مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرا فاعلا وليس ترفا أو تقنية تكنولوجية فقط
الخميس، 07 أغسطس 2025 01:21 م
منال القاضي
قال الدكتور نظير محمد عياد ،مفتى الجمهورية، إن انعقاد مؤتمر الامانة العامة لدور وهيئات الافتاء القادم يمثل لحظة فارقة في مسيرة الأمانة العامة، التي تُكمل عامها العاشر هذا العام، بعد أن أصبحت مظلة دولية معتمدة تجمع تحت لوائها مؤسسات الإفتاء الرسمية في العالم، وتنسق بينها في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح أن عنوان المؤتمر يعكس التوجه الاستراتيجي الذي تتبناه الأمانة العامة في مواجهة التغيرات التكنولوجية العاصفة التي يشهدها العالم، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد ترف معرفي أو تقنية مستقبلية، بل تحول إلى عنصر فاعل في تشكيل الرأي العام وإعادة تعريف المرجعيات، بما يستوجب إعداد المفتي العصري ليكون قادرًا على التعامل مع هذا الواقع الجديد بوعي عميق ومهارات متعددة.
وأضاف خلال كلمته بالمؤتمر الصحفي للإعلان عن برنامج المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، والذي تنظمه دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان: "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، أن المؤتمر هذا العام لن يقتصر على الجوانب النظرية أو البحثية فقط، بل سيفضي إلى عدد من المخرجات والمشروعات التنفيذية المهمة التي تعزز من قدرات المؤسسات الإفتائية وتمكّنها رقميًّا، من بينها إصدار أدلة إرشادية متطورة ، وتدشين منصات رقمية ذكية، إلى جانب إطلاق وثائق إفتائية مرجعية، وبرامج تدريبية دولية تستهدف بناء قدرات المفتين الشباب.
ونوَّه إلى أن الأمانة العامة تلقت تأكيدات من عدد كبير من الشخصيات الدينية والمرجعيات الكبرى حول العالم للمشاركة في المؤتمر، من بينهم مفتين ووزراء ورؤساء هيئات الإفتاء والمجالس العلمية الشرعية، وخبراء الذكاء الاصطناعي وأساتذة الجامعات والباحثون في قضايا تكنولوجيا المعلومات، وهو ما يعكس حجم الاهتمام الدولي بالمحاور التي سيتناولها المؤتمر، وأهمية تطوير أدوات الفتوى بما يتناسب مع البيئة الرقمية.
وأشار إلى أن المؤتمر سيشهد مناقشة مجموعة من المحاور الرئيسة، التي تتناول سبل تأهيل المفتي الرشيد في العصر الرقمي، وضبط عملية الإفتاء في ظل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، واستشراف مستقبل المؤسسات الدينية في ظل التحولات العالمية المتسارعة، إلى جانب عرض نماذج وتجارب دولية ناجحة من دول مثل مصر والأردن وماليزيا وأوزبكستان والإمارات، في تأهيل المفتين ودمج التكنولوجيا في العمل الإفتائي.
كما لفت إلى أن البرنامج العلمي للمؤتمر يتضمن ورش عمل متخصصة وجلسات تفاعلية، تسعى لتعزيز الوعي الرقمي للمفتين، وصقل مهاراتهم في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة الفتوى، مع التركيز على وضع إطار أخلاقي شرعي يحكم العلاقة بين التكنولوجيا والدين، مشيرًا إلى أن إحدى الورش ستتناول تدريبًا عمليًّا على استخدام أدوات البحث والتحليل الرقمي في إعداد الفتوى، وفق معايير علمية دقيقة.
وأضاف أن المؤتمر العاشر يمثل بداية مرحلة جديدة في مسيرة الإفتاء العالمي، مؤكدًا أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ماضية في تحديث منظومة الفتوى وتعزيز مرجعيتها وموثوقيتها، من خلال الاستثمار في المعرفة والرقمنة والتعاون الدولي، من أجل حماية المجتمعات الإسلامية من فوضى الفتاوى، وقيادة تحول رشيد نحو إفتاء رقمي أخلاقي وآمن.
ولفت إلى أن المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء يعكس إدراكًا عميقًا من دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بأن المعركة القادمة في فضاء الفتوى ليست فقط بين التقليد والتجديد، بل بين الضبط العلمي والفوضى الرقمية. خاصة أنه في ظل سطوة الخوارزميات وتعدد مصادر التأثير، يصبح "المفتي الرشيد" ليس مجرد فقيه في النصوص، بل قائدًا في الوعي الرقمي، ومؤتمنًا على ضمير الأمة في عصر التحولات الكبرى.
وأكد أن ما سيقدمه المؤتمر هذا العام من أطر، ومشروعات، وتوصيات، قد يُشكل مرجعًا عالميًّا لسنوات مقبلة في كيفية حماية الفتوى من التلاعب، وتوظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الحقيقة والعدل والمقاصد الشرعية.