الدولة تستعد مبكراً لمرحلة ما بعد "صندوق النقد" بالسردية الوطنية

السبت، 13 سبتمبر 2025 10:00 م
الدولة تستعد مبكراً لمرحلة ما بعد "صندوق النقد" بالسردية الوطنية
هبة جعفر

منح القطاع الخاص الأولوية لقيادة التنمية.. وارتفاع معدل النمو وفائض الموازنة يشجع حكومة مدبولى

"المشاط": اقتصادنا الأكثر تنوعا ويستند على قاعدة إنتاجية متكاملة وبنية تحتية متطورة وسوق ضخم وموارد بشرية مؤهلة

خبراء لـ"صوت الأمة": السردية تنسج خيوط السياسات الاقتصادية والاجتماعية في منظومة واحدة.. والتركيز سيكون على التصدير والتحول الصناعي
 

 

 

 

أصبح مستقبل الاقتصاد المصري في نقطة فاصلة، فمع نهاية العام الجاري ينتهي قرض صندوق النقد الدولي وتبدأ الدولة مرحلة جديدة تفتح خلالها آفاقًا أوسع أمام القطاع الخاص وتقدم فرصًا استثمارية جديدة، وجاء إطلاق "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" كخطوة أولية في طريق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الدولة لتحديد الرؤى والاستراتيجيات التي ستسير عليها خلال الفترة المقبلة، لتكون بمثابة خارطة طريق واضحة.

تُعتبر السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية إطارًا شاملًا يحقق التكامل والتناسق بين برنامج عمل الحكومة ورؤية مصر 2030، في ظل المتغيرات المتسارعة التي فرضتها المستجدات الإقليمية والدولية، بهدف استمرار مسار الإصلاح الاقتصادي، والتوجه بشكل أكبر نحو القطاعات الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستفيدة من بنية تحتية متطورة تمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، مع إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد.

وتستند السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية إلى البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، من خلال سياسات داعمة للنمو والتشغيل متضمنة في محاورها الثلاثة: تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، زيادة قدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الانتقال الأخضر وتشمل الاستراتيجيات الخاصة بالاستثمار الأجنبي المباشر، والتنمية الصناعية، والتجارة الخارجية، والتشغيل بما يعزز كفاءة ومرونة سوق العمل، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعة التحويلية والسياحة والزراعة والطاقة والاتصالات.

ويرتكز النموذج الاقتصادي الجديد في مصر على ثلاث ركائز مترابطة: استقرار الاقتصاد الكلي كمرتكز للنمو المستدام، والتحول الهيكلي نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص، بما يضمن تحقيق النمو الشامل، وخلق فرص العمل المستدامة، وتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على المنافسة محليًا وإقليميًا، مع توسيع مشاركة القطاع الخاص كمحرك أساسي للتنمية الاقتصادية.

ويركز النموذج الاقتصادي على تنمية القطاعات القابلة للتبادل التجاري، من خلال تعزيز التنمية الصناعية، والاستثمار الأجنبي المباشر، والتجارة الخارجية، وتحسين كفاءة ومرونة سوق العمل، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعات التحويلية باعتبارها ركيزة رئيسية للنمو الشامل، إضافة إلى السياحة والزراعة والطاقة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما يعزز القدرة الإنتاجية ويدعم التنمية المستدامة ويخلق فرص عمل مستمرة.

وتؤكد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية أنها ليست طرحًا منفصلًا عن الاستراتيجيات الوطنية الأخرى، ولا تعارض بينها، بل تسعى إلى التكامل، من خلال ربط رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة، ومراعاة المتغيرات والمستجدات الإقليمية والدولية، وتحديد مستهدفات حتى عام 2030 والمأمول تحقيقه بحلول 2050، مستندة إلى المعطيات الحالية للاقتصاد المصري، وسياسات وإجراءات الإصلاح الاقتصادي الجاري تنفيذها، بما يحقق رؤية متكاملة للتنمية المستدامة.

ولتحقيق المستهدفات الكمية التي تتضمنها السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، تم وضع قائمة بالإصلاحات الهيكلية لكل قطاع من القطاعات الاقتصادية، مرتبطة بتوقيتات زمنية محددة، تهدف هذه السياسات والإصلاحات إلى دعم النمو والتشغيل، بما يسهم في تكوين رؤية متكاملة للإصلاح الاقتصادي والتنمية، ويعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تهدف للإجابة عن تساؤلات حول رؤية الدولة على المديين القصير والمتوسط، وما ستفعله بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي، مؤكداً أن السردية مبنية على جهود تراكمية لتحقيق التكامل بين القطاعات الإنتاجية والبنية الأساسية لجذب الاستثمارات الأجنبية، مع التركيز على القطاعات القابلة للتداول وخلق القيمة المضافة الأعلى وفق التجارب العالمية للدول الكبرى، موضحاً أن القطاع الخاص سيقود التنمية الاقتصادية في مصر، وأن الإصلاحات الهيكلية الأخيرة انعكست إيجابًا على المؤشرات الاقتصادية، إذ بلغ معدل النمو 4.2% في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الحالي مقارنة بـ 2.4% في العام الماضي، مدفوعًا بالصناعات والقطاعات القابلة للتداول مثل الصناعة والسياحة والاتصالات والزراعة، كما تحقق فائض في الموازنة بنسبة 3.6%، مع استهداف 4% في العام القادم، ما يمثل أعلى معدلات تحققها دول مقارنة بفائض الموازنة.

وأكد رئيس الوزراء على ضرورة استدامة التنمية ومعدل نمو بين 5-7%، مع التركيز على جودة النمو، وتحقيق زيادة سنوية في الصادرات بنسبة 20%، لضمان طفرة حقيقية ومستدامة في الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة، مع التأكيد على أن هذه السردية هي ملكية مشتركة للحكومة والخبراء، وليست مجرد خطة حكومية.

 

صمود الاقتصاد وقدرته على مواكبة الأزمات العالمية

وأوضحت رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتعاون الدولي أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تأتي في ظل مرحلة يشهد فيها العالم المزيد من الاضطرابات والتوترات الجيوسياسية، وتصاعد حدة الصراعات الإقليمية، وعلى الصعيد الاقتصادي فقد شهد العالم تطورات متلاحقة، لا سيما بعد احتداد السياسات الحمائية وما ترتب عليها من اضطراب في أسواق المال العالمية، ما زاد من تخوف المجتمع الدولي بشأن تأثير هذه التوترات على استقرار النظام الاقتصادي العالمي وآفاق النمو المستقبلي والاتجاهات التضخمية، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين.

وأكدت المشاط، أن الحكومة تتبع في هذا الإطار نهجًا توازنيًا معتدلًا يعزز من صمود الاقتصاد وقدرته على مواكبة الأزمات العالمية واستغلال الفرص الكامنة لتجاوز أبعادها، مع التصدي بحزم للتحديات الداخلية عبر التركيز على السياسات والبرامج التي من شأنها مواجهة هذه التحديات، وتسريع عجلة النمو الشامل والتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بما يضمن استمرارية تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية في مختلف القطاعات، مشيرة إلى أن تداعيات الأحداث الدولية تدفع الدولة إلى اعتماد نهج تخطيطي مرن، يتطلب متابعة ومراجعة مستمرة لمستهدفات الخطط والاستراتيجيات الوطنية وفق تطورات المستجدات، مع جهود مستمرة لإعداد وتحديث مجموعة من الاستراتيجيات ذات الأولوية، من بينها استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجية التنمية الصناعية، واستراتيجية تعزيز التجارة الخارجية، والاستراتيجية الوطنية للتشغيل، فضلاً عن التحول نحو إعداد خطط التنمية والموازنة العامة في إطار موازني متوسط الأجل.

وشددت وزيرة التخطيط على أن الاقتصاد المصري يُعد من أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، ويستند إلى قاعدة إنتاجية متكاملة تشمل الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات، وبنية تحتية متطورة، وسوق محلي ضخم، وموارد بشرية شابة ومؤهلة، كما رسخت مصر مكانتها الإقليمية من خلال نماذج ناجحة للتكامل، مثل مركز غاز شرق المتوسط، وتسعى لتعميق هذا الدور عبر قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة الخضراء، والأمن الغذائي، والتجارة، والخدمات اللوجستية.

وأكدت أن الموقع الاستراتيجي لمصر يمثل ميزة تنافسية كبرى، تعزز جاذبيتها كمركز إقليمي لنقل العمليات في الدول المجاورة، نظرًا لقربها الجغرافي من أوروبا وآسيا، وانخفاض التكاليف، وتوافر المهارات، كما تدعم الدولة هذا الموقع بأنظمة استثمارية متنوعة تشمل الاستثمار الداخلي، والمناطق الحرة، والمناطق الاقتصادية، والمناطق الاستثمارية والتكنولوجية، إضافة إلى منظومة متكاملة من ضمانات الاستثمار والحوافز والتيسيرات الضريبية وغير الضريبية، مع شبكة اتفاقيات تجارة حرة مع أكثر من 70 دولة.

وأوضحت أن هذا التحول الاستثماري يستهدف توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة التحويلية، والتكنولوجيا، والسياحة، لما لها من دور في خلق فرص عمل وتحسين التنافسية، ودمج التكنولوجيا في الأنشطة الاقتصادية لرفع الإنتاجية وخفض التكاليف، ودعم الابتكار والبحث والتطوير كمحرك للنمو طويل الأمد، ولإنتاج حلول محلية ذات قيمة مضافة، بما يسهم في تعزيز الاستدامة الاقتصادية.

وأضافت الوزيرة أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تهدف إلى زيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى إجمالي الاستثمارات إلى 66% في 2030 مقابل 60% في خطة العام المالي الجاري، وزيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.9% مقابل 9.1% حاليًا، ورفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 82% بحلول 2030، بما يعكس أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

كما أكدت أن الحكومة تسعى لزيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى إجمالي الاستثمارات العامة لتصل إلى ما بين 70-75% بحلول 2030، مقارنة بـ 50% حاليًا، وزيادة عدد الوظائف التي يولدها الاقتصاد سنويًا من 900 ألف وظيفة متوقعة في خطة العام المالي الجاري إلى 1.5 مليون وظيفة في عام 2030، بما يضمن تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب وتحسين جودة المعيشة، كما تستهدف السردية الوطنية زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات لتصل إلى 66% من الاستثمارات الكلية بحلول 2030، وزيادة نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 82%، مع رفع نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 70-75%، وزيادة الوظائف السنوية من 900 ألف إلى 1.5 مليون بحلول 2030.

 

صياغة رؤية وطنية شاملة للتنمية الاقتصادية

فيما أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن مصر تمر بمرحلة تاريخية دقيقة تتطلب صياغة رؤية وطنية شاملة للتنمية الاقتصادية، تتجاوز حدود السياسات الجزئية أو الاستجابة لمتغيرات مؤقتة. وأضاف أن هذه الرؤية، أو ما يُعرف بالسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، ليست مجرد خطاب سياسي أو شعارات عامة، وإنما إطار استراتيجي متكامل يحدد المسار الذي ينبغي أن يسلكه الاقتصاد المصري لتحقيق النمو المستدام والعدالة الاجتماعية وتمكين المواطن، وتعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية، بما يضمن استمرار جهود التنمية الشاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية على المستويين المحلي والدولي.

وأشار في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة" إلى أنه منذ عام 2014، شهدت مصر إطلاق حزمة ضخمة من المشروعات القومية والإصلاحات الاقتصادية، بدءًا من برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي عام 2016، مرورًا بمشروعات البنية التحتية العملاقة، وصولًا إلى إطلاق “رؤية مصر 2030” التي تم وضعها عام 2015، ولكن نظرًا للأحداث السياسية والاقتصادية والجيوسياسية التي مرت بالعالم والمنطقة العربية، إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية وأحداث الحرب في المنطقة، ظهرت الحاجة إلى إعادة صياغة السردية الوطنية بما يتواءم مع المستجدات والتحديات الإقليمية والدولية، ويضع المواطن في قلب عملية التنمية، ويحقق التوازن بين الاستقرار المالي والنمو الإنتاجي والتشغيل.

وأكد السيد أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يمكن تعريفها بأنها الإطار الفكري والاستراتيجي الذي تتبناه الدولة لتوجيه جهودها التنموية على المستويين المتوسط والبعيد وفق أولويات وطنية واضحة، بما يعكس خصوصية المجتمع المصري واحتياجاته الفعلية. وأضاف أن ذلك يتم من خلال إعادة هيكلة 59 هيئة اقتصادية من أصل 63 هيئة بهدف تعظيم العائد الاقتصادي ورفع كفاءة الأداء وتقليل التداخل في الاختصاصات، وترشيد الإنفاق العام، من خلال مسارات مقترحة تشمل التحويل إلى هيئات عامة، أو الدمج، أو التصفية، بما يعكس إرادة سياسية واضحة لتعزيز الكفاءة المؤسسية وتهيئة تلك الكيانات لتصبح أكثر جذبًا للاستثمار.

وأوضح أن السردية ليست مجرد خطة خمسية أو مجموعة من الإصلاحات، بل رؤية متكاملة تنسج خيوط السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية في منظومة واحدة، تربط بين الأهداف الوطنية مثل النمو والعدالة الاجتماعية والاستقلالية الاقتصادية. وأضاف أن تهيئة بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار يتم من خلال تطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تحدد إطار تدخل الدولة في مختلف القطاعات، ويتم التنفيذ عبر ثلاث جهات رئيسية تلعب أدوارًا متخصصة ومترابطة، وهي: وحدة الشركات المملوكة للدولة التابعة لمجلس الوزراء، التي تأسست بموجب قانون الشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها، إلى جانب الصندوق السيادي المصري ووحدة الطروحات الحكومية، بما يضمن توجيه الجهود الاستثمارية بكفاءة وفاعلية، وأشار إلى أن الصندوق السيادي المصري يمثل الأداة الاستثمارية للدولة لإدارة الأصول العامة وفق مبادئ الكفاءة والعائد الاقتصادي، حيث يعمل على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال الشراكات طويلة الأجل، وإعادة إحياء العلامات التجارية الوطنية، وتعظيم القيمة المضافة للأصول.

وأكد الخبير الاقتصادى أن السردية الوطنية تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها: تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل من خلال رفع معدلات النمو بما يخلق قيمة مضافة حقيقية مع ضمان توزيع عوائد النمو بشكل عادل، تعزيز العدالة الاجتماعية عبر تقليل الفجوات بين الطبقات والمناطق وضمان وصول الدعم والخدمات إلى الفئات غير القادرة، زيادة معدلات التشغيل وخلق فرص عمل لائقة للشباب والنساء من خلال تحفيز الاستثمار والإنتاجية، تقليل الاعتماد على الخارج عبر دعم الصناعة الوطنية وتعميق التصنيع المحلي وزيادة الصادرات، وتمكين القطاع الخاص باعتباره المحرك الأساسي للنمو من خلال إزالة القيود البيروقراطية وتحسين مناخ الأعمال، لضمان تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة في مصر.

 

 

من جانبه، قال محمد رضا، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوليد كابيتال أفريقيا والخليج العربي، أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تمثل رؤية وطنية إصلاحية مستقلة وشاملة للاقتصاد المصري في توقيت بالغ الأهمية، فهي نقطة تحول حقيقية في مسيرة الإصلاح الاقتصادي، وتشكل إطارًا استراتيجيًا متكاملًا يربط بين مستهدفات رؤية مصر 2030، ووثيقة ملكية الدولة، وبرنامج عمل الحكومة، والبنك المركزي المصري خلال الفترة القادمة، بما يدعم السياسات الموجهة للنمو والتشغيل."

وأشار رضا في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة" إلى أن السردية تمثل إطارًا إصلاحيًا متكاملًا يقوم على خمسة محاور رئيسية: استقرار الاقتصاد الكلي، جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، التنمية الصناعية والتجارة الخارجية، كفاءة ومرونة سوق العمل، والتخطيط الإقليمي لتوطين التنمية، بما يتوافق مع الأولويات الوطنية لتعزيز النمو وخلق فرص عمل جديدة، وتحقيق تنمية متوازنة بين الأقاليم، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد، مع منح القطاع الخاص مساحة أوسع للمشاركة كشريك أساسي في التنمية الاقتصادية.

وأضاف رضا أن التركيز سيكون على قطاعات التصدير والتحول الصناعي باعتبارها أولوية للحكومة، مع تقديم حوافز لتعزيز الصادرات وتطوير البنية التحتية والخدمات اللوجستية، ما يجعل مصر مركزًا صناعيًا إقليميًا يخدم أسواق إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، مستفيدة من شبكة اتفاقياتها التجارية مثل الكوميسا واتفاقية الشراكة الأوروبية.

وأكد رضا أن العمل من خلال هذه الرؤية يهدف إلى بناء اقتصاد قوي قائم على الإنتاج والتصدير، قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة، بما ينعكس إيجابيًا على تحسين معيشة المواطنين وتوفير فرص عمل جديدة. كما لفت إلى أن الحكومة انتهت من إصلاح تشريعي شامل يشمل الضرائب والاستثمار والعمل والملكية الفكرية والإفلاس، مع اعتماد حوار مجتمعي يشارك فيه القطاع الخاص والمجتمع المدني وكل قطاعات الاقتصاد لضمان توافق هذه الرؤية وجعلها قابلة للتنفيذ بدعم كافة الأطراف الاقتصادية.

وأوضح رضا أن السردية تمثل رسالة قوية للمجتمع الدولي والمستثمرين الإقليميين والدوليين بأن الاقتصاد المصري يسير نحو مرحلة جديدة من الانضباط والاستدامة، ما يتيح تنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على برامج صندوق النقد الدولي. كما تمنح المستثمر الأجنبي مستوى أعلى من الثقة والقدرة على التنبؤ، مما يقلل من مخاطر عدم اليقين التي تعيق الاستثمار طويل الأمد، ويعزز مصداقية الدولة أمام المؤسسات المالية الدولية، ويمهد الطريق تدريجيًا لرفع التصنيف الائتماني، وهو عامل حاسم لجذب المستثمر المؤسسي وصناديق الثروات السيادية من الخليج وآسيا.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق