"باريس الشرق" تعود

السبت، 13 سبتمبر 2025 08:00 م
"باريس الشرق" تعود
إيمان محجوب

 

القاهرة التاريخية تتحول إلى متاحف مفتوحة بعد نقل الوزارات وتقليل الازدحام واستعادة رونق وسط البلد الجمالي والتراثي

أعمال التطوير شملت مناطق ميدان التحرير وشوارع وسط القاهرة وحديقة الازبكية وسوق العتبة وحي جاردن سيتي

 

 

مشروع إعادة إحياء القاهرة الخديوية يعد أحد المشروعات القومية التي تحظى باهتمام كبير من القيادة السياسية، وتهدف إلى إعادة إحياء وسط البلد كتحفة معمارية ومتحف مفتوح للتراث، مع إعادة توظيف المباني التاريخية وتعزيز مكانة القاهرة كعاصمة للثقافة والفن والسياحة، لتعود القاهرة لمجدها القديم كباريس الشرق.

ويهدف المشروع الي تحويل عدد من مناطق القاهرة إلى متاحف مفتوحة، بعد نقل الوزارات والمصالح الحكومية الي العاصمة الإدارية الجديدة وفتح الشوارع وتقليل الازدحام، واستعادة طابعها المعماري والتراثي، وإزالة التشوّهات البصرية، والتعدّيات، وتوحيد لافتات المحلات، وتشمل الأعمال ترميم الواجهات المتميزة للحفاظ على النسق المعماري الأصلي، حيث يتم دراسة الحالة المعمارية لكل عقار للوصول لأفضل طريقة لأعمال الترميم، كما يتم إزالة جميع الأجزاء التالفة وتعويض الناقص من الزخارف المعمارية، وذلك على أيدي فنيين متخصصين في تلك الأعمال وتحت إشراف مهندسي مديرية الإسكان والمرافق، كما يتم معالجة الواجهات باستخدام أجود المواد المقاومة للعوامل الجوية لإعادة العقارات إلى طابعها الأصلي.

وبدأت المرحلة الأولى من المشروع من ميدان التحرير والتي انتهت بالفعل، ثم المرحلة الثانية من ميدان طلعت حرب حتى ميدان مصطفى كامل، مرورًا بشارع قصر النيل الرابط بين الميدانين، وقد تم الانتهاء من تنفيذها كذلك، ثم المرحلة الثالثة، التي تبدأ من ميدان التحرير وحتى ميدان طلعت حرب، مرورًا بشارع طلعت حرب، حيث إن الأعمال جارية حاليًا في هذه المرحلة، وتتم جميع الأعمال تحت الدعم الفني للجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وبالإشراف الكامل والمتابعة الدورية من مديرية الإسكان والمرافق بمحافظة القاهرة.

وأكد محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر أنه تم الانتهاء من أعمال تطوير المرحلة الأولى بإعادة توظيف شارع الشريفين، فيما يجري العمل على إنهاء المرحلة الثانية والتي تشمل إعادة توظيف ممر القاضي الفاضل وتفرعاته، إلى جانب تطوير واجهات العمارات والشوارع والعناصر المحيطة من تنسيق الموقع، موضحًا كذلك أنه جار البدء في تنفيذ المرحلة الثالثة والتي تشمل إحياء شارع علوي، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذ مشروع منطقة "مثلث البورصة" بنهاية سبتمبر الجاري.

وأضاف محافظ القاهرة حرص الأجهزة التنفيذية بالمحافظة على تقديم مختلف أوجه الدعم للانتهاء من أعمال ضمن جهود استعادة المظاهر الأثرية والمميزة لمنطقة القاهرة الخديوية والتاريخية، وتجديد الروح فيها، وإعادة الدور الثقافي، وتعزيز الأهمية السياحية لها، وإعادة تخطيط المنطقة كمنطقة سياحية ثقافية.

 

مشروع تطوير سوق العتبة بوسط القاهرة

وخلال الأيام القليلة الماضية تابع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الموقف التنفيذي لأعمال مشروع تطوير سوق العتبة بوسط القاهرة، حيث يأتي المشروع ضمن خطة الدولة لتطوير الأسواق التاريخية والعشوائية وتحويلها إلى مراكز حضارية وتجارية منظمة تواكب متطلبات التنمية العمرانية المستدامة، مع الحفاظ على الطابع التراثي والمعماري المميز للمنطقة.

وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن المشروع يستهدف تهيئة بيئة تجارية آمنة وحضارية تدعم دمج الأنشطة غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي، فضلًا عن رفع القيمة الاقتصادية والاستثمارية لوسط القاهرة، بما يتوافق مع رؤية مصر2030.

وتم تنفيذه عمليات تطوير سوق العتبة، من خلال جهاز تعمير القاهرة الكبرى، بالتنسيق مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وبتكلفة إجمالية تصل إلى نحو 50 مليون جنيه، مع مراعاة الالتزام بأعلى المعايير الفنية والهندسية، كما شملت مراحل التطوير تحسين واجهات (105) محلات تجارية وفق هوية بصرية موحدة، وترميم ورفع كفاءة 3 عقارات ذات طراز معماري مميز، بالإضافة إلى تطوير 11 عقارًا مطلًا على السوق، وذلك بالتنسيق مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، بما يعزز المظهر الحضاري للمنطقة ويحافظ على طابعها التاريخي.

وفي الموضوع اكدت وزيرة التنمية المحلية الدكتورة منال عوض: أنه تم الانتهاء من أعمال البنية التحتية بنسبة 100%، وتشمل شبكات الصرف الصحي، والمياه، والكهرباء، والاتصالات، والغاز، فيما بلغت نسبة تنفيذ أعمال التطوير نحو 80%، وتتضمن دهان واجهات المحلات التجارية بألوان موحدة ومتناسقة، ورصف لتحسين الحركة داخل السوق، وتركيب المظلات وكشافات الإضاءة الحديثة لتهيئة بيئة آمنة ومريحة للمتسوقين، وتصميم وتنفيذ يافطات المحال التجارية بخامات عالية الجودة ، وفق اشتراطات التنسيق الحضاري، وتوريد وتركيب الطاولات المخصصة للباعة، ودهان أبواب المحلات بما يتماشى مع الهوية البصرية.

 

مشروع إحياء حديقة الازبكية التراثية

كما تفقد رئيس الوزراء خلال جولته في الأيام القليلة الماضية مشروع إحياء حديقة الأزبكية التراثية بعد الانتهاء من الأعمال والاستعداد لافتتاح الحديقة التراثية وإتاحتها للجمهور قريبا لتكون متنفساً ومتنزها لسكان القاهرة، حيث تضمنت اعمال المشروع إحياء القيمة المعمارية والتراثية للمباني ذات القيمة التاريخية بالحديقة.

وقام الدكتور مصطفى مدبولي بتسليم عدد من العقود للمستفيدين من أصحاب الأكشاك من المنتقلين من سور الأزبكية القديم للسوق الجديدة، وفي غضون ذلك عرض أحد أصحاب الأكشاك صورا توضح المراحل التاريخية المختلفة لسور الأزبكية، فيما أشار محافظ القاهرة إلى أنه تم استخراج تصاريح مؤقتة لأصحاب الأكشاك لحين الانتهاء من تسليم جميع العقود لهم، وأثنى أصحاب الأكشاك على السوق الجديدة التي نفذتها الدولة لسور الأزبكية التاريخي، مؤكدين أنهم يشعرون بالفخر بعد تسلمهم عقود الأكشاك الخاصة بهم، وأنهم سيعملون في بيئة نظيفة حضارية تواكب التطور الذي تشهده الجمهورية الجديدة في جميع المجالات.

 

تطوير حي جاردن سيتي

ومن ضمن الاحياء التي يتم تطويرها ضمن مشروع إعادة احياء القاهرة الخديوية حي جاردن سيتي الذي ظلت العديد من شوارعه مغلقة بسبب تواجد عدد من السفارات الاجنبية به، لكن حالياً تم إزالة الحواجز والعقبات لتسهيل عملية السير بالمنطقة.

وكانت هذه الحواجز تمثل عائقاً كبيراً أمام السيارات طوال الفترة الماضية، وحي جاردن سيتي، أسسه الخديوي إسماعيل بالقرب من فندق "سميرميس" ليعيش به الطبقة العليا من المجتمع لاستقبال وضيافة الأجانب عند افتتاح قناة السويس، وقد صُمم الحي بحيث تكون شوارعه دائرية، كما تجري اعمال تطوير لفندق شبرد، حيث قام المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، بجولة ميدانية لتفقد أعمال التطوير الجارية بفندق "شبرد" التاريخي بمنطقة جاردن سيتي بوسط القاهرة.

وخلال الجولة، اطلع الوزير على الموقف التنفيذي لمراحل التطوير الشامل، والذي يشمل تحديث المبنى الرئيسي، وإنشاء مبنى ملحق جديد يضيف طاقة فندقية، إلى جانب جراج سيارات ومجموعة من المطاعم والمرافق الخدمية وحمام سباحة، بما يرفع تصنيف الفندق إلى مستوى خمس نجوم بطاقة 269 غرفة وجناح، وفق أحدث المواصفات والمعايير العالمية، ويعزز موقعه الفريد المطل على نهر النيل، وذلك بالشراكة مع مجموعة الشريف القابضة السعودية، ومجموعة "ماندارين أورينتال" العالمية.

وأكد المهندس محمد شيمي أن مشروع تطوير "شبرد" يُعد من أبرز مشروعات الوزارة في قطاع السياحة والفنادق، مشيرًا إلى أن إعادة إحياء هذا الصرح العريق يساهم في تعزيز مكانة القاهرة كوجهة سياحية عالمية، ويعكس التوجه الاستراتيجي لتعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة للدولة من خلال شراكات فاعلة مع القطاع الخاص، بما يحقق عوائد اقتصادية وسياحية مستدامة.

كما شدد الوزير على أهمية الحفاظ على الطابع التاريخي والهوية المعمارية المميزة للفندق، باعتباره واحدًا من أعرق معالم الضيافة في مصر والمنطقة، موجها بسرعة إنجاز الأعمال المتبقية وضغط البرنامج الزمني المحدد للانتهاء من التطوير والتشغيل.

يذكر أن فندق "شبرد" تأسس عام 1841 من خلال مبنى متواضع بحي الأزبكية، وقد أطلق على المبنى اسم الفندق البريطاني، ثم تنازل مالك الفندق عنه هيل إلى صامويل شبرد، ورفع لافتة باسمه سنة 1846م على نفس موقع الفندق القديم المطل على بحيرة الأزبكية بالقاهرة، وعندما وصل الخديوي عباس حلمي الأول إلى الحكم، منح القصر هدية لصامويل شبرد، بناء على وساطة من قنصل إنجلترا تشارلز مري، وشهد فندق شبرد، حالة من الرواج السياحي والتجاري لمصر، وهو ما شجع الكثير من الوفود الأوروبية على المجيء لمصر والإقامة فيه.

 

إعادة إحياء فندق الكونتيننتال التاريخي بميدان الأوبرا وسط القاهرة

وفي إطار خطة الدولة لإحياء القاهرة الخديوية نظرا لما تتميز به المنطقة من تراث معماري متميز، يتم إعادة إحياء فندق الكونتيننتال التاريخي بميدان الأوبرا وسط القاهرة، والتي تشمل توثيق كامل لكافة فراغات الفندق والمبنى من قبل الوحدة الإنتاجية التابعة لوزارة السياحة والآثار، وكذلك تكويد وحفظ كافة الجداريات والأعمال الفنية، والأسوار والأعمال والمشغولات الحديدية (الفورفورجية) لإعادة استخدامها في المشروع الجديد وهو ما سيعمل على إعادة الطابع المميز للفندق والمبنى.

وتم إعداد التصميمات الخاصة بالفندق على نفس الطراز المعماري المميز وبنفس ارتفاعاته الاصلية التي أنشأ عليها في عام 1870 مع مراعاة البصمة البنائية للمبنى الأصلي وحدوده الخارجية، بالإضافة إعادة البناء طبقا لواجهاته التاريخية، مع المحافظة على الواجهة المطلة على شارع عدلي وربطها ودمجها مع التصميم على الواجهات التي تم اعداداها والتي تتسق مع الطابع المعماري المميز للمبني.

والقاهرة الخديوية، هي منطقة قلب القاهرة في فترة الخديوي إسماعيل، وتبدأ من كوبري قصر النيل، حتي منطقة العتبة، وفي زيارة الخديوي إسماعيل لباريس عام 1867، طلب من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسي "هاوسمان" الذي قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية.

قام هاوسمان بتخطيط القاهرة الخديوية وحولها إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم، ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك "باريس الشرق".

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة