لا تصدقوا أساطير الكيان

السبت، 24 مايو 2025 08:43 م
لا تصدقوا أساطير الكيان
حمدي عبد الرحيم يكتب:

 
لو كانت إسرائيل حريصة على ذكرى الذين خدموها فلماذا لا نرى هذا الحرص بخصوص أسراه في غزة
 
 
يوم السبت الماضي، الثامن عشر من مايو من عامنا هذا 2025 كان يوم ذكرى مرور ستين عامًا على قيام الجمهورية العربية السورية بأعدام الجاسوس الصهيوني إيلي كوهين الذي اعترف بقيامه بالتجسس على الجمهورية العربية السورية لسنوات، وقد انتهت مغامرته صباح اليوم الثامن عشر من العام 1965 عندما نُفذ فيه حكم الإعدام.
 
هل مرت الذكرى كما يجب أن تمر ذكرى إعدام جاسوس؟
 
كان يجب أن تمر الذكرى كما تمر الذكريات السوداء التي عنوانها الفشل والإخفاق.
 
نعم لقد فشل كوهين وآية فشله وقوعه في قبضة الأجهزة السورية التي قادته إلى المحكمة التي حكمت عليه بحكمها العادل العاجل، وفشل جهاز الموساد الذي يتفاخر ليل نهار بإمكانياته الجبارة في حماية عميله المهم، فلم يستطع إنقاذه ولا تنبيهه في الوقت المناسب، بل عرف الموساد بسقوط رجله عندما أعلن السوريون عن العملية.
 
هذا الفشل كان مسوغًا لتجاهل الذكرى، ولكن كيان الاحتلال الذي هو مؤسس على طائفة من الأساطير أراد أن يواصل تأسيس وترسيخ أساطيره الكذوب، فسمح للإعلام بأن يقول:" 
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأحد، 19 مايو 2025 نقل الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بالجاسوس "إيلي كوهين" إلى إسرائيل.
وذكر المكتب نيابة عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" أنه "في عملية سرية ومعقدة بالتعاون مع جهاز استخباراتي استراتيجي شريك، تم نقل الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بإيلي كوهين إلى إسرائيل".
 
ويضم الأرشيف نحو 2500 مستند وصورة، وأغراضا شخصية أصلية، معظمها يُكشف لأول مرة.
 
ووفقا للمكتب، يتضمن الأرشيف "تسجيلات، وملفات تحقيقات، ورسائل بخط يد كوهين لعائلته في إسرائيل، وصورا من نشاطه الاستخباري في سوريا، وأغراضا من منزله الذي صودر بعد اعتقاله".
 
كيان الاحتلال يحتفل ولا يتجاهل الذكرى، ويرسل رسائل إلى الخارج قبل الداخل، فهو يريد أن يقول: نحن لا ننسى رجلنا، ففي يوم إعدامه حصلنا على أرشيفه السري، نحن لدينا القدرة على القيام بعمليات معقدة وسرية بمشاركة الذين يتحالفون معنا.
 
هاج العالم وماج بين مصدق لرواية الكيان وبين مكذب لها، ولكن المؤسف أن بعضنا قد ابتلع الطعم، طعم الأسطورة، أسطورة الوفاء للرجال الذين خدموا الكيان.
هل قام الكيان فعلًا بعملية معقدة بمشاركة حليف استراتيجي وحصل على الأرشيف، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
 
ثم لو كان الكيان حريصًا على ذكرى الذين خدموه فلماذا لا نرى هذا الحرص بخصوص أسراه لدى المقاومة الفلسطينية؟
 
إنه يقتلهم بدم بارد كل يوم، إنه يرفض كل صفقة تؤدي إلى الإفراج عنهم ويعطل كل عمل دبلوماسي ويشن الغارات الإعلامية على الوسيطين المصري والقطري، ويخرب كل مسعى لهما، ويتهمهما بكل نقيصة.
 
لو كان الكيان وفيًا حقًا أو لو كان يعرف الوفاء ما انتهج سياسة الأرض المحروقة، زاعمًا أن القتال وحده سيعيد له أسراه، وهو قد جرب القتال والقتل والتدمير والتخريب والتجويع لما يقارب العامين ثم لم يحصل على أسير واحد إلا بالمفاوضات وبعقد الصفقات.
 
الكيان يهتم برجاله عندما يكون للاهتمام مردود سياسي يصب في صالح نخبته الحاكمة، أما غير ذلك فلا اهتمام ولا حتى حرص على حياة ملايين البشر، هو سيكسب سياسيًا وإعلاميًا من ترويج الأوهام حول قدراته الاستخبارية، ولذا يسارع بالكشف عن أرشيف جاسوسه الذي ليس به ورقة سرية أو حتى مهمة، فهذا الأرشيف كله بطاقات محروقة إلا إذا قلنا إن ساعة يد الجاسوس من المقتنيات التاريخية العالمية!
 
لن ينجح الكيان في ترسيخ أساطيره إلا إذا صدقناها نحن، ولا أرى ما يدعو لتصديق كيان قائم بالأساس على أسطورة يغسل بها يديه من دماء الملايين الذين ذبحهم على مدار تاريخه القائم على الدم والدم وحده.
  
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق