خبراء: الدولة المصرية تمتلك الحس الاستراتيجي في إدراك خطر التطرف.. والوعي هو السلاح الأهم لدحر الإرهاب

الإثنين، 29 يناير 2024 08:28 م
خبراء: الدولة المصرية تمتلك الحس الاستراتيجي في إدراك خطر التطرف.. والوعي هو السلاح الأهم لدحر الإرهاب

 أكد خبراء وأكاديميون أن الدولة المصرية تمتلك حسا استراتيجيا قويا فيما يخص إدراك خطر الإرهاب الذي واجهها خاصة في الفترة بعد 2011 والتعامل، وأن المجتمع المصري لم يكن فاقدا للرؤية والوعي اللذين يعدان أهم سلاح في دحر الإرهاب ومواجهة خطر التطرف.
 
جاء ذلك في الندوة التي تم تنظيمها اليوم، الاثنين، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، بالاشتراك مع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بعنوان "اتجاهات التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط"، لمناقشة ظاهرة التطرف والإرهاب في المنطقة، وتقييم فاعلية المقاربات لمواجهتها خلال العقد الأخير.
 
واستعرض المشاركون في الندوة ملامح التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب والتطرف، وكيفية تحصين مصر والمنطقة من عودة الإرهاب مرة أخرى خاصة في ظل الاضطرابات والأزمات العديدة الراهنة.
 
وأكد المشاركون أن هناك حالة من التراجع فيما يخص مناقشة موضوع التطرف والإرهاب خلال الفترة الأخيرة سواء في الإعلام أو بين أفراد المجتمع، وذلك نظرا للتحديات التي جعلت هناك قضايا أخرى تبرز على السطح في مقابل تراجع قضية "الإرهاب والتطرف"، ونوهوا إلى أن مواجهة الإرهاب والتطرف لا تكون عسكريا وأمنيا فقط، لكن الجزء الأهم والأخطر في هذه المسألة هو الجهد الفكري والوعي.
 
وفي هذا الإطار، قال الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية ورئيس لجنة مكافحة التطرف والإرهاب بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الموضوع الذي تتم مناقشته اليوم هو من الموضوعات الشائكة في وقت تبرز فيه عدد من بؤر الإرهاب في مختلف مناطق العالم.
 
وأضاف زايد – خلال كلمته بالندوة – أن تعريف الإرهاب والتطرف يحمل في جوهره مشكلة مهمة وهي؛ أن هناك جماعات لا ينظر إليها على أنها إرهابية لأنه يتم التعامل مع تلك الجماعات بوصفها "جماعات سياسية" وهو أمر خطير للغاية.
 
واستعرض زايد أشكال التطرف والإرهاب، قائلا: إن هناك نوعا من التطرف قد يؤدي إلى الإرهاب، وهناك نوع آخر قد لا يؤدي إلى الإرهاب، لافتا إلى أن الأمر يعتمد في الأساس على البيئة التي يتم فيها التنشئة للفرد.
 
وذكر أن التحيز للفكرة هو نوع من أنواع التطرف في الرأي، منوها إلى أن التطرف في جوهره ينذر بكارثة كبرى قد تؤدي إلى الإرهاب في نهاية المطاف.
وقال مدير مكتبة الإسكندرية إن هناك نوعا من التطرف الوحشي يخلق إرهابا صامتا وهو سلوك يسبب الأذى للآخرين.
 
وتابع "أن الإرهاب المنظم الذي شاهدناه في مجتماعاتنا في الشرق الأوسط قام في الأساس على أفكار دينية متطرفة انتقلت إلينا من مجتمعات تنظر إلى الدين على أنه مجموعة من الأفكار المتشددة"، مشيرا إلى أن هذا النوع من الإرهاب اتخذ أشكالا على هيئة مواجهات مباشرة وغير مباشرة مع الدول والأفراد داخل المجتمعات الأمر الذي قد يعصف بقدرات الدولة.
 
بدوره، أكد الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن المصريين دفعوا أثمانا غالية في مواجهة التطرف والإرهاب، وكان أغلاها دماء الشهداء التي سالت في سبيل حماية الوطن.
 
وأشار عكاشة - في كلمته - إلى أن هناك إجراءات كثيرة حدثت في المجتمع المصري فيما يخص مواجهة الإرهاب والتطرف، ولكن في النهاية كانت النتيجة أن الدولة انتصرت على الإرهاب.
 
وأوضح أن الموجة الأخطر من الإرهاب التي تعرضت لها مصر هي الموجة الحديثة في الفترة ما بعد عام 2011، لأنها الأعنف وارتبطت ارتباطا كبيرا بالسياسة، مبينا أن بعض الجماعات انتهجت العنف سبيلا للوصول إلى السلطة.
 
وأكد أن الدولة المصرية كان لديها حس استراتيجي قوي في إدراك تلك الموجة منذ اللحظة الأولى، وفي الوقت نفسه لم يكن المجتمع المصري فاقدا للرؤية الاستراتيجية والوعي الذي مكن الدولة من تحمل مسؤوليتها تجاه هذا الخطر.
 
وقال إن ثورة 30 يونيو كانت التحرك الأساسي الذي قام به الشعب المصري من أجل أن تتمكن الدولة من التخلص من الإرهاب، مما يبرز وعي المصريين تجاه أمن بلادهم والمخاطر التي تحدق بها.
 
وشدد على ضرورة الحذر والانتباه لأنه إذا كانت الدولة قد نجحت في القضاء على خطر الإرهاب على الأرض إلا أن الطريق ما زال طويلا للقضاءعلى هذا الفكر الخبيث في العقول.
 
وأضاف "من الأشياء الخطيرة في مسألة الإرهاب في الشرق الأوسط أنه بدأ يتخذ طابعا مليشياويا وليس دينيا فقط، حيث تبرز الشعارات السياسية ويتستر الإرهابيون تحت الغطاء السياسي".
 
وبدوره، أشار الدكتور جمال عبد الجواد عضو الهيئة الاستشارية ومدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أن تكلفة مواجهة الإرهاب كانت باهظة ومرهقة ليس ماليا فقط، بل نفسيا واجتماعيا، وكان لها تأثير كبير على المجتمعات.
 
وأبرز عبد الجواد أن خطر الإرهاب مازال قائما، ويتعين علينا عدم الارتكان إلى غياب الإرهاب السطحي، إذ أن كل ما حدث مجرد "فسحة من الوقت حصلنا عليها"، ومن الوارد جدا أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.
 
وقال إن منطقة الشرق الأوسط هي البؤرة الأكبر في العالم المرتبطة بحدوث عمليات إرهابية؛ لأنها تعتمد على أفكار دينية متشددة، ولكن الدين الإسلامي ليس سببا في ذلك، بل الغلو والتطرف في الدين.
 
وأضاف أن غياب الديمقراطية والإرهاب ليسا مرتبطين كما هو متوقع.
 
وأوضح عبد الجواد أن ما يحدث في غزة من معاناة غير مسبوقة للفلسطينيين هو ظرف مناسب لعودة التطرف في المجتمعات، لافتا إلى أن الغضب قد يخلق إرهابا، مما يحتم على الجميع ضرورة التعامل بحرص ووعي تجاه المستجدات والأوضاع التي نعيشها.
 
وأكد أهمية تحصين المجتمعات والشباب من الخطر المحتمل، فالإرهاب سبب رئيسي لسقوط الدول وتعطيل المشروعات الوطنية التحديثية.
 
وأشار إلى أهمية الحوار والفكر حتى تستطيع الدول أن تأخذ خطوات إلى الأمام بالوعي والتفكير، مشيرا إلى أنه لا مخرج من خطر الإرهاب دون مواجهة فكرية ووعي وبناء نظام فعال يضم الجميع.
 
في السياق نفسه، قالت الدكتورة عزة فتحي أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن التطرف والإرهاب موجودان ولكن يتخفيان في العقول، ومن الممكن أن يأخذ التطرف منحى جديدا إذا سقطت العقول فريسة للأفكار المتطرفة.
 
وأضافت الدكتورة عزة فتحي أن "الأمن الفكري" هو مصطلح حديث يجب العمل عليه ليس فقط من خلال الإعلام والدراما ولكن أيضا عبر تجديد الخطاب الديني، مشيرة إلى أن الإرهاب لن ينتهي لأنه مثل الخلايا العنقودية.
 
وأوضحت أن مشكلة التطرف والإرهاب تنبع في الأساس من الغلو في الدين، حيث هناك جماعات تعمل على تكفير كل من يختلف معهم في وجهات النظر.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة