ما يخفيه الإخوان من النشأة إلى الشتات.. خريطة تحالفات الخيانة «القديمة الجديدة»: كيف تنفذ الجماعة مخطط الصهاينة بتهجير الفلسطينيين؟

السبت، 09 أغسطس 2025 03:39 م
ما يخفيه الإخوان من النشأة إلى الشتات.. خريطة تحالفات الخيانة «القديمة الجديدة»: كيف تنفذ الجماعة مخطط الصهاينة بتهجير الفلسطينيين؟
طلال رسلان

 
بينما يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة واحدة من أكثر المراحل دموية في تاريخ الصراع، تتسلل إلى المشهد تحركات سياسية وإعلامية مشبوهة، تقودها جماعة الإخوان وحلفاؤها، لتشكيل خطاب موجه يخدم، عن قصد، أهدافًا تتقاطع مع المخططات الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين نحو سيناء، وتفكيك البنية الوطنية للدول المجاورة، وعلى رأسها مصر والأردن.
 
بدلًا من التركيز على الاحتلال الإسرائيلي كمصدر الكارثة، توجه أدوات الإخوان سهامها نحو الحكومات العربية، خاصة القاهرة، متهمة إياها بإغلاق المعابر ومنع المساعدات. هذه السردية، التي تتجاهل عمداً الجرائم الإسرائيلية، ليست مجرد اختلاف في الرأي، بل جزء من خطة أوسع لتحويل الغضب الشعبي إلى طاقة موجهة ضد الدول الوطنية، تمهيدًا لتفكيكها أو زعزعة استقرارها.
 
المظاهرات التي ينظمها الإخوان وحلفاؤهم في الخارج تكشف بوضوح طبيعة أهدافهم؛ فهي غالبًا تُقام أمام مؤسسات عربية، وتغيب تمامًا عن محيط المؤسسات الإسرائيلية، رغم النفوذ التنظيمي للجماعة في عدة عواصم غربية. الهدف هنا ليس الضغط على الاحتلال، بل تهيئة الرأي العام لقبول مشاريع مثل «الوطن البديل» ونقل الفلسطينيين إلى أراضٍ عربية بدعوى الحل الإنساني.
 
 
قنوات الجماعة ومنصاتها الرقمية تتبنى خطابًا ممنهجًا يبرئ إسرائيل ضمنيًا ويصور المواقف الرسمية العربية كخيانة أو تواطؤ. ويزداد تأثير هذا الخطاب حين يُغلّف بفتاوى أو مواقف دينية عبر كيانات مثل «اتحاد الأئمة» وواجهات دعوية مرتبطة بالتنظيم، بهدف شحن الشارع ضد حكوماته وفتح الباب أمام اضطرابات تصب في مصلحة قوى خارجية.
 
رصد إعلامي وميداني حديث كشف عن حملات إلكترونية منسقة، بدأ بعضها بعد إعلان مصر إحباط مخطط إرهابي لحركة «حسم» الإخوانية في يوليو 2025. المفارقة أن هذه الحملات تبنت خطابًا مطابقًا تقريبًا لما يروج له متحدثون إسرائيليون مثل إيدي كوهين، الذي اتهم القاهرة صراحة بخنق غزة. هذا التطابق يثير تساؤلات حول عمق التنسيق غير المعلن بين الطرفين.
 
تجاوزت الحملة حدود الدعاية إلى تزييف الحقائق، مثل نشر بيان مزعوم باسم «مجلس عشائر سيناء» أو مقطع فيديو مفبرك عن اقتحام قسم شرطة المعصرة. تحليل البصمة الرقمية لهذه المواد أظهر أن أغلب الحسابات المروجة أُنشئت بين 2023 و2024 وتدار من خارج مصر، ما يعكس وجود إدارة مركزية للتحريض.
 
الأمر لم يقتصر على الإخوان وحلفائهم في الغرب؛ بل تماهت بعض المنصات المرتبطة بحركة حماس، إضافة لاتحاد أئمة الداخل الفلسطيني، مع نفس الخطاب، ودعت للتظاهر أمام السفارة المصرية في تل أبيب، متجاهلة الاحتلال وممارساته. هذا التناغم الثلاثي بين الإخوان وحماس وأطراف إسرائيلية يكشف عن خريطة تحالف غير مسبوقة في خطورتها.
 
 
التحالف الإخواني-الإسرائيلي ليس وليد اللحظة، بل إعادة إنتاج لتحالفات سابقة، يجري تفعيلها الآن تحت ستار «نصرة غزة». النتيجة النهائية لهذا المسار هي شرعنة تهجير الفلسطينيين وإيجاد غطاء شعبي وإعلامي له، في سياق يعيد رسم خريطة المنطقة على حساب القضية الفلسطينية والدول المستهدفة.
 
ما يجري ليس مجرد صراع خطابي أو دعاية موسمية، بل جزء من معركة استراتيجية لإعادة هندسة المنطقة. الإخوان، عبر انتشارهم العابر للحدود وقدرتهم على التأثير في الشارع العربي، باتوا يمثلون أخطر بوابة لتمرير المخططات الإسرائيلية من الداخل العربي نفسه. المواجهة هنا لا تتطلب فقط جهدًا سياسيًا وأمنيًا، بل معركة وعي تكشف زيف الخطاب وتقطع خيوط تحالفات الخيانة «القديمة الجديدة».
 
 
إخوان فلسطين ذراع تل أبيب
 
منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 ارتبطت مصالحها وتحالفاتها بمفهوم التنظيم الدولي الذي يتجاوز الحدود الوطنية ويخضع لأجندة أوسع من مجرد العمل الدعوي أو السياسي المحلي ومع مرور الوقت انكشفت أذرعها في الداخل والخارج لتكشف عن شبكة تحالفات متشابكة تضم أطرافا إقليمية ودولية تسعى لتحقيق أهداف تخدم مصالح قوى أخرى وفي مقدمتها إسرائيل.
 
علاقة حماس بالحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني ليست مجرد تواصل ديني أو قومي بل هي امتداد مباشر للبنية الأيديولوجية والتنظيمية لجماعة الإخوان كلاهما ينطلق من المرجعية نفسها وكلاهما يضع مواجهة الدولة المصرية ضمن أولويات العمل السياسي والإعلامي والعسكري رغم التباين الظاهري في الشعارات المعلنة.
 
تقدم حركة حماس نفسها للعالم على أنها رأس حربة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي غير أن ممارساتها السياسية والإعلامية تكشف عن ازدواجية واضحة ففي حين ترفع شعار مواجهة الاحتلال فهي تتجنب أي صدام حقيقي يهدد أمن إسرائيل على المدى الطويل وتركز جهودها الإعلامية على مهاجمة مصر وتحريض الشارع العربي ضدها متجاهلة جرائم الاحتلال اليومية في الضفة الغربية والقدس.
 
 
التحريض الممنهج الذي تمارسه حماس ضد الدولة المصرية ليس مجرد رد فعل سياسي بل هو جزء من خطة أوسع رسمها التنظيم الدولي للإخوان تستهدف إضعاف الدور المصري في المنطقة وعرقلة أي جهود لإعادة الاستقرار والأمن إلى الإقليم وهو ما يصب مباشرة في مصلحة إسرائيل التي ترى في قوة مصر تهديدا مباشرا لمشاريعها التوسعية.
 
في الداخل الفلسطيني ظهرت الحركة الإسلامية التي تنشط بين عرب 48 كأداة سياسية واجتماعية ذات خطاب ديني لكنها في الواقع تحمل البنية الفكرية والتنظيمية نفسها للإخوان هذه الحركة التي تنقسم إلى جناحين أحدهما يقوده رائد صلاح المعروف بخطابه الشعبوي والآخر بقيادة منصور عباس الذي اختار مسار العمل السياسي المباشر داخل الكنيست كلاهما يشكل غطاء أيديولوجيا يبرر مواقف الإخوان ويحافظ على حضورهم في الداخل المحتل.
 
 
ارتبطت الحركة الإسلامية بعلاقات وثيقة مع حماس من خلال دعم متبادل في الحملات الإعلامية وتنظيم الفعاليات السياسية التي تستهدف التأثير في الرأي العام العربي تجاه مصر والأنظمة المناهضة للإخوان كما لعبت دورا في توفير غطاء ديني لأجندة سياسية تتلاقى مع مصالح إسرائيل بشكل غير مباشر.
 
الحديث عن تحالف مباشر بين الإخوان وتل أبيب قد يبدو صادما للبعض لكن الوقائع تشير إلى أن هناك تقاطعا في الأهداف والمصالح إذا كانت إسرائيل تسعى إلى إضعاف الدول العربية الكبرى وخاصة مصر فإن الإخوان ومن خلفهم حماس والحركة الإسلامية يسعون إلى النتيجة نفسها وإن اختلفت الأدوات والأسباب فإسرائيل تريد ذلك لضمان تفوقها الإقليمي أما الإخوان فيرونه فرصة للعودة إلى الحكم وفرض مشروعهم الأيديولوجي.
 
الأحداث بعد 2013 أظهرت هذا بوضوح حيث كثفت وسائل الإعلام المحسوبة على الإخوان هجومها على الدولة المصرية وتجاهلت في المقابل الانتهاكات الإسرائيلية بل إن بعض منصاتهم ذهبت إلى تبرير التطبيع مع تل أبيب في إطار خطاب براجماتي يهدف إلى كسب دعم غربي وإسرائيلي ضد خصومهم في الداخل.
 
الآلة الإعلامية للإخوان المنتشرة في الخارج تعمل بتناغم مع منصات حماس والحركة الإسلامية لبث رسائل تحريضية ضد مصر هذه الرسائل تركز على تصوير الدولة المصرية كعدو للأمة الإسلامية بينما يتم تهميش أو تغييب أي محتوى يفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي هذه الاستراتيجية الإعلامية تخدم بشكل مباشر مصلحة إسرائيل التي تسعى إلى نقل بوصلة العداء من تل أبيب إلى القاهرة.
 
 
من خلال هذا التحالف الإعلامي والسياسي تمكن الإخوان من خلق حالة من البلبلة في الشارع العربي والإسلامي حيث أصبح جزء من الرأي العام مقتنعا بأن الصراع مع مصر أو دول عربية أخرى أكثر إلحاحا من الصراع مع إسرائيل وهو ما يمثل نجاحا استراتيجيا لمخططات تل أبيب التي طالما سعت إلى تفتيت أولويات الأمة وإضعاف وحدتها.
 
عندما ننظر إلى خريطة التحالفات والمواقف سنجد أن الإخوان وحماس والحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني يشكلون جناحا سياسيا وإعلاميا يخدم أجندة إسرائيل سواء عن قصد أو نتيجة لتقاطع المصالح فالعداء الممنهج لمصر وتجاهل العدو الحقيقي لا يمكن تفسيره إلا في إطار استراتيجية واحدة عنوانها تفتيت المنطقة وإضعاف الدول المركزية لصالح قوى خارجية وفي مقدمتها تل أبيب.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق