استفاقة دولية ضد الجرائم الإسرائيلية

السبت، 24 مايو 2025 08:50 م
استفاقة دولية ضد الجرائم الإسرائيلية
محمود علي يكتب:

تحول دولي واسع تجاه إسرائيل بدأت ملامحه في الظهور، مع تزايد الإدانات الغربية، ولا سيما الأوروبية، بسبب استمرار الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، وخصوصًا المجازر الجماعية، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، وفرض سياسة التجويع الممنهج، ما أسفر عن كارثة إنسانية غير مسبوقة. 
 
مسؤولون غربيون بارزون اعتبروا أن ما يجري “لا يُحتمل” ويشكل “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”، ما دفع عددًا من الدول إلى اتخاذ خطوات عقابية غير مسبوقة ضد إسرائيل، وفي تطور لافت، أعلنت بريطانيا مؤخرًا سلسلة من الإجراءات العقابية، شملت فرض عقوبات على مستوطنين وكيانات استيطانية في الضفة الغربية، وتعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع الحكومة الإسرائيلية، إلى جانب استدعاء السفيرة الإسرائيلية في لندن، تسيبي هوتوفيلي، احتجاجًا على تصاعد العمليات العسكرية ضد المدنيين في غزة، كما أعلنت لندن عن وقف تصدير بعض أنواع الأسلحة التي يمكن استخدامها في العدوان على غزة.
 
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وصف الوضع في القطاع بأنه “لا يُطاق”، مؤكدًا أن بلاده “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام سياسة التجويع الإسرائيلية”، فيما شدد وزير الخارجية ديفيد لامي على أن “توسيع العمليات العسكرية لا يمكن تبريره أخلاقيًا”، وندد باستهداف المستشفيات وقتل عمال الإغاثة، وبتصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى تهجير الفلسطينيين، معتبرًا إياها تعبيرًا عن “تطرف وحشي”.
 
أما النرويج، فقد دخلت على خط المواجهة الدبلوماسية، إذ أعلن رئيس وزرائها يوناس غار ستوره أن بلاده تجري مشاورات دولية بهدف فرض عقوبات اقتصادية محتملة على إسرائيل، مشيرًا إلى أن حرمان السكان من المساعدات وتهجيرهم يمثل “انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي يجب أن يتوقف فورًا”. وأكد أن بلاده تنسق مواقفها مع بريطانيا وفرنسا وكندا في هذا السياق.
 
من جهته، دعا وزير الخارجية الهولندي إلى مراجعة المادة الثانية من اتفاق الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية، التي تنص على احترام حقوق الإنسان، فيما أعلنت وزيرة الخارجية السويدية عن نية بلادها التحرك داخل الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متطرفين، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
 
وفي موقف متقدم، أعلنت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أنها طلبت رسميًا مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، مشيرة إلى أن “أغلبية قوية” من دول الاتحاد تدعم هذا التوجه، ووصفت الوضع في غزة بـ“الكارثي”، مؤكدة أن “الضغط السياسي بات ضرورة ملحة لتغييره”.
كما صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده تؤيد مراجعة الاتفاقية الأوروبية مع إسرائيل، في حين جدد وزير الخارجية الإيطالي مطالبة تل أبيب بوقف هجماتها ضد المدنيين وفتح المعابر فورًا لإدخال المساعدات.
 
هذا التحول في المواقف لم يعد يقتصر على التصريحات والإدانات، بل بدأ يأخذ طابعًا عمليًا وسياسيًا، مع توالي الخطوات العقابية والدعوات إلى محاسبة إسرائيل باستخدام الأدوات الدبلوماسية والقانونية المتاحة. وقد لوّح قادة بريطانيا وفرنسا وكندا باتخاذ “إجراءات ملموسة” قد تشمل فرض عقوبات إذا لم توقف إسرائيل هجماتها.
 
ويتزايد التنسيق بين عواصم أوروبية عديدة، حيث طالبت 22 دولة إسرائيل بـ"السماح الفوري والكامل بدخول المساعدات"، بينما أكد قادة الدول الثلاث: “لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء تصرفات حكومة نتنياهو في غزة”.
 
تأتي هذه التحركات على خلفية استمرار إسرائيل في حربها الشاملة ضد سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، في حملة وصفتها منظمات حقوقية بأنها إبادة جماعية تشمل القتل والتدمير الممنهج والتجويع والتهجير القسري، في تجاهل تام لكافة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن العالم بدأ يستفيق، وأن الحصار الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي على إسرائيل آخذ في التشكل، مع تزايد الإدراك بأن الصمت الدولي لم يعد مقبولًا أمام الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق