"مشروع غيورا إيلاند".. عندما سعى الإخواني مرسي رسميا لتنفيذ مخطط إسرائيل بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء وقدمه لأبو مازن
الخميس، 07 أغسطس 2025 04:44 م
طلال رسلان
في مشهد يعيد إلى الأذهان صفحات من التاريخ السياسي القريب، ويكشف الوجه الحقيقي لجماعة طالما تشدقت بشعارات الدفاع عن فلسطين، فُجّر قبل سنوات خبر صادم أكّد أن الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي قدّم عرضًا رسميًا للرئيس الفلسطيني محمود عباس، يتضمّن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية.
كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه أجهض مخططا للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، المنتمي للإخوان، بتوطين جزء من الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء المصرية في إطار مشروع "دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة".
وقتها قال عباس في كلمة أمام المجلس الوطني الفلسطيني، إنه تلقى عرضا من مرسي أثناء فترة رئاسته التي استمرت لعام تقريبا، بالحصول على قطعة أرض من سيناء ليعيش عليها الفلسطينيون.
وتابع: "في أيام مرسي عرض علينا إعطاءنا قطعة من سيناء لشعبنا لكي يعيش هناك في مشروع اسمه إيغور آيلاند".
واعتبر عباس أن هذا المشروع "تصفوي للقضية الفلسطينية، وأنا قلت هذا الكلام بصراحة لمرسي"، وأكد أن حركة حماس أبدت موافقتها على مشروع "الدولة ذات الحدود المؤقتة" ككل.
هذا العرض لم يكن إلا حلقة من حلقات مشروع خبيث يمتد بجذوره إلى العقل الإسرائيلي الاستراتيجي، ويتلبّس بلبوس الدعم الإنساني لكنه في جوهره يحمل نوايا التصفية الجغرافية لقضية شعب بأكمله.
وفقًا لما كُشف فإن العرض الذي قدّمه مرسي لم يكن اجتهادًا فرديًا، بل جاء ضمن انسجام كامل مع ما يُعرف بـ"مشروع غيورا إيلاند" الإسرائيلي، الذي يدعو إلى توطين سكان غزة في شبه جزيرة سيناء، بوصفها أرضًا بديلة، وبما يسمح لإسرائيل بفرض سيادتها التامة على القطاع وقطع الطريق على أية مطالبات مستقبلية.
الخطير في ما كشفته الأحداث أن جماعة الإخوان لم تتورّع عن تسويق هذه الفكرة، وتقديمها كحل استراتيجي يخدم "الواقع" الفلسطيني، متجاهلة تمامًا أن ما تقدمه في الحقيقة هو خدمة مجانية لمخططات تل أبيب، التي عجزت عن تنفيذها بقوة السلاح، فحاولت أن تمررها عبر وكلاء عقائديين يرتدون عباءة المقاومة.
تؤكد الشواهد أنّ دعوات الإخوان المتكررة في كل عدوان إسرائيلي لفتح معبر رفح ليست بريئة، بل تأتي في توقيتات تحمل علامات استفهام، دائمًا في ذروة التصعيد، لتفتح الباب أمام فكرة التهجير القسري تحت غطاء إنساني، مستغلين معاناة الفلسطينيين لتحقيق هدف لطالما سعت إليه إسرائيل: تفريغ القطاع من سكانه وتحويله إلى أرض بلا شعب.

هذا المخطط، عاد إلى الواجهة من جديد بعد أحداث السابع من أكتوبر، حيث باتت الضغوط تتزايد على القاهرة لقبول سيناريو التوطين في سيناء. غير أن الموقف المصري ظل صلبًا، واستطاع أن يُفشل كل الضغوط والوساطات والصفقات، في موقف وُصف بأنه "رأس الحربة في معركة قومية للدفاع عن القضية الفلسطينية".
وفي واقعة تثير الدهشة قبل أن تكشف ألاعيب الأجندات السرية، نظّمت ما تسمى "الحركة الإسلامية" في الداخل الفلسطيني المحتل فرع جماعة الإخوان الإخوان تظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
الغريب في الأمر لم يكن فقط موقع التظاهر، بل غياب أي نشاط مشابه أمام مؤسسات الاحتلال الإسرائيلي التي تقود حرب إبادة دموية على القطاع منذ شهور، وكأن العدو ليس من يطلق الصواريخ ويمارس المجازر، بل الدولة المصرية التي تسعى لوقف إطلاق النار وتوفير المساعدات وتبذل كل غالٍ لإنقاذ الفلسطينيين ومنع تهجيرهم.
يتزعم هذه التظاهرات شخصيتان إخوانيتان معروفتان؛ رائد صلاح ونائبه كمال الخطيب، اللذان التزما الصمت طوال 22 شهرا من العدوان الإسرائيلي على غزة، ولم ينطقا بكلمة واحدة تدين المحتل أو تحمّله مسؤولية المجازر التي طالت المدنيين، قبل أن يستفيقا فجأة لا للتنديد بإسرائيل بل للاعتصام أمام سفارة مصر.
لم تكن مصر وحدها من رفضت، بل انبرى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ليحذّر في تصريحات واضحة من مؤامرة طويلة الأمد لتصفية القضية الفلسطينية جغرافيًا، مشددًا على أن الأمة العربية بأسرها معنية بإسقاط هذا المشروع الخبيث.
المثير للجدل أن الجماعة، لم تكن يومًا في صف فلسطين الحقيقي، بل استخدمت القضية كورقة ضغط في سبيل عودتها إلى الحكم، حتى لو كان ذلك على أنقاض غزة وسيناء معًا. ويذهب الكاتب إلى أن حركة حماس، الذراع الفلسطيني للإخوان، لعبت دورًا مزدوجًا، فبينما ترفع شعار المقاومة، كانت في الوقت ذاته تشارك في صناعة التبرير للعدوان الإسرائيلي من خلال تصعيد محسوب، يُبقي حكومة نتنياهو في الحكم، ويُحبط أي مساع دولية للتهدئة.
تُضاف إلى ذلك العمليات المصورة والمبالغ فيها التي روّجت لها حماس، والتي ضخّمتها إسرائيل إعلاميًا لتبرير ما ارتكبته من جرائم ضد المدنيين، بينما كانت الجماعة تحرّف الأنظار عن الجريمة الأصلية، وتصبّ جامّ غضبها على مصر والأردن تحديدًا، في محاولة لإثارة الرأي العام ضد الموقف العربي الموحّد.
كل هذه المؤشرات، كما توضح الشواهد، تشير إلى أن جماعة الإخوان ليست إلا واجهة إقليمية لمخطط أكبر، لا يتورّع عن بيع الأرض والعِرض في سبيل تحقيق حلم العودة إلى السلطة. القضية الفلسطينية في نظرهم ليست سوى منصة دعائية، كلما احترق أهلها، ارتفعت شعاراتهم.
ومع هذا كله، فإن الوعي الشعبي العربي والفلسطيني على حد سواء، بات أكثر إدراكًا لهذه اللعبة، وأكثر رفضًا لمن يحاولون المتاجرة بالقضية. وإذا كان العرض الذي قدّمه مرسي قبل سنوات قد صُدّ بقوة، فإن العودة اليوم لطرحه مجددًا لن تلقى إلا نفس المصير، في ظل يقظة مصرية وعربية ترفض أن تكون سيناء ثمنًا لتصفية قضية شعب صامد.
إن ما كشفت عنه الوثائق والتصريحات ليس مجرد خطأ سياسي أو اجتهاد خاطئ، بل هو تعبير صريح عن خيانة وطنية كبرى، تتورّط فيها جماعة الإخوان بأدواتها المختلفة. وليس من المبالغة القول إنّ من يُفرّط في فلسطين يمكنه أن يُفرّط في أي أرض، ومن يساوم على غزة سيساوم غدًا على القاهرة، وهذا ما لم ولن تسمح به الشعوب.