وكيل كلية الدراسات الإنسانية بالأزهر: الهجرة النبوية أسهمت في ترسيخ أسس العقيدة والأخلاق

الثلاثاء، 22 يوليو 2025 01:43 م
وكيل كلية الدراسات الإنسانية بالأزهر: الهجرة النبوية أسهمت في ترسيخ أسس العقيدة والأخلاق
منال القاضي

أوضحت د. منى صبحي نور الدين، أن الهجرة النبوية من أعظم الرحلات في تاريخ البشرية، حيث تشكلت من خلالها أبرز الأحداث المحورية في تاريخ الدعوة الإسلامية، وقد أسهمت هذه الهجرة في ترسيخ أسس العقيدة والأخلاق، وقيم المؤاخاة والإيثار والتضحية والإيمان والسماحة، فلم تكن الهجرة مجرد انتقال، بل كانت تحولًا من الظلام إلى النور ومن الجهل إلى المعرفة، حيث غيرت ملامح التاريخ والحضارة بتأسيس الدولة الإسلامية ، وقد تميزت الهجرة بمسارات جغرافية مدروسة ، تتضمن موارداً وأرضًا وعمرانًا وسكانًا ، بالإضافة إلى دستور ينظمها ، وشرائع وتشريعات تحكمها. كما كانت رحلة مليئة بالمشاعر الروحانية والعقلية ، معبرة عن حب الرسول محمد، الذي أسس لدساتير العدل والإخاء وصنع الحضارات.
 
وأضافت وكيل كلية الدراسات الإنسانية، خلال اللقاء الأسبوعي من البرامج الموجهة للمرأة بالجامع الأزهر، أنَّ الهجرة النبوية كانت نتيجة ظروف قاسية تعرض لها المسلمون في مكة؛ حيث واجهوا اضطهادًا شديدًا من قريش، فبحث النبي ﷺ عن بيئة آمنة تسمح بنشر الدعوة الإسلامية، وكانت المدينة المنورة بمثابة الملاذ الذي يوفر للمسلمين الحرية والقدرة على ممارسة شعائرهم الدينية، وتضمنت الهجرة النبوية مسارات جغرافية مدروسة، وعلى طول طريق الهجرة، تجسدت مشاعر الروحانية والإيمان في قلوب المسلمين، وكانت الهجرة تعبيرًا عن الإيمان القوي والثقة في الله؛ حيث أظهر المسلمون استعدادهم للتضحية بأنفسهم وأموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله، كما أسهمت الهجرة في تعزيز قيم الولاء والانتماء بين المسلمين، فقد شكلت المدينة المنورة مجتمعًا جديدًا يضم المهاجرين والأنصار، مما أدى إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والإنسانية، وأصبحت ركيزة أساسية في بناء الهوية الإسلامية، حيث تجلت في التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع . 
 
من جانبها ذكرت أ.د. وصال حمدي، أن الهجرة تعتبر نقطة انطلاق حاسمة نحو بناء الدولة الإسلامية وتأسيس حضارتها؛ إذ لم تكن مجرد انتقال مادي من مكة إلى المدينة، بل كانت تحولًا جوهريًا من حالٍ إلى حالٍ جديد، فلقد سعى النبي ﷺ إلى بناء مجتمع جديد في المدينة المنورة في ظل فجوة حضارية واسعة بين العرب وغيرهم في مختلف مجالات الحياة، وكان التحدي الأكبر هو اللحاق بركب الحضارة الإنسانية التي سبقتهم بقرون، بل والسعي للتفوق عليها.
 
وأشارت أستاذ التاريخ الإسلامي، إلى أن النبي ﷺ عندما بدأ في تأسيس دولته، لم يغير من مظاهر أهل المدينة أو عاداتهم - إلا ما يتعارض مع أحكام الدين، بل عمل على تغيير العقول والنفوس، مما ساهم في ارتقاء المجتمع لمستويات أعلى من الطهر والرقي والإبداع، وكان نجاح الهجرة النبوية الشريفة نتيجة التخطيط السليم؛ حيث أطلق النبي ﷺ  بداية عصر جديد هو عصر تأسيس الدولة الإسلامية الأولى، وقد شكلت المدينة المنورة، بموقعها وثرواتها، أساسًا متينًا لإقامة هذه الدولة، حيث بدأ النبي ﷺ في وضع دعائمها وإقامة قواعدها منذ لحظة وصوله، وبهذا تظل الهجرة النبوية الشريفة رمزًا للتقدم، وتعبيرًا عن الإرادة القوية لبناء أمة قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الحضارة.
 
وفي ذات السياق أكدت د. حياة حسين العيسوي أن النبي ﷺ جاء بدين يدعو إلى هداية الناس واستقامتهم، مما تطلب بيئة حضارية آمنة وصالحة، وأن البعثة النبوية المباركة قامت على مرتكزات البناء الحضاري، وكان العلم أول ما نزل به الوحي، قال تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق" ، وبدأ النبي ﷺ تعليم الناس دين الله ونشر قيم الخير والمعرفة؛ لإقامة مجتمع يقوم على مرتكزات الحضارة مثل: الأرض والشعب والعلم والأخلاق، هذا المجتمع يُعتبر قويًا وقادرًا على مواجهة التحديات والأزمات، ويحقق الإرادة الإلهية بأن تكون الأمة قائدة في نشر الخير والسلام بين الأمم .
 
كما أكدت الباحثة بالجامع الأزهر، أن هجرة النبي ﷺ كانت لتحقيق مفهوم الاستخلاف في الأرض وشمولية العبادة، مشددةً على أن الإسلام جاء لصناعة الحياة بدلاً من الموت والفساد، وأشارت إلى أن المسجد الذي أسسه النبي ﷺ كان منطلقًا حضاريًا يبعث القيم الإسلامية والأخلاق الإنسانية، ويخرج العلماء والمفكرين، وفي ختام حديثها، أكدت د. حياة العيسوي أن الأخوة بين أبناء المجتمع تلعب دورًا كبيرًا في استقراره ، مما يؤدي إلى انتعاش القيم الإنسانية والرحمة، وهو ما تجلى من خلال مؤاخاة النبي بين المهاجرين والأنصار، قال تعالى: " ‌وَالْمُؤْمِنُونَ ‌وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ"، وقال تعالى: " إِنَّمَا ‌الْمُؤْمِنُونَ ‌إِخْوَةٌ "، وقوله تعالى: " ‌وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا".
 
ملتقى الازهر
ملتقى الازهر

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق