القانون الجديد ليس الهدية الوحيدة للعمال
السبت، 10 مايو 2025 10:30 م
أحمد سامي
توطين الصناعة والمشروعات القومية العملاقة وعودة الصناعات الاستراتيجية تخفض معدل البطالة من 13% إلى 6.4%
30 مليون مستفيد من قانون العمل.. بطلان أى اتفاق ينتقص من حقوق العامل.. يمنع التمييز في التدريب.. وعلاوة سنوية 3% من الأجر التأمينى
إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى، السبت الماضى، التصديق على قانون العمل الجديد، لم يكن الهدية الرئاسية الوحيدة للعمال في عيدهم، فاختيار مقر الاحتفالية، كان بمثابة أكبر هدية للعمال، كونه يؤكد أن استراتيجية توطين الصناعة، التي تتبناها الدولة تؤتى ثمارها، بما يوفر المزيد من فرص العمل، ويفتح أبواب جديدة للرزق.
من داخل مجمع السويس للصلب، احتفل الرئيس السيسى، بعيد العمل، حيث تقدر مصانع الشركة بـ12 مصنعا، منها مصنع الاختزال المباشر، ومصنع الصهر رقم واحد، ومصنع الصهر رقم 2، بالإضافة إلى 3 مصانع للدرفلة، كما تضم الشركة ورشة الصناعات المعدنية التي ساهمت خلال عام 2024 في توفير من 15 إلى 20% من حجم قطع الغيار التي كان يتم استيرادها، بالإضافة إلى مصنع (القطع والثني) الذي يعمل على توفير الوقت والمجهود للشركات المقاولات التي تعمل في المشروعات الكبرى، وتمتلك شركة السويس، صناعات حديدية متكاملة، حيث أصبح لديها مصانع خاصة بالتكوير والتركيز والصهر والدرفلة.
ويعد مجمع السويس للصلب صرحا صناعيا عملاقا على مساحة 4.4 مليون متر مربع، على بعد 5 كيلومترات من ميناء الأدبية بالسويس، ويساهم في تسهيل عملية التصدير للخارج، إلى جانب المنظومة المترابطة من القلاع الإنتاجية للحديد والصلب ومشتقاتها الصناعية لتحقيق الأهداف التنموية لرؤية مصر الاستراتيجية 2030، ويستخدم أحدث تكنولوجيا العصر في صناعة الحديد والصلب، ويزيد من رصيد الفرص التصديرية لمنتجات الحديد، والانفتاح على كبرى الأسواق العالمية لتوفير العملات الأجنبية، فهي صناعة وطنية بجودة عالمية وشهادة فخر لصناع مصر المهرة ذوي العزيمة من حديد ترسم واقعا جديدا بإرادة من حديد.
في هذه الاحتفالية أعلن الرئيس السيسى، التصديق على قانون العمل الجديد، ليكون هدية للعمال فى عيدهم، بما يضمنه من حفاظ على حقوق العمال وأصحاب الأعمال، دون الإخلال بمبدأ التوازن بين الطرفين، تماشياً مع المتغيرات الجديدة والتطورات الهائلة التي شهدتها مصر في بنيتها التحتية في جميع القطاعات ومنها الصناعة والتجارة والزراعة، وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتعزيز دور القطاع الخاص.
في كلمته، اكد الرئيس السيسى، أن مصر ستظل بعقول وسواعد أبنائها المخلصين منارة للإنتاج والتنمية. مشيرا إلى أن عمال مصر سطروا عبر التاريخ، أروع صفحات البذل والعطاء، معرباً عن سعادته بإعلان التوقيع على إصدار "قانون العمل الجديد"، مؤكدا أنه يعتبر نقلة نوعية فى مسيرة الحقوق العمالية، حيث يضمن مكتسبات واضحة للعمال، ويرسخ مفاهيم حماية العمال وإنصافهم، ويؤكد على الحقوق المستحقة للمرأة العاملة، ويعزز ضمانات الأمن الوظيفى للعاملين، ويتوافق مع مواثيق واتفاقيات العمل الدولية،ليشكل بذلك خطوة جوهرية، نحو ترسيخ بيئة عمل مستقرة ومتوازنة، تواكب تطلعات الجمهورية الجديدة.
ووجه الرئيس الحكومة بالعمل على الانتهاء من مشروع قانون العمالة المنزلية، وإجراء حوار مجتمعى حوله، والتوسع فى مد الحماية الاجتماعية إلى فئات العمالة غير المنتظمة، وصرف إعانات عند الوفاة، وتنفيذ مبادرة لتنمية مهارات الشباب، من خلال منح مجانية، لتأهيلهم على الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، والعمل على سرعة الفصل فى القضايا العمالية، للحصول على المستحقات دون تأخير، وتشكيل لجنة دائمة، لمتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتشغيل، فور إطلاقها.
ووضع قانون العمل الجديد ضوابط لعلاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، وحافظ على حقوق العمال لضمان استمرارية العمل وزيادة الإنتاج، وتحفيز الشباب على العمل بالقطاع الخاص بعد عزوفهم عنه في الفترات الأخيرة، ومعالجة فجوة المهارات، والعمل على التوائم بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل.
ويدخل قانون العمل حيز التطبيق بعد أن صدق عليه رئيس الجمهورية، فطبقا لمادة النشر فإن القانون سيتم العمل به بعد 90 يوما من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، حيث نصت المادة 13 من مواد الاصدار على أن: ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من أول الشهر التالي لانقضاء تسعين يوما من تاريخ نشره ، ويُعمل به في شأن المحاكم العمالية المتخصصة اعتبارًا من أول أكتوبر التالي للعمل بالقانون.
وتأتى أهمية قانون العمل من أنه نص فى المادة 3 على أنه هو القانون العام الذي يحكم علاقات العمل، وهو حكم يخرج كافة التشــريعات المصـرية الأخرى عن التعرض لعلاقات العمل، وبذلك ينحصـر الاختصـاص بنظر كافة المنازعات الناشئة عن علاقات العمـل إلى أحكام هذا القانون، سواء كانت هذه المنازعات فردية أم جماعية مع ضـرورة لفت الانتباه إلى أنه حالة خلو قانون العمل من تنظيم أمر معين فإن الأحكام الواردة في القانون المدني تعتبر واجبة التطبيق باعتباره التشريع ذا الولاية العامة للعلاقات التعاقدية، والخاصة.
واسـتحدث القانون حظر تشـغيل العمال سـخرة تطبيقًا لنص المادة رقم (12) من الدسـتور، والتي نصت على " ولا يجوز إلزام أي مواطن بالعمل جبرًا"، ويتماشى بذلك مع معايير العمل الدولية، كما استحدث المشروع حظر التحرش أو التنمــر أو ممارسـة أي عنف لفظـي أو جسدي أو نفسـي على العامل أو العاملة وذلك تماشيًا مع الاتفاقيـات الدولية وخلق بيئة عمل آمنة يتوافر فيها شروط وظروف العمل اللائق.
واسـتحدث القانون حظر التمييـز في التدريب، أو الإعلان عـن الوظائف أو شـغلها أو شـروط وظـروف العمـل بسـبب اخـتلاف الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو العقيـدة، أو الانتماء السياسـي، أو النـقــابي، أو الموقع الجغرافي، أو الإعاقة، أو لأي سـبب آخـر وكان ذلك تطبيقا لنص المادة رقم (53) من الدستور والتي نصـت على أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متســاوون في الحقوق والحريات والواجبات العامـة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، والجنس، أو الأصل"، فالمســاواة بـين العمال قاعــدة أساسية وإن لم يجـر بها نص كمـا رددته أحـكام المحكمة الدستورية العليـا، وقد جاء هذا النص في الأحكــام العامة، تعظيما لحق العمال في الحصول على حقوقهم الدستورية.
وابقى القانون على اسـتثناء بعض الطوائف من الخضوع لأحكام قانون العمل وهم العـاملون بأجهزة الدولة بما في ذلك وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، وأفراد أسـرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلا، فالعـاملون المـدنيون بالدولة مستبعدون من تطبيـق أحكـام قانون العمل، حتى فيما لم يرد به نص خاص في القانون الذي ينظم علاقة عملهم، واستثناء من ذلك يخضـع العـاملون المدنيون بالدولة لبعض أحكـام قانون العمل وهي أحكــام السلامة والصحة المهنية، وكذلك أحكام استخدام الأجانب والمفاوضة الجماعية، كما أحدث القانون تعديلًا على حكم استبعاد عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، وحصرهم على الذين يعملون داخل المنازل الخاصة والذين يصدر بتحديدهم قرار من الوزيـر المختص.
القانون الجديد، الذى سيستفيد منه أكثر من 30 مليون مصري ومصرية، جاء بالتوازى مع رؤية واضحة لتحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد قوي ومتنوع، وتوطين الصناعات الاستراتيجية بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، حيث تسعى الدولة إلى نقل التكنولوجيا الحديثة، وتدريب الكوادر البشرية، وتحفيز الاستثمار الصناعي عبر مجموعة من المبادرات والسياسات الداعمة.
ويأتي هذا التوجه ضمن خطة طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات الحيوية، وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل، بما يرسخ مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي واعد.
ولخص رفيق الضو، أحد المستثمرين الأجانب في مصر ونائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة السويس للصلب، ثمار الرؤية المصرية لتوطين الصناعة، حينما وقف أمام الرئيس السيسى في احتفالية عيد العمال وقال: "أقف اليوم أمامكم للمرة الثانية بدليل واضح على دعم الدولة المصرية وتشجيعها لكل مستمثر محلي وأجنبي.. أقف اليوم على أرض السويس الباسلة، لنعلن عن افتتاح صرحين صناعيين جديدين يضافان إلى إنجازات الجمهورية الجديدة بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي وبعبور جديد إلى الصناعات المتكاملة والمتطورة".
الضو أضاف: الرئيس السيسي وجه بتعميق الصناعة المصرية وتطويرها وكان هذا التوجية بمثابة أمر لنا، واليوم نؤكد أن هذا الأمر تم تنفيذه، فاليوم نشرُف بافتتاح صرحين صناعيين عملاقين، الأول ينتج 5 ملايين طن سنويا من ركاز خام الحديد ومكوراته وهي المادة الخام الرئيسية في صناعة الحديد والصلب، والثاني ينتج 800 ألف طن سنويا من قضبان السكك الحديدة والقطعات الثقيلة والستائر المعدنية.. كل هذه الإنجازات تحققت رغم الظروف الصعوبة التي مرت بها الدولة المصرية متأثرة بالمناخ العالمي غير المستقر، بدءا من جائحة كورونا والأزمات المالية العالمية والحروب الإقليمية والدولية وكانت جميعها تحديات مؤثرة بشكل مباشر وغير مباشر، وناتج هذا المشروع العملاق سيسهم في خفض العجز السنوي في الميزان التجاري المصري بحوالي مليار دولار، مضيفا :"نحن قادرون خلال عام ونصف العام على توصيل القاهرة بكيب تاون".
ما قاله "الضو" هو أكبر تأكيد على تنفيذ الدولة لاستراتيجية توطين الصناعة، والتي أكد الفريق مهندس كامل الوزير، وزير النقل، إنها تسير وفق الخطة التنفيذية العاجلة التي تم إقرارها لدعم الصناعة المصرية من خلال تسريع وتيرة الإنجاز وتسهيل جذب الاستثمارات وتعزيز تنافسية المنتج المصري محليا ودوليا، وهذه الخطة اشتملت على تبسيط إجراءات الترخيص الصناعي وتقليص زمن الحصول على الموافقات وتقديم حزم تمويلية ميسرة إلى جانب حوافز ضريبية وجمركية لدعم المصنعين وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتوطين التكنولوجيا وتعزيز الابتكار والبحث العلمي ورفع كفاءة وتأهيل العنصر البشري لتوفير عناصر قادرة على الإنتاج، لافتاً إلى أنه في إطار التحول الرقمي وتحسين مناخ الاستثمار تم إطلاق منصة مصر الصناعية الرقمية التي تتيح للمستثمرين خدمات تخصيص الأراضي وإصدار التراخيص والسجلات الصناعية والدفع الإلكتروني؛ بما يسهل الإجراءات ويوفر الوقت والجهد، كما تضمنت الخطة تقديم الدعم للمصانع المتعثرة والمتوقفة وغير المقننة من خلال تدخلات فنية وإدارية ومالية عاجلة وتقديم الدعم الفني والتقني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ بما يسهم في دمجها في الاقتصاد المصري وسلاسل الإنتاج والتوريد.
ولفت الوزير إلى المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية بهدف إعادة هيكلة ودعم المصانع المتعثرة والمتوقفة عن العمل، منها مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية لتمويل رأس المال العامل بتقديم قروض بإجمالي 120 مليار جنيه بفائدة 15% فقط ، وأخرى لدعم القطاعات الصناعية ذات الأولوية لتمويل خطوط الإنتاج وشراء المعدات والآلات بتقديم قروض دعم للشركات، بإجمالي 30 مليار جنيه بفائدة 15% أيضا، وقال الوزير إنه تم تخصيص 2070 قطعة أرض صناعية عبر منصة "مصر الصناعية الرقمية" بالإضافة إلى إصدار 1493 رخصة بناء و4382 رخصة تشغيل جديدة، إلى جانب إصدار حوالي 6713 سجلا صناعيا جديدا للصناعات المخصصة للتصدير؛ مما يعكس حيوية القطاع ونشاطه.
وشدد الوزير على أن العمال هم "عماد الصناعة وروحها" حيث يعمل في المصانع المصرية حاليا حوالي 3.5 مليون عامل وعاملة بنسبة 7.5% من العمالة المصرية ومن المستهدف زيادتها إلى ما يقرب من حوالي 8 ملايين فرصة عمل بحلول عام 2030؛ لتصل إلى نسبة 20% من العمالة.
وفى تعليقه على مكتسبات العمال، سواء بالقانون الجديد او تعميق وتوطين الصانعة، قال عبد المنعم الجمل، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن مصر شهدت طفرة تنموية غير مسبوقة في عهد الرئيس السيسي، مثمنا جهوده الجادة في دعم العمال وتوفير فرص عمل للشباب وتطوير مهاراتهم لمواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة، ولفت الجمل إلى جهود الدولة في تحسين بيئة العمل وتوفير الحماية الاجتماعية وتفعيل قوانين العمل خاصة قانون العمل الجديد الذي تحقق بفضل توجيهات الرئيس السيسي، الذي يعد نقلة نوعية في علاقات العمل ويساهم في توفير بيئة عمل أكثر استقرارا وعدالة.
وقال محمد جبران، وزير العمل، إن مصر حققت تقدما غير مسبوق في خفض معدل البطالة من 13% إلى 6.4% في هذا العام بفضل المشروعات القومية العملاقة وعودة الصناعات الاستراتيجية إلى سابق عهدها مثل الحديد والصلب وصناعة السيارات والمسبوكات والغزل والنسيج والأسمنت وغيرها، مشيرا إلى أن الوزارة ساهمت في توفير مئات من فرص العمل في القطاع الخاص للسيدات وذوي الهمم لدمجهم في سوق العمل ، حيث تم منذ أيام قليلة تسليم عقود عمل لذوي الهمم في 27 محافظة في وقت واحد عن طريق تقنية الفيديو كونفرانس.