الدكتور شحاتة غريب يكتب: غزة فى مواجهة الإدارة الأمريكية!

الأحد، 22 أكتوبر 2023 08:32 م
الدكتور شحاتة غريب يكتب: غزة فى مواجهة الإدارة الأمريكية!
الدكتور شحاتة غريب

 
لم تكن أحداث غزة التى اندلعت فى الأيام الماضية هى الأولى من نوعها فى تاريخ الصراع مع الكيان الإسرائيلي، لكن قد اعتاد جيش الاحتلال الإسرائيلى الفاشى أن يرتكب أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، وينتهك حرمات ومقدسات الدولة الفلسطينية، ولا يفرق بين طفل أو شيخ أو امرأة، كما لا يفرق بين مدنى أو عسكرى، فى ظل صمت غريب وغير مبرر من المجتمع الدولى، وانحياز واضح من الإدارة الأمريكية، بغض النظر عما يفعله جيش الاحتلال من انتهاك سافر لكل القيم الإنسانية!
 
وإذا كانت هذه الأحداث ليست الأولى من نوعها، لكن ما يجعلها مختلفة عما سبقها، هو ذلك الدعم اللامحدود من الإدارة الأمريكية للعمليات العسكرية الوحشية ضد الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، يقتلون الأطفال، وينتهكون كرامة النساء، ويذلون الشيوخ قبل القتل وبعد القتل، ويدنسون كل شيء، وكل الجرائم لهم الحق فى ارتكابها أيا كانت، فالكل مباح فى دستور الصهاينة غير الإنسانى، الذى كتبت نصوصه بأيدى الإدارة الأمريكية، التى فقدت كل معانى القيم النبيلة، وصار معنى الإنسانية بعيدا عن دائرتها!
 
ويقول بعض المراقبين أو المتابعين إن الإدارة الأمريكية دائما داعمة للكيان الإسرائيلى، فما الجديد هذه المرة؟! وهل اختلف موقف هذه الإدارة عن مواقفها السابقة المنحازة بشكل أعمى لجيش الاحتلال الإسرائيلى؟!
 
في حقيقة الأمر، يختلف موقف الإدارة الأمريكية هذه المرة عن المرات السابقة، حيث يرتكب جيش الاحتلال المجازر، والجرائم ضد الإنسانية، وجو بايدن نائما فى أحضان الكيان الصهيوني، وبدلا من أن يستنكر جرائم الحرب المرتكبة من الجيش الإسرائيلى، نجده يسترضي الإدارة الإسرائيلية، ويشاطرهم أحزانهم الوهمية خوفا على فقد الوطن المزعوم، وبدلا من قول كلمة الحق لأصحاب الوطن الحقيقيين، يختار كلمات التضليل والافتراءات، ليضلل بها الرأى العام العالمى، ويظهر له مدى تعرض إسرائيل للوحشية من قبل عناصر المقاومة الفلسطينية، وكأن هذه العناصر هى المحتلة، والمغتصبة للأرض، وكأن الجيش الإسرائيلى هو المقاوم، والمدافع عن الحق في تقرير المصير!
 
كما أن موقف الإدارة الأمريكية هذه المرة لا يتوقف عند دعم الكيان الإسرائيلى بالسلاح وغيره، للدفاع عن النفس كما يدعون، ولكن قد خططت هذه الإدارة لما هو أبعد من ذلك بكثير، حيث العمل على تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من غزة ومن الضفة إلى مصر والأردن، وبذلك يكون قد تم القضاء على القضية الفلسطينية برمتها، وغلق الملف الخاص بها إلى الأبد، وتصبح الأراضى الفلسطينية بكاملها حتى سيطرة الاحتلال الإسرائيلى، ويصبح الشعب الفلسطينى بلا وطن، وتصبح كل مقدرات هذا الشعب، وكل الأماكن المقدسة، تحت هيمنة الصهاينة، ليدنسوا كل شىء، ويفعلوا كل شىء، وهنا يضيع من الفلسطينيين كل شىء!
 
وقد استطاعت الإدارة الأمريكية أن تجند حلفائها فى كل مكان، وأولهم الإدارة البريطانية، لينقلوا للعالم صورة غير الصورة، وكأن الشعب الفلسطينى هو الإرهابى، والشعب الإسرائيلى هو الضحية، الذي يتعرض يوميا لمدافع الفلسطينيين، وطائراتهم، ودباباتهم، وقنابلهم العنقودية، ورشاشاتهم ذات التقنيات الحديثة، وللأسف الشديد قد نهج بعض القادة الأوروبيين الآخرين هذا النهج، وقاموا بتشويه صورة المقاومة، وصورة الموقف الفلسطينى، وأخذت وسائل إعلامهم تكذب، وتضلل، لخداع الجميع!
 
وفي حقيقة الأمر، انتبهت مبكرا القيادة السياسية المصرية إلى حقيقة الموقف، وأن غزة والشعب الفلسطينى بأكمله ليسوا فى مواجهة إسرائيل فقط هذه المرة، بل يكونوا أيضا فى مواجهة الإدارة الأمريكية، ومخططاتها المشتركة مع الكيان الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما لا يكون مقبولا على الإطلاق، ولن يتم السماح لأي محاولة يكون الهدف من ورائها هو المساس بالأمن القومى، وستظل غزة أرضا فلسطينية، وستبقى القضية الفلسطينية، ولن تموت أبدا، وسيستمر النضال حتى إعلان الاستقلال الكامل، وعودة الأراضى الفلسطينية وفقا لحدود يونيه ١٩٦٧، ولن تسقط أبدا فلسطين، أيا كان الثمن، وستستمر المواجهة مع الكيان الإسرائيلى، أو مع الإدارة الأمريكية، ومع كل من يحاول أن يزهق روح القضية!
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق