القطاع الخاص العمود الفقري للاقتصاد

الأحد، 22 يونيو 2025 01:30 ص
القطاع الخاص العمود الفقري للاقتصاد
هبه جعفر

 
الحكومة تستعد للإعلان عن طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل بواسطة شركات متخصصة وناجحة 
القاهرة تشهد إطلاق آلية الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة لضمانات الاستثمار بـ1.8 مليار يورو
 
 
بعثت الحكومة برسالة مهمة إلى القطاع الخاص، مفادها أنه ليس مجرد شريك، بل هو المُحرك الرئيسي لمسيرة النمو الاقتصادي في مصر، خاصة أن القطاع الخاص أثبت خلال السنوات الأخيرة قدرته على توليد أكثر من 80% من فرص العمل، ويُمثل اليوم نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي، ليصبح العمود الفقري للاقتصاد المصري.
 
وأكد مختار ديوب، المدير العام لمؤسسة التمويل الدولية أن الوقت الحالي "مثالي" للإصلاحات في مصر، مشددا على أن العالم ينظر إلى مصر "نظرة ثقة واستقرار"، وتوقع تدفق الاستثمارات بقوة إلى مصر مع تنفيذ إصلاحات تهدف إلى تبسيط الإجراءات وتحقيق تكافؤ الفرص، وشدد على التزام مؤسسة التمويل الدولية بدعم التحول الحاسم في مصر؛ نحو اقتصاد يقوده القطاع الخاص، منوها بالتعاون مع وزارات الحكومة لا سيما الاستثمار وقطاع الأعمال العام؛ من أجل خلق بيئة مواتية لمشاركة القطاع الخاص؛ مما يدفع بالنمو الاقتصادي المستدام ويوفر فرص عمل للمصريين.
 
وأشاد مدير مؤسسة التمويل الدولية، بقطاع السياحة في مصر؛ مشيرا إلى أنه "ركيزة أساسية" في تعافي الاقتصاد؛ خاصة إذا تم توسيع مجالات الجذب السياحي لتشمل السياحة الثقافية والعلاجية، مؤكدا دعم المؤسسة لمشاريع تحديث البنية التحتية، وتطبيق معايير الاستدامة مثل شهادة المباني الخضراء EDGE للمتحف المصري الكبير؛ بما يسهم في تعزيز صورة مصر كمقصد سياحي شامل.
 
وشهدت القاهرة الأسبوع الماضى، عقد فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص: النمو الاقتصادي والتشغيل، الذي عقدته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور عدد من الوزراء، والسفراء، ورؤساء وممثلي عدد من شركاء التنمية والاتحاد الأوروبي في مصر والمؤسسات الدولية، وشركات القطاع الخاص.
 
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، أنه انطلاقًا من توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حرصت الدولة المصرية على إعادة تحديد دورها في النشاط الاقتصادي، من خلال إطلاق وثيقة "سياسة ملكية الدولة" التي وضعت إطارًا واضحًا لحدود تدخل الدولة، وأسست لبيئة تنظيمية أكثر انضباطًا، كما تضمنت الوثيقة تنظيم أوضاع الشركات التابعة، وضمان الإفصاح المالي، وتحقيق العدالة التنافسية، إلى جانب تقليص الإعفاءات الممنوحة للشركات المملوكة للدولة، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لتلك الشركات، بما يُسهّل طرح حصص منها للقطاع الخاص، وإشراك شركاء استراتيجيين في إدارتها، ضمن رؤية أشمل لتعظيم كفاءة إدارة أصول الدولة.
 
وأوضح رئيس الوزراء أنه على الرغم مما شهدته المنطقة والعالم من تحديات جيوسياسية واقتصادية، إلا أن الاقتصاد المصري أثبت قدرته على الصمود والتكيف، حيث بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي نحو 4.3% في الربع الثاني من العام المالي الجاري، مع توقعات إيجابية من مؤسسات التمويل الدولية، ومن بينها صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وغيرها من مراكز الأبحاث والفكر الدولية، التي عززت توقعاتها الإيجابية للاقتصاد المصري استنادًا إلى التنفيذ الفعال لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، وفي الوقت نفسه شهدنا زيادة في الاستثمارات الخاصة من إجمالي الاستثمارات الكلية لتتجاوز نسبتها 50% وارتفاع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب ذلك ارتفعت الصادرات غير البترولية بنسبة 33% خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي الجاري، وانخفض معدل البطالة إلى 6.3%، مقارنة بأعلى مستوياته قبل جائحة "كورونا"، وشهدنا أيضًا انخفاضًا في العجز المالي إلى 6.5%، بينما نتجه إلى خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى ما بين 85 و87%.
 
وشدد مدبولى على أنه مما لا شك فيه أن كل تلك المؤشرات تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، بقيادة القطاع الخاص الذي يشكل الدعامة الأساسية لتحفيز الاقتصاد الوطني، وأنه لم يكن أن نحقق هذه التطورات الإيجابية دون إطلاق برنامج إصلاح هيكلي شامل، يستهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتحسين مناخ الاستثمار، ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
 
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدوليّ، إن الحكومة المصرية تواصل تنفيذ برنامجها الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية هي: ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي، بما يعزز قدرته على الصمود في مواجهة المتغيرات الخارجية، من خلال عدد من الآليات من بينها حوكمة الاستثمارات العامة، إلى جانب تحسين التنافسية وبيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، ودفع التحول الأخضر لزيادة استثمارات القطاع الخاص، موضحة أن هذا المسار يعد بمثابة الضمان الحقيقي لتفادي التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري في ظل هذا الظرف الدولي الدقيق الذي تتزايد فيه التحديات الدولية، ولاسيما مع تصاعد التوترات الجيوسياسية والأمنية، والتدابير الحمائية.
 
 وخلال لقائه مع مختار ديوب، الرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية، أشاد الدكتور مصطفى مدبولي بالتعاون المثمر مع المؤسسة في طرح عدد من المطارات المصرية للإدارة والتشغيل أمام مجموعة من الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، لافتا للتجارب الناجحة لمؤسسة التمويل الدولية على المستوى العالميّ في ملف طرح المطارات للإدارة والتشغيل أمام القطاع الخاص، معربا عن تطلعه لسرعة الإعلان عن خطة طرح المطارات المصرية في أقرب وقت ممكن؛ حتى يتسنى بعدها بدء عملية الطرح، ومن ثم اختيار الشركات التي ستقوم بهذه المهمة.
 
وأكد رئيس مجلس الوزراء أنه من المخطط الإعلان عن طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري، واصفا ذلك بأنه سيكون حدث مهم للغاية، وخاصة أنه سيتم للمرة الأولى إدارة وتشغيل المطارات المصرية بواسطة شركات متخصصة وناجحة في هذا المجال، ولها باع طويل في هذا الشأن.
وشهد المؤتمر أطلاق الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي في مصر، آلية الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة الاستثمارات في مصر لضمانات الاستثمار بقيمة 1.8 مليار يورو، والتي تُعد إحدى بنود الإعلان السياسي الصادر خلال القمة المصرية الأوروبية التي انعقدت في مارس 2024، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية.
 
وتعد منصة الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة EFSD+، هي أحد المكونات الرئيسية للآلية الأوروبية للتمويل الخارجي، وتهدف إلى تعزيز الاستثمارات المستدامة في البلدان الشريكة، بما في ذلك مصر، من خلال تحفيز دور القطاع الخاص وتوفير أدوات مالية مبتكرة، حيث تتيح استخدام أدوات التمويل المبتكر مثل الضمانات، القروض الميسرة، والتمويل المختلط  بهدف تقليل المخاطر أمام المستثمرين وتحفيزهم على المشاركة في مشروعات تنموية في قطاعات استراتيجية مثل: المياه، الطاقة، الزراعة، المناخ، البنية التحتية، والرقمنة. 
 
وأوضح ستيفانو سانينو، المدير العام لإدارة جنوب المتوسط والشرق الأوسط بالمفوضية الأوروبية، أن الاتحاد الأوروبي يُطلق آلية ضمان الاستثمار من أجل التنمية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وهي منصة استراتيجية مُصممة لتسريع مشروعات الاستثمار اوتقديم حلول تمويلية واسعة النطاق في مصر. بعد مرور ما يقرب من عام على نجاح مؤتمر الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والذي أتاح العديد من فرص الاستثمار الأوروبية في مصر، يُمثل هذا إنجازًا رئيسيًا جديدًا في تنفيذ الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، موضحًا أنه في إطار نهج "فريق أوروبا"، يُصبح الاتحاد الأوروبي مستثمرًا استراتيجيًا وشريكًا اقتصاديًا في النمو المستدام والتحول الأخضر في مصر. وستُساعد آلية ضمان الاستثمار من أجل التنمية في حشد ما يصل إلى 5 مليارات يورو من الاستثمارات العامة والخاصة بين عامي 2024 و2027".
 
وشهد الدكتور مصطفى مدبولي، مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الحكومة وشركاء التنمية والقطاع الخاص، وتضمنت الاتفاقيات توقيع اتفاقية الإغلاق المالي لمشروع محطة «أوبيليسك» للطاقة الشمسية بقدرة 1 جيجاوات بالإضافة إلى ٢٠٠ ميجاوات ساعة تخزين بطاريات بإجمالي استثمارات ٦٠٠ مليون دولار أمريكي، الذي تقوم بتطويره شركة سكاتك النرويجية، وهو أحد مشروعات الخطة العاجلة لوزارة الكهرباء لإدخال قدرات إضافية للشبكة، كما يعد ضمن مشروعات محور الطاقة ببرنامج «نُوفّي».
 
كما تم توقيع اتفاقية شراء الطاقة لمشروع شدوان لطاقة الرياح الذي تقوم بتطويره شركة سكاتك النرويجية بقدرة ٩٠٠ ميجاوات برأس شقير بخليج السويس بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة حوالي مليار دولار أمريكي، وهو أحد مشروعات محور الطاقة ببرنامج «نُوفّي».
 
كذلك تم توقيع اتفاقية تمويل بين مؤسسة التمويل الدولية IFC، وشركة إيميا باور الإماراتية، لدعم أول مشروع لتخزين الطاقة باستخدام البطاريات على نطاق المرافق في مصر، والخاص بمشروع أبيدوس للطاقة الشمسية، والذي يعد ضمن مشروعات محور الطاقة ببرنامج «نُوفّي».
 
كما تضمنت التوقيعات اتفاقية تعاون بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي واتحاد بنوك مصر، بهدف تعزيز الوصول لخدمات شركاء التنمية عبر منصة "حافز" للدعم المالي والفني للقطاع الخاص.
 
كما شهد الدكتور مصطفى مدبولي أيضاً، مراسم توقيع اتفاق منحة الاستثمار لمشروع الصناعات الخضراء المستدامة بمبلغ 21 مليون يورو بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي، وكذلك توقيع اتفاقًا مع 12 من ممثلي الغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال، واتحاد الصناعات المصرية، بهدف تعزيز الوصول إلى الخدمات المُقدمة من شركاء التنمية عبر منصة «حافز» للدعم المالي والفني للقطاع الخاص، والتقط رئيس مجلس الوزراء صورة تذكارية معهم على هامش المؤتمر.
 
وأطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تقرير «التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص.. النمو الاقتصادي والتشغيل»، وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن تعزيز مشاركة القطاع الخاص لم يعد خياراً، بل ضرورة استراتيجية لخلق اقتصاد قادر على الصمود، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام وزيادة معدلات التشغيل، وفي ظل التحديات التمويلية العالمية، يُمثّل التمويل الإنمائي أداة حيوية لسد الفجوة التمويلية التي تواجه جهود التنمية، من خلال توفير موارد تمويلية ميسرة، وخبرات فنية، وآليات مبتكرة تُسهم في تقليل مخاطر الاستثمار، خاصة في القطاعات ذات الأولوية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة