«فاقد الشيء لايعطيه».. الديمقراطية تغيب عن سياسات الحركة المدنية

الأحد، 19 نوفمبر 2023 10:30 ص
«فاقد الشيء لايعطيه».. الديمقراطية تغيب عن سياسات الحركة المدنية
الحركة المدنية

نقلا عن العدد الورقى
الخلافات تضرب الحركة داخلياً بسبب السيطرة الشخصية.. والتيار الحر كشف عداء اعضائها للديمقراطية
"المصري الديمقراطي والعدل" يقرران تجميد نشاطهما بالحركة ويرفضون التخوين والتعامل بسياسة "الكيل بمكيالين"
 
الخلاف القديم الجديد بين أحزاب «الحركة المدنية الديمقراطية»، التي أسندت إلى نفسها صفة المعارضة، ظهرت أسراره على الساحة السياسية المصرية، بسبب الخلافات الضارية بشأن القضايا، وصل إلى حد الصدام بين مكونات «الحركة»، من أحزاب يسارية وناصرية من جهة، وأخرى ليبرالية من جهة أخرى.
 
بالعودة إلى الخلف مع تواتر الأحداث على الساحة وصولا إلى الإعلان عن الانتخابات الرئاسية، دب خلاف وصفه سياسيين بالأشرس بين ما أطلقوا عليهم الأحزاب المعارضة، بداية من الخلاف الواضح في التوافق على دعم مرشح رئاسي بعينه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
 
تلك الخلافات التي كشفت العداء للديمقراطية، أفرغت إلى تأسيس أحزاب وشخصيات سياسية ما سُمى بـ«التيار الليبرالى الحر»، فى يونيو الماضي، والذى كان هدفه الرئيسى عدم قصر المعارضة على القوى الناصرية واليسارية فقط. وقتها دبت الخلافات أكثر على عدم توافقها على مرشح رئاسي حتى الآن، رغم ترشح أحد قياداتها فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو فريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، الذى يختلف فى رؤيته وبرنامجه كرئيس حزب ليبرالي مع العديد من الأفكار اليسارية والناصرية.
 
وشهدت اجتماعات «الحركة»، تحديدًا منذ دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحوار الوطنى، فى أبريل 2022، العديد من الانقسامات والاتهامات المتبادلة بين أعضائها، كان مردها الأساسى وجود تخوفات لدى أحزابها الليبرالية من سيطرة القوى الناصرية واليسارية، وتصدير نفسها باعتبارها «المتحدث باسم المعارضة المصرية».
 
ودفع تصاعد هذه الانقسامات عددًا من الأحزاب الليبرالية والشخصيات العامة داخل «الحركة المدنية الديمقراطية» لتأسيس ما سُمى بـ«التيار الليبرالى الحر»، فى يونيو الماضي، والذى كان هدفه الرئيسى عدم قصر المعارضة على القوى الناصرية واليسارية فقط.
 
فور تأسيس «التيار»، انفجرت موجة من الاتهامات بين أعضائه والناصريين، كان أكثرها حدة ما وقع بين كمال أبوعيطة وهشام قاسم حول «التطبيع مع إسرائيل»، ثم ما كشفته تصريحات عدد من القيادات الناصرية فى «الحركة المدنية الديمقراطية» عن عدم رغبة التيار الناصرى فى تصدر أصحاب الفكر الليبرالى المشهد فى الوقت الحالى. 
 
وانقلبت الأوضاع رأسا على عقب داخليا مع ظهور الخلاف بين الفريقين واضحًا بشأن رؤية كل منهما للأوضاع الاقتصادية. فبينما يطالب قيادات «التيار الليبرالى الحر» باقتصاد ليبرالى حر يقوده القطاع الخاص وتنسحب منه الحكومة، ترى القوى اليسارية والناصرية دورًا مهمًا للقطاع العام، وتطالب باستمراره ودعمه من جانب الحكومة.
 
لكن كان المشهد الأكثر حدة في الخلافات داخل الحركة المدنية، فشلها في التوافق على مرشح، رغم محاولات فريد زهران وحملته في عقد لقاءات متعددة مع قيادات وأحزاب «الحركة المدنية الديمقراطية»، للحصول على دعمهم فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، كان آخرها مع حزبى «الشيوعى المصرى» و«الاشتراكى المصرى»، للنقاش حول برنامجه الانتخابى ومدى توافقه مع برنامج «الحركة». كما زار «زهران» وعدد من أعضاء حملته الانتخابية حزب «المحافظين»، برئاسة أكمل قرطام، للنقاش حول برنامجه الانتخابى، وشرح رؤيته للأوضاع السياسية الحالية والمستقبلية.
 
ومع تواتر الخلافات قرر حزبا المصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل "المشاركان في حملة دعم المرشح الرئاسي فريد زهران"، إرسال خطاب داخلي لأحزاب الحركة المدنية، أعلنوا خلاله رفضهم ما أعلنته بعض الكيانات داخلها بعدم الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أنها قررت تجميد نشاطها داخل الحركة، تجنبًا لمزيد من الشقاق.
 
يدل نص الخطاب على التصدعات داخل الحركة المدنية موجها من الحزبين إلى الحركة المدنية، وذكر أن إصرار بعض أعضاء وشخصيات الحركة المدنية على إصدار بيان يُفهم منه تناول صورة سلبية للانتخابات الرئاسية وحمل اتهام مباشر لهم كونهم جزء منها، وتابع"ورغم أننا نبهنا لعدم جواز ذلك إلا أن البعض أصر بكل أسف على النشر على نطاق أوسع وكأنه يستفزنا لمعارك جانبية يحقق من خلالها بطولات زائفة بينما نحاول نحن على الأرض خوض معارك حقيقية".
 
جاءت الخطوة اعتراضا على البيان الصادر عن عدد من أحزاب وشخصيات الحركة المدنية، تم الإعلان فيه، أن الحركة ليست طرفا في ماراثون الانتخابات الرئاسية، بل وتضمن عبارات تم اعتبارها " إساءة مباشرة للمشاركين فى الانتخابات، وهو ما أثار غضب حزبي المصري الديمقراطي والعدل "المشاركان بحملة المرشح الرئاسي فريد زهران" ليقرران تجميد نشاطهما داخل الحركة، تجنبًا لمزيد من الشقاق - حسب وصفها".
 
وقالت النائبة أميرة صابر، المتحدث باسم حملة المرشح الرئاسي فريد زهران، إن قرار حزبي المصري الديمقراطي والعدل تجميد نشاطها بالحركة المدنية يأتي لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية، حتى تعاد ترتيبات الأمور من جديد، مشيرة إلى أن قرارهما جاء نتيحة ما تم وصفه في البيان الأخير لبعض أحزاب الحركة المدنية عن العملية الانتخابية والإساءة لهم.
 
وأضافت أن ذلك بالتبعية، يسيء لجدية المشاركة التي تقوم بها الحملة: والحقيقة نحن نشتبك مع انتخابات قانونية دستورية وأمر سياسي بالمقام الأول، ولا يمكن قبول ما حدث خاصة وأن أدبيات العمل السياسي هو الاختلاف وليس التخوين أو الاساءة، مستنكرة "الكيل بمكيالين" حسب وصفها من بعض أحزاب الحركة المدنية حيث أن تلك الكيانات كانت ستخوض الانتخابات بمرشحين لديها، بينما بعد عدم تخطيهم العتبة الانتخابية، نظرت للسباق الرئاسي بشكل مختلف وأساءت له.
 
وأكدت "صابر" أن أحزاب المصري الديمقراطي والعدل والإصلاح والتنمية، دائما ما كانوا ينادون بالمشاركة الإيجابية داخل الحركة المدنية في أي قضية من القضايا بينما الأمر يختلف لدى كيانات آخرى، قائلة" لو في ربع فرصة أمام المعارضة لطرح برنامجها وتوسيع قاعدتها في الشارع لابد وأن نشترك...فتلك هي أساسيات البناء التراكمي في العمل السياسي".
 
ويؤكد معتز الشناوي، المتحدث الرسمى لحزب العدل، أن الحزب أخطر الحركة المدنية بتجميد نشاطها داخلها نظرا لانخراطها في حملة المرشح الرئاسي فريد زهران، لافتا إلى أن إصرار بعض أعضاء وشخصيات الحركة المدنية على إصدار بيان يسيئ للعملية الانتخابية ونحن جزء منها، أمر غير مقبول ويعد بمثابة اتهام لنا، مشيراً إلى أن حزبي المصري الديمقراطي والعدل، نبهت لعدم نشر ما جاء في ذلك البيان من تجاوزات ولكن أصر البعض الآخر، موضحا أن الحزب لا يرغب في الدخول بمعارك جانبية ويريد التركيز فقط على معركته الأساسية في الوقت الحالي وهي المنافسة في الانتخابات الرئاسية وتقديم ما لدينا من بدائل وسياسات على أرض الواقع، بدلا من سعي البعض لتواجد على الساحة من خلال بطولات زائفة.
 
وقال الدكتور محمد سالم المستشار السياسي لحملة المرشح الرئاسي فريد زهران، أن تجميد عضوية المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب العدل في الحركة المدنية هو قرار مؤقت حتى نهاية الانتخابات الرئاسية، وأن المصري الديمقراطي سيعيد تقييم علاقته بالحركة المدنية بعد هذا الاستحقاق، لأن طبيعة الائتلافات السياسية بها خلافات ونحن منفتحين دومًا على الحوار مع الجميع لبناء مجال ديمقراطى، لافتاً إلى أنه لم يكن في رغبة الحزب تجميد العضوية، "لكننا للأسف اعتدنا على أجواء المزايدات من بعض الأطراف داخل الحركة المدنية، والتي تتعالى مع كل استحقاقات انتخابية، نتخذ فيها موقف مختلف عن موقف بعض أطراف التيار القومي والناصري والاشتراكي التقليدي".
 
وتابع سالم: "من المؤسف أن الكثيرين يتحدثون عن أجواء الانتخابات الحالية أنها بلا ضمانات أو أنها مسرحية على الرغم من أنهم خاضوا انتخابات سابقا بنفس الوضع السياسي على مستوى الانتخابات الرئاسية، بل على العكس ربما الانتخابات الحالية أفضل من انتخابات ٢٠١٤، ومع ذلك لم يكن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي مزايدا على تلك الأطراف ولا منتقدا لها، بل على العكس أيدنا حقهم الكامل في خوض الانتخابات ودعمهم الكثير من كوادر حزبنا"، مشيراً إلى أنه لم يكن لدي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أي رغبة في تقسيم الحركة المدنية المعارضة بل على العكس، حاولنا دائما التمسك بوحدة الحركة، وبناء هذا التحالف السياسي بشكل دائم، على الرغم من الكثير من الأزمات التي افتعلها بعض الأشخاص وبعض التيارات، والتي وصلت لحد تقديم بلاغات من بعض المحسوبين على أحزاب الحركة ضد شخصيات عامة داخل الحركة في ممارسة غير ديمقراطية بالمرة، تسعى للتشتيت والفرقة، لا للتحالف والتآلف، ومع ذلك تستمر ممارسات هذا التيار الذي عليه أن يتحلى بالمسؤولية التاريخية إزاء الوضع الراهن، وهو للأسف ليس بالأمر الجديد، سبق وأن حدث ذلك في استحقاقات هامة أذكر أن أخرها ما حدث بالحوار الوطني والذي اجتمعت الحركة الوطنية على قبول المشاركة فيه، وما أن بدأ الحوار توارت العديد من الأحزاب واختفت إما بشكل معلن أو غير معلن وتحولت إلى المزايدة والهجوم على المشاركين الذين قرروا التمسك بتلك الفرصة للتعبير عن ما تراه من أفكار ورؤى وأطروحات، واكتفت كالعادة بالتقوقع والانكفاء على نفسها.
 
من جانبه اعتبر طلعت خليل، عضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين والقيادي بالحركة المدنية، أن قرار حزبي العدل والمصري الديمقراطي بتجميد نشاطهما داخل الحركة المدنية، سوف يزول مع زوال أسبابه بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، معتبرا أن الحركة المدنية مستقبلها مرتبط بتطلعات الشعب المصري فنحن لا نعمل لصالحنا ولا لأشخاصنا.
 
وأكد أن أحزاب الحركة المدنية سوف تعيد اللحمة مرة آخري فور انتهاء الانتخابات والتواصل مع ذلك الحزبين الذين لهم تقديرهما داخل، فلا يرغب أحد أن يحدث شق في هذا الأمر، مشيرا إلى قرار عدد من أحزاب الحركة المدنية عدم الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية، يأتي نظرا لما رأته من عدم وجود ضمانات مطمئنة بالماراثون الرئاسي، طبقا لما وضعتها الحركة المدنية مسبقا وأعلنتها في أكثر من مؤتمر صحفي، لافتاً إلى أن الحركة تنظر بكل احترام وتقدير للمرشح الرئاسي فريد زهران وهو رجل سياسي مخضرم، لكن عدم دعمنا له لا يخل باحترامنا له ولسياساته.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق