنمية الجديد الخاص بـ «بريكس» فى ديسمبر 2021 على قبول مصر كرابع الأعضاء الجدد للبنك بعد الإمارات وبنجلاديش وأوروجواى، يحمل العديد من الأبعاد، كما يعَد تأكيدًا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب تحليل صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.

تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية
 
ويمثل التقارب من التكتل، استفادة من تعزيز التعاون البناء بين دوله لدعم جهودها للتنمية المستدامة، مع الترويج للإصلاحات التى شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية فى السنوات الأخيرة، بالصورة التى ترفع من فرص مصر، لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما سيساهم استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكى فى تخفيف الضغط على النقد الأجنبى فى مصر، الذى يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب فى صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية.
 
كما يمنح وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل بريكس، فرصا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل، يعنى استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التى تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمى، يمنح مزيدا من الثقل للدول النامية والناشئة.

ما أهمية تجمع بريكس؟
 
يعد «بريكس» تكتلا اقتصاديا عالميا، بدأت فكرة تأسيسه فى عام 2006، وبعد سلسلة من الاجتماعات حول تأسيس التكتل أُطلِقَ وعُقِد اجتماعه الأول فى عام 2008 باليابان على هامش قمة مجموعة الثمانى G8؛ حيث كان مكونا من أربع دول، وهى: البرازيل وروسيا والهند والصين، وسُمِى -آنذاك- بالـ «بريك» (BRIC)، إلى أن انضمت إليه دولة جنوب أفريقيا فى 24 ديسمبر 2010، فأصبح يُسمَّى «بريكس» (BRICS)، وهى الأحرف الأولى لأسماء دوله بالإنجليزية، بحسب تحليلا صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
 
يميز «بريكس» عن غيره من باقى التكتلات العالمية، كونه غير تقليدى؛ فدوله لا تشترك فى النطاق الجغرافى، بل تنتشر فى أربع قارات (آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا)، وبالتالى لا تشترك فى التراث الثقافى والتاريخى ولا الهيكل الإنتاجى، إنما تشترك فى كونها دولا نامية وناشئة، تسعى لتحسين الوضع والثقل العالمى للدول النامية، وهو الهدف الرئيسى، الذى دفعها لتأسيس هذا التكتل، وفقا لمركز المعلومات.
 
ورغم حداثة عهد تكتل بريكس، وصغر عدد أعضائه مقارنة بنظرائه من التكتلات الاقتصادية كالاتحاد الأوروبى والآسيان، فإن بريكس أصبح اليوم، أحد أهم التكتلات الاقتصادية فى العالم؛ نظرا للثقل الاقتصادى لدوله فى ظل ما تتمتع به من إمكانات بشرية وصناعية وزراعية، بما جعل قراراته محط اهتمام وتأثير عالميين.

الثقل الاقتصادى لدول بريكس
 
الحصة من الناتج الإجمالى العالمى: حيث يشكل مجموع الناتج المحلى الإجمالى للدول الأعضاء فى بريكس نحو 25.9 تريليون دولار خلال عام 2022، أى بما نسبته 25.6% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، البالغ نحو 101 تريليون دولار فى عام 2022، كما تُعَد دوله من الدول التى شهدت معدلات نمو اقتصادى سريعة؛ ما جعلها من أكبر الاقتصادات العالمية، كالصين الاقتصاد الثانى الأكبر عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
 
المساهمة فى التجارة العالمية: بالنظر إلى الثقل التجارى العالمى لتكتل بريكس فى عام 2022، وجد أن الصين تتصدر دول العالم بحصة تصديرية تبلغ نحو 15% من إجمالى الصادرات العالمية، وتأتى فى المرتبة الثانية من حيث الاستيراد بحصة عالمية تجاوزت 11%، ولم يقتصر الثقل على الصين وحسب، فهناك روسيا -الثانية عالميا فى تصدير الوقود- تأتى فى الترتيب 15 عالميا من حيث الصادرات، فيما تحتل الهند المرتبة 21 على مستوى التصدير عالميا والـ 17 عالميا من حيث الاستيراد.
 
الثروة البشرية: بجانب اتساع المساحة الجغرافية لدول بريكس، التى تشكل مجتمعه نحو 26% من مساحة العالم، تمتلك أيضا نحو 40.9% من إجمالى تعداد سكان العالم بإجمالى 3.25 مليار نسمة من الإجمالى العالمى البالغ نحو 7.95 مليار نسمة خلال عام 2022، بما يجعلها سوقا عالمية هائلة من حيث قوة العمل والإنتاج، وكذلك التوزيع والاستهلاك.
 
تنوع الهيكل الإنتاجى: تميز الهيكل السلعى لصادرات دول بريكس عام 2022 بالتنوع؛ وذلك نتيجة تنوع هيكلها الإنتاجى بما يمنح تلك الدول فرصا كبرى للتجارة البينية، وتكامل سلاسل التوريد والإنتاج بينها، فعلى سبيل المثال: تمتلك روسيا قوة إنتاجية هائلة من النفط والغاز الطبيعى، وهى الثانية عالميا فى تصدير الوقود، وكذلك الأولى عالميا فى تصدير الأسمدة، والثالثة فى تصدير النيكل ومصنوعاته، هذا بخلاف تميزها فى عدد من الصناعات الثقيلة، فيما تتميز الصين بتنوع هيكلها الإنتاجى الصناعى غير النفطى، وتتصدر العالم فى تصدير العديد من المنتجات الصناعية الثقيلة والخفيفة، فيما تتميز جنوب أفريقيا بصناعة واستخراج المعادن والأحجار الكريمة ولا سيما اللؤلؤ؛ ولذلك كانت الخامسة عالميا فى تصدير خامات المعادن عام 2022، بينما تتميز البرازيل بمنتجاتها الزراعية كاللحوم والسكر والبن والشاى والحبوب، فيما كانت الملابس والمنسوجات، الصادرات الأبرز لدى الهند التى تمتلك صناعة برمجيات متطورة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق