شعب مرابط خلف قواته المسلحة

المرأة كانت حاضرة في الصفوف الأولى.. والفنانين صالوا وجالوا لجمع التبرعات.. والصحافة وحدت الأمة خلف شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة

السبت، 07 أكتوبر 2023 07:30 م
المرأة كانت حاضرة في الصفوف الأولى.. والفنانين صالوا وجالوا لجمع التبرعات.. والصحافة وحدت الأمة خلف شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
إيمان محجوب

ستظل حرب أكتوبر المجيدة تضيء المستقبل لاجيال قادمة، لتؤكد أنه ليس هناك مستحيل وأن مصر طوال الزمان دائما كانت قاهرة الأعداء ومقبر الغزاه فالجيش المصري أفراده من قلب الشعب، حيث شارك من القوات المصرية، وفقا لمذكرات الفريق أول محمد فوزي بعنوان «حرب أكتوبر عام 1973- دراسة ودروس»، 750 ألف مقاتل وإداري وفني، هم :9 لواءات جوية ومقاتلة قاذفة ولواء قاذف خفيف ولواء قاذف ثقيل ولواءات هليكوبتر، وكتائب مهندسين، جميعهم من أبناء الشعب المصري فكل عائلة وبيت في مصر دفع بفلذه أكبادهم ليكتبوا الهزيمة علي جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي لايقهر كما كانوا يدعون.
لذلك لم يتحقق نصر أكتوبر العظيم بقوة بالسلاح فقط، فعندما شنت قواتنا المسلحة الحرب علي العدو الاسرائيلي كان الشعب المصري بكافة طوائفة يقف خلف جيشه ويضحي بكل غالي ونفيس حتي ينتصر علي عدوه ويستعيد أراضية المحتلة، وظهر معدن الشعب المصري الاصيل وقت الحرب في الكثير من المواقف التي  أكدت تلاحم قوي الشعب مع الجيش لتحقيق هذا الانتصار الكبير، فالمرأة المصرية وأهل الفن والصحافة وبقية طوائف الشعب كونوا جبهة مساندة قوية، وقفت في ظهر رجال الجيش فالانتصارات تصنع على الجبهة الداخلية أولًا ثم تتحقق في ميادين القتال، وهذا ما فعله المصريون خلال حرب أكتوبر المجيدة.
 
 شعب مرابط خلف جيشه
 
المعدن النفيس يظهر وقت الشدة والشعب صاحب الحضارة عندما اندلعت حرب أكتوبر المجيدة لم يهرب خارج أرضة خوفا من الحرب وتباعتها، بل ظل مرابط خلف جيشه يدعمة ويضحي بكل ما لدية من مدخرات نقدية ومجوهرات ففي مبادرة لم ولن تحدث سوي من الشعب المصري، نشرت بعض الصحف العالمية ثاني أيام حرب أكتوبر المجيدة والشعب المصري يقف في طوابير طويلة لساعات حتي يتبرع للجيش بالأموال، كما أن السيدات المصريات قاموا بالتبرع بمصوغاتهم الذهبية لتمويل عمليات الجيش المصرى.
 
وفي الاونة الاخيرة تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل فيديو يعود للأيام الأولى من حرب أكتوبر عام 1973، يكشف الفيديو النادر عن حالة التلاحم التى عاشها الشعب المصرى والتضحيات التي بذلها الشعب المصري من خلال مساعدة جيش بلاده والمحاولة للمساهمة في النصر المجيد الذي حققه الجيش.
 
ويظهر الفيديو الذي نشرته عدد من المواقع الاخبارية مواطنين مصريين ذهبوا للتبرع بما لديهم من مجوهرات وغيرها من الأشياء الثمينة أو النقود، دعما للدولة والجيش، وذلك في 8 أكتوبر، أي بعد يومين من بدء "حرب أكتوبر" سنة 1973 التي وافقت العاشر من رمضان وتحقق فيها الانتصار العظيم على العدو.
 
نسبة الجريمة في الشارع المصري صفر أثناء الحرب 
 
كانت ملحمة أكتوبر المجيدة وعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف المنيع، ملهمة لجميع طوائف الشعب، حتي الخارجون عن القانون والمجرمون الذين أعلنوا مجتمعين توبتهم في تلك الفترة عن طريق التوقف عن ارتكاب أي جرائم أو مخالفات قانونية من شأنها أن تكون نقطة سوداء في تلك الحقبة الزمنية، حيث أكدت سجلات الأمن العام والأجهزة المعنية أن مؤشرات معدل الجريمة تراجعت تراجعا مذهلا خلال حرب أكتوبر، الأمر الذي كاد معه أن تخلو سجلات الجريمة من الجرائم الجنائية،‏ فقد كشفت السجلات حينها أن المحاضر والبلاغات بأقسام الشرطة والنيابات خلت خلال الأيام الثلاثة الأول من الحرب من تسجيل سوى الجرائم المعروفة لدى أجهزة الأمن بـ"الجرائم العارضة".
 
الذى وضح جلياَ خلال حرب أكتوبر بالنسبة لـ"الجريمة" أنها تميزت بعدة سمات أبرزها أن الجنايات الكبرى في الفترة التي بدأت من ‏6‏ وحتى يوم ‏21 ‏ أكتوبر قد انخفضت عن مثيلتها في العام السابق بحوالي ‏95‏ %.
 
وفي تصريحات صحفية للواء أمجد الشافعى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، قال إن الأغلبية العظمى من البلطجية واللصوص خلال تلك الفترة العصبية عادة ما كانوا ينضمون لحركات المقاومة الشعبية، وذلك طبقا لما كشفت عنه الإحصائيات والتقارير الصادرة عقب المعركة، فقد تمكن الخارجون عن القانون خلال حرب شهر رمضان أو السادس من أكتوبر 73 من تشكيل جبهة مقاومة قوية نتج عنها أثار سلبية للعدو، لأنهم كانوا يتعاملون معهم بطريقة حرب العصابات التي تشبه حروب الشوارع، ما أدى الى تكبد العدو خسائر فادحة.

دور الفنانين المصريين في حرب 6 أكتوبر المجيدة 
 
كما ضرب الفنانين المصريين أروع الأمثلة في دعم بلاده قبل الحرب، فأطلقت كوكب الشرق أم كلثوم حملة "الفن من أجل المجهود الحربي"، وقدمت العديد من الحفلات داخل مصر وخارجها وخصصت إيراداتها لتسليح الجيش، ومنها حفل بالإسكندرية والذي وصلت إيراداته إلى 100 ألف جنيهًا، كما قام كل من عبد الحليم حافظ وشادية بتلك الحملة أيضًا، في حين تطوعت الفنانة نادية لطفي للعمل في التمريض خدمة للجنود والضباط أثناء الحرب، ولعبت الفنانه نادية لطفي دورا مجتمعيا ووطنيا خلال فترة حرب 6 أكتوبر المجيدة، بتنظيم زيارات المصابين جمعت فيها الفنانين والأدباء ومنهم فطين عبد الوهاب وفؤاد المهندس وجورج سيدهم، ونجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس، كما جمعت نادية لطفي شهادات الأبطال المصابين في حرب أكتوبر خلال فيلم جيوش الشمس.
 
اما الفنانة فاتن حمامة وتحية كاريوكا، فكانا لهما دور كبير خلال حرب أكتوبر في جمع التبرعات مع الهلال الأحمر وفي مستشفى قصر العيني، حيث أقاما لشهور في عنبر 21 لخدمة الجرحى والمصابين،  بالتعاون مع أعضاء جمعية الهلال الأحمر بالعمل كممرضات وزيارة أبطال الحرب في أكثر من مستشفى.
 
دور الصحافة في الخداع الاستراتيجى
 
كانت للصحافة المصرية دور مهم قبل حرب أكتوبر المجيدة وبعدها، حيث قامت الصحافة بمساعدة المخابرات والجيش في حرب الاستنزاف ومرحلة ما قبل الحرب في نشر بعض التحقيقات الخاصة بخطة الخداع الاستراتيجي للعدو عن استرخاء وحدات الجيش وبعض الحفلات التي كانت تقام علي الجبهة الغربية للقناة، وكتابه تقارير عن عدم الاستعداد للحرب، بينما كانت القيادة المصرية تستعد لشن حرب شاملة لاستعادة الاراضي المصرية المحتلة.
 
كما كان للصحافة المصرية دور مهم لتوحيد الامة المصرية خلف هدف واحد وهو إزالة آثار العدوان فأطلقت شعار "لاصوت يعلو فوق صوت المعركة"، وكل ما تحتاجه القوات المسلحة لها الأسبقية الأولى فى الحصول عليه وركز على رفع الروح المعنوية للجماهير إعلاميا وإيقاف روح اليأس والإحباط وحشد الجماهير الغاضبة لتقف خلف قواتها المسلحة.
 
وبعد اندلاع الحرب كانت العناوين الرئيسية للصحف المصرية تنبض بقصص حية من بطولات الجيش المصري عن طريق المراسلين الحريبين علي الجبهه، كما قامت الصحافة بحملة ممنهجة على مستشفى الدمرداش، وجاءت مانشيتات الصحف حول تفشي فيروس التيتانوس بها، وطالبت بإخلاءها، وهو ما تم بالفعل، ليُكتشف بعد ذلك بأنها خطة من المخابرات العامة المصرية لإخلاء بعض المستشفيات للمجهود الحربي.
 
المرأة في الصفوف الأولى
 
المرأة المصرية كان لها دور كبير فى انتصارات أكتوبر، حيث ساهمت في النصر المجيد بالمال والدم والتبرعات، فكانت المرأة البدوية من أهم وسائل الاتصال بين قيادات الجيش في القاهرة والجنود المحاربين على الجبهة، بينما ساهمت العديد من نساء السويس، في مجال التمريض وعلاج الجنود على الجبهة.
 
وعن بطولات المرأة المصرية قال أحمد سعيد أستاذ التاريخ بكلية التريبة: كان للمرأة المصرية دور بارز على مر العصور خلال الحروب المختلفة التي مرت على مصر، وتمثل دورها الأكبر في التطوع وحملات التبرع بالمال والدم، والعمل في المستشفيات لرعاية جرحى الحرب من المرضى والمصابين، وكل ذلك لمساعدة الجيش المصري في عملية التسليح وإعادة بناء الوطن، لافتا إلى أنه كان هناك دور آخر للمرأة لا يقل شأنا عن دور الرجال وهو دورها التوعوي، والذي قامت به المرأة عبر دعم القضية المصرية دوليًا، حيث جرى تشكيل لجنة تسمى "لجنة صديقات القلم"، وهي لجنة تختص بترجمة ما يتعلق بالقضية المصرية وإبراز عدالتها على المستوى الدولي، وإرسال هذه الترجمات إلى الاتحادات والمنظمات النسائية العالمية، ردا على المفاهيم المغلوطة التي حاولت إسرائيل بثها للعالم.
 
وأشار سعيد إلى أنه فى حرب أكتوبر كانت المرأة المصرية خلف جيش مصر الباسل تبث الحماس من خلال الجمعيات الأهلية التى تقودها نماذج نسائية مصرية تذهب إلى أهالى الجنود وتقدم لهم الإعانة وتحثهم على رفع روح المعنوية لديهم، وكانت المرأة المصرية شريكاً هاما في تحقيق نصر أكتوبر العظيم، من خلال حث أفراد أسرتها من أبناء وزوج وأشقاء على التضحية بأرواحهم فداء للوطن، كانت تعد ولدها لهذا اليوم الذى سيأتي عليه ليقوم بواجبه، علاوة على دورها العظيم في التبرع بالدم والتطوع لخدمة الجرحى والمصابين.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة