برنامج الطروحات الحكومية بوابة تقوية وزيادة تنافسية القطاع الخاص

الحكومة تبدأ التخارج من شركات عامة وتبدأ إجراءات طرح «صافي ووطنية وشل أوت» بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي

السبت، 09 ديسمبر 2023 08:00 م
الحكومة تبدأ التخارج من شركات عامة وتبدأ إجراءات طرح «صافي ووطنية وشل أوت» بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي
هبة جعفر

- الصندوق السيادي يجذب 43% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر بعدد 14 مشروعًا قيمتها 37 مليار جنيه 

- الدكتور عز الدين حسانين: التوجة الحكومي اتجة عكس عقارب الساعة السابقة لتعديل الهرم المقلوب في السياسات الاقتصادية
 
نجحت الحكومة في تحقيق أهدافها خلال الفترة الماضية والخروج الأمن من الأزمة الاقتصادية العالمية بأقل الخسائر خاصة في الاضطرابات الجيوسياسية التي تحيط بالمنطقة العربية، من الحرب الروسية الأوكرانية التي هددت اقتصاد الدول الاوربية بخسائر كبري، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما يشكله من تهديد على الحدود المصرية، لكن الاقتصاد المصري مازال صامدا ويسعي لتحقيق المزيد من الاستثمارات سواء العربية أو الأوربية، وجاءت اشادة كريستالينا جورجييڤا المديرالتنفيذي لصندوق النقد الدولي، بالاقتصاد المصري على هامش لقاءها بالرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة المناخ بدبى لتكن بمثابة تأكيد على أن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاة الصحيح.
 
وأكدت «چورچييڤا» التطلع المتبادل لصندوق النقد الدولي لمواصلة علاقات التعاون المتميزة مع مصر ودعمه للإصلاحات الاقتصادية بها، مشيدةً بأداء الاقتصاد المصري وما أظهره من مرونة وصمود في مواجهة التداعيات السلبية الناجمة عن جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية والأوضاع في غزة، ومؤكدة استمرار الصندوق في تعزيز العمل المشترك مع الحكومة لتحقيق الأهداف الوطنية المصرية بتحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد، وزيادة تنافسيته، وتعميق مشاركة القطاع الخاص واستكمال العمل التنموي الجاري، مشيرة إلى أنها تقدر التزام مصر باستقرار الاقتصاد الكلي في بيئة مليئة بالتحديات، وتحدثت بأن صندوق النقد يدعم بقوة مساندة الاقتصاد المصري الذي يمر بتحديات صعبة.

شوط كبير في برنامج الطروحات الحكومية
 
وقطعت الحكومة شوطا كبيرا وهاما في برنامج الطروحات الحكومية واستطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا في الحصول على تمويلات اجنبية من خلاله بلغت أكثر من 7 مليارات دولار، وتعتزم الدولة استكماله ببيع حصص في عدة شركات أبرزها صافي ووطنية وشل اوت خلال الفترة المقبلة، وتستهدف الحكومة من برنامج الطروحات تشجيع القطاع الخاص للدخول في تنفيذ المزيد من المشروعات الجديدة، في ضوء تطبيق الدولة لوثيقة سياسة ملكية الدولة، من خلال إتاحة العديد من الحوافز والتيسيرات، ومن أهمها: تعزيز أداء البورصة المصرية وتنشيطها وتشجيع الاستثمار المؤسسي فيها، وتحسين بيئة التداول، وزيادة المعروض من الشركات المقيد لها أوراق مالية، وتوفير سيولة من النقد الأجنبي خلال فترة قصيرة، وإعادة هيكلة بعض أصول الدولة وتعزيز كفاءتها، وزيادة قيمة رأس المال السوقي للبورصة المصرية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
 
كما تستهدف الدولة، الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لزيادة حصيلة الدولة من موارد النقد الأجنبي، وتحقيق مستهدفات وثيقة سياسة ملكية الأصول، وهي: أولًا رفع معدل الاستثمار بما سيسهم في الوصول بمعدل النمو الاقتصادي إلى ما بين 7-9%، ورفع نسبة المساهمة الاقتصادية للقطاع الخاص في جميع المستويات، وتنظيم دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وحوكمة وجود الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتحقيق الاستدامة المالية للموازنة العامة للدولة.
 
ووضعت الحكومة، خطة لطرح 35 شركة من الشركات المملوكة للدولة للتخارج، وفتح فرص استثمارية للشراكة مع القطاع الخاص، وتم تحديد 32 شركة وأصلًا لطرحهم بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي في فبراير 2023، ثم تم إضافة 3 شركات أخرى وهي: شركة الشرقية-إيسترن كومباني، وعز الدخيلة للصلب، والمصرية للاتصالات.
 
وانتهت الحكومة، من المرحلتين الأولى من جدول الطروحات خلال الفترة من مارس إلى أغسطس من عام 2022، والثانية من أغسطس عام 2022 حتى يوليو عام 2023 ليبلع إجمالي ما تم بيعه وطرحه من الشركات والأصول 5 مليارات دولار بنسبة 50% من المستهدف بحلول يونيو لعام 2024.
وضمت المرحلة الأولى من جدول الطروحات الحكومية، طرح حصص في شركات الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، ومصر لإنتاج الأسمدة (موبكو)، وأبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، والبنك التجاري الدولي، وفوري للبنوك والمراكز التكنولوجية، وأي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية.
 
وفي المرحلة الثانية، تم التخارج الفعلي من 7 شركات تساهم بها الدولة مع جذب استثمارات أجنبية بنحو 2 مليار دولار، وذلك في عدة قطاعات مختلفة وهي: الصناعات الكيماوية، وأنشطة الاتصالات (خدمات الاتصالات اللاسلكية، وخدمات الاتصالات الأرضية)، وخدمات الإقامة، والصناعات المعدنية، وأنشطة استخراج البترول والغاز الطبيعي، وأنشطة تكرير البترول.
 
وكشفت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، أن الدولة تعمل حالياً على الانتهاء من عملية ترسية صفقة بيع محطة الرياح جبل الزيت خلال الربع الأول من العام المقبل، حيث قالت نحن نعمل على تقييم 3 عروض مقدمة من المستثمرين، وتعمل الحكومة على مراجعة المؤشرات الاقتصادية بشكل دوري لمتابعة التأثيرات المحتملة لحرب غزة على الاقتصاد المصري، ونستهدف تحقيق معدل نمو بنحو 3.5 في المئة خلال العام المالي الحالي، ونراجع تلك المستهدفات بشكل دوري مع استمرار الحرب على غزة، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية المتوالية، وأن إيرادات مصر الدولارية ارتفعت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، لكن قد يكون هناك تأثير خلال الربع الأخير من العام الحالي نتيجة لتأثيرات الحرب في غزة.
 
ويستعد الصندوق السيادى المصرى لطرح الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية "وطنية" خلال الفترة المقبلة بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي وبلغت العروض المبدئية لشراء "وطنية" المصرية 280 مليون دولار، وتأسست عام 1993، ولديها نحو 255 محطة خدمة ووقود سيارات، ولديها 20 محطة تحت الإنشاء، كما تعمل الدولة على إعادة هيكلة محطات وقود" شيل أوت" تمهيداً لبيعها للقطاع الخاص، على أن يتم ذلك بعد الانتهاء من صفقة بيع محطات وقود "وطنية"، والذي سيتأخر بعض الأسابيع القليلة عن موعده المحدد نهاية ديسمبر المقبل.
 
وكشف أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، عن وجود 3 عروض دولية لشراء الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية "وطنية" المصرية، وسيتم الإعلان عن العرض الفائز قبل نهاية العام الجارى.
 
ولعب صندوق مصر السيادي دورا هاما منذ انشاءه في فبراير 2018 في السيطرة على بعض أكثر الأصول الواعدة المملوكة للدولة في صناعات مثل الكهرباء، والعقارات، والبتروكيماويات، وجلب مستثمرين من القطاع الخاص لتطويرها، واعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى إعادة تشكيل الجمعية العمومية لصندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية برئاسة مجلس الوزراء وعضوية الوزير المعني بشئون التخطيط والتنمية الاقتصادية، والوزير المعني بشئون المالية، وأحد نائبي محافظ البنك المركزي، فضلًا عن أعضاء من ذوي الخبرة لمدة 4 سنوات وتضمن التشكيل الجديد الدكتور صادق يوسف مجدي مراد وهبة، ومحافظ لبنك المركزي الأسبق فاروق العقدة، هشام عكاشة، وزياد أحمد بهاء الدين،وحسين شكري،طارق قابيل، الدكتور خالد عبد العزيز محمد حجازي.

تعديل الهرم المقلوب
 
ومن جانبه قال الدكتور عز حسانين، أستاذ التمويل، اتسم الاقتصاد المصري قبل 2011 بأنه اقتصاد مختلط يتم الاستعانة فيه بالقطاع العام بجانب القطاع الخاص، وكانت نسبة القطاع العام تصل الي 75% في حين نسبة استحواذ القطاع الخاص 25%، وهذا بمثابة هرم مقلوب، فالدولة في دستورها الوطني دولة رأسمالية تعتمد علي السوق الحر المنفتح علي العالم الخارجي، الا أن الحكومة ظلت مسيطرة علي غالبية المشروعات، حتي إن الائتمان المصرفي كان يتم توجيه غالبيته للقطاع العام.
 
وأشار حسانين لـ"صوت الأمة" إلى أنه بعد تولي الرئيس السيسي المسئولية انتهجت الحكومة سياسة مغايرة تشجع علي الاستثمار الخاص، وعدلت قانون الاستثمار وانشأت المجلس الاعلي للاستثمار وقدمت الاعفاءات الضريبية والرخصة الذهبية وعقدت العديد من المؤتمرات الاقتصادية من أجل جذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية، وطورت البنية التحتية من الطرق والكباري والموانئ البرية والبحرية والجوية وانشأت الهيئة العامة الإقتصادية لهيئة قناة السويس، والصندوق السيادي المصري، وبالتالي نجد أن التوجة الحكومي لمصر اتجة عكس عقارب الساعة السابقة، وعمل صندوق مصر السيادي على استغلال أصول الدولة غير المستغلة بشكل كبير ما أدى إلى زيادة رأس ماله بنسبة 100%، كما حسن الصندوق كثيرا من أوضاع أصول الدولة التي اُستغلت من قبل بطريقة اقتصادية خاطئة، واستطاع في سنواته القليلة جذب 43% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر بعدد 14 مشروعًا قيمتها 37 مليار جنيه، التي تركز على عدد من القطاعات المهمة للاقتصاد المصري خاصةً الهيدروجين الأخضر وتحلية المياه والتعليم، ما جعله أحد أهم صناديق الاستثمار على مستوى العالم، ويحتل  المركز 50 بين أفضل 100 صندوق سيادي على مستوى العالم في عام 2023.
 
وأكد حسانين انه مع الاصلاحات التشريعية التي تمت لخدمة الاستثمار وتقديم برنامج إقتصادي طموح يشجع علي الاستثمار واتاحه الفرصة للمستثمرين والبدء فعليا ببيع بعض الشركات وجاري طرح العديد من المشروعات الحكومية، وبالفعل تم بيع عدد من الشركات والفنادق العامة لمستثمريين مصريين وأجانب، وتم من ضمن هذه الصفقات عرض شركات تابعة للقوات المسلحة ومنها وطنية، وشيل أوت التايعين لجهاز الخدمة الوطنية، ولاشك أن هذا التوجه الحكومي سيخدم الاقتصاد المصري لاعطاء رسائل للمستثمرين حول العالم بأن مصر تتجه نحو الاستثمارات الاجنبية وتعزز تواجدها في السوق المصري، فالحكومة انتهجت منذ عامين سياسة احلال متدرجة للقطاع الخاص محل القطاع العام لبعض المشروعات مع احتفاظ الدولة فقط بالمشروعات الاستيراتيجية التي تهم المواطن المصري مباشرة، مثل خدمات المياه والكهرباء والنقل بالسكك الحديدية وغيرها من المشروعات التي يجب ان تظل تحت سيادة الدولة لانها تمس الامن القومي المصري، وهذا متعارف عليه عالميا فالدول الكبري الرأسمالية مازالت تمتلك شركات حكوميه تساهم في إحداث التوازن الاقتصادي داخل الاسواق.
 
وأضاف الدكتور عز حسانين، أستاذ التمويل: نجحت الحكومة المصرية علي مدار تسع سنوات بأن تكون الواجهة الاستثمارية الاولي في شمال افريقيا والثانية في الشرق الاوسط في جذب الاستثمارات الاجنبية، وبالرغم من الاحداث العالمية والأقليمية المضطربة ظلت الاراضي المصرية تستقبل الاستثمارات الاجنبية، وهناك عدد من الشركات العالمية حاليا ابدت استعدادها للاستثمار في مصر منها شركه فولكس فاجن الألمانية التي ستبدأ اولي مشروعات انتج السيارات الألمانية في شرق بورسعيد في 2024 وبدايه الانتاج 2025 بعدد 150 الف سيارة، وهناك استثمارات صينية واماراتية وسعودية وروسية من المتوقع وصولها الي مصر خلال العامين القادمين، ولاشك أن مصر تتسم حاليا بأنها بلد الامن والاستقرار في المنطقة، وستكون بوابه التجاره في الشرق الأوسط بعد انضمامها لاهم تكتل إقتصادي حاليا وهو تكتل بريكس والذي ستنضم له مصر رسميا في يناير 2024.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق