روح أكتوبر في كل مكان.. شهر اخترق فيه الغضب العربي والفلسطيني كل الأسوار والحواجز

السبت، 14 أكتوبر 2023 07:00 م
روح أكتوبر في كل مكان.. شهر اخترق فيه الغضب العربي والفلسطيني كل الأسوار والحواجز
محمد الشرقاوي

- معركة «طوفان الأقصى» ضربت جبهة إسرائيل الداخلية وزعزعت الثقة في المنظومة العسكرية والأمنية
 
لن ننسى! ولن تنسى! فذاكرة أكتوبر تترسخ يومًا بعد الآخر، بحكاية بدأها المصريون، ونسجوا خيوطها، ويحكوها جيلاً بعد جيل، وكذلك العرب جميعاً، خاصة الفلسطينيين، أرادوا كتابة فصل جديد، فأخذوا من 6 أكتوبر نبراساً، وجعلوا من يوم السابع تكملة للحكاية بـ"طوفان الأقصى". وصرنا نحن العرب لن ننسى انتصارات أكتوبر، وهكذا إسرائيل لن تنسى نكساتها المتكررة.
 
يختلف صباح السابع من أكتوبر 2023 عن ظهر السادس من نفس الشهر 1973، اتفق المصريون والفلسطينيون على إزاحة العدو، وتعليمه درسًا يكسر غطرسته، ويعزز كابوس "أكتوبر"، كوقع قلم صفع وجهاً فأدماه، ومشرط طبيب فتح جرحاً غائراً فتهتك، بالمفاجأة ودقة التخطيط، وقسوة الضربات، وشراسة التنفيذ.
 
لقد أعاد الفلسطينيون تذكير جيش الاحتلال بأنه مازال بالإمكان أكثر مما كان، وأن ذاكرة أكتوبر تترسخ، وتزداد، وأن من طرد العدو قديماً سيظل قدوة خالدة، فقبل 50 عاماً ضرب المصريون رجال تل أبيب في يوم عيد الغفران، وها هم الفلسطينيون يعيدون الكرّة، وأن ما زعمت به إسرائيل بأن عنصر المفاجأة في حرب العاشر من رمضان لن يتكرر، وها هو الآن يحدث في نفس الذكرى وضمن احتفالات العيد. 
 
وكما فرض المصريون قواعد جديدة للاشتباك في تاريخ العسكرية، فرضت المقاومة الفلسطينية قواعد جديدة للاشتباك ووقائع ميدانية جديدة، فنجحت في التمويه والمباغتة وتضليل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، واختارت تاريخ العملية له دلالة رمزية لدى العمق العربي والإسلامي لارتباطه بانتصار أكتوبر المجيد، وكأن المقاومة تريد أن تستنهض الأمة من جديد وتذكرها بأمجادها.
 
7 أكتوبر.. انتصارات وكوابيس 
 
الأمر بعيداً عن الشعارات، فتاريخ 7 أكتوبر سيظل كابوساً في تاريخ العسكرية الإسرائيلية، فوفقاً لمذكرات المشير محمد عبدالغني الجمسي "حرب أكتوبر 1973": "قامت قوات الجيشين الثاني والثالث بصد هجمات العدو المضادة، وبدأت معركة القنطرة شرق، لتحرير المدينة، ودارت المعارك الجوية على أشدها، وكانت قوات الصاعقة تشعل النيران في آبار ومنشآت البترول على الشاطئ الشرقي لخليج السويس".
 
بحسب الجمسي: "اقتربت في الصباح المبكر من هذا اليوم أعداد كبيرة من الطائرات الإسرائيلية، وصل عددها إلى 160 طائرة تطير على ارتفاعات منخفضة فوق البحر المتوسط في اتجاه المطارات المصرية في شمال ووسط الدلتا، وفوق البحر الأحمر في اتجاه مطاراتنا في الصحراء الشرقية، كانت إسرائيل ما زالت تعيش في وهم أن سلاحها الجوي قادر على توجيه ضربة قوية ضد مطاراتنا ووسائل الدفاع الجوي، وظنت أنها يمكنها التغلب على شبكة الرادار المصرية وتحقق المفاجأة أثناء هجومها".
 
وتابع: "أيقن الطيارون الإسرائيليون بمجرد اقترابهم من الأهداف المحددة لهم أن قواتنا الجوية وقوات الدفاع الجوي تغيرت جذرياً، ووجد الطيارون الإسرائيليون المقاتلات الاعتراضية المصرية في انتظارهم، وتدخل المعركة الجوية ضدهم، ومن نجح منهم في تجنب المقاتلات المصرية وتسلل على ارتفاع منخفض في اتجاه هدفه، ووجد نفسه في نيران المدفعية المضادة للطائرات والصواريخ المحمولة على الكتف، ومن حاول الارتفاع هربا من المصير المحتوم، تلقفته الصواريخ سام بضرباتها، وفى نهاية هذا اليوم أسقطنا للعدو 57 طائرة خلال يومي 6 و7 أكتوبر منها 27 طائرة في اليوم الأول، كما فقدنا 21 طائرة مقاتلة منها 15 في اليوم الأول".
 
50 عاماً مضت على هذه المعركة، أعادها للذاكرة مشهد المقاوم الفلسطيني الذي وقف حاملاً صاروخاً موجهاً لاصطياد الطائرات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، يوم 7 أكتوبر 2023 ضمن عملية "طوفان الأقصى"، التي بدأت باقتحامات لرجال المقاومة للعمق الإسرائيلي واجتياز السياج الحدودي، وتدمير آليات إسرائيلية وأسر عشرات الجنود والمستوطنين.
 
يقول مراقبون عسكريون، إن من المكاسب الآنية لمعركة "طوفان الأقصى"، ضرب الجبهة الداخلية للاحتلال وزعزعة الثقة في المنظومة العسكرية والأمنية، حيث أثبتت هشاشة هذه المنظومة عبر النجاح الباهر لبضع عشرات من المقاومين بأسلحة خفيفة في السيطرة على مستوطنات ومواقع عسكرية، انطلاقا من القطاع الصغير والمحاصر والمراقب على مدار الساعة بالطيران وبأحدث التقنيات، وهو ما أثبته المصريون قبل 5 عقود من الزمان.
 
تقول الكاتبة البحرينية، فوزية رشيد، في مقال لها بعنوان: ("طوفان الأقصى" وأكتوبر المجد بين عبورين!)، إن شهر أكتوبر الذي فيه اخترق الغضب العربي والفلسطيني كل الأسوار والحواجز اتحول فيه يوما السادس والسابع منه إلى أيقونة انتصار عربي على محتل غاصب استباح كل للحرمات الدينية والإنسانية ليجلس القرفصاء منتظراً الغفران".
 
وتابعت عبر صحيفة أخبار الخليج البحرينية، أنه شهر فيه يومان بمثابة تذكار واستيقاظ من غفوة الأمن والاستقرار، حين يرتبطان عند المحتلين بقبول الاحتلال والجرائم الصهيونية كما يحلم فما يخيف المحثل هو أن تربه القوة والإصرار والعزيمة، ونبذ كل أدبياته التي مارست التضليل السياسي والديني على شعوب العالم فإذا ما جاء زلزال الغضب بدد كل ذلك الركام من التضليل لتنكشف حقيقة أزلية أن الحق لا يضيع مع الزمن (وأن العنقاء العربية الفلسطينية) بإمكانها أن تزيح أطنان الرماد لتخرج منه قوية محلقة في أفق التحقق والضرورة.
 
وتابعت: "نقضت العنقاء العربية عن نفسها الرماد وخرجت منه في أبهى صورة لطيرانها بعد نكسة حزيران، لتجعل من اليوم السادس من أكتوبر 73 يوماً للانتصار، الذي قلب الكيان الصهيوني وحول سبته إلى يوم أسود سيبقى عالقاً في ذاكرة التاريخ فكان العبور الأول، عبوره خط بارليف ضرباً لأسطورة التفوق الإسرائيلي وفي اليوم السابع من أكتوبر 2023 ومجدداً في «السبت»، انتفضت العنقاء الفلسطينية، لتسجل العبور الثاني لخط المستحيل الصهيوني، الذي أحاط بوهمه للمستوطنات التي تغلف قطاع غزة، بدءً وإيذاناً لطوفان الأقصى، فكان الانتصار الفلسطيني عملاقاً وغير متوقع او يحدث لأول مرة بعد خمسين عاماً من العبور الأول في حرب أكتوبر 73 ليعلن القادة الصهاينة أنها) الحرب ويوم أسود وهكذا تعانق يوما السادس والسابع من أكتوبر كيوم للمجد العربي وللقضية الفلسطينية؟!
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق