الصحة العالمية: أكثر من مليار شخص بالعالم يعانون من أمراض نفسية
الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025 03:32 م
قالت منظمة الصحة العالمية فى بيان لها، إنه وفقًا لبيانات جديدة أصدرتها منظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من مليار شخص بالعالم من اضطرابات الصحة النفسية، حيث تُسبب حالات مثل القلق والاكتئاب خسائر بشرية واقتصادية جسيمة.
وبينما عززت العديد من الدول سياساتها وبرامجها المتعلقة بالصحة النفسية، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار والجهود على الصعيد العالمي لتوسيع نطاق الخدمات الرامية إلى حماية وتعزيز الصحة النفسية.
وقالت، نتشر حالات الصحة النفسية، كالقلق والاكتئاب، بشكل كبير في جميع البلدان والمجتمعات، وتؤثر على الناس من جميع الأعمار ومستويات الدخل. وتمثل ثاني أكبر سبب للإعاقة طويلة الأمد، مما يُسهم في فقدان الحياة الصحية. كما أنها ترفع تكاليف الرعاية الصحية للأشخاص والأسر المتضررة، وتُسبب خسائر اقتصادية فادحة على نطاق عالمي.
تُسلّط النتائج الجديدة المنشورة في تقريرين - الصحة النفسية العالمية اليوم وأطلس الصحة النفسية 2024 - الضوء على بعض جوانب التقدم، مع كشفها عن فجوات كبيرة في معالجة حالات الصحة النفسية عالميًا. ويُعدّ هذان التقريران أدواتٍ أساسيةً لتوجيه الاستراتيجيات الوطنية وتشكيل الحوار العالمي قبل اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى لعام 2025 بشأن الأمراض غير المعدية وتعزيز الصحة النفسية والرفاهية ، الذي سيُعقد في نيويورك في 25 سبتمبر 2025.
قال الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "يُعدّ تطوير خدمات الصحة النفسية أحد أكثر تحديات الصحة العامة إلحاحًا". وأضاف: "الاستثمار في الصحة النفسية يعني الاستثمار في الأفراد والمجتمعات والاقتصادات، وهو استثمار لا يمكن لأي دولة إهماله. تقع على عاتق كل حكومة وكل قائد مسؤولية العمل على وجه السرعة، وضمان أن تُعامل رعاية الصحة النفسية، لا كامتياز، بل كحق أساسي للجميع".
ـ بيانات رئيسية من الصحة النفسية العالمية اليوم
يُظهر التقرير أنه على الرغم من اختلاف انتشار اضطرابات الصحة النفسية باختلاف الجنس، إلا أن النساء يتأثرن بها بشكل غير متناسب عمومًا. وتُعدّ اضطرابات القلق والاكتئاب أكثر أنواع اضطرابات الصحة النفسية شيوعًا بين الرجال والنساء.
وأضافت، إنه لا يزال الانتحار يُمثل نتيجةً مدمرة، إذ يُقدر عدد ضحاياه بنحو 727,000 ألف شخص في عام 2021 وحده. وهو سبب رئيسي للوفاة بين الشباب في جميع البلدان والسياقات الاجتماعية والاقتصادية. ورغم الجهود العالمية المبذولة، لا يزال التقدم المحرز في الحد من وفيات الانتحار ضعيفًا للغاية، مما يحول دون تحقيق هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتمثل في خفض معدلات الانتحار بمقدار الثلث بحلول عام 2030. وبالاستمرار على هذا المسار، لن يتحقق سوى انخفاض بنسبة 12% بحلول ذلك الموعد.
وأوضحت، إن التأثير الاقتصادي لاضطرابات الصحة النفسية هائل. فبينما تكاليف الرعاية الصحية باهظة، فإن التكاليف غير المباشرة - وخاصة في فقدان الإنتاجية - أكبر بكثير. يُكلّف الاكتئاب والقلق وحدهما الاقتصاد العالمي ما يُقدّر بتريليون دولار أمريكي سنويًا.
وتؤكد هذه النتائج على الحاجة الملحة للاستثمار المستدام، وتحديد الأولويات بشكل أقوى، والتعاون بين القطاعات المتعددة لتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية العقلية، والحد من الوصمة، ومعالجة الأسباب الجذرية لحالات الصحة العقلية.
النتائج الرئيسية من أطلس الصحة العقلية لعام 2024
منذ عام ٢٠٢٠، قطعت الدول شوطًا كبيرًا في تعزيز سياساتها وخططها المتعلقة بالصحة النفسية. وقام العديد منها بتحديث سياساتها، واعتمدت مناهج قائمة على الحقوق، وعززت التأهب للصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي خلال حالات الطوارئ الصحية.
مع ذلك، لم يُترجم هذا الزخم إلى إصلاح قانوني. فعدد الدول التي اعتمدت أو طبقت تشريعاتٍ للصحة النفسية قائمة على الحقوق أقل، ولم تُقيّم سوى 45% من الدول القوانين بما يتوافق تمامًا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
يكشف التقرير عن ركود مقلق في الاستثمار في الصحة النفسية. إذ لا يزال متوسط الإنفاق الحكومي على الصحة النفسية عند 2% فقط من إجمالي ميزانيات الصحة - وهو مستوى ثابت منذ عام 2017. وتتضح الفوارق بين البلدان بشكل صارخ؛ ففي حين تنفق البلدان مرتفعة الدخل ما يصل إلى 65 دولارًا أمريكيًا للفرد الواحد على الصحة النفسية، لا تنفق البلدان منخفضة الدخل سوى 0.04 دولار أمريكي. ويبلغ متوسط عدد العاملين في مجال الصحة النفسية عالميًا 13 عاملًا لكل 100,000 شخص، مع وجود نقص حاد في هذه الفئة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
يتقدم إصلاح وتطوير خدمات الصحة النفسية ببطء. أقل من 10% من الدول انتقلت بالكامل إلى نماذج الرعاية المجتمعية، ولا تزال معظمها في مراحلها الأولى. ولا تزال رعاية المرضى الداخليين تعتمد بشكل كبير على مستشفيات الأمراض النفسية، حيث تحدث نصف حالات الدخول تقريبًا بشكل غير طوعي، ويستمر أكثر من 20% منها لأكثر من عام.
يتقدم دمج الصحة النفسية في الرعاية الصحية الأولية، حيث تستوفي 71% من الدول ثلاثة على الأقل من معايير منظمة الصحة العالمية الخمسة. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوات في البيانات؛ إذ لم تقدم سوى 22 دولة بيانات كافية لتقدير تغطية خدمات الذهان. في البلدان منخفضة الدخل،.
يتلقى أقل من 10% من المصابين بالذهان الرعاية، مقارنةً بأكثر من 50% في الدول ذات الدخل المرتفع، مما يُبرز الحاجة المُلحة لتوسيع نطاق الوصول وتعزيز تقديم الخدمات.
من المشجع أن معظم البلدان أفادت بوجود مبادرات فعّالة لتعزيز الصحة النفسية، مثل تنمية الطفولة المبكرة، والصحة النفسية في المدارس، وبرامج الوقاية من الانتحار. وتقدم أكثر من 80% من البلدان الآن دعمًا للصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي كجزء من استجاباتها للطوارئ، بزيادة عن 39% في عام 2020. وتزداد خدمات الصحة النفسية للمرضى الخارجيين والرعاية الصحية عن بُعد، على الرغم من أن الوصول إليها لا يزال متفاوتًا.
نداء عالمي لتكثيف العمل بشأن الصحة العقلية
ورغم حدوث بعض التطورات المشجعة، فإن أحدث البيانات تشير إلى أن البلدان لا تزال بعيدة كل البعد عن المسار الصحيح لتحقيق الأهداف التي حددتها خطة العمل الشاملة للصحة العقلية لمنظمة الصحة العالمية.
تدعو منظمة الصحة العالمية الحكومات والشركاء العالميين إلى تكثيف الجهود بشكل عاجل لتحقيق تحول منهجي في أنظمة الصحة النفسية حول العالم. ويشمل ذلك:
التمويل العادل لخدمات الصحة العقلية.
الإصلاح القانوني والسياسي لدعم حقوق الإنسان.
الاستثمار المستدام في القوى العاملة في مجال الصحة العقلية.
توسيع نطاق الرعاية المجتمعية التي تركز على الشخص.