عمال الدليفرى على رادار الاهتمام الحكومى
السبت، 26 يوليو 2025 09:20 م
قاعدة بيانات دقيقة لعمال توصيل الطلبات ودمجهم تحت مظلة حملة "سلامتك تهمنا"
تفتيش ميدانى لوزارة العمل يكشف: 73% من منشأت القاهرة الكبرى لا توفر الحماية للعاملين وغياب التدريب وأدوات الوقاية
محمد جبران: سنتخذ إجراءات مشددة في مواجهة المخالفات الجسيمة التي تهدد حياة عمال التوصيل والمواطنين
"عمال الدليفرى على رادار الاهتمام الحكومى".. خبر مهم، كان محور حديث وزير العمل محمد جبران الأسبوع الماضى، بعدما أطلق حملة "سلامتك تهمنا لحماية عمال الدليفري"، مؤكداً أن العلاقة بين أصحاب العمل وعمال توصيل الطلبات "الدليفري" ستحكم بقرار تنفيذي مكمل لقانون العمل الجديد، يوضح تفاصيل العلاقة التعاقدية، ويضمن الحقوق والواجبات للطرفين، وأن الشركات الملتزمة مرحب بها، أما الشركات المخالفة فستُتخذ ضدها الإجراءات القانونية الحاسمة.
إشارة وزير العمل إلى قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، مهمة، خاصة ان القانون سيبدأ تطبيقه رسميا أول سبتمبر المقبل، وهو ما يؤكد جدية الدولة في ضبط سوق العمل، وتنظيم العلاقات بين العمال وأصحاب الأعمال، بما يحقق العدالة ويعزز مناخ الأمان والاستقرار في بيئة، لذلك قال جبران: "لن نترك هذه الفئة من العمالة دون حماية، لم نقر قانون العمل لنضعه على الرف، بل لينفذ على أرض الواقع. ومش هنسيب شركة أو محل إلا وهو تحت الرقابة"، مؤكداً أن الوزارة بصدد إطلاق حملات توعية مكثفة لعمال توصيل الطلبات "الدليفري"، لحثهم على الالتزام بمهمات الوقاية، خاصة ارتداء الخوذة، قبل بدء التطبيق الصارم للقانون والإجراءات الرادعة بحق المخالفين.
أهمية هذا الخبر، جاءت كون أن "عمال الدليفرى" ليس لهم أي حماية من أى نوع سواء لتأمين دخل او ماعساه أن يحدث لهم من مرض أو بطالة أو حادث، رغم أن غالبيتهم من حملة المؤهلات العليا، وكثير منهم يعول أسرا بأكملها، وكان لعمال الدليفرى دور بارز أثناء أزمة كورونا باعتبارهم فئة لم تتوقف عن العمل تحت اى ظرف .
وكشفت حملة تفتيش ميدانية قامت بها وزارة العمل مؤخراً على 270 منشأة في محافظات القاهرة الكبرى والقليوبية، يعمل بها أكثر من 860 عامل ديلفري، أن 73% من تلك المنشآت لا توفّر أي شكل من أشكال الحماية المهنية للعاملين، فضلاً عن غياب التأمين والتدريب وساعات العمل الطويلة، إضافة إلى احتمال تعرض العامل للعنف أو الاشتباه، كما أن بعض أدوات الوقاية المتوفرة قد تكون غير مطابقة للمواصفات، وهو ما يعرض العامل لمزيد من المخاطر.
ويلعب "عمال الدليفرى " دورًا حيويًا في الاقتصاد الرقمي، حيث يربطون بين المستهلكين والشركات من خلال توصيل الطلبات المختلفة، وتعتبر مهنة عامل الديليفري حجر الزاوية في الاقتصاد الرقمي الحديث، إذ أصبحت خدمات التوصيل عن بُعد جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للملايين حول العالم. ويظل عمال "الدليفرى "جنود مجهولون يجوبون الشوارع المصرية طوال اليوم فى توصيل طلبات للمنازل، خاصة في توقيتات معينة كشهر رمضان يرفعون حالة الطوارئ، ويحملون على عاتقهم توصيل الأكلات فى موعدها قبل الإفطار، يقضون ساعات طويلة من أذان المغرب وحتى الفجر فى توصيل الطلبات ،ربما وهم انفسهم لم يتناولو طعامهم .
الاهتمام الحكومى بـ"عمال الدليفرى" جاءت في توقيت بالغ الأهمية، للتأكيد على أن الكرامة والعدالة والتمكين الاقتصادي هي حقوق لا تتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، وأن العامل المصري يظل في قلب أولويات الدولة والمجتمع المدني معًا، حيث جاءت الحملة استجابة لتوجيهات القيادة السياسية، وفي إطار خطة الدولة لحماية الفئات الأكثر تعرضًا للمخاطر في سوق العمل غير المنتظم، خاصة في ظل التوسع الكبير في خدمات التوصيل عبر التطبيقات الإلكترونية.
ويعد "عمال الدليفرى "من بين العمالة غير المنتظمة، ومؤخرا تعرض عدد لابأس به منهم لحوادث طرق نتيجة السرعة وعدم اتباع إجراءات السلامة المهنية،كما تعرض عدد منهم للإعتداءات وصلت بعضها حد القتل ما دفع الحكومة لخلق بيئة عمل آمنه لهذه الفئة .
محمد جبران وزير العمل، قال إن الوزارة ستتخذ إجراءات مشددة في مواجهة المخالفات الجسيمة التي تهدد حياة عمال التوصيل والمواطنين، من بينها سحب رخص القيادة وسحب الدراجة النارية للمخالفين، بالتعاون مع الجهات المعنية، موضحاً أن الوزارة رصدت بالفعل حالات وفاة وإصابات بالغة بين صفوف عمال الدليفري، تسببت في فقدانهم القدرة على العمل، وكشف عن إطلاق منظومة متكاملة لتلقي شكاوى عمال الدليفري، تتضمن موقعا إلكترونيا مخصصا لتلقي البلاغات والاستفسارات، بهدف ضمان حصول العاملين في هذا القطاع على حقوقهم وتوفير الحماية اللازمة لهم بشكل مؤسسي، كما أشار إلى أن الوزارة تعمل على هذه الحملة منذ نحو 6 أشهر، وسبق أن نفذت حملات تفتيش وتقييم ميدانية استمرت على مدار 3 أشهر، لرصد الأوضاع الواقعية والتحديات التي تواجه العاملين في هذا القطاع المتنامي.
وأكد وزير العمل، أن القطاع غير الرسمي يُعد "أمرا مقلقا للدولة المصرية"، رغم إدراك الحكومة للتكلفة العالية التي يتحملها العامل أو صاحب العمل عند الانتقال إلى القطاع الرسمي، إلا أن الدولة عازمة على دمج هذه الفئات تحت مظلة الحماية القانونية والاجتماعية، موضحاً أنه سيتم تنفيذ خطة لحصر جميع المنشآت التي يعمل بها عمال "دليفري"، سواء كانت سلاسل تجارية أو شركات أو محلات، تمهيدا لإتاحة منصة إلكترونية لتسجيل ورفع بيانات هؤلاء العمال، وضمهم بشكل تدريجي إلى منظومة العمل الرسمية
وأكد جبران، على أهمية إنشاء قاعدة بيانات دقيقة لعمال توصيل الطلبات "الدليفري"، من خلال حصر أعدادهم بالشركات العاملة في هذا المجال، تمهيدا لدمجهم تحت مظلة حملة "سلامتك تهمنا"، بما يضمن حصولهم على الحماية الاجتماعية والمهنية الكاملة ، موضحاً أن الوزارة تسعى لتكامل الجهود مع الجهات المعنية، وعلى رأسها الإدارة العامة للمرور .
وسبق أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، "قانون العمل الجديد"، وأوضح خلال احتفالية عيد العمال، أن القانون يضمن مكتسبات واضحة للعمال، ويرسخ مفاهيم حماية العمال وإنصافهم، ويؤكد على الحقوق المستحقة للمرأة العاملة، ويعزز ضمانات الأمن الوظيفى للعاملين، ويتوافق مع مواثيق واتفاقيات العمل الدولية.
وقانون العمل الجديد، هو تشريع اقترحته الحكومة لتنظيم علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل في القطاع الخاص، ويهدف إلى تعزيز حقوق العمال، وتحقيق التوازن بين مصالح أصحاب الأعمال والعاملين، بالإضافة إلى تحسين بيئة العمل، وتوفير الحماية الاجتماعية خاصة للعمالة غير المنتظمة، ويضم القانون 298 مادة، تنظم علاقة العمل لـ30 مليون عامل وأصحاب الأعمال في مصر، وخصص بابًا كاملًا لتنظيم تنشغيل العمالة غير المنتظمة في الدولة، والذي يضم (إنشاء صندوق لإعانات الطوارئ - تقديم دعم أثناء فترات التعطل - توفير فرص عمل لائقة - حصر وتسجيل العمالة وإنشاء قواعد بيانات قومية بالتنسيق مع أجهزة الدولة)، كما حظر نقل العامل من الأجر الشهري إلى الأجر اليومي أو الإنتاجي دون موافقته على هذه الخطوة، بالإضافة إلى احتفاظه بحقوقه المكتسبة خلال تقاضيه الأجر الشهري .
وأدت الحوادث المتكررة التي تعرض لها عمال "الدليفرى" مؤخراً إلى الاهتمام الحكومى نحو خلق بيئة عمل آمنة لعمال الدليفرى وتيسير أمورهم، وحماية حقوقهم وتعريفهم بواجباتهم في الوقت ذاته، ففي مارس الماضى القت الأجهزة الأمنية بمطروح القبض على شاب متهم بقتل عامل دليفري وطعنه 9 طعنات وسط حالة من الحزن سيطرت على الموجودين، وقبلها في فبراير الماضى شهدت منطقة القاهرة الجديدة حاث دهس التيك توكر عبد الله تركي، سائق دليفري بسيارته، كما ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة القبض على المتهم بدهس عامل دليفري اسفل كوبري النزهة بمنطقة مصر الجديدة بعد تداول مقطع فيديو للواقعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وشهدت محافظة الجيزة نهاية العام الماضى حادث دهس مروع راح ضحيته عامل توصيل يُدعى "عبدالرحمن" من محافظة بني سويف، بعدما صدمته سيارة كان يقودها أحد أفراد أسرة "شيف شهير" بسرعة جنونية بمنطقة الشيخ زايد.
تضاف هذه الحوادث إلى مخاطر التعرض للاعتداءات أو السرقة، خصوصًا في المناطق النائية أو خلال ساعات الليل المتأخرة، مما يضاعف من تعقيد عملهم ويستدعي توفير آليات حماية ودعم أفضل، كما يواجه عمال الديليفري صعوبات في التعامل مع العملاء، سواء بسبب التأخير الناتج عن عوامل خارجة عن إرادتهم مثل الازدحام المروري، أو بسبب أخطاء في الطلبات أو عدم دقة عناوين التوصيل. هذا الأمر يفرض عليهم التعامل مع مواقف توتر وغضب قد تؤثر على صحتهم النفسية وقدرتهم على التركيز، وفي ظل طبيعة العمل كعقود مؤقتة أو متعاقدة، غالبًا ما يغيب عن عمال الديليفري الحصول على حقوق التوظيف التقليدية مثل التأمين الصحي والاجتماعي، الإجازات المدفوعة، ومعاشات التقاعد، مما يعرضهم لمخاطر مالية كبيرة في حال تعرضهم لأي حادث أو مرض.
وكما تسعى الحكومة لدعم عمال الدليفرى وحماية حقوقهم فهى في سياق آخر تعمل على إلزامهم بواجباتهم، ومنع تجاوزاتهم من السرعة وعدم ارتداء الخوزات، فضلاً عن مواجهة تجاوزات بعض العاملين في الدليفرى.