من التعليم إلى "قبة البرلمان".. 30 يونيو أعادت رسم طريق المرأة بعد "نكسة الإخوان"
الأربعاء، 25 يونيو 2025 01:55 م
- مستويات التعليم ارتفعت بنسبة 14.11% وعام 2016 الإنطلاقة الحقيقية للمرأة
ـ الأرقام تشير إلى قفزة تاريخية بعد 30 يونيو.. النساء استحوذن على 28% من مقاعد البرلمان .. ريادة إقليمية في تمثيل المرأة.
ـ مصر قفزت من المركز 17 إلى الثالث عربيا مع كسر قيود بطالة السيدات بنسبة إنخفاض بلغت 17.99%.
ـ ارتفاع مستوى التعليم لدى الفتيات إلى 5 نقاط مئوية خلال 6 سنوات.
ـ الأرقام تشير إلى قفزة تاريخية بعد 30 يونيو.. النساء استحوذن على 28% من مقاعد البرلمان .. ريادة إقليمية في تمثيل المرأة.
ـ مصر قفزت من المركز 17 إلى الثالث عربيا مع كسر قيود بطالة السيدات بنسبة إنخفاض بلغت 17.99%.
ـ ارتفاع مستوى التعليم لدى الفتيات إلى 5 نقاط مئوية خلال 6 سنوات.
لو كانت المناضلة درية شفيق تطل برأسها من نوافذ السماء أو روحها ترفرف حولنا فى الأجواء، لم تكن لتتخيل أن تصل نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان المصرى إلى نحو 28%، بعدما اقتصر حلمها فى خمسينيات القرن الماضى على التصويت والمشاركة.
فعندما اقتحمت البرلمان فى فبراير 1951 للمطالبة بحق المرأة فى الترشح والانتخاب، لم تكن تدرى أن تلك اللحظة الفارقة ستؤسس لكفاح استمر أكثر من 70 عاما، وستصل ذروته فى العقد الأخير بعد ثورة 30 يونيو.
ورغم أن دستور 1956 منح المرأة المصرية الحق الكامل فى المشاركة السياسية، فإن الوجود النسائى تحت القبة ظل هشا ومحدودا لعقود طويلة، كما هو الحال لوضعها اجتماعيا واقتصاديا، حتى مر بأسوأ لحظاته فى عام 2012 فى ذروة «النكسة السياسية» لحقوق المرأة خلال فترة حكم الإخوان الإرهابية، حتى جاءت لحظة فارقة جديدة فى تاريخ نضال المرأة بثورة 30 يونيو 2013 لنشهد طفرة لافتة فى تمكين المرأة سياسيا وتعليميا، توازيا مع مؤشرات اقتصادية واجتماعية أكثر استقرارا.
طفرة فى التمثيل السياسى من 1.9% إلى 28%
تكشف إحصائيات البنك الدولى حول تمثيل المرأة فى البرلمان المصرى خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة تحولات واضحة ارتبطت بالأوضاع السياسية، وبالتحليل الدقيق للأرقام نجد أن تمثيل المرأة فى البرلمان مر بمراحل أربع حاسمة خلال الـ15 عاما الأخيرة.
ففى عام 2010، شهد ارتفاعا ملحوظا حيث بلغ تمثيل المرأة 12.7%، وهو رقم مرتفع نسبيا مقارنة بالسياق الإقليمى وقتها، إلا أن عام 2012 الذى تولى فيه الإخوان الحكم، اعتبره الخبراء مرحلة الانهيار السياسى للمرأة، حيث شهد برلمان الإخوان انخفاضا حادا، وبلغ تمثيل المرأة فيه 1.9%، والذى كان مؤشرا قويا على تراجع أولوية تمكين المرأة فى ظل حكمهم للبلاد، حيث يمثل هذا الرقم أدنى مستوى فى تمثيل النساء خلال 15 عاما.
إلى أن جاء عام 2016 بعد أن تم إرساء قواعد وأسس الجمهورية الجديدة، حيث قفزت النسبة فى البرلمان إلى 14.93%، وهو تحول كبير مقارنة بعام 2012، ويرجع إلى تعديلات دستورية أو تشريعية ساندت حقوق المرأة، ودعم رسمى لمشاركة المرأة فى العملية السياسية، وتصاعد الخطاب العام حول تمكين المرأة بعد ثورة 30 يونيو.
ثم حدثت الطفرة الثانية فى 2020 بقفزة جديدة إلى 27.41% «تقريبا الضعف مقارنة بعام 2016»، وهذا المستوى المرتفع والمستقر يعد أعلى تمثيل سياسى للمرأة فى تاريخ البرلمان المصرى.
التعليم كلمة السر.. من التراجع إلى الصعود المستمر
لم يكن الحضور البرلمانى مجرد صدفة، بل جاء ليعكس طفرة فى أوضاع المرأة فى مختلف المجالات بدأت بالتعليم الذى ارتفع خلال السنوات العشر الأخيرة، مقابل انخفاض ملحوظ فى مستويات التعليم خلال حكم الإخوان.
وبالبحث عن مؤشرات التعليم بين الإناث فى مصر خلال السنوات الأخيرة ومقارنة فترة حكم الإخوان بما تلاها، وجدنا أن نسب تعليم الإناث لما بعد مرحلة التعليم الثانوى شهدت ارتفاعا متواصلا منذ ثورة يونيو - وفقا لأرقام البنك الدولى - وحتى الآن.
تعليم الإناث انخفض خلال حكم الإخوان وانتعش فى عهد الجمهورية الجديد
تشير الأرقام إلى انخفاض تعليم الإناث فى الفترة من 2012 إلى 2014 من 15.26% إلى 14.11%، ما يدل على تراجع التعليم فى فترة حكم الإخوان وفترة الاضطرابات التى تبعتها، ثم شهدت الفترة من 2014 إلى 2016 استقرارا وتحسنا طفيفا، حيث ارتفعت النسبة قليلا إلى 14.85%، ما يشير إلى بداية التعافى أو تحسن جزئى فى جهود التعليم.
أما الفترة من 2016 إلى 2022، فشهدت تحسنا مستمرا وملحوظا، وارتفعت النسبة بشكل منتظم على النحو التالى: «16.7% فى 2018، ثم 18.20% فى 2020، وصولا إلى 19.04% فى 2022».
وهذا يعنى أن هناك اتجاها تصاعديا قويا بعد عام 2016، حيث إن نسبة تعليم الإناث ارتفعت بنحو 5 نقاط مئوية خلال 6 سنوات فقط، وهذا يشير إلى تطور واضح فى تعليم الإناث، بفضل سياسات الدولة فى دعم تعليم الفتيات، والمبادرات المجتمعية، وتحسن البنية التحتية والوعى المجتمعى، وهذا التحسن يعكس تقدما فى تمكين المرأة وتعزيز دورها فى المجتمع عبر التعليم.
نائبة بالبرلمان: الدولة فتحت للمرأة مجالات لم تكن مسموحة من قبل
تعليقا على الإحصائيات، قالت النائبة هند رشاد، أمين سر لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب: «بالطبع لا يوجد شك فى أنه كلما ارتفع الوعى بأهمية التعليم، كلما تغيرت المجتمعات وارتقت، فعندما تخصص الدولة المصرية عاما للمرأة، تطرح فيه قضاياها فى مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتحصل على امتيازات كبيرة فى كل المجالات، وتدخل إلى مجالات لم تكن مسموحة لها، ويصبح تمثيلها فى البرلمان نسبة متميزة مقارنة بالسنوات الماضية، فهذا طبعا إنجاز».
وأضافت: «وصلت المرأة إلى نسبة تمثيل 28% من إجمالى مقاعد البرلمان، ونتمنى أن يزيد فى الانتخابات المقبلة، وبالتالى هنا القيادة السياسية لديها رؤية أن هذا المجتمع يجب أن يكون مبنيا على الكفاءة وإتاحة الفرصة للجميع بداية من الحصول على قدر متساوٍ من التعليم وحتى التمكين الاقتصادى والسياسى، والآن نحن فى سبيلنا لنكون فى وضع أفضل، وتلك الأرقام خير دليل التى تؤكد أن نسبة التعليم زادت، فبالتالى نسبة البطالة انخفضت، نسبة تمثيل المرأة داخل البرلمان ارتفعت، وجميعها مؤشرات إيجابية ومترابطة، لأن زيادة التعليم تنعكس على الوعى السياسى».
ولفتت إلى أن وضع المرأة بوجه عام فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة شهد تحسنا ملحوظا، فلدينا تمثيل وزارى مشرف جدا للمرأة، وكذلك تواجدها داخل البرلمان، وهذا جاء من إيمان القيادة السياسية بحقوق المرأة وتواجدها وتمثيلها الذى كفل لها نسبة فى الدستور.
وأكدت أن برنامج «تكافل وكرامة» كان له دور مهم جدا فى تشجيع السيدات على تعليم البنات، وأضافت: «بصراحة، هذا البرنامج من البرامج الاجتماعية المهمة جدا والعبقرية التى أفادت الفئات الأكثر احتياجا من دعم الدولة».
30 يونيو فتحت أسواق العمل أمام المرأة وخفضت بطالة الإناث
التعليم خطوة فى سلسلة متصلة ببعضها البعض، وبما أنه كان خطوة البداية فالخطوة الثانية هى البطالة، وبالنظر إلى إحصائيات البنك الدولى فيما يخص بطالة الإناث فى مصر نجد أن هناك ثلاث مراحل مهمة مرت بها بطالة الإناث منذ 2012 وحتى الآن.
الأولى هى ذروة البطالة من 2012 إلى 2015، وكانت معدلات البطالة تتراوح بين 23.9% و24.7%، وهذه الفترة تمثل المرحلة الأعلى فى البطالة خلال العقد الماضى، ثم المرحلة الثانية والتى تمثل بداية التحسن التدريجى فى الفترة من 2016 إلى 2019، حيث بدأت البطالة تنخفض على النحو التالى: «23.5% فى 2016»، و«22.8% فى 2017»، ثم «21.3% فى 2018»، وصولا إلى 21.3% فى 2019، وهذا الانخفاض المتدرج يعكس تحسنا نسبيا فى النشاط الاقتصادى وفرص العمل.
أما المرحلة الثالثة، فهى تمثل تحولا كبيرا بل وأكبر انخفاض فى معدل بطالة الإناث، حيث انخفضت من 21.3% فى 2019 إلى 17.6% فى 2020، ثم واصلت الانخفاض فى 2021 إلى 15.9%، ويمكن ربط هذا التحسن ببرامج دعم المشروعات الصغيرة، والتوسع فى المشروعات القومية، وتحسن بيئة الاستثمار.
ثم جاء عام 2022 ليعكس تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد وضغوط اقتصادية عالمية مثل التضخم، وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية، حيث عادت البطالة للارتفاع ولكن بشكل طفيف فى هذا العام فقط إلى 18.28%، ثم عادت للانخفاض التدريجى فورا إلى 18.23% فى 2023، ثم 17.99% فى 2024.
ويعتبر التحول الأهم بين عامى 2020-2021، ويبدو أنه يعكس جهودا حقيقية لخفض البطالة بين الإناث، وليس مجرد تغير ظرفى، ومعدلات البطالة فى 2024 أقل بنحو 6 نقاط مئوية من الذروة فى 2015، ما يعكس تحسنا واضحا، وهذا يعنى أن مصر سجلت أعلى معدلات بطالة بين الإناث فى فترة حكم الإخوان الإرهابية.
ومع بدء تنفيذ خطط اقتصادية طويلة المدى فى أعقاب 30 يونيو، بدأت المؤشرات فى التحسن التدريجى وصولا إلى 15.9% فى 2021، ورغم عودة البطالة للارتفاع بشكل طفيف مؤخرا فإن مستوياتها الحالية لا تزال أقل بكثير من العقد الماضى، ما يشير إلى استقرار نسبى فى سوق العمل الخاص بتشغيل المرأة المصرية.
تحسين التعليم ودعم المشروعات الصغيرة مهد طريق التمكين الاقتصادى أمام المرأة
هنا يمكن ربط تعليم الإناث بخلق فرص العمل لهن، ففى الفترة التى حكم فيها الإخوان ثم سنوات محاربة الإرهاب، من 2012 إلى 2015، وجدنا تعليم الإناث منخفضا «بين 14% و15%» وكذلك البطالة مرتفعة «تتراوح بين 23.5% و24%»، وهذا يشير إلى ضعف فرص التعليم والتدريب كأحد أسباب ارتفاع البطالة.
ثم نجد مرحلة التحسن الواضح فى الفترة من 2016 إلى 2018، حيث بدأت نسبة تعليم الإناث بالارتفاع بوضوح من 16.17% فى 2018 إلى 19.04% فى 2022، كذلك انخفضت نسبة البطالة من 21.3% إلى 17.6%، وهذا يعكس علاقة عكسية: كلما زادت نسبة تعليم الإناث، تحسنت فرص العمل وانخفضت البطالة.
وهذا يؤكد أن هناك تحسنا فى فرص العمل مرتبطا بتحسن مستوى تعليم الإناث، وأن الاستثمار فى تعليم الفتيات قد يكون له أثر مباشر فى تخفيض معدلات البطالة العامة على المدى المتوسط، والفترة من 2016 إلى 2020 تُظهر أقوى علاقة عكسية بين زيادة التعليم وانخفاض واضح فى البطالة.
النائبة مها عبدالناصر: الدولة بذلت جهودا لتوفير فرص عمل للسيدات.. و«تكافل وكرامة» حفز على تعليم البنات
خفض بطالة الإناث بالفعل شهد تطورا ملحوظا فى السنوات الأخيرة، هذا ما أكدته النائبة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والتى قالت: «فيما يخص نقطة خفض بطالة الإناث، فهذه بالفعل شهدت تطورا ملحوظا، وقامت الدولة بعمل برامج للسيدات فعلا، بل على العكس أنا أرى أن مجهودات الدولة لا يتم الترويج والإعلان عنها بشكل كافٍ لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة من السيدات».
وحول تعليم الإناث، أكدت مها عبدالناصر أن الإحصائيات بالفعل ارتفعت وتحسنت فى السنوات العشر الأخيرة، بدليل أن مصر شهدت لأول مرة تراجعا فى الزيادة السكانية وهذا حتما نتيجة مباشرة لزيادة تعليم الإناث وبالتالى ارتفاع الوعى، وأضافت: «لكنى أرى أن هذا يأتى فى إطار تطور عام حدث فى المجتمع، ولكن ما زلنا نحتاج إلى جهد من الدولة».
وأضافت أنه لا يمكن تجاهل المجهودات عموما لتمكين المرأة سياسيا، فهذا حدث حقيقى على أرض الواقع، ولكنى أرى أن المرأة ما زالت تعانى فى قضايا كثيرة تمسها، بل إنى أرى أن الحكومة والدولة تسبقان فى خطواتهما المجتمع حتى القوانين التى يتم سنها فى الفترة الأخيرة تسبق المجتمع، أنا أرى مجهودات الدولة فى قطاعات أخرى كثيرة تخص المرأة ولكن التعليم لا يزال بحاجة إلى الاهتمام.
وطالبت بمزيد من الجهود فى تجريم التسرب من التعليم، وضربت مثالا بما حدث فى برنامج «تكافل وكرامة» وإلزام الأم بتعليم بنتها ومنع زواجها المبكر، ولكنها أشارت إلى أن الأعداد لا تزال قليلة واقترحت أن يتم تعميم تلك التجربة وربط الحصول على الدعم بالتسرب من التعليم، لكل من يحصلون على دعم من الدولة سواء عينى أو نقدى، مثل كروت التموين وغيرها من طرق الدعم المختلفة.