حمدي عبد الرحيم يكتب: الأونروا بين الأخلاق المصرية والمصالح الغربية

السبت، 03 فبراير 2024 06:00 م
حمدي عبد الرحيم يكتب: الأونروا بين الأخلاق المصرية والمصالح الغربية

- لو كان الموقف الأمريكي والغربي منصفًا وليس عن مبايعة دولة الاحتلال لساند الموقف المصري الرافض لمعاقبة الوكالة الأممية
 
لا تحرص السياسات والمواقف الغربية والأمريكية على شيء كحرصها على مصالحها، حتى لو كانت تلك المصالح شخصية جدًا وضيقة للغاية، وعلى ذلك لا نجد تباينًا حادًا بين هذا المسئول أو ذاك، فالكل سواء ولا خلافات جوهرية بين اليميني واليساري، فأحدهما يهشم أنفك بقفاز من حديد والآخر يهشمه بقفاز من حرير، وفي الحالتين سيتم تهشيم أنفك!
 
في العام 2017 اتخذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قرارًا لم يجرؤ رئيس أمريكي على اتخاذه، لقد قرر تهويد القدس الشريف عبر نقل سفارة بلاده إليها.
 
هاج العالم وماج، ووصل الأمر إلى الأمم المتحدة، فصوّت العالم كله ضد قرار ترامب، اللهم إلا تلك الدول التي لا يعرف أحد موقعها الجغرافي ولا يجيد أحد نطق أسمائها.
 
يومها وقفت نيكي هيلي مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن، لتصرخ بأعلى صوتها: "إن الرئيس ترامب طلب مني تسجيل أسماء الدول التي ستصوت ضد الولايات المتحدة. ما شاهدناه اليوم في مجلس الأمن هو إهانة لن تنسى، إن الأمم المتحدة تسبب ضررا أكثر من النفع في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، عمومًا لن يمضي الأمر بدون عقاب، وسنعاقب الدول التي صوتت ضدنا".
 
طبعًا تم توقيع العقاب الأمريكي على الدول التي صوتت ضد قرار ترامب، بخصم معونات أو تقليصها، ثم دارت الأيام دورتها لتصبح نيكي هيلي منافسة لترامب في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية للسباق الرئاسي، وبعد أن كانت الذراع اليمنى لترامب أصبحت محل سخريته وهجومه بل وعنصريته!.
 
قال ترامب: إن هيلي، التي ولدت في الولايات المتحدة، غير مؤهلة لتكون القائد الأعلى لأن والديها من المهاجرين الهنود لم يكونا مواطنين أمريكيين بعد. واسمها الحقيقي نيماراتا نيكي راندهاوا لكنها تستخدم منذ فترة طويلة اسمها الأوسط نيكي ثم أخذت لقب زوجها فيما بعد.
 
ثم هي تلبس من الفساتين أرخصها!
 
أين المبدأ وأين الأخلاق في موقف كهذا؟
 
قل هي المصلحة ولا شيء غيرها.
 
تلك المصلحة تطل برأسها في قضية شديدة الخطورة، نعنى بها قضية العصف بحاضر ومستقبل منظمة غوث التي نعرفها باسم "أونروا" زعمت دولة الاحتلال أن تسعة من موظفي المنظمة قد شاركوا في أحداث يوم السابع من أكتوبر!
 
ثم كعادتها تلاعبت دولة الاحتلال بالأرقام فقالت: الذين شاركوا بلغ عدده اثنا عشر موظفًا!
 
هذا الزعم الذي لم تسنده حقائق أو أدلة أو وثائق، تلقفه الغرب وأمريكا وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، فقرروا تعليق التمويل الذي يقدمونه لمنظمة هم الذين أسسوها لخدمة مصالحهم وليس لرعاية الفقراء والمقهورين والمظلومين، ذلك لأن المنظمة تأسست بعيد نكبة فلسطين، لكي تخمد من نيران المقاومة، وحرصها على مواصلة التصدي للعدو.
 
المنطق الأمريكي كان مضحكًا واقرأ معي ما قاله ماثيو ميلر رئيس الخدمة الصحفية في وزارة الخارجية الأمريكية: "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء المزاعم بأن 12 موظفا في الأونروا ربما شاركوا في هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، إن الخارجية الأمريكية توقف مؤقتا تخصيص تمويل إضافي للأونروا بينما تنظر الأمم المتحدة في هذه الادعاءات وتطور خطوات ردا عليها".

أين القضية في تصريحات كهذه؟
 
إنه يتحدث عن مزاعم وعن تحقيقات ستجرى، ومع ذلك تقود بلاده حملة تعليق التمويل، فتحصل على موافقة دول من الوزن الثقيل، مثل فرنسا، كندا، أستراليا، إيطاليا، المملكة المتحدة، فنلندا، هولندا، ألمانيا سويسرا واليابان.
 
الموقف الأمريكي والغرب لم يلتفت لتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التي قال فيها إنه يحاسب أي موظف في المنظمة الدولية يكون ضالعًا في أعمال إرهابية.
 
لو كان الموقف الأمريكي والغربي منصفًا وباحُثا عن الحقيقة وليس عن مبايعة دولة الاحتلال لساند الموقف المصري الذي أحسن وزير خارجيتنا السيد سامح شكري التعبير عنه في اتصال جرى بينه وبين فيليب لازاريني، المفوض العام لـمنظمة الأونروا.
 
فقد أكد الوزير على الدور المحوري الذي تضطلع به الأونروا وفق تكليفها الأممي في تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.
 
وقال الوزير نصًا: "من غير المقبول اتخاذ بعض الدول قرارات بتعليق تمويلها لأنشطة الوكالة في هذا التوقيت دقيق الحساسية، فيما يبدو أنه بمثابة عقاب جماعي ضد جميع العاملين في الوكالة، والذين يبلغ عددهم حوالي 30 ألفا، وكذلك أبناء الشعب الفلسطيني، على إثر مزاعم تتعلق بتورط عدد محدود جدا من موظفي الوكالة في أحداث 7 أكتوبر، وهي المزاعم التي لاتزال قيد عملية تحقيق ومراجعة داخلية بأجهزة الوكالة التي تتسم بالشفافية".
 
الفقرة السابقة تظهر التناقض بين موقف مصري أخلاقي يبحث عن الحقيقة وعن الإنصاف، وبين موقف غربي لا يبحث سوى عن مصالحه الضيقة وعن مصالح ربيبته دولة الاحتلال، ولتذهب مزاعم الأخلاق والحرية إلى الجحيم.  
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة