«الطريق إلى الأمان»: الداخلية تحاصر فوضى الطرق بحملات مكثفة وردع قانوني وتكنولوجيا ذكية
الإثنين، 07 يوليو 2025 04:30 م
في استجابة حاسمة لسلسلة من الحوادث المؤلمة التي شهدها الطريق الإقليمي خلال الأسبوع الماضي، كثفت وزارة الداخلية جهودها لضبط المخالفات المرورية وردع السلوكيات المتهورة التي باتت تهدد حياة المواطنين، مستندة إلى استراتيجية شاملة تقوم على التواجد الأمني المكثف، والتنسيق اللحظي بين غرف العمليات، والتوسع في تطبيق منظومة المرور الذكي.
وتأتي هذه التحركات في إطار خطة يومية تشمل حملات أمنية ومرورية مكثفة تستهدف ضبط المخالفات التي تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المواطنين، وعلى رأسها: تجاوز السرعة المقررة، السير برعونة واستهتار، السير عكس الاتجاه، القيام بحركات استعراضية على الطرق من قبل بعض قائدي السيارات والدراجات النارية، مخالفة سيارات النقل للحمولات المقررة مما يشكل خطرًا مضاعفًا على الطرق.
فمنذ بداية عام 2025، نشرت الوزارة خدماتها الأمنية والمرورية على الطرق السريعة، والمحاور الرئيسية، والطريق الدائري، والإقليمي، بهدف تنظيم حركة المرور وضبط الحالة المرورية. وتقوم الإدارة العامة للمرور، بالتنسيق مع غرف عمليات إدارات المرور بالمحافظات، بشن حملات يومية تستهدف كافة أشكال المخالفات التي تقود إلى الكوارث، من بينها السرعة الزائدة، والسير برعونة، والحركات الاستعراضية، والسير عكس الاتجاه، إلى جانب التأكد من التزام سيارات النقل بالحمولات المقررة، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو حسم مظاهر الفوضى على الطرق.
وخلال الفترة من 1 يناير حتى 30 يونيو 2025، كشفت وزارة الداخلية عن حصيلة ضخمة لحملاتها، حيث تم ضبط أكثر من 18 مليون مخالفة مرورية على مستوى الجمهورية، بينها أكثر من 400 ألف مخالفة خاصة بسيارات النقل الثقيل، والتي شملت تجاوز الحمولة، والسير يسار الطريق، وتجاهل توقيتات الحظر، وركوب المواطنين بالصندوق الخلفي.
كما جاءت مخالفات السرعة الزائدة في الصدارة بإجمالي يتجاوز 8.6 مليون مخالفة، تلتها مخالفات متنوعة مثل السير دون رخصة قيادة أو تسيير (أكثر من 286 ألف حالة)، وعدم الصلاحية الفنية للمركبات، وعدم ارتداء حزام الأمان (أكثر من مليون مخالفة)، واستخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، والسير عكس الاتجاه، وغيرها. وقد تم ضبط أكثر من 2.9 مليون مخالفة خاصة بالانتظار الخاطئ، فضلًا عن ما يزيد على 4.2 مليون مخالفة متنوعة مثل القيادة بدون ملصق إلكتروني أو استخدام أجهزة تنبيه غير قانونية.
ولم تتوقف الجهود عند الرصد الظاهري للمخالفات، بل شملت حملات موسعة لفحص تعاطي المواد المخدرة بين السائقين، بالتنسيق مع صندوق مكافحة الإدمان، حيث تم فحص 54,867 سائقًا، تبين إيجابية 2250 حالة بنسبة تجاوزت 4%. كما أُجريت حملات خاصة على سائقي حافلات المدارس شملت فحص 10,859 سائقًا، وتبين تعاطي 29 منهم للمواد المخدرة، ما استدعى استبعادهم الفوري من العمل.
ومع بدء فصل الصيف وزيادة الحركة المرورية نحو المناطق الساحلية، أطلقت الوزارة حملة مرورية مكثفة اعتبارًا من 1 يونيو، أسفرت عن سحب 7427 رخصة وتحفظت على 460 مركبة بين سيارات ودراجات نارية لمخالفة شروط التراخيص.
ولعل أبرز ما ميز التحرك الأمني الأخير هو الحزم في التعامل مع المخالفات التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جرى تتبع عدد من مقاطع الفيديو التي أظهرت سلوكيات خطيرة، وتم ضبط مرتكبيها في محافظات الجيزة والقليوبية والدقهلية والشرقية. من بين هذه الوقائع: ضبط قائد سيارة أجرة أدى حركات استعراضية في شوارع الجيزة، وضبط عدة مركبات نقل ثقيل كانت تسير عكس الاتجاه على الكباري أو الطرق السريعة، وكلها وقائع تم التعامل معها فوريًا واتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها.
وفي ظرف 24 ساعة فقط، تمكنت الإدارة العامة للمرور من ضبط أكثر من 121 ألف مخالفة مرورية متنوعة على مستوى الجمهورية، بينها مخالفات السير بدون ترخيص، وتجاوز السرعة، والانتظار العشوائي، واستخدام الهاتف أثناء القيادة، إلى جانب فحص أكثر من 2191 سائقًا ثبت تعاطي 321 منهم للمواد المخدرة. كما تم ضبط 42 محكومًا عليهم بإجمالي 68 حكمًا، والتحفظ على 10 سيارات خالفت قوانين المرور.
ويواكب هذا الجهد الميداني المكثف، تطورًا نوعيًا في خدمات المرور الذكية التي تقدمها وزارة الداخلية للمواطنين، من خلال تحديث البنية التحتية للوحدات المرورية، وإدخال منظومة الشباك الواحد لتقليل زمن الانتظار وتيسير الإجراءات ، إلى جانب إنشاء وحدات متنقلة وذكية لإنهاء الخدمات في أماكن تواجد المواطنين، منظومة إلكترونية حديثة تربط بين إدارات المرور على مستوى الجمهورية، توسعة منافذ تقديم الخدمات لتشمل مناطق جديدة وتقلل الضغط على الوحدات القديمة.
تسعى وزارة الداخلية من خلال هذه المنظومة المتكاملة بين الضبط اليومي للمخالفات والتوسع في الخدمات الذكية إلى إعادة الانضباط للشارع المصري، وتوفير بيئة مرورية آمنة تحمي أرواح المواطنين وتحد من الحوادث المروعة على الطرق. فالأمان على الطريق لم يعد رفاهية، بل هو أولوية وطنية تتطلب التزامًا مجتمعيًا إلى جانب الجهد المؤسسي المبذول.
بين الحملات اليومية على الأرض والتوسع في الخدمات الذكية، ترسم وزارة الداخلية ملامح مرحلة جديدة في إدارة الطرق المصرية، تضع المواطن وسلامته في قلب الاهتمام، وتواجه بجدية تحديات الفوضى والعشوائية التي طالما أرّقت المجتمع. فالأمان لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية، تتطلب يقظة مؤسسية ومشاركة مجتمعية، من أجل طرق أكثر أمنًا وإنسانية.