حاكموا قتلة الأطفال والأبرياء.. الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جريمة حرب وإبادة جماعية بقطاع غزة
السبت، 21 أكتوبر 2023 09:00 م
- صمت غربي متعمد على الجرائم الإسرائيلية بالقطاع ومحاولات مستميتة لتبرير مجزرة المحتل بمستشفى المعمداني
في الساعة الثامنة من مساء يوم الثلاثاء الماضي، وقعت الفاجعة، جريمة بشعة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لا يمكن وصفها إلا بجريمة حرب ضد الإنسانية وإبادة لشعب مسلوب وطنه ومغلوب على أمره، فبوحشية تنم عن جنون، قصف الاحتلال مستشفى المعمداني بحي الزيتون في قطاع غزة، في عملية يبدو أنها مدبرة؛ خلفت نحو ألف شهيد من المدنيين النازحين الذين اتخذوا من المشفى الذى تديره الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية بالقدس ملجأ بعد تعرض ديارهم للدمار جراء اعتداءات الإسرائيلية المستفزة عليهم.
بشاعة الاحتلال وإجرامه في قصف مستشفى المعمداني، كشفت زيف خطابه أمام العالم أجمع، فسقط القناع أمام شعوب القلوب الرحيمة، فرغم الأكاذيب التي لا يزال تطلقها إسرائيل بأنها تواجه إرهاباً وأن عملياتها ما هي إلا دفاعا عن النفس، باتت الصورة أكثر وضوحا، نحن أمام كيان محتل بات يعربد يمينا ويساراً، خطته الرئيسية هي تهجير الفلسطينيين من أجل تصفية القضية.
اعترف الاحتلال الإسرائيلي بقصف المستشفى على لسان المتحدث الرسمي الرقمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي هنانيا نفتالي في إحدى تغريداته على موقع إكس، ليعود وينفي الأمر سريعاً ويلصق التهمة بالفصائل الفلسطينية، محملا حركة الجهاد الإسلامي المسؤولية، والحقيقة أننا أمام سيل من الأكاذيب تستخدمها إسرائيل تضاف إلى المجازر الإرهابية التي ترتكب في حق الفلسطينيين خلال العدوان على غزة، والدليل أن الفصائل الفلسطينية لم يرصد لها منذ أن خرجت إلى النور امتلاكها لصواريخ ذات قدرة تدميرية عالية تقدر "700 فيل" والتي لم نراها حتى الآن سواء في العملية الحالية أو العمليات السابقة.
دلائل أخرى تكشف الأكاذيب الإسرائيلية، ومنها منذ أن بدأت الفصائل الفلسطينية هجومها المباغت على المستوطنات المحتلة في 7 أكتوبر الماضي، وأطلقت أكثر من 4000 صاروخ حتى الآن ولم تحدث مثل تلك الخسائر داخل الاراضي المحتلة،. كما التي أحدثتها الضربة الإسرائيلية على المستشفى الثلاثاء الماضي.
كما أن إشارة المتحدث الرسمي لجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى توجيه التحذير باستهداف عدد من المستشفيات الفلسطينية "مستشفى الشفاء- الحكومي- القدس- المعمداني"، يكشف نوايا الاحتلال المسبقة بأن من ضمن خططه ضرب القطاع الصحي بغزة، فيما بدا واضحا أن إلصاق الاحتلال التهمة للحركات الفلسطينية محاولة يائسة لإبعاد النظر عنه، بعد ردود الأفعال السلبية الإقليمية والدولية عقب ضرب مستشفى المعمداني والخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين.
ورغم كل هذه الأكاذيب الإسرائيلية والجرائم التي ترتكب بحق الشغب الفلسطيني، لا يزال المجتمع الدولي الذي يدعى أنه يدافع عن حقوق الإنسان، صامت غامض عينيه لا يرى أمامه إرهاب الاحتلال وبشاعة إجرامه، ليخرج علينا كل مرة ويدين الضحية.
ويضاف مشهد ضرب المستشفى الذي أبكى القلوب، إلى مشاهد الدمار التي خلفها العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين، مئات الشوارع والمنازل والمستشفيات والمساجد والبنية التحتية مدمرة، كما حول الاحتلال عدداً من القرى إلى ركام، بقصف جوي وبحري وبري مستمر راح ضحيته آلاف المدنيين الفلسطينيين بين أطفال ونساء وكبار السن، متزامناً ذلك مع حصار كلي جعل الوضع الإنساني في القطاع يصل إلى حد الكارثة، في مشهد أقل ما يوصف به بأنه "جريمة حرب في حق غزة".
جريمة حرب في غزة
ما يكشف حجم الكارثة والمعاناة التي يعيشها أهل غزة، هو عدد الأسلحة والذخيرة المستخدمة في العدوان الإسرائيلي على القطاع، قدرته تقارير عالمية بما يوازي "ربع قنبلة نووية" دمرت المباني وحولت مناطق عدة بغزة إلى كتل من الدخان، كما قال المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان فإن الاحتلال يقتل حاليًا ما لا يقل 14 فلسطينيًا كل ساعة بالمتوسط، في هجومه المتواصل على الفلسطينيين.
مباني سكنية ومدارس حكومية ومقرات إعلامية ومنشآت صناعية كلها تضررت نتيجة القصف العنيف من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في جريمة ضد الإنسانية لم ير العالم مثيلا لها من قبل، فيما يبدو أنه عقاب وإبادة جماعية تنفذها الحكومة المحتلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مع حصار يشمل إيقاف جميع مقومات الحياة، ومنها منع وصول الكهرباء والمياه، وكافة لوازم المعيشة، فضلا عن تدمير منهجي للطرق والبنية التحتية والمرافق الأساسية في قطاع غزة، منفذة قصفاً عشوائياً على المنشآت المدنية ومحطات توليد الكهرباء والمشاريع الحيوية ومرافق المياه والصرف الصحي باستمرار، فضلًا عن تدمير الجسور لمنع الحركة ووصول سيارات الإسعاف للمستشفيات.
تأتى هذه الجرائم الإسرائيلية البشعة، في حق أهل غزة لتزيد من معاناتهم، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لأبسط قواعد القانون الدولي، وخاصة اتفاقيات جنيف لحقوق الانسان، وفي الوقت الذي لا يحترم فيه جيش الاحتلال حرية الحركة والتنقل ووصول المستلزمات في وقت كاف للشعب الفلسطيني، نلاحظ الصمت الدولي المريب والموقف المتخاذل تجاه الممارسات الإسرائيلية التي تهدد وضع القطاع وتؤدي لا محالة إلى انهيار اقتصادي وإنساني كامل في غزة، ما يزيد من معاناة أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون تحت نيران الاحتلال والحصار، وهو ما يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ووفق الأرقام التي كشفها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فإن الغارات على غزة تسببت بتدمير أكثر من 17 ألف مبنى سكني، وتضرر نحو 87 ألف وحدة سكنية، ونحو 73 مدرسة و61 مقرا إعلاميا و18 مسجدًا و165 منشأة صناعية، لافتا إلى أنه حتى الآن تم إسقاط أكثر من 6000 قنبلة على قطاع غزة المكتظ بأكثر من مليوني نسمة، مؤكداً أن القتلى والإصابات في صفوف الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي، وصلت نسبة الأطفال والنساء فيه لأكثر من النصف.
مع رصد هذه الأرقام الكارثية، لا يمكن تجاهل استمرار النزوح الجماعي في جميع أنحاء قطاع غزة، حيث ارتفع العدد التراكمي للنازحين بنسبة 30% خلال الأيام الماضية ليصل لأكثر من ربع سكان القطاع، يعيش نحو الثلث بمدارس الأونروا. وسط عجز من جميع المنظمات الإنسانية في توفير الاحتياجات الأساسية لهم من المأوى والفراش والغذاء والمياه ومرافق الصرف الصحي، في ظل انعدام كامل للأمن وإغلاق كامل للإمدادات.
جريمة الحرب الإسرائيلية التي تؤكد منظمات حقوقية أن أثارها وتداعياتها على قطاع غزة، ستأخذ وقتاً طويلا لعودته للحياة الطبيعية من جديد، ألحقت أضرارا كبيرة بعدد من المرافق المياه والصرف الصحي والنظافة في شمال القطاع، كانت توفر خدمات المياه لأكثر من نصف سكان غزة، الأمر الذي وثقته بنفسها منظمة الصحة العالمية، راصدة 48 هجمة على مرافق صحية داخل القطاع، تم تسجيلها في نظام مراقبة الهجمات على مرافق الرعاية الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية.
وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إن فرض الحصار على قطاع غزة بهذا الشكل، من شأنه تهديد حياة المدنيين بحرمانهم من السلع والخدمات الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، وهو الأمر الذي يعد مخالف للقانون الدولي الإنساني، وما لم يكن هناك ضرورة عسكرية تبرره، فإنه يصنف أحد مظاهر العقاب الجماعي والذي تجرمه اتفاقية جنيف للقانون الدولي في البروتوكول الثالث في المادة 87 والبروتوكول الرابع في المادة 33 وملحقها في المادة 50، والقاعدة رقم 103 من القانون الدولي الإنساني العرفي، كما أنها أشارت إلى أن فرض قيود على حركة الأفراد والبضائع الذي من شأنه تهديد حياة المدنيين هو أمر محظور بموجب القانون الدولي.
صمت غربي متعمد على الجرائم الإسرائيلية بالقطاع
وبينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة، بأبشع الأسلحة، يستمر الصمت والتخاذل الدولي بل يشجع إسرائيل على التمادي في جرائمها، حيث أدان مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، الصمت الدولي عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي ترتكب بحق المدنيين والأطفال في قطاع غزة، مطالبًا المجتمع الدولي بضرورة الضغط على إسرائيل لوقف المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.
وأشار الشوا إلى سوء الاوضاع بشكل غير مسبوق في غزة جراء انقطاع التيار الكهربائي والمياه ومنع وصول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى حوالي 2 مليون و350 ألف نسمة إجمالي عدد سكان القطاع، محذرا في الوقت نفسه من عواقب خطيرة جراء استمرار إسرائيل استهداف المدنيين العزل وقطع الإمدادات عن غزة، محملاً المسؤول الفلسطيني المجتمع الدولي مسؤولية اتخاذ المزيد من الخطوات الإيجابية والإجراءات التي من شأنها حماية المدنيين من الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة على غزة، وذلك استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بحماية المدنيين وقت الحروب.