الإخوان فرع تل أبيب

الخميس، 31 يوليو 2025 04:02 م
الإخوان فرع تل أبيب

في واقعة تثير الدهشة قبل أن تكشف ألاعيب الأجندات السرية، نظّمت ما تسمى "الحركة الإسلامية" في الداخل الفلسطيني المحتل فرع جماعة الإخوان الإخوان تظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
 
الغريب في الأمر لم يكن فقط موقع التظاهر، بل غياب أي نشاط مشابه أمام مؤسسات الاحتلال الإسرائيلي التي تقود حرب إبادة دموية على القطاع منذ شهور، وكأن العدو ليس من يطلق الصواريخ ويمارس المجازر، بل الدولة المصرية التي تسعى لوقف إطلاق النار وتوفير المساعدات وتبذل كل غالٍ لإنقاذ الفلسطينيين ومنع تهجيرهم.
 
يتزعم هذه التظاهرات شخصيتان إخوانيتان معروفتان؛ رائد صلاح ونائبه كمال الخطيب، اللذان التزما الصمت طوال 22 شهرا من العدوان الإسرائيلي على غزة، ولم ينطقا بكلمة واحدة تدين المحتل أو تحمّله مسؤولية المجازر التي طالت المدنيين، قبل أن يستفيقا فجأة لا للتنديد بإسرائيل بل للاعتصام أمام سفارة مصر.
 
الحقيقة المرة أن ما تقوم به هذه الحركة ليس سوى وجه جديد من وجوه التنسيق غير المعلن بين الإخوان وتل أبيب، ويدفعنا هذا إلى التشكيك في دوافع هذا النشاط المشبوه. والحقيقة لا يمكن وصف هذه التظاهرات إلا بأنها دعوة مشبوهة من جماعة مشبوهة. وإلا لماذا لم نرَ مظاهرة واحدة أمام مكتب نتنياهو أو وزارة الدفاع أو الكنيست مثلا، لماذا لم تُحاصر المؤسسات الصهيونية كما خرجت الدعوات ضد السفارات المصرية؟.
 
الواقعة تأخذنا إلى الدوافع مباشرة عندما سمحت تل أبيب للحركة الإسلامية المحظورة بالتظاهر في قلب العاصمة الإسرائيلية، بل وتوفير حماية أمنية لهم، وهو ما يؤكد العلاقة الخفية التي تربط التنظيم بقادة الاحتلال.
 
ربما تكون هذه الواقعة الأخيرة هي الأكثر وضوحًا، لكنها ليست الأولى من نوعها. فالحركة الإسلامية التي أسسها عبد الله نمر عام 1971، ونشطت بين فلسطينيي الداخل المحتل، ارتبطت تاريخيًا بجماعة الإخوان، وتبنّت خطابها ونهجها. ومع مرور الوقت، انقسمت الحركة إلى تيارين: أحدهما بقيادة رائد صلاح ويرفض المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، والثاني بقيادة الإخواني منصور عباس الذي لم يتردد في دخول الكنيست بل والمشاركة في حكومة نفتالي بينيت.
 
منصور عباس، الذي يتحدث بالعربية تحت قبة البرلمان الإسرائيلي، لم يخفِ تأييده للتطبيع والمشاركة في القرار السياسي الإسرائيلي، وهو ما يجعل مكوّنات الحركة جزءًا أصيلًا من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ما دام ذلك يخدم المصالح الحزبية لجماعة الإخوان، ولو على حساب الدم الفلسطيني.
 
ومن هنا، يظهر الإخوان كفرع فعلي للحركة الصهيونية، ليس فقط في التنسيق الميداني بل حتى في الأيديولوجيا. الإسلاميون هم الوجه الآخر للحركة الصهيونية قولًا وفعلًا. فمن يتجاهل عدوًا يذبح الفلسطينيين، ليهاجم دولة عربية تسعى لوقف النزيف، لا يمكن إلا أن يكون في خندق الأعداء.

في المقابل، تواصل الدولة المصرية دورها المحوري في دعم القضية الفلسطينية، دبلوماسيًا وإنسانيًا. فمصر لم تكتفِ بفتح معبر رفح وإدخال المساعدات، بل قادت وساطات دولية لإبرام هدنة إنسانية في غزة، واستضافت مؤتمرات على أراضيها بحضور زعماء دوليين لدفع عملية السلام.
 
وفي يناير الماضي، نجحت الوساطة المصرية في إتمام صفقة تبادل أسرى لعبت فيها دورًا رئيسيًا، وهو ما يعكس التزام مصر الدائم تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته، رغم كل الحملات الممنهجة التي تقودها جماعة الإخوان لتشويه هذا الدور.
 
لكن ما يُثير السخرية هو أن الجماعة التي تتجاهل القنابل الإسرائيلية التي تنهال على غزة، لا تتوقف عن مهاجمة مصر التي تحمل العبء الأكبر في إنقاذ الفلسطينيين من نيران الاحتلال.
 
الحقيقة أن ما تفعله جماعة الإخوان في الداخل الفلسطيني المحتل، لا يخرج عن كونه خيانة مغلفة بشعارات دينية. فالجماعة لا تحارب إسرائيل بقدر ما تحارب خصومها في الداخل العربي، ولا ترى عدوًا سوى من يقف في وجه مشروعها السياسي حتى لو كان من أبناء جلدتها.
 
لقد أصبح واضحًا أن جماعة الإخوان لم تكن يومًا حركة تحرر وطني، بل كانت دائمًا مشروعًا عابرًا للحدود، لا يؤمن بالأوطان ولا يعبأ بالمقدسات، بل يستخدمها كوقود في معركته الكبرى للسيطرة على السلطة، ولو على أشلاء الأبرياء.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق