ليس مجرد تهديد.. إسرائيل تروج لفيديوهات وصور بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة

السبت، 26 أبريل 2025 11:00 م
ليس مجرد تهديد.. إسرائيل تروج لفيديوهات وصور بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة
محمود علي

- الاحتلال يواصل إرهابه بتوسيع الصراع من غزة والضفة الغربية إلى المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة
 
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، وما تبعه من تصعيد دموي متواصل على مدى أكثر من عام ونصف، لم تُظهر إسرائيل أي بوادر للبحث عن حلول سياسية حتى وبعد توقيعها اتفاقاً لوقف إطلاق النار في القطاع في 19 يناير الماضي عادت وخرقته من جديد، بل بدا أن النزعة التوسعية والعقيدة الأمنية المتشددة والتعامل بوحشية ولا إنسانية تتجه نحو آفاق أشد خطورة، تتجاوز جغرافيا غزة نحو الضفة الغربية، بل وتطال عمق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
 
المخيف في المشهد ليس فقط استمرار آلة الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع، بل ما يُحاك في الكواليس – وعلى العلن أحيانًا – من نوايا أو حتى أحاديث لهدم وتفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، وهما من أقدس مقدسات المسلمين. وقد جاءت دعوات منظمات استيطانية إسرائيلية متطرفة في الأسابيع الأخيرة، لتفجير الأقصى وبناء «الهيكل المزعوم» مكانه، لتجسد ذروة هذا التصعيد المتطرف، بما يحمله من استهداف مباشر للهوية الإسلامية والعربية للقدس، وتلك الدعوات تكشف بوضوح عن نهج متطرف يُهدد السلم الإقليمى وينتهك بشكل صارخ كافة المواثيق الدولية.
 
وتلك الدعوات لم تعد مجرد همسات في أروقة التطرف اليميني الإسرائيلية، بل انتقلت إلى واجهات إعلامية، وجرى الترويج لها عبر فيديوهات وصور بتقنيات الذكاء الاصطناعي، تظهر تفجير المسجد الأقصى، في محاكاة استفزازية لا تختلف في عنفها عن التفجيرات الميدانية التي تشهدها غزة. فالمقاطع الأخيرة التي تحاكي تفجير الأقصى ليس مجرد محتوى افتراضي، بل هو تطويع لتقنية متقدمة في خدمة التطرف، ومحاولة لإعادة هندسة الوعي العام، وخلق قبول ضمني لمشاهد تداعياتها على المنطقة والإقليم كارثية لاحقاً.
 
المشهد لم يمر مرور الكرام، حيث أثارت هذه الهجمة الإسرائيلية الشرسة على المقدسات الفلسطينية موجات غضب عارمة في الأوساط الدولية والعربية والفلسطينية، واستدعت مواقف إدانة حادة من عدة دول، في مقدمتها مصر.
 
موقف مصر، عبرت عنه وزارة الخارجية، باستنكارها وإدانتها البالغة للدعوات التحريضية المتطرفة من منظمات استيطانية اسرائيلية، والتي تدعو إلى تفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، وشددت مصر على رفضها الكامل لما تعكسه تلك الدعوات من استفزاز بالغ لمشاعر المسلمين حول العالم، مؤكدة على ضرورة وقف الانتهاكات الخطيرة داخل الحرم القدسي الشريف، وتحذر من المساس بالمقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس.
 
ودعت مصر المجتمع الدولي للعمل بصورة فورية لوقف للانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية، ووضع حد لتصرفاتها المنافية للقانون الدولي، وبما يمنع التدهور المتزايد لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
 
كما، أدانت وزارة الخارجية الأردنية بأشد العبارات دعوات التحريض العنصرية المتطرفة المستمرة من منظمات استيطانية إسرائيلية والداعية إلى تفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، مؤكدة على رفض المملكة المطلق وإدانتها الشديدة لهذا التحريض، محذرة من مزيد من التدهور والتصعيد في ظل الظروف الخطيرة في الأرض الفلسطينية المحتلة واستمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة. 
 
بدورها، أعربت قطر عن إدانتها الشديدة للدعوات التحريضية التي أطلقتها جماعات يمينية إسرائيلية لتفجير المسجد الأقصى، معتبرة أن هذه الدعوات تمثل تحريضًا خطيرًا ينذر باتساع دائرة العنف في المنطقة. ودعت وزارة الخارجية القطرية المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لردع سلطات الاحتلال وإلزامها بحماية المقدسات الدينية واحترام قرارات الشرعية الدولية، كما، حذرت الدول العربية من أن استمرار مثل هذه الدعوات والانتهاكات بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس قد يؤدي إلى تصعيد خطير يهدد استقرار المنطقة بأسرها، في حين أعربت دولة الإمارات عن إدانتها الشديدة للدعوات التحريضية المتطرفة التي أطلقتها منظمات استيطانية إسرائيلية لتفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة. 
 
ويعتبر ما نشهده اليوم من دعوات صريحة لتفجير المسجد الأقصى، امتداد طبيعي لنهج طويل من السياسات الإسرائيلية الكاذبة التي رسخت لأكذوبة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، معتبرة المقدسات الإسلامية عقبات مؤقتة في مشروع السيطرة الكاملة، فمنذ النكبة عام 1948، ثم احتلال القدس الشرقية عام 1967، وضعت المؤسسة الصهيونية نصب عينيها توجه احتلالي بـ"توحيد القدس أو دمج شطريه" وفقًا لتعريف إسرائيلي لا يعترف بالتعددية الدينية ولا بالحق الفلسطيني.
 
ويعد المشروع الاستيطاني الإسرائيلي مختلف عن غيره من المشاريع الاستعمارية بأنه يستحضر نصوصاً دينية ويحوّلها إلى أدوات سياسية وأمنية متطرفة، ما يعد إنكاراً تام للبعد الإسلامي والمسيحي والعربي والفلسطيني المتجذر في تاريخ فلسطين.
 
ويتزامن هذا التصعيد المتطرف ضد المقدسات الفلسطينية، مع موجة جديدة من العدوان على قطاع غزة، يتبعه مباشرة تصعيد نوعي في القدس والضفة الغربية. وكأنّ إسرائيل تستخدم هذه الحرب الشعواء كمقدمة لتغيير معالم المدينة المقدسة بهدوء نسبي، ففي ظل انشغال العالم بالمجازر في القطاع، تمرر مخططات تهويدية بهدوء في القدس، وتتوسع الاقتحامات، وتُسن القوانين، لتغيير معالم الحرم القدسي رويدًا رويدًا.
 
ولا يعني استهداف الأقصى اعتداءً فقط على رمز ديني، بل هو استدعاء لصدام حضاري قد ينسف كل محاولات التهدئة في المنطقة، فالقدس هي مفتاح الاستقرار أو الانفجار، وأي مساس بها يُعد لعبًا بالنار في حقل الأديان. فكما أن المسجد الأقصى ليس شأنًا فلسطينيًا فقط، فإن تداعيات استهدافه لن تبقى محصورة ضمن حدود فلسطين المحتلة.
 
والسؤال الذي يجب أن يُطرح بوضوح: إلى متى سيبقى المجتمع الدولي متفرجًا على هذا الانزلاق المنهجي نحو الكارثة؟ وإذا لم يكن للمقدسات الإسلامية حرمة تردع المخططات، فماذا تبقى من القانون الدولي؟
 
لكن يبدو أنه في ظل انشغال المجتمع الدولي بصراعات عالمية أخرى، ووسط ضعف الردع القانوني الحقيقي لإسرائيل، باتت هذه الأخيرة ترى في ردود الأفعال الدبلوماسية الدولية الغربية، مجرد بيانات شكلية لا ترقى إلى مستوى الفعل. هذا التراخي ساهم في تنامي الشعور الإسرائيلي بأن بإمكانها أن تفعل ما تشاء دون حساب، سواء في غزة أو في القدس أو في الضفة الغربية.
 
في توازٍ مع تصعيد الأقصى، تتصاعد عمليات القمع والاعتقال والقتل في مدن الضفة الغربية، وكأنّ المشروع الإسرائيلي يسير بخط متوازي في أكثر من ساحة. استهداف الأقصى هو رأس المثلث، أما قاعدتيه فهي ممارسات يومية تسعى لتفريغ المدن الفلسطينية من سكانها، وتمزيق الجغرافيا والديموغرافيا لصالح مخططات الضم والتوسع.
 
ما يلفت النظر أن بعض الشخصيات الدينية الرفيعة في التيارات اليهودية الصهيونية، لم تعد تكتفي بالصمت تجاه دعوات هدم الأقصى، بل باتت تشارك فيها وتباركها علنًا. هذا التورط الرسمي الإسرائيلي يحول الخطاب المتطرف من هوامش السياسة إلى مركز القرار.
 
السؤال المُلح الآن: هل تعد هذه التحركات الإسرائيلية التي تهدد بتفجير الأقصى بمثابة بالونة اختبار؟ وهل تجاوز المشروع الإسرائيلي مرحلة التخطيط إلى ما هو أبعد؟ في ضوء سرعة التحركات الميدانية، وتزايد الاقتحامات، وتكرار الدعوات المتطرفة دون رادع.
 
اليقين أن الاستفزازات الإسرائيلية في القدس ليست منفصلة عن الصراع الأوسع، بل تمثل محاولة لتوسيع ساحة المواجهة، واستدراج ردود أفعال تؤدي إلى انفجار شامل، توظف نتائجه ضمن أجندات سياسية داخلية في إسرائيل، حيث يستخدم اليمين هذه التصعيدات لتكريس سلطته واستقطاب ناخبيه، في ظل هذا المشهد، تبدو الحاجة أكثر إلحاحًا لوحدة الموقف العربي والإسلامي، من خلال استراتيجيات دبلوماسية نشطة، وتحركات قانونية دولية، وإعلامية توعوية، تفضح ممارسات الاحتلال وتُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية حرية وهوية، لا نزاعًا حدوديًا عابرًا.
 
بالتوازى مع التهديد الإسرائيلي بهدم وتفجير المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت أن الصورة المشهورة، التي نشرها الجيش الإسرائيلي عندما قال إنه نفق ضخم في محور فيلادلفيا جنوب قطاع غزة وعمقه عشرات الأمتار تحت الأرض، كانت كاذبة.
 
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن جالانت قوله إن النفق لم يكن موجودا في الأصل، وإن ما عثر عليه هو خندق عمقه متر واحد فقط، وأكد أن الصورة استخدمت حينها لتسويق وجود أنفاق في محور فيلادلفيا من أجل المبالغة في أهمية طريق فيلادلفيا ولتأخير صفقة تبادل المحتجزين.
 
وتعود الصورة المذكورة إلى أغسطس الماضي، حين نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، وزعمت تل أبيب حينها أنها اكتشفت نفقا ضخما للمقاومة الفلسطينية يبلغ ارتفاعه عدة أمتار، وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية حينها عن إنجاز كبير يتمثل في اكتشاف النفق الضخم المكون من 3 طوابق، الذي قالت إنه من ضمن البنية التحتية الواقعة تحت الأرض والتي أدهشت الجنود الإسرائيليين.
 
وقال جالانت إن الغرض من نشر الصورة هو تأكيد أهمية محور فيلادلفيا وإظهار أهميته وكونه معبرا للسلاح إلى غزة، وهو ما يخالف الواقع.
وأظهرت صورة النفق، التي نشرها الجيش الإسرائيلي، مركبة عسكرية وهي تخرج من النفق المذكور الذي لم يكن في الواقع إلا قناة عادية لتصريف المياه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق