خطة الحرب القادمة
السبت، 19 يوليو 2025 10:22 م
أشعر أن جولة المفاوضات الأخيرة بين المقاومة وكيان الاحتلال قد بدأت منذ قرون، وليس منذ أيام!
أقرأ يوميًا واسمع وأشاهد أطنانًا من الكلام والتحليل السياسي والاستراتيجي والتكتيكي، ثم أخرج صفر اليدين، هل توقف القصف؟ هل توقف ارتقاء عشرات الشهداء يوميًا؟ هل شبعت غزة ساعة من نهار؟ هل نامت ليلة هادئة مطمئنة؟
لا شيء من ذلك حدث، إذًا فما جدوى كل تلك المفاوضات التي إن تقدمت خطوة تراجعت عشرات الخطوات بحكم خطة جهنمية وضعها قادة الكيان.
الخطة كشفتها وكالة رويترز التي قالت في مستهل تقريرها إنها قد أطلعت عليها عبر مصدر مطلع على الخفايا.
الخطة تضمن للكيان استمرارًا أبديًا للحرب، فلو توقفت المعارك لفترة فسرعان ما ستشتعل وذلك لأن الكيان قائم على الاستيطان والتوسع.
لا تسمح المساحة بنقل كامل تقرير رويترز الذي نشرته كبريات الجرائد والمجلات العربية وكذا المواقع الإخبارية المرموقة، فسأحاول قدر الإمكان تلخيص التقرير في نقاط سريعة كاشفة.
أولًا: سيقوم جيش العدو بإنشاء نقاط تفتيش أمنية على كامل أرض غزة، وسيتم فرز مئات الألوف من أهلها في شمال القطاع. ومن يستوفي المعايير، سوف يسمح له بالمرور إلى جنوب القطاع وتحديدًا مدينة رفح.
سنلاحظ في تلك النقطة وما يليها من نقاط، أن العدو يقوم بوضع فخ في كل نقطة، وهذا الفخ يعيدنا إلى المربع صفر، بما يؤدي إلى استحالة الوصول إلى حل مرضى، وفخ القطة الأولى هو مصطلح "معايير" فمن الذي سيحدد المعايير؟ إنه العدو، ومن الذي سيطبق المعايير؟ إنه العدو، وإذا كان الحال كما ترى فمن الذي سيضمن عدالة المعايير؟ لا أحد.
ثانيًا: تعمل الخطة على نقل قرابة الستمئة ألف غزي إلى مدينة رفح تحديدًا، وهؤلاء سيقيمون في خيام، إقامة تبدو أبدية ولن يسمح لواحد منهم بالعودة إلى منطقته الأولى التي ولد بها وعاش فيها وفيها بيته الذي هدمه جيش الاحتلال، وهذا مقابل مساعدات غذائية تضمن له البقاء على قيد الحياة، ثم في لحظة متفق عليها مسبقًا يقوم العدو بتجويع كل هؤلاء وقد أصبح عددهم وفيرًا، فلا يكون في وسعهم سوى طلب الخروج من كل فلسطين، وهنا تبرز دولة لم تذكر رويترز اسمها ستقبل بهم لكي يخرجوا الخروج النهائي من بلدهم.
فخ هذه النقطة هو في الموقف المصري، فمصر قيادة وشعبًا ترفض التهجير تحت أي مسمى كان، فلم تنخدع القيادة المصرية في مسمى التهجير القسري أو الطوعي، فكله عندها يعني قتل القضية ودفنها في سابع أرض، ثم مصر ترفض حشد كل أهل غزة على حدودها فهم قنبلة موقوتة، فلو أجبروا على اقتحام الحدود أصبحت مصر في مشكلة ولو قصفهم العدو كلهم مرة واحدة فستكون مشكلة مصر أكبر وأصعب، هذا الفخ يؤكد كسابقه أن العدو لا يعمل على إيجاد حل مرضى بل يخطط لتفجير الموقف كله سعيًا وراء حرب لا تبقى ولا تذر، هو يؤمن أنه سيربحها وسيخرج منها وقد أحكم سيطرته على الشرق الأوسط كله، إنها أوهام الانتصار المطلق تلك الأوهام التي تسكن قلب نتانياهو ولا يستطيع أحد إقناعه بغيرها!
ثالثًا وأخيرًا: إذا نجح كيان الاحتلال في تنفيذ النقطتين السابقتين فسيتفرغ لتنفذ النقطة الثالثة وهي إجبار سوريا ولبنان على توقيع اتفاقية استسلام تحت شعار التطبيع، تلك الاتفاقية تضمن للعدو السيطرة الشرعية التامة على كل الأراضي السورية واللبنانية التي يحتلها، فلا يصبح من حق سوري رفع صوته مطالبًا بتحرير الجولان وبقية الأراضي التي سيطر عليها العدو منذ انهيار نظام بشار الأسد، ولا يصبح من حق لبناني رفع صوته مطالبًا بتحرير مزارع شبعا أو أي أرض وضع العدو يده عليها.
مما سبق سيظهر لأي منصف أن كيان الاحتلال لا يخطط لأي صفقة تحد من طموحه التوسعي، هو بخطته تلك يضع قواعد لحروب قادمة لا ريب في قدومها، فليستعد لها من يريد الاستعداد والاحتفاظ بأرضه وسيادته.