وتحقق الوعد الرئاسي.. أزمة الدولار أصبحت من «التاريخ»

السبت، 09 مارس 2024 07:00 م
وتحقق الوعد الرئاسي.. أزمة الدولار أصبحت من «التاريخ»
هبه جعفر

- ضربة ثلاثية لقرارات الأربعاء الاقتصادية 
- سعر صرف موحد.. خفض التضخم.. القضاء على أسطورة السوق السوداء

- مزايا وضع سعر عادل للجنيه:
عودة تدفقات تحويلات المصريين في الخارج 
زيادة الصادرات والطلب على المنتجات المصرية
تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر
خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة 
تحقيق المستهدف في ايرادات السياحة
 
 
استطاعت قرارات البنك المركزى المصرى الأربعاء الماضى، بتحرير سعر صرف العملات الأجنبية، ورفع سعر الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، ضربة ثلاثية، تمثلت في الاقتراب من تحقيق سعر صرف موحد، بعد القضاء على إمبرطورية السوق السوداء والمضاربات غير القانونية في الدولار، بالإضافة إلى مواجهة التضخم.
 
وفى ضربة في مقتل تلقاها تجار السوق السوداء للدولار، فمنذ الإعلان عن صفقة تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة والهزائم تتوالي على رءوس مافيا الدولار، لتنهار الأسعار على روؤسهم ويفقد الدولار خلال فترة قصيرة ما يزيد عن 30 جنيه في السوق الموازى، وتتحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير ويشهد السوق تراجع كبير في أسعار السلع والخدمات، ويتأكد وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن أزمة الدولار الحالية في مصر ستكون تاريخاً، وأن مصر ستنجح في تخطي الأزمة الاقتصادية كما تجاوزت أزمة الأرهاب. وبعد بضعة شهور تحقق الوعد واستطاعت الدولة القضاء على السوق الموازي.
 
وجاءت قرارات المركزى بعد تخفيف الضغوط على "الجنيه المصري بعد إبرام صفقة رأس الحكمة، وبعد اقتراب سعر الدولار في السوق السوداء مع سعر الصرف الرسمى، حيث تراجع سعر الدولار في السوق السوداء لما دون الـ 40 جنيها، كما تراجعت المضاربات في الدولار في السوق السوداء خلال الأسابيع الماضية، لعدة أسباب، أهمها توافر حزمة كبيرة من الدولارات لدى البنك المركزى كحصيلة من صفقة رأس الحكمة البالغ قيمتها 35 مليار دولار، وكذلك للحملات الموسعة التي قامت بها الأجهزة الأمنية والرقابية لضبط المضاربين في الدولار والعملات الأجنبية في السوق الموازي، وهو مانتج عنه تراجع سعر الدولار في السوق الموازي لما يزيد عن 25 جنيها، وهو ما يؤكد أن سعر الدولار في السوق غير المصرفي لم يكن يعبر عن أي سعر حقيقي.
 
هذا التقارب في السعر سمح باتخاذ قرار تحرير سعر الصرف الآن ليكون معبرا عن القيمة الحقيقية للجنيه المصري.
 
والمتابع للقرارات يعلم جيدا أن هذه القرارات لم تتخذها القيادة السياسية إلا عندما بدأ الاقتصاد المصري في التعافي، بل ويتحرك في مسار أكثر تعافيا واستقرارا، وكل قطاعات المجتمع بدأت تشعر بذلك فعليا من بدء تراجع الأسعار في الأسواق، وما يؤكد ذلك أن القيادة السياسية حين رفضت منذ 9 أشهر تحرير سعر الصرف بناء على طلب من صندوق النقد الدولي، كان وفق قناعة تامة أن الاقتصاد المصري غير مؤهل فعلا لاتخاذ هذه الخطوة في ظل النقص الدولاري الذي كان موجود، لكن مع توافر المدخلات الدولارية بشكل كبير ومع اتخاذ حزمة كبيرة وواسعة من إجراءات الحماية الاجتماعية، وتقارب سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في السوق السوداء مع سعر الصرف الرسمي ومع التراجع الملحوظ الذي بدأ نشهده في أسعار المنتجات، لن يكون لتحرير أو تحريك سعر الصرف أي آثار سلبية على الأحوال المعيشية للمواطن المصري.
 
وفى بيانه الأربعاء الماضى، أكد البنك المركزى أن الاقتصاد المحلي تأثر في الآونة الأخيرة بنقص الموارد من العملات الأجنبية مما أدى إلى ظهور سوق موازية لسعر الصرف وتباطؤ النمو الاقتصادي، واستمرت التداعيات الخارجية الناجمة عن الضغوط التضخمية العالمية في التراكم تزامناً مع تعرض الاقتصاد العالمي لصدمات متتالية، وأدت تلك الصدمات وتداعياتها إلى ارتفاع حالة عدم اليقين وتوقعات التضخم، مما زاد من الضغوط التضخمية، كما أدت تحركات سعر الصرف الناجمة عن ذلك بالإضافة لارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية بجانب صدمات العرض المحلية، إلى استمرارية الضغوط التضخمية التي دفعت بدورها معدل التضخم العام إلى تسجيل مستويات قياسية، وعلى الرغم من تباطؤ معدلات التضخم السنوية مؤخراً، إلا أنه من المتوقع أن تتخطى المعدل المستهدف والمعلن من قبل البنك المركزي المصري البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.
 
وقال البنك إنه في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به بحماية متطلبات التنمية المستدامة، يؤكد البنك المركزي التزامه بالحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وتحقيقاً لذلك، يلتزم البنك المركزي بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، ويعتبر توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي.
 
وأضاف المركزى: واستمراراً لسياسة التقييد النقدي التي يتبعها البنك المركزي المصري، قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الاستثنائي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%، وبناءً على القرار الذي اتخذته اللجنة في اجتماعها بتاريخ الأول من فبراير 2024 برفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 200 نقطة أساس، قررت اللجنة الإسراع بعملية التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم، كما تؤكد لجنة السياسة النقدية على أهمية السيطرة على التوقعات التضخمية، وما تقتضيه السياسة التقييدية من رفع لأسعار العائد الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة. 
 
 وأكمل البنك المركزى بتأكيد إدراكه أن التقييد النقدي يمكن أن يؤدى إلى تراجع الائتمان الحقيقي الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، إلا أن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص، ولذلك يعي البنك المركزي أن تحقيق استقرار الأسعار يخلق مناخاً مشجعاً للاستثمار والنمو المستدام للقطاع الخاص على المدى المتوسط، مشيراً إلى أن قرارات السياسة النقدية المعلنة تأتى في إطار حزمة إصلاحات اقتصادية شاملة بالتنسيق مع الحكومة المصرية وبدعم من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف، واستعداداً لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح، تم توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي.
 
وأكد البنك المركزي على أهمية التنسيق بين السياسات المالية والنقدية للحد من أثر التداعيات الخارجية على الاقتصاد المحلي، الأمر الذي يضع الاقتصاد المصري على مسار مستدام للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وضمان استدامة الدين والعمل على بناء الاحتياطيات الدولية.
 
سعر عادل للجنيه
 
وأجمع خبراء ومراقبين لتعاملات السوق المصرى، أن وضع سعر عادل للجنيه سينتج عنه عودة تدفقات تحويلات المصريين في الخارج من العملات الأجنبية، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي رسميا للسوق الرسمي في البنوك، وتحسن التصنيف الائتماني لمصر بما يساهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما سيكون له أثر إيجابي على زيادة حجم الصادرات المصرية، من المنتجات السعية وغير السلعية، وسيساهم في زيادة الطلب على المنتجات المصرية لأنها تكون أرخص من مثيلاتها، وسيساهم ذلك في تحقيق مستهدفات الدولة في هذا الدعم والتمويل، وسيؤدي إلى استقرار ميزان المدفوعات المصرية في الوصول بالصادرات المصرية الى 145 مليار دولار خلال الست سنوات القادمة وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري، وسيكون له أثر إيجابي على زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يساهم في تحديد الجدوى الاقتصادية للمشروعات التي ينوى المستثمرين ضخ استثماراتهم فيها داخل الاقتصاد المصري والمساهمة في تحقيق المستهدف وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري (2024-2030).
 
وسيكون للقرار أثر إيجابي على زيادة خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة نتيجة لزيادة حجم الإنتاج المدفوع بزيادة حجم الصادرات المصرية، إلى جانب زيادة حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة في إقامة مشروعات إنتاجية أو خدمية جديدة، وبالتالي زيادة الطلب على العمالة وتوفير فرص عمل تساهم في تراجع معدل البطالة وبالتالي ايجاد دخول مناسبة للمواطنين تساهم في تحسين حياتهم المعيشية، كما سيكون له أثر إيجابي على قطاع السياحة، لإن انخفاض قيمة العملة الوطنية يساهم في زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر للاستمتاع بكافة الخدمات السياحية والفندقية بتكلفة أقل عن مثيلاتها في أي دولة أخرى، وبالتالي يساعد في الوصول إلى تحقيق المستهدف في ايرادات قطاع السياحة.
 
وأكد الخبراء أن تحرير سعر الصرف سيزيد حجم الاحتياطي النقدي والأجنبي لدى البنك المركزي المصري نتيجة لزيادة تدفقات إيرادات الصادرات المصرية وإيرادات قطاع السياحة وارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يعطى الأريحية والملاءة المالية القوية للاقتصاد المصري في الوفاء بالتزاماته وتعهداته الدولية من فوائد واقساط الديون وبالتالي تعزيز سمعة وثقة الدولة المصرية أمام المؤسسات المالية والدولية وارتفاع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري مما يعنى ثقة أكبر في قوة ومرونة الاقتصاد المصري على قدرته على توليد إيرادات مستدامة واقتصاد متنوع ينمو ويزداد وبالتالي ثقة أكبر للمستثمرين في مناخ الاستثمار في مصر.
 
وقال أحمد أبو السعد الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية، إن سماح سعر صرف الجنيه أن يتحدد وفقًا لآليات السوق، سينعكس على زيادة تدفقات النقد الأجنبي للبلاد، من خلال عودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين، وفي البورصة بالخطوة التالية، خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار في البنوك أعلى من السوق الموازية، مؤكداً على أهمية إجراء إصلاحات مالية هيكلية تزامنًا مع إصلاح السياسة النقدية لضمان تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتحقيق انتعاش في القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، مضيفًا أن قرارات البنك المركزي بداية لتحقيق إصلاح حقيقي يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات تالية لجني ثمار هذه القرارات.
 
وقال الدكتور بلال شعيب الخبير الاقتصادي، إن تحرير سعر الصرف يعني توحيد سعر الصرف، مشيرا إلى أن آليات الطلب والعرض في السوق هي التي ستخلق توازن بشكل مباشر، مؤكدا أن البنك المركزي يتدخل في سعر الفائدة لغرض اقتصادي وهو سحب السيولة، وكي لا يٌمكن تجار العملة من التلاعب في سعر الدولار مرة أخرى، وأن التشديد النقدى مهم جدا كإجراء اقتصادي لإحداث نوع من التوازن في سعر الصرف، مشسراً إلى أن جذب مزيد من الاستثمار الأجنبي وتوفر السيولة الدولارية أمكن للجراح المصري "البنك المصري" من رفع أسعار الفائدة لإحداث مزيد من التشديد النقدى وامتصاص السيولة، كاشفا عن أن هناك نقد متداول خارج الجهاز المصرفي يقدر بـ 1 تريليون جنيه.
 
وأكد الخبير الاقتصادي، مصطفي بدرة، أن السماح بالتسعير العادل للجنيه، خطوة مهمة نحو تحقيق عدد من المستهدفات أهمها السيطرة على معدلات التضخم، التي تسببت في ارتفاع الأسعار خلال الشهور الماضية، بالإضافة إلى القضاء على السوق السوداء للدولار ومن ثم توحيد سعر الصرف، مشيرا إلى أن القرار يأتي كخطوة أخيرة في مفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن القرار سيكون له تأثير إيجابي على السوق النقدي.
 
وقال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، إن القرار خطوة إيجابية قوية لصالح الاقتصاد المصري، خاصة وأنه في صالح تحويلات المصريين بالخارج، التي تأثرت في الفترة الأخيرة بأسعار السوق الموازية، لافتاً إلى أن القرار يساهم في جذب ودائع المصريين بالخارج، ويشجعهم على تحويل أموالهم للمصارف، موضحاً أن قرار تحرير سعر الصرف كان مطلبا جماعيا لكافة المستثمرين وجاء مكملا للقرارات التي أصدرتها الحكومة مؤخرا، والخاصة بالإفراج الجمركي للمواد الخام، والتي تساعد على تقليل التضخم ورفع معدلات النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة، متوقعاً تراجع أسعار السلع قريبا على خلفية القرار، خاصة وأن المواد الخام لها دورة إنتاجية تستغرق بعض الوقت.
 
المحلل الاقتصادي والمستشار المالي محمد عبد الوهاب، قال من جانبه إن تعديل سعر صرف الدولار يهدف إلى توحيد السعر في السوق المصري بعد حالة العشوائية التي سادت السوق خلال العام الماضي، مؤكدا أن السوق السوداء تلفظ أنفاسها الأخيرة.
 
واتفق عبدالوهاب مع طرح البنوك شهادات بعائد مرتفع؛ لتشجيع المواطنين والعاملين في الخارج على التخلي عن الدولار، خصوصا بعد زيادة أسعار الفائدة اليوم بنسبة 6% في إطار سياسة البنك المركزي للتشديد النقدي من أجل احتواء التضخم المرتفع.
 
وقالت رانا العدوي رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة إيكومن لإدارة المحافظ وصناديق الاستثمار، إن قرارات "المركزى" إيجابية للغاية للقضاء على التضخم، حيث كان المستثمرون ينتظرونها منذ فترة طويلة، لافتة إلى أن التسعير العادل للجنيه يشجع المستثمرين في الاستثمار الثابت في الأذون والسندات وهو استثمار جاذب جدا.
 
وأكدت رانا العدوي أن القرارات تجعل مصر تتخلص تدريجيا من ارتفاع سعر الصرف، وعودة الاستثمارات الأجنبية في البورصة المصرية، بعد عزوف الأجانب والعرب لوجود سعرين للصرف، لكن الوضع اختلف الآن، مشيرة إلى أن القرارات تشجع على ضخ استثمارات أجنبية مباشرة، متوقعة انخفاض التضخم الى 10 % بنهاية العام مقارنة بـ 30 % أول العام، متوقعة تغيير التصنيف الائتماني لمصر الفترة المقبلة الأمر الذى يؤدى إلى جذب استثمارات جديدة، مشددة على التزام مصر الكامل بسداد ديونها.
 
وقالت سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر سابقا، إن إصدار شهادات ادخارية بأسعار فائدة مرتفعة خطوة إيجابية جدا، هدفها سحب السيولة من السوق وتوجيه الناس للمدخرات التي تصب في النهاية في الاستثمار والصناعة، مشيرة إلى أن تقليل الاستهلاك "يذبح التضخم" خصوصا مع اقتراب شهر رمضان يكون الاستهلاك عالي.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة