سفير الكويت لدى مصر غانم صقر يكتب: رسالة أعياد الكويت الوطنية

السبت، 02 مارس 2024 04:14 م
سفير الكويت لدى مصر غانم صقر يكتب: رسالة أعياد الكويت الوطنية
سفير الكويت لدى مصر غانم صقر

تحتفل دولة الكويت فى الخامس والعشرين والسادس والعشرين من فبراير، بعيدها الوطنى الثالث والستين، وذكرى التحرير الثالثة والثلاثين.
 
ورغم أن الاحتفالات تأتى فى ظل أجواء إقليمية ودولية غير مستقرة، إلا أن ذلك لا يمنع من تلمس جوانب إيجابية تمنحنا الأمل فى غد أكثر إشراقا واستقرارا لشعوبنا وأمتنا، فمن بين المعاناة ينبثق الأمل، ومن وسط الفوضى تشرق شمس الاستقرار، وهذه هى الحكمة التى تعلمناها من التاريخ.
 
وتظهر تلك الاحتفالات التى تملأ قلوب وعقول كل الكويتيين بالتفاؤل والأمل، مدى محبة وانتماء الشعب الكويتى بكل أطيافه وتياراته لبلادنا الحبيبة، والتفافهم حول قيادتهم الرشيدة ممثلة فى صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، من ناحية، وثقتهم فى قدرة الشعوب العربية على تحقيق المستحيل وتجاوز كل التحديات، من الناحية الأخرى.
 
ولا شك أن فى تذكر معاناة الكويتيين من الاحتلال الغاشم عام 1990 وقدرتهم على تحرير بلادهم بمساعدة الأشقاء والأصدقاء لعظة وعبرة، فالحق دائما ما ينتصر بينما يذهب الزبد جفاءً ولن يمكث طويلا فى الأرض مهما علا وتجبر، وتلك هى رسالة ذكرى التحرير إلى الشعوب المظلومة فى كل مكان.
إننا فى هذه الأيام السعيدة نتذكر بكل فخر أمجاد بلادنا ونضالها من أجل الاستقلال والتحرر والنهضة، وإقامة دولة ديمقراطية حرة، كانت وستظل محط إعجاب وتقدير الجميع.
 
ولا يمكن أن نتحدث عن المناسبات الوطنية فى الكويت دون أن نذكر مصر بالخير، وعادة ما يؤرخ لبداية الاتصالات الرسمية بين البلدين بالعام 1838 عندما استقبلت الكويت مبعوثا مصريا لبحث توفير الدعم اللوجستى للقوات المصرية فى منطقة الاحساء آنذاك، وقدمت له كل أوجه الدعم الممكنة، تلتها اتصالات على مستوى رفيع للشيخ أحمد الجابر والد أمير البلاد فى الوقت الراهن، والذى زار الإسكندرية والقاهرة فى طريق عودته من لندن والتقى عددا من كبار المسؤولين فيها، كما شارك فى بعض الفعاليات السياسية والثقافية، وتزامنت مع ذلك زيارات متعددة لشخصيات عامة وفكرية مدشنة الانطلاقة الهادرة لقطار التعاون الأخوى الوثيق بين البلدين الشقيقين، والذى نجح على امتداد رحلته فى تجاوز كل العقبات والمحطات.
 
وإلى جانب التواصل التعليمى والثقافى العريق الذى ميز بداية العلاقات، فقد حرص الجانبان على الاهتمام بالتعاون الاقتصادى خاصة بعد ظهور الكويت كقوة مهمة فى إنتاج وتصدير النفط، ووقعت البلدان أول اتفاق بينهما فى إبريل 1964، تلاه عدة اتفاقات أخرى منها الاتفاق بين غرفتى التجارة فى البلدين فى يونيو 1977، واتفاق إنشاء اللجنة العليا المشتركة بين البلدين 1995، وكان ذلك بهدف تحقيق أكبر قدر من التنسيق المشترك فى مجالات التعاون المختلفة، وفى غضون سنوات قليلة تبوأت استثمارات الكويتيين فى مصر ترتيبا مميزا بين الاستثمارات العربية، بما يعادل 25 % من إجمالى هذه الاستثمارات، وزاد عدد  الشركات الكويتية العاملة فى مصر متجاوزا 1300 شركة، وشهد حجم التبادل التجارى  ثباتا رغم التطورات التى شهدتها أسواق العالم منذ جائحة كورونا.
 
كما يمتد التعاون إلى مجال الكوادر العاملة، حيث تعد  الكويت سوقا كبيرة للعمالة المصرية التى تعد الجالية الأكبر عربيا فى الكويت.
 
وفى السياق نفسه فقد شهدت العلاقات الأخوية بين مصر والكويت العديد من التطورات الإيجابية المتميزة التى أكدت الخصائص الاستراتيجية التى تتسم بها هذه العلاقات على الدوام، فالعلاقات بين البلدين الشقيقين تشهد نموا مطردا على كل الأصعدة، يأتى انعكاسا للدفعة القوية التى اكتسبتها هذه العلاقات إبان الأزمات والمحن التى دائما ما تظهر معادن الأمم والشعوب، ومثلما وقفت الكويت مع مصر إبان العدوان عليها عامى 1956 و1967، ومثلما شاركتها نصر أكتوبر 1973 من خلال لواء اليرموك الذى كان يعادل ثلث حجم جيش الكويت، وشاركت فى حظر تصدير النفط على الدول المنحازة لإسرائيل، فقد وقفت مصر إلى جانب الكويت خلال أزمة 1961 وأزمة 1990 وغيرهما، ودائما ما يتحدث مسؤولو البلدين عن العلاقة الاستراتيجية الراسخة التى تربط بينهما، وأعتقد أن هذا أمر طبيعى بين بلدين شقيقين جمعت بينهما وشائج راسخة منذ عقود طويلة.
 
لقد تشعبت هذه العلاقات وتطورت إلى أن بلغت مستوى رفيعا من التفاهم والتقارب على الصعيد السياسى، وهو تقارب يتعزز بالاتصالات والزيارات المتبادلة والفعاليات المشتركة  على الصعيدين  الرسمى والشعبى سواء بسواء، مستثمرة بذلك الدفعة التى تمنحها إياها الخصوصية التى تميزت بها، بالإضافة إلى تطابق وجهات النظر حيال القضايا الحيوية التى تهم الأمتين العربية والإسلامية، والتى تقوم على ثبات المواقف ووضوح الرؤى، فما بين مصر والكويت تعاون حقيقى ومثمر ومصالح متشابكة ومتداخلة، ويدرك الجميع أن لمصر مكانة خاصة فى  قلوب الكويتيين منذ زمن طويل، وفى كل القضايا والمحافل الدولية دائما ما نجد مصر تساند الكويت فى مواقفها، والكويت تساند مصر وتنظر إليها باعتبارها ضامنا مهما وركيزة استقرار للأمن القومى فى المنطقة العربية.
 
وفى ضوء هذا التاريخ العريق لعلاقات البلدين فى سائر المجالات، يتواصل التعاون بمختلف الصور، وتتعمق الروابط وتزداد الطموحات نحو مزيد من التعاون والتقارب تحت رعاية القيادة الحكيمة فى كلا البلدين، حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
 
ولا يفوتنى فى هذه المناسبة العزيزة أن أتوجه بأطيب التهانى إلى القيادة الكويتية الرشيدة فى العهد الذى يتجدد دائما بالرموز والقامات العالية التى تستطيع قيادة دفة السفينة بكل حكمة واقتدار، كما أتقدم بالتهنئة إلى الشعب الكويتى الوفى وإلى أفراد الجالية الكويتية الكبيرة التى تقيم فى مصر فى أجواء تسودها المحبة والطمأنينة والأمان.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق