بطولات على رمال الفيروز.. "سيناء العربية" الذراع السرية للمخابرات الحربية أفزعت العدو بعمليات بطولية خلال حرب الاستنزاف

الخميس، 05 أكتوبر 2023 07:00 م
بطولات على رمال الفيروز.. "سيناء العربية" الذراع السرية للمخابرات الحربية أفزعت العدو بعمليات بطولية خلال حرب الاستنزاف

كان البطل عبدالمنعم خالد ابن السويس سائقا فى إحدى الشركات التى تذهب سياراتها للقاهرة كثيرا، وكان واحدا من شباب المدينة الباسلة الذين تصدوا لحماية منشآتها الحيوية بعد 5 يونيو 1967، وجمعوا الجنود الشاردين والأسلحة؛ لكنهم كانوا يبحثون عن دور أكبر لتحرير الأرض التى اغتصبها العدو الصهيونى، ولأجل هذا الهدف ذهب لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى إحدى سفرياته للقاهرة، وطلب منهم أن ينضم لأبطال المقاومة لمحاربة العدو الصهيونى، ولم يتحقق طلبه، لكنه كان الباب الذى انفتح على تأسيس «منظمة سيناء العربية»، التى نفذت عمليات فدائية عظيمة ضد الاحتلال، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتابه «حكاية المجموعة 39 قتال».
 
اعتذر مسؤولو المنظمة لـ«خالد»، لعدم معرفته طبوغرافية أرض فلسطين، ما سيجعله عبئا على زملائه، وفقا للشافعى، مضيفا: «عاد إلى السويس ليجد أمامه طلب استدعاء عاجل لمكتب المخابرات الحربية بالمدينة، وفيها سألوه عن أسباب ذهابه إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وأخبرهم بالسبب، فقالوا له: تستطيع أن تحارب العدو الصهيونى من السويس، وسألوه: هل يوجد من شباب السويس من يطلب نفس طلبك؟ أجاب: كل شباب السويس».
 
انصرف عبدالمنعم خالد، ثم عاد ومعه صديقه غريب محمد غريب، يذكر الشافعى: «توالى حضور شباب السويس، مصطفى أبوهاشم، محمود عواد، محمود طه، ميمى سرحان، عبد المنعم قناوى، فتحى عوض الله، وآخرين، لتُولد منظمة سيناء العربية»، ويُوضح الشافعى أنهم كوّنوا الفرع المدنى للمنظمة، وضم مجموعة رائعة من الفدائيين، تدربوا على أيدى ضباط المخابرات الحربية والصاعقة، وهكذا وُلدت المنظمة لتحقق بطولات عظيمة خلال حرب الاستنزاف وبعدها.

رفع غطاء السرية

مضت «سيناء العربية» فى تنفيذ عملياتها الفدائية طوال الشهور الأولى لحرب الاستنزاف دون أن تذكر اسمها، حتى 16 ديسمبر 1968، وفيه نشرت «الأهرام» خبرا قصيرا فى صفحتها الأولى نصه: «علم مندوب الأهرام أن منظمة سيناء، التى قامت بعملية فدائية ضد العدو قبل بضعة أشهر، سيُعلَن عن قيامها قريبا، وكانت المنظمة تلتزم السرية فى عملياتها، وقررت قيادة المنظمة الفدائية لتحرير سيناء أن ترفع السرية عن قيامها، لتتحمل مسؤوليات أعمال المقاومة ضد الوجود الاستعمارى الإسرائيلى، كما تكشف أولا بأول فى بلاغات رسمية عملياتها النضالية ضد قوات العدو، الذى يحاول أن يخفى ما تتعرض له قواته من مقاومة مسلحة».

رغم تنويه «الأهرام» بأن قيادة «منظمة سيناء» قررت رفع السرية عن عملياتها الفدائية، إلا أنها لم تذكر اسمها بالضبط فى الخبر المنشور يوم 16 ديسمبر، وفى اليوم التالى أزاحت «الأهرام» الستار عن الاسم، فى تحقيق مطوّل نشرته صفحتها الثالثة للكاتب الصحفى صلاح هلال، واتخذت منه مانشيتها الرئيسى فى الصفحة الأولى بعنوان «تفاصيل مثيرة عن عمليات المنظمة الفدائية فى سيناء».
 
ويكشف التحقيق تفاصيل عمليتين نفذهما أبطال المنظمة، كما ذكرت عملية أخرى هى «نسف قطار عسكرى إسرائيلى عند منطقة رمّانة»، وتذكر فى التفاصيل أنها «حصلت على معلومات خاصة عن النشاط المسلح الذى قامت به منظمة سيناء العربية، وهى منظمة المقاومة الفدائية التى بدأت عملها فى الصحراء المقدسة منذ الأيام الأولى التى تلت معارك الأيام الستة مباشرة، ومن هذه المعلومات يتبين أن العمل الفدائى فى سيناء بدأ فرديا، حيث كوّن بعض الأفراد جماعات باشرت أشكالا من النشاط الواسع، ثم توحدت هذه الجماعات فى منظمة واحدة تحت اسم منظمة سيناء العربية».
 
تضيف: «كان الليل يغطى القناة، وعلى الضفة الشرقية عند القنطرة مجموعة رجال مُثقلين بالأحمال لكنهم يمشون على الأرض خفافا كالأشباح، وينظرون بين لحظة وأخرى إلى ساعاتهم المضيئة بالفسفور، ويقتربون من حافة القناة، حتى إذا ما وصلوا إليها انسلوا من وسط الظلام كقطعة منه، ونزلوا إلى الماء بأحمالهم، ومضوا فى صمت تدرّبوه، وخبروه، يسبحون إلى الضفة الغربية، وعندها وضعوا أحمالهم، وانسلوا عائدين، كانت الحمولة عبارة عن ثلاثة جوالات، فتحوا الأول وأخرجوا رجلا، والثانى وأخرجوا رجلا، والثالث وأخرجوا رجلا، وكان الثلاثة ضمن عصابة تضم 9 أفراد، تم القبض على ستة، وهرب هؤلاء الثلاثة حتى القبض عليهم فى عملية خاصة نفذها أبطال منظمة سيناء العربية بإشراف المخابرات الحربية المصرية».
 
يكشف «هلال» فى تحقيقه أن العمليات الفدائية فى سيناء بدأت حين قام العدو الإسرائيلى بتجميع مخلفات الحرب، من ذخيرة وسلاح، وتشوينها بمناطق مختلفة فى سيناء لنقلها إلى الداخل، وقررت مجموعة من شباب سيناء تدمير المخلفات، وبرصدهم عرفوا أنه تم تكديس 30 ألف صندوق بمنطقة الشط فى مواجهة السويس، وفى منتصف ليلة 2 يوليو 1967 تسلل مجموعة فدائيين إلى قلب التشوين، ووضعوا عبواتهم المتفجرة، وضبطوا توقيت انفجارها بالأجهزة الزمنية، ثم عادوا لتقع الانفجارات التى سمعها أهالى السويس والإسماعيلية وبورسعيد والزقازيق ثمانى ساعات متوالية، وفى اليوم التالى اقترب الفدائيون من هذه الأرض المتفجرة وتأكدوا من مقتل 27 من قوات العدو كانوا مكلفين بالحراسة، ومصرع أحد كبار قواد الجبهة الإسرائيلية الذى أسرع من داخل سيناء ليستطلع الأمر».
 
«قرر العدو أن ينقل التشوينات الأخرى الفرعية، وأعد لهذه المهمة قطارا على الخط الحديدى تجاه العريش، وفى التاسعة مساء 6 يوليو 1967 توقف القطار بحمولته بمنطقة رمانة، حيث انفجرت فيه شحنة ناسفة شديدة زرعها الفدائيون، ولم يعد القطار فى استطاعته بعد ذلك أن يمر شبرا واحدا»، ويذكر تحقيق الأهرام أنه أمام تعدد العمليات الفدائية، فكر قائد مخابرات العدو فى المنطقة واسمه «أبو فريد» فى مواجهة النشاط الفدائى بالبحث عن عملاء، فاجتمع مع مجموعة غريبة جدا فى القنطرة شرق اسمها «مجموعة السيد سكر»، وهى عصابة من تسعة أفراد كانت تقوم بعمليات تهريب من غزة، ويطلق عليها فى القنطرة «شبيحة القطار»، وأبلغت مجموعة الفدائيين السلطات المصرية بما توصلت إليه من معلومات حول اللقاءات، وعرفت المخابرات الحربية أن «أبو فريد» كلف العصابة بتنفيذ نسف السكة الحديد بين الإسماعيلية وبورسعيد عند الكيلو 51 والكيلو 61، ودربها، وأمدها بالمتفجرات اللازمة.
 
يكشف التحقيق أنه قبيل فجر 7 يوليو، عبر ستة من العصابة القناة إلى القنطرة غرب، وعند الفجر عبر الثلاثة الباقون، وتفرقوا ثم التقوا فى مقهى بمحطة سكة حديد القنطرة السابعة والنصف مساء فى نفس اليوم، ومضوا إلى هدفهم، وعندما بدأوا يحفرون تحت خط السكة الحديد لوضع أصابع الديناميت، أطبقت عليهم كمائن كانت تنتظرهم، وقُبض على ستة، بينما فر ثلاثة ألقوا بأنفسهم فى القناة يسبحون للضفة الشرقية.
 
يذكر التحقيق أن المخابرات الإسرائيلية درّبت الثلاثة بحيث يعبرون القناة ويختفون فى الضفة الغربية، وعندما تحدث اشتباكات يحاولون بإشارات معينة أن يصححوا الضرب، ويحددوا مواقع معينة واتجاهات مختلفة، من مدافع أو دبابات أو قوات فى خنادق، وعرفت مجموعة الفدائيين بالتفاصيل، فقرروا القبض عليهم بأى طريقة، وبدأوا جمع المعلومات عنهم وعرفوا أنهم يحتمون بمكتب مخابرات إسرائيل وينامون فى حجرة فيه مُطلة على طريق جانبى، تطل فى نفس الوقت على حديقة الفيلا التى يتخذها مكتب المخابرات فى غرب القنطرة شرق، وتم وضع خطة محكمة لاختطافهم، وفى الساعة الثانية عشرة يوم 11 ديسمبر تم التنفيذ.
 
كان فى الحجرة اثنان فقط، تم تخديرهما ووضعهما فى جوالين، وحملهما على الأكتاف دون أن يشعر أحد من الإسرائيليين الذين ينامون فى حجرات مجاورة، وفى جرأة وتصميم اتجه الفدائيون بالرجلين داخل الجوال وسط القنطرة شرق، وعبروا شوارعها إلى منزل الثالث وكان موجودا فيه، وفى لحظات أحالته جرعة مخدرة إلى جثة انضمت فى جوال ثالث للحمولة، لينطلق بها الفدائيون ويعبروا القناة.
 
 
نسف أول مستعمرة إسرائيلية 

فى 22 يوليو 1969، نفذ أبطال «منظمة سيناء العربية» عملية تدمير أول مستعمرة إسرائيلية فى سيناء، حسبما تذكر «الأهرام» يوم 23 يوليو، مؤكدة أن الهجوم بدأ بقصف مُركّز بالصواريخ وقذائف البازوكا على المستعمرة العسكرية الواقعة على ساحل البحر المتوسط، بعد 70 كيلو مترا غربى العريش وشرقى القنطرة بحوالى 100 كيلو متر، وأصدرت إسرائيل بيانا يعلن إصابة سبعة جنود فى معسكر المستعمرة «ناحال يام»، مع أن عدد القتلى والجرحى أضعاف هذا الرقم، وتكشف «الأهرام» أن حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الإسرائيلى افتتح المستعمرة، وخطب فى المجموعة التى اختيرت للقيام فيها داعيا إلى الاهتمام بزراعة الخُضر لتصديرها.
 
كما تذكر «الأهرام» أن متحدثا باسم «منظمة سيناء» أعلن نبأ الهجوم الذى أشعل النار فى معسكر «ناحال يام»، وذلك ضمن بيان يعلن عن 12 عملية بطولية أخرى للمنظمة منذ 7 يونيو 1969.
 
 
12 عملية بطولية
 
يكشف المتحدث تفصيلات العمليات الـ12، وهى: فى 7 يونيو 1969 تدمير عربة دورية للعدو جنوب البحيرات المرّة، لمرورها على لغم زرعه أفراد المنظمة، وقُتل وأصيب جميع ركابها، وفى 12 يونيو انفجر لغم تحت عربات نقل الجند للعدو فى منطقة الخروبة شرق العريش وقُتل ستة جنود وأصيب الباقون بجروح بالغة، ونسف أنابيب مياه تمد قوات العدو فى الضفة الشرقية للقناة جنوب القنطرة فجر 15 يونيو، ما حرمه من مصادر المياه ثلاثة أيام، وصباح 25 يونيو انفجر لغم فى عربة مجنزرة للعدو فى المنطقة «30 كيلومترا» جنوب رأس سدر بجنوب سيناء، وانفجرت العربة تماما وقُتل وجُرح ركابها، واعترفت قوات العدو بإصابة جنديين نتيجة الحادث.
 
مساء 25 يونيو تدمير عربة دورية إسرائيلية جنوب القنطرة شرق بانفجار لغم، وقُتل وجُرح من فيها، واعترف العدو بالحادث فى نفس اليوم وادّعى إصابة ثلاثة جنود، وصباح 1 يوليو دُمّرت عربية دورية للعدو فى جنوب سيناء أثناء أعمال الدورية، ونتج عن ذلك إصابة جميع أفراد الدورية، ولم يُعرف بالتحديد عددهم، وفى نفس اليوم تم عمل كمين بالألغام، وانفجرت مجموعة منها فى ناقلتين تحملان مجموعة من أفراد العدو، وقُتل وجُرح كل من فيها، وسارع العدو إلى ادعاء وقوع حادث طريق بين سيارتين، واعترف بمقتل وإصابة 14 جنديا نتيجة الحادث.
 
أما فى 19 يوليو فدُمّرت عربة مجنزرة للعدو لمرورها على لغم جنوب القنطرة، وقُتل وجُرح سبعة جنود، وفجر 20 يوليو جرى تدمير عربيتين عسكريتين بمن فيها فى شرق متلا، وفجر نفس اليوم نُسف خط أنابيب المياه الذى يمد قوات العدو فى الإسماعيلية والقنطرة، كما نُسفت الخطوط الأمامية الرئيسية للعدو فى المنطقة، وفى رفح زرع فدائيو المنظمة ألغاما على الطرق الموصلة من فلسطين لسيناء، وانفجر لغم فى عربة عسكرية للعدو ليلة 20 يوليو، ودُمّرت العربة وقُتل وجُرح من فيها، وصباح 22 يوليو دُمّرت عربة إسرائيلية مجنزرة عندما اصطدمت بلغم جنوب شرقى رفح، وقُتل وأُصيب ركابها، وحاصر العدو المنطقة فى محاولة للقبض على الفدائيين.

 

عمليتا الكاتيوشا وأبطال كالأشباح   

كان يوم 19 أغسطس 1969 حافلا بالعمليات العسكرية على الجبهة، وببطولات الجيش المصرى ضد العدو الإسرائيلى، الذى فشل فى محاولة الانتقام من عمليات «منظمة سيناء العربية» فجر هذا اليوم، حسبما تؤكد «الأهرام» فى مانشيتها الرئيسى يوم 20 أغسطس.
 
تذكر «الأهرام» أن المدفعية المصرية أسقطت 3 طائرات «ميراج» و«ميستير»، كما أسرت قواتنا أحد الطيارين الإسرائيليين، وهو النقيب نسيم أشكنازى، الذى اضطُر للهبوط بالمظلة بعد إسقاط طائرته، وتضيف أن دورية مصرية أسرعت إلى مكان سقوط الطيار، وعندما وصلت إليه طلب من قائد الدورية جرعة ماء، وبعد أن شرب، وفكت الدورية حبال المظلة من حوله، نقلته على الفور إلى «مستشفى ميدانى» صغير فى المواقع المصرية؛ لإجراء الإسعافات العاجلة له، ولكن تبين أن إصابته خطيرة، فنقلته القوات المصرية بسرعة لمستشفى أكبر.
 
تصاعدت المعارك فى هذا اليوم، بعد عملية جريئة قامت بها «منظمة سيناء العربية» فى الخطوط العميقة للعدو، وتذكر «الأهرام» أن مجموعة من أفراد المنظمة نفذت هجوما مفاجئا بصواريخ «الكاتيوشا» على مطار العريش فى الرابعة من فجر 19 أغسطس 1969، وأُصيبت منشآت المطار بأضرار جسيمة، كما أُصيبت طائرة على أرض المطار، واشتعلت النيران فى المخازن واستمرت مدة طويلة، وفى نفس الوقت قامت مجموعة أخرى بقذف مُركّز بصواريخ «الكاتيوشا» على مستعمرة إسرائيلية تُسمّى«نحال سيناى» فى منطقة العريش، تضم جماعات كبيرة من جنود العدو، وأُصيب الجنود بالذعر بسبب الهجوم المفاجئ، وارتفعت أصواتهم واستغاثاتهم طالبين النجدة من المواقع العسكرية الإسرائيلية.
 
بطولة فى «وضح النهار»
 
تواصلت العمليات الفدائية لمنظمة سيناء العربية وتنوعت، وصباح 5 نوفمبر 1969 بحسب جريدة الأهرام فى عدد 6 نوفمبر: «بدأت قوة مصرية خاصة كبيرة بعبور القناة، والقيام بأجرأ عملية هجوم ضد القوات الإسرائيلية فى وضح النهار»، وفى التفاصيل: «فاجأت قواتنا المصرية فى العملية إحدى الدوريات الإسرائيلية، بعد أن توغلت فى خطوط العدو حسب اعتراف إسرائيل، وكان تشكيل الدورية مكونا من عربتين مدرعتين، جنزير ودبابة، وكانت حصيلة الهجوم المفاجئ قتل 9 إسرائيليين من قوة تشكيل الدورية بينهم قائد الدورية، وعادت القوة المصرية سالمة، ومعها أسير إسرائيلى». 
 
يكشف أحد أبطال العملية، عبدالمنعم قناوى، النقاب عنها للكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتابه «شموس فى سماء الوطن.. أبطال المقاومة الشعبية فى مدن القناة»، مؤكدا أنها استغرقت 9 دقائق، ويذكر: «كنا نعبر القناة ليلا لنزرع الألغام فى الطرق/ المدقات التى يستخدمها العدو، وكانت منطقة عملياتنا تقع جنوب البحيرات وبورتوفيق، ثم امتدت جنوبا حتى شرم الشيخ - رأس محمد، وبعد نجاحنا طلب قائدنا الرائد حسين دراز أن نقوم بعمل كبير يلفت الأنظار ويحدث دويّا، بمهاجمة دورية للعدو فى وضح النهار، وحدد لنا منطقة على بعد 8 كيلومترات شمال السويس، تمر منها دورية للعدو كل يوم إلى بورتوفيق، تضم عربتين نصف جنزير ودبابة، لتوزيع جنود الخدمة على شط القناة، وبدأنا عملية استطلاع المكان باثنين منّا كل ليلة، إلى أن جاء الدور على الشهيد مصطفى أبوهاشم ومحمود عواد، فاستأذنّا من قائد السرية التى يتم المراقبة من عندها فى العبور سرا بالسباحة للبر الشرقى، وبالفعل عبرا وعاينّا المكان على الطبيعة، وقبل التنفيذ بيوم سألنا القائد عن استعدادنا، وفوجئ عندما علم أن مصطفى ومحمود عبرا إلى البر الشرقى».
 
عبر الجميع ليلا وانتظروا الدورية الإسرائيلية التى تمر صباحا، ونجحت العملية وعاد الأبطال فى زورق مطاطى، وكان على البر الغربى مجموعة فدائيين لحمايتهم.. يؤكد قناوى: «تركنا تحذيرا مكتوبا باللغة العبرية يقول: هذا أول عمل، وانتظرونا فى عدة أماكن من أرض سيناء».

 

أول شهداء المنظمة 
 
كانت الساعة العاشرة والربع من ليلة الاثنين/ الثلاثاء 14 يوليو 1970، حين قامت مجموعة من فدائيى «منظمة سيناء» بوضع عبوات ناسفة فى عدد من منشآت العدو وخطوط مواصلاته، نتج عنها تدمير الأهداف، كما قامت نفس المجموعة أثناء انسحابها بمهاجمة قوة معادية، واشتبكت معها بالنيران وقتلت عددا من أفراد العدو، وعاد جميع أفراد المجموعة، عدا أحد أبطالها الذى استُشهد فى ميدان الشرف، حسبما جاء فى بيان المنظمة المنشور بجريدة «الأهرام» 15 يوليو 1970، ولم يكشف البيان اسم الشهيد.
 
يوم 3 سبتمبر 1970 نشرت «الأهرام» خبرا صغيرا فى صفحتها الأولى بعنوان «أول شهداء منظمة سيناء.. احتفال شعبى لتشييع جثمانه»، ونصه: «شُيّع أمس «2 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1970» فى احتفال شعبى بجزيرة سعود بمحافظة الشرقية جثمان الشهيد الشيخ حسين، أول شهداء منظمة سيناء العربية، وكانت السلطات المصرية قد تسلمت أمس جثمان الشهيد عن طريق هيئة الصليب الأحمر الدولية».
 
الشهيد هو الشيخ حسين مسلم المسعودى، لكن «الأهرام» اكتفت وقتها باسم «الشيخ حسين» فقط فى خبرها، وفى تقريرها الموسّع عنه وبصورة له فى الصفحة السابعة من نفس العدد «3 سبتمبر» تكشف أنه كان يقود جماعة لزرع الألغام، وعندما فاجأها كمين للعدو قرر أن يفدى الجماعة كلها بنفسه، لكى ينسحب الباقون فى أمان، فتقدم إلى حيث تلقى رصاص الكمين كله فى صدره».

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة