الدبلوماسية الهادئة تصنع الاستقرار
السبت، 13 سبتمبر 2025 02:49 م
الوساطة المصرية تنجح في أحداث اختراق تاريخى لتعقيدات الملف النووي الإيراني.. والتوقيع على اتفاق بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
دون ضجيج، وفى هدوء، استطاعت الدبلوماسية المصرية، وبتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن تحدث اختراقاً نوعياً مهما في الملف النووي الإيراني، الذى وصل قبل أيام إلى نقطة الصفر، بعد التصعيد الغربى ضد طهران، فكانت التحركات المصرية الواعية في التوقيت المناسب، هي السبب في الوصول إلى تهدئة.
الثلاثاء الماضى، وبعيداً عن أي صخب، استضافت القاهرة، اجتماعاً، هو الأهم في مسار الملف النووي الإيراني، شارك فيه وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، وبترتيب من الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية، وانتهى الاجتماع إلى الاتفاق وتوقيع الطرفان "إيران والوكالة الدولية" على أتفاق استئناف التعاون بين الجانبين.
ما حدث في القاهرة، يؤكد الرؤية المصرية الصادقة والناجحة، وتجاه تعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
هذا التوقيع جاء نتاج تحركات مصرية متسارعة خلال الشهرين الماضيين، لخفض التصعيد وتهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووي الإيراني، حيث شهدت الفترة الأخيرة اتصالات مكثفة للدكتور بدر عبدالعاطي مع نظيره الإيراني ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقريب وجهات النظر للتوصل لتسوية مرضية تراعى مصالح جميع الأطراف، تسهم في تحقيق التهدئة واستعادة الثقة وإيجاد مناخ داعم لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، وبدأ هذا المسار التفاوضي في شهر يونيو الماضي بتيسير من مصر لاستعادة التعاون بين الجانبين، وأسفر عن التوقيع على اتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف التعاون، والاتفاق على خطوات عملية للتحقق في المنشآت النووية الإيرانية وزيادة إجراءات الشفافية، بما يمثل إطاراً عملياً جديداً لاستعادة الثقة المتبادلة بين إيران والوكالة، ونقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة في العلاقة بين الطرفين تتسم بمزيد من الشفافية تسهم فى معالجة الشواغل الفنية، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وعقب التوقيع على الاتفاق أستقبل الرئيس السيسى، بقصر الاتحادية، وزير الخارجية الإيراني، ثم مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفى اللقاء الأول، تم تناول تطورات العلاقات بين مصر وإيران، حيث نقل الوزير الإيراني إلى الرئيس السيسى، تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وتطلعه إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، الأمر الذي ثمنه الرئيس، مشيراً إلى أهمية مواصلة استكشاف آفاق التعاون المشترك بما يخدم المصالح المتبادلة ويعزز الاستقرار الإقليمي.
كما تناول اللقاء مستجدات الملف النووي الإيراني، حيث أشار الرئيس السيسى إلى أهمية التوصل في القاهرة إلى اتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف التعاون بينهما، مؤكداً دعم مصر لجهود خفض التصعيد، واستعدادها للاضطلاع بدور فاعل في تهيئة بيئة للحوار البناء بين الأطراف المعنية، بما في ذلك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، دعماً للاستقرار الإقليمي وتجنباً لانزلاق المنطقة إلى دوائر جديدة من التوتر والعنف، وأعرب الوزير الإيراني عن تقدير بلاده الكامل للرئيس وللجهود التي قام بها للتوصل إلى الاتفاق، الذي سوف يؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة، وبما يؤدي إلى تجنب التصعيد، ويمهد لاستئناف المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وهو ما سوف يساهم في دعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وبعدها التقى الرئيس السيسى بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتناول اللقاء سبل تعزيز التعاون القائم بين مصر والوكالة، واستعراض تطورات أنشطة الوكالة في إطار ولايتها، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر للدور الحيوي الذي تضطلع به الوكالة في دعم منظومة عدم الانتشار النووي، مؤكدًا في الوقت ذاته حق الدول الأطراف في معاهدة عدم الانتشار في الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.
وعبّر جروسي عن تقديره العميق للدور المصري في دعم أنشطة الوكالة، مضيفاً ان سبب نجاح المفاوضات بين الوكالة وإيران، وإبرام الاتفاق بين إيران والوكالة يرجع إلى وزن مصر ووضعها ومكانتها الاستراتيجية وإشراف الرئيس السيسى ومتابعته للمفاوضات، وانه لولا ذلك ما كان ممكنا التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي.
وجدد الرئيس السيسى موقف مصر الثابت في دعم جهود نزع السلاح النووي وتعزيز منظومة عدم الانتشار، انطلاقاً من حرصها على ترسيخ السلم والأمن الدوليين، وتحقيق هدف إخلاء العالم من الأسلحة النووية. كما تم التأكيد على أهمية مواصلة العمل لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وتعزيز عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي، بما يصون مقدرات الشعوب من آثار هذه الأسلحة المدمرة.
وبعدها عقد الرئيس السيسي لقاءً ثلاثياً مع وزير الخارجية الإيراني، ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث رحّب الرئيس بالزيارة المشتركة لهما إلى القاهرة، التي تأتي تتويجاً للمسار التفاوضي الذي انطلق في أغسطس 2025 بوساطة مصرية، بهدف استعادة التعاون بين إيران والوكالة رغم التحديات التي فرضتها الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، حيث أشاد الرئيس باتفاق استئناف التعاون الذي تم التوصل إليه –الثلاثاء- بالقاهرة بوساطة مصرية، باعتباره خطوة إيجابية نحو خفض التصعيد، من شأنها إقناع الأطراف المعنية بالتراجع عن أي خطوات تصعيدية، وإفساح المجال أمام الدبلوماسية والحوار، تمهيداً للعودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى تسوية سلمية للبرنامج النووي الإيراني.
كما شدد الرئيس على ضرورة تنفيذ الاتفاق واستئناف التعاون بين إيران والوكالة، وإجراء كافة الاتصالات اللازمة مع كل الأطراف المعنية لاستئناف مسار المفاوضات.
وأعرب الضيفان مجددا عن تقديرهما البالغ لرعاية الرئيس السيسى لعملية التوقيع على الاتفاق في القاهرة بين إيران والوكالة وقيادته الحكيمة في التوصل إلى الاتفاق، مؤكدين أهمية الدور المصري في تهيئة المجال للحوار وخفض التوترات، وتجنب التصعيد ودورها الريادي في التوصل إلى السلام في المنطقة.