دفقة ماء تكفى لتدمير أسطورة

السبت، 07 يونيو 2025 03:23 م
دفقة ماء تكفى لتدمير أسطورة
حمدى عبدالرحيم

تصديق أساطير الكيان الإسرائيلى هى خيانة للحقيقة فكل أساطيرهم قصور من رمال وأقربها أسطورة «عربات جدعون»
 
يخشى المسلمون منذ زمن بعيد أن يضعوا الإسلام طرفًا فى الصراع الذى يخوضونه، ثم جاء العرب وهم معدن الإسلام وأصله فخشوا من الأمر ذاته، فأصبحنا لا نسمع شيئًا لا عن مكانة الإسلام ولا عن دور العروبة فى حرب الإبادة التى تتعرض لها غزة، بل توارت كلمة فلسطين ذاتها، بل خفت اسم غزة، فلا نسمع إلا حديثًا عجيبًا عن الصراع بين المقاومة (المقاومة هكذا فى المطلق وفى الفراغ الكونى) وبين جيش الاحتلال، على الطرف الآخر نجد تمسكًا مخيفًا بكل أسطورة ونفخًا فى روح كل أكذوبة، واستثمارًا خرافيًا لكل قصة قديمة لا يقوم على صحتها دليل، وكل ذلك يصنعونه ببراعة منقطعة النظير، من أجل الحشد والتهيئة والتعبئة، مستهدفين إقامة الدليل على صحة شىء واحد وحيد، ألا وهو أن وجودهم فى فلسطين قديم عريق، بوصف فلسطين وطنهم الأول الذى وهبه الرب لهم!
الآن هم يواصلون حرب إبادتهم لشعبى الضفة وغزة تحت مسمى «عربات جدعون»، فمن يكون جدعون هذا؟ وما هى دلالة النص عليه هو تحديدًا؟
 
لقصة جدعون بدايتان، أحدثهما وقعت قبل سبعين سنة، لقد أطلقت عصابات الاحتلال اسم عملية «جدعون» على المعارك التى شنتها العصابات فى العام 1948 على مدينة بيسان الفلسطينية، وقد نجحت العصابات فى الاستيلاء على بيسان وقامت بتدمير القرى المحيطة بها، وقطعت الطريق التى تؤدى إلى الأردن لكى تضمن عدم دخول المساعدات إلى بيسان «المساعدات مرة أخرى!».
 
أما البداية القديمة فنجدها فى توراتهم التى بين أيديهم الآن، وملخصها يقول: إن جدعون اسم عبرى معناه «حاطب» أو «قاطع بشدة»، وقد عاش فى زمن العداوة التى كانت بين المديانيين وبنى إسرائيل، هنا نتوقف لنذكر أن المديانيين هم أهل مدين، وهم من عرب الجزيرة ويعود نسبهم إلى مدين بن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وهى المنطقة الواقعة فى مدينة تبوك إحدى كبريات مدن المملكة العربية السعودية.
 
نعود إلى القصة التى يؤمنون بها، فنقول: هم يؤمنون بأن أهل مدين كانوا أكثر من زبد البحر وكانت خيولهم وأبلهم أكثر من عدد رمال الصحراء، وكانوا فى حالة تعطش دائم لقتل بنى إسرائيل!
 
طبعًا من المعروف أن بنى إسرائيل هم ملائكة بأجنحة خضراء، والعرب هم المتوحشون الذين لا يعرفون شيئًا غير سفك دماء بنى إسرائيل!
 
تمكن جدعون من تشكيل جيش من اثنين وثلاثين ألف مقاتل، ولكنه كان يعرف أن هزيمة أهل مدين تحتاج إلى معجزة إلهية، فقد عمل على تقليص عدد الجيش حتى وصل إلى ثلاثمئة مقاتل فقط لا غير، سبحان ربك يا أخى الكريم، عليك أن تصدق أن هؤلاء الثلاثمئة مقاتل تمكنوا من إبادة المديانيين، نعم إبادة من التى نراها فى غزة صباح مساء، لقد هجم جدعون بقواته القليلة على المديانيين فجأة، فراح أهل مدين يضرب بعضهم رقاب بعض، حتى انتهى أمرهم تمامًا، وعاد جدعون ليصبح قاضيًا وقائدًا عسكريًا لبنى إسرائيل، وكان الرجل مزواجًا حتى ولد له سبعون ولدًا!
 
نلاحظ من القصة التى يؤمنون بها:
أولًا: معركتهم الآن مع الفلسطينيين، فما الذى جاء بأهل تبوك السعودية؟
يريدون القول ولو من طرف خفى: إن معركتنا هى من العرب من حيث كونهم عربًا لا فرق بين فلسطينى وسعودى.
ثانيًا: تعمدهم اللئيم لذكر أنصاف الحقائق، فليس فى القصة كلمة واحدة عن موقفهم هم من أهل مدين، سرديتهم وروايتهم تعتمد دائمًا على كونهم ضحايا أبريا، بينما الآخر متوحش قاتل يريد إبادتهم هكذا لوجه الشيطان!
ثالثًا: فى الوقت الذى يخشى فيه المسلمون والعرب من استعادة أسماء وبطولات قادتهم، فكيان الاحتلال يفتش زوايا وخفايا تاريخه الأسطورى ليضع يده على قصة هنا أو هناك ثم يعيد ضبطها لتصبح مناسبة لحوادث اليوم.
رابعًا: كل تصديق لأساطير الكيان هو - بأقل وصف - خيانة للحقيقة، فكل أساطيرهم ما هى إلا قصور من رمال، تدميرها لا يحتاج إلا إلى دفقة ماء قوية، وما تدميرنا لأسطورة خط بارليف بدفقات الماء ببعيد!
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق