الكاتب الأمريكى توماس فريدمان يحذر إسرائيل من الوقوع فى فخ الهجوم البرى لغزة ويؤكد: نتانياهو محاصر بالمتطرفين اليمينيين لإبقاء نفسه خارج السجن بتهم الفساد لكنه بهذه الطريقة سيضع كل إسرائيل في سجن غزة

الأحد، 22 أكتوبر 2023 05:28 م
الكاتب الأمريكى توماس فريدمان يحذر إسرائيل من الوقوع فى فخ الهجوم البرى لغزة ويؤكد: نتانياهو محاصر بالمتطرفين اليمينيين لإبقاء نفسه خارج السجن بتهم الفساد لكنه بهذه الطريقة سيضع كل إسرائيل في سجن غزة
الكاتب الأمريكي توماس فريدمان

 
جدد الكاتب الامريكى المعروف، توماس فريدمان، إسرائيل من شن هجوم برى على قطاع غزة، معتبراً أن ذلك سيضر بصورة ومصالح إسرائيل والولايات المتحدة الامريكية بالمنطقة، وطلب من الرئيس الأمريكي جو بايدن بالضغط على "إسرائيل" حتى لا تقع في فخ العزو البري للقطاع.
 
11
مقال توماس فريدمان
ونشرت جريدة نيويورك تايمز مقال لتوماس فريدمان تحت عنوان: إسرائيل على وشك ارتكاب خطأ فادح"، بعد أن حذر فريدمان الرئيس بايدن في مقالين سابقين من السماح لـ "إسرائيل" بشن هجوم بري على غزة، حيث جدد فريدمان مطالبته لبايدن بالضغط على "إسرائيل" بشأن عدم الوقوع في فخ العزو البري للقطاع.
 
وقال فريدمان في مقاله أنه "معجب بشدة بالطريقة التي استخدم بها الرئيس بايدن تعاطفه وحضوره الفعلي في إسرائيل لإقناع الإسرائيليين بأنهم ليسوا وحدهم في حربهم ضد حماس الهمجية، في حين يحاولون التواصل مع الفلسطينيين المعتدلين"، لافتاً إلى أن بايدن حاول جاهداً إقناع القادة الإسرائيليين بالتوقف عن غضبهم والتفكير في ثلاث خطوات للأمام، ليس فقط حول كيفية الدخول إلى غزة للقضاء على حماس، لكن أيضًا حول كيفية الخروج وكيفية القيام بذلك مع مراعاة وقوع أقل عدد ممكن من الضحايا المدنيين".
 
وأضاف فريدمان: "بينما أعرب الرئيس عن فهمه العميق للمعضلة الأخلاقية والاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل، فقد ناشد القادة العسكريين والسياسيين الإسرائيليين أن يتعلموا من اندفاع أمريكا إلى الحرب بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي أخذت قواتنا إلى عمق الطرق المسدودة والأزقة المظلمة لمدن وبلدات غير مألوفة في العراق وأفغانستان، ومع ذلك، فمن خلال كل ما استقيته من كبار المسؤولين الأمريكيين فشل بايدن في إقناع إسرائيل بالتراجع والتفكير في جميع الآثار المترتبة على غزو غزة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. لذا اسمحوا لي أن أضع هذا في لغة صارخة وواضحة قدر الإمكان، لأن الساعة متأخرة".
 
وأكد فريدمان أنه "إذا اندفعت إسرائيل الآن إلى غزة لتدمير حماس، وفعلت ذلك دون التعبير عن التزام واضح بالسعى إلى حل الدولتين مع السلطة الفلسطينية وإنهاء المستوطنات اليهودية في عمق الضفة الغربية، فسوف ترتكب خطأ فادحاً وسيكون ذلك مدمراً للمصالح الإسرائيلية والمصالح الأمريكية، فقد يؤدي ذلك إلى إشعال حريق عالمى وتفجير هيكل التحالف المؤيد لأمريكا بالكامل والذي بنته الولايات المتحدة في المنطقة منذ أن هندس هنري كيسنجر نهاية حرب 1973"، لافتاً إلى أنه يتحدث تحديداً عن معاهدة كامب ديفيد للسلام واتفاقيات أوسلو للسلام والاتفاقية الابراهيمية والتطبيع المحتمل للعلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مؤكداً أن "الأمر برمته قد يشتعل".
 
وأشار فريدمان في مقاله إلى أن حديثه لا يتعلق بما إذا كان لإسرائيل الحق في الانتقام من حماس بسبب الهمجية الوحشية التي ألحقتها بالرجال والنساء والأطفال والأجداد الإسرائيليين، لكن يتعلق الأمر بكيفية القيام بذلك بالطريقة الصحيحة، الطريقة التي لا تصب في مصلحة حماس وإيران وروسيا، موضحاً أنه "إذا ذهبت إسرائيل إلى غزة واستغرقت شهوراً لقتل أو أسر كل قادة وجنود حماس، وفعلت ذلك في الوقت الذي توسع فيه المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية - مما يجعل أي حل على أساس الدولتين هناك مع السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالا مستحيلا، فلن يكون هناك أي مشروع شرعي يقنع فلسطين أو الجامعة العربية أو التحالف الأوروبي أو الأمم المتحدة أو حتى حلف شمال الأطلسي الذي سيكون حينها على استعداد للذهاب إلى غزة وانتزاعها من أيدي إسرائيل، وحينها لن يكون هناك من يستطيع انتشال إسرائيل، ولن يكون هناك من يساعدها على دفع تكاليف رعاية أكثر من مليوني من سكان غزة، خاصة أن إسرائيل تدار من قبل حكومة تتصرف كما لو كان بإمكانها الانتقام من حماس بشكل مبرر، بينما في نفس الوقت تعمل بشكل غير مبرر على بناء مجتمع يشبه الفصل العنصري يديره العنصريون اليهود في الضفة الغربية، وهذه بالتأكيد سياسة غير متماسكة تماما".
 
وأكمل توماس فريدمان مقاله بقوله: "للأسف أخبرني مسؤول أمريكي كبير أن فريق بايدن غادر القدس وهو يشعر أنه في حين يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التجاوز في غزة يمكن أن يؤدي إلى إشعال النار في المنطقة بأكملها، الا ان شركائه في الائتلاف اليميني حريصون على تأجيج النيران في غزة والضفة الغربية، وقد قتل المستوطنون الاسرائيليين هناك ما لا يقل عن سبعة مدنيين فلسطينيين في أعمال انتقامية خلال الأسبوع الماضي فقط. وفي الوقت نفسه، أخبرني مسؤولون أمريكيون أن ممثلي هؤلاء المستوطنين في مجلس الوزراء يحتجزون أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، مما يزيد من صعوبة إبقاء الضفة الغربية تحت السيطرة كما كانت منذ بداية حرب حماس".
 
وأكد فريدمان أنه لا ينبغي لنتانياهو أن يسمح بذلك، لكنه حاصر نفسه، لانه يحتاج إلى هؤلاء المتطرفين اليمينيين في ائتلافه لإبقاء نفسه خارج السجن بتهم الفساد، لكنه بهذه الطريقة سيضع كل إسرائيل في سجن غزة ما لم ينفصل عن هؤلاء المتعصبين اليهود.
 
وقال فريدمان: "ولسوء الحظ أخبرني مسؤول أمريكي كبير أن القادة العسكريين الإسرائيليين هم في الواقع أكثر تشدداً من رئيس الوزراء الآن، إنهم ممتلئون من الغضب ومصممون على توجيه ضربة لحماس لن ينساها الجميع لتكون عبرة، بالطبع انا افهم لماذا كل هذا الغضب لكن عادة الأصدقاء لا يسمحون لاصدقائهم بالقيادة وهم غاضبون. وبالتالي يتعين على بايدن أن يقول لهذه الحكومة الإسرائيلية إن الاستيلاء على غزة دون ربطها بنهج جديد تمامًا فيما يتعلق بالمستوطنات والضفة الغربية وحل الدولتين سيكون بمثابة كارثة لإسرائيل وكارثة لأمريكا، وبوسعنا أن نساعد بل ويمكننا أن نصر على أن يعمل حلفاءنا العرب والأوروبيون على إنشاء سلطة فلسطينية أكثر فعالية وأقل فساداً وأكثر شرعية في الضفة الغربية، والتي تستطيع بعد فترة انتقالية في غزة أن تساعد في الحكم هناك أيضاً، لكن ليس من دون تغيير جوهري في السياسة الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية والمستوطنين اليهود، وبخلاف ذلك، فإن ما بدأ كهجوم لحماس ضد إسرائيل في السابع من اكتوبر من شأنه أن يؤدى إلى إشعال حرب في الشرق الأوسط، حيث يكون لكل قوة عظمى وقوة إقليمية يد فيها - الأمر الذي سيجعل من الصعب للغاية إيقافها بمجرد أن تبدأ".
 
ولفت الكاتب الأمريكي إلى أنه "في الأسبوع الأول من هذا الصراع بدا أن المرشد الأعلى لإيران وحسن نصر الله زعيم حزب الله في لبنان يبقيان سيطرة مشددة للغاية على رجال ميليشياتهم على الحدود مع إسرائيل وفي العراق وسوريا واليمن. ولكن مع مرور الأسبوع الثاني لاحظ المسؤولون الأمريكيون إشارات متزايدة على أن كلا الزعيمين يسمحان لقواتهما بمهاجمة أهداف إسرائيلية بشكل أكثر عدوانية، وأنهما قد يهاجمان أهدافًا أمريكية إذا تدخلت الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل. وهم يدركون المنطق القائل بأن الغزو الإسرائيلي لغزة يمكن أن يساعد في تحقيق هدفهم المتمثل في إخراج أمريكا من المنطقة برمتها"، موضحاً أنه يوم الخميس أسقطت سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية في شمال البحر الأحمر ثلاثة صواريخ كروز وعدة طائرات بدون طيار أطلقتها على ما يبدو ميليشيا الحوثي الموالية لإيران في اليمن، والتي ربما كانت متجهة نحو إسرائيل، وتم إطلاق المزيد من الصواريخ على الأرجح من الميليشيات الموالية لإيران، على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، غير إن عدداً كبيراً من الصواريخ يأتي الآن من ميليشيا حزب الله الموالية لإيران في جنوب لبنان، حتى أننا أصبحنا على بعد درجة واحدة من حرب صاروخية واسعة النطاق بين إسرائيل ووكلاء إيران، وربما بشكل مباشر بين إسرائيل وإيران. ومن غير المرجح أن تسمح إسرائيل لإيران باستخدام وكلائها لضربها المستمر دون إطلاق صاروخ مباشر على طهران في نهاية المطاف، حيث تمتلك إسرائيل غواصات مسلحة بالصواريخ والتي من المحتمل أن تكون في الخليج الفارسي بينما تتحدث الآن".
 
وأكمل فريدمان تحذيره بقوله أنه "من الممكن أن تتورط الولايات المتحدة وروسيا والصين بشكل مباشر أو غير مباشر، وما يجعل الوضع خطيراً بشكل مضاعف هو أنه حتى لو تصرفت إسرائيل الان بضبط النفس الشديد لمنع مقتل المدنيين في غزة، فلن يكون الأمر مهما لتفكر فيما حدث في المستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة يوم الثلاثاء".
 
وأكد توماس فريدمان أن إسرائيل ستكون في وضع أفضل بكثير لو وضعت عنوان لعملياتها في غزة على أنها "عملية إنقاذ رهائننا"، بدلاً من عملية القضاء على حماس مرة واحدة وإلى الأبد، ومحاولة تنفيذ ذلك، إن أمكن، بضربات جراحية متكررة وهجمات خاصة، لكن إذا شعرت إسرائيل أن عليها إعادة احتلال غزة لتدمير حماس واستعادة ردعها وأمنها، فيجب عليها أن تقرن تلك العملية العسكرية بالتزام جديد بالسعي إلى حل الدولتين مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة المستعدين للقيام بذلك السلام مع إسرائيل.
 
وعبر توماس فريدمان عن قلقه بشأن كيفية خروج هذا الوضع عن نطاق السيطرة بطرق يمكن أن تلحق الضرر بإسرائيل بشكل لا يمكن إصلاحه، وتضر بمصالح الولايات المتحدة بشكل لا يمكن إصلاحه، وتلحق الضرر بالفلسطينيين بشكل لا يمكن إصلاحه، وتهدد اليهود في كل مكان بالعالم وزعزعة استقرار العالم كله".
 
وأنهى توماس فريدمان مقاله بقوله: "أتوسل إلى بايدن أن يقول للإسرائيليين هذا على الفور - من أجلهم، من أجل أمريكا، من أجل الفلسطينيين من أجل العالم".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق