الدكتور أسامه الأزهرى وزير الأوقاف لـ"صوت الأمة": الجمود والتسيب خطر على الدين

الأحد، 21 سبتمبر 2025 09:00 ص
الدكتور أسامه الأزهرى وزير الأوقاف لـ"صوت الأمة": الجمود والتسيب خطر على الدين
حوار منال القاضي

وزير الأوقاف:

التراث ليس كتلة جامدة ولا تركة مثقلة.. واسقاطه بالكامل أو تقديسه بشكل يعطلنا عن الحاضر "خطأ"

وثيقة "تجديد الخطاب الديني" تتضمن رؤية شاملة جمعت التأصيل العلمي الرصين وأدوات عملية تتناسب مع متطلبات الدولة المدنية والحياة الحديثة

المناهج الأزهرية لها مكانة عظيمة والتطوير فيها عملية مستمرة بما يواكب روح العصر مع الحفاظ على الأصالة العلمية التي تميز الأزهر

الإلحاد ظاهرة عالمية تتأثر بالتحولات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية وتصدينا لها بحوار عقلاني يحترم عقل الشاب دون قمع أو ازدراء

"صحح مفاهيمك" وضعت لبنة قوية في مواجهة الانحراف الفكري والديني.. والمنابر مصدر هداية لا فوضى الخطاب أو الفكر المتشدد

نواجه فجوة بين عدد المساجد وعدد الأئمة ونعمل على سدها.. ونبحث الاستعانة بالطلاب المؤهلين من السنة النهائية في الكليات الشرعية والعربية الأزهرية

المكتبات جزء من معركة الوعي وقمنا بمراجعة دقيقة لما تحتويه من كتب وأخرجنا كل ما يروج للتشدد أو الغلو أو الفكر المنحرف

مسابقة "دولة التلاوة" كانت حلمًا طال انتظاره.. والنتائج المبدئية أظهرت أن مصر لا تزال تنجب قراءً يحملون العبق التاريخي لمدرسة التلاوة المصرية

الأوقاف المصرية ثروة قومية هائلة وهدفنا أن تتحول إلى ذراع استثماري وطني يساند الاقتصاد وتحقق رسالة الوقف الأصلية في خدمة المجتمع

 

 

بعد أدائه القسم الدستورى أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى، وزيراً للأوقاف، قال الدكتور أسامه الأزهرى، أن مهمته «استكشاف قدرات الوزارة، بل كامل القدرات، بعدما نجحت فى استكشاف الكثير منها، والاشتباك مع ملفات عدة، لكن بقية ملفات أخرى لا تقل أهمية عن المستكشف منها»، ومع مرور 15 شهراً على تحمله المسئولية لازال الأزهرى يعمل ويستكشف هذه القضايا والملفات، واضعاً أمامه أربعة محاور رئيسة لتجديد الخطاب الدينى.
 
المحاور الأربعة كما قالها الأزهرى نصاً:
 
حوار وزير الأوقاف 1
محررة صوت الأمة مع وزير الأوقاف
 
الأول: إطفاء نيران الفكر التكفيرى المتطرف، والذى نستنفر فيه كل طاقات وزارة الأوقاف برموزها ورجالها وأئمتها وخطبائها النبلاء الكرام، حيث نستنفر فيه طاقات الجميع لاستكمال المواجهة الجسورة والجريئة والجادة لكل منطلقات الفكر المتطرف وأبجدياته وأدبياته واستدلالاته المغلوطة ومغالطاته فى فهم الشريعة، بل عدوانه على الشرع الشريف ومقاصده، وإن شاء الله نقطع شوطا كبيرا جدا وبأقصى سرعة فى استكمال مواجهتنا لفكر التطرف وفى عمل ميدانى على أرض الواقع فى كل منابرنا ومساجدنا، وكذلك فى عمل إلكترونى يجرى التحضير له، وإن شاء الله يحظى بالقبول ويُسعد المصريين جميعا حين يأتى وقت الإعلان عنه.
 
 الثانى: إطفاء نيران التطرف اللادينى المضاد والذى نواجه فيه الإلحاد، والإدمان، والانتحار، والتنمر، والتحرش، وارتفاع معدلات الطلاق، وحرمان المرأة من الميراث، وصور العنف الأسرى، وكل مظاهر التراجع القيمى والسلوكى والأخلاقى التى تؤدى إلى تراجع شديد فى الأخلاق، وأن يتم توظيف الخطب والدروس لمحاربة كل مظاهر الإدمان والانتحار والتنمر والتحرش وغير ذلك من الظواهر المقلقة التى تؤثر سلبا فى المجتمع.
 
 الثالث: إعادة بناء الشخصية المصرية الوطنية من منطلق دينى، ومن خلاله نريد ترميم وتشييد وبناء الأعمدة الكبرى والمرتكزات العليا التى بنيت عليها شخصية الإنسان المصرى عبر التاريخ، فنحن نريد لمنابرنا ولخطابنا الدينى أن ينطلق انطلاقا سريعا جدّا لإعادة بناء الإنسان الصانع للحضارة، المتدين تدينا يصنع الحضارة، القوى الواسع الأفق، المحب للعمران، القائد والرائد الذى يقدم الخير للإنسانية، الشغوف بالعلم، المعتدل الوسطى المتوازن، والمشاركة مع مؤسسات الدولة فى كل تلك المحاور، ونأمل أن ننطلق من أجل تشييد هذا المحور المهم الذى هو بناء الإنسان.
 
 وذكر «الأزهرى» بأنه جمع ما كُتب عن الشخصية المصرية ووضعه فى كتاب أسماه «الشخصية المصرية.. خطوات على طريق استعادة الثقة»، حيث يسعى لجعل أحد أهم اهتمامات الدعاة كيفية مخاطبة المصريين بما يرسخ ويقوى ويثبت معنى شخصية الإنسان المصرى الواثق بنفسه الشغوف بالعلم والشغوف بالعمران وواسع الأفق والمنتمى لوطنه.
 
 الرابع: صناعة الحضارة، نريد أن ننطلق بخطابنا الدينى لإعادة بعث وإحياء كل ما فى تراث المسلمين من سبق فى علوم الفلك والتشريح، نريد أن يعود الإنسان المسلم لقراءة القرآن فيخرج منه وقد شغف بالعلم والمعرفة ويسجل براءة اختراع، يبدع ويخترع ويشارك العالم فى همومه، يحلم بأن ينال جائزة نوبل.
 
 هذه هى محاور العمل الرئيسية، التى قال «الأزهرى» إن الوزارة تُعد الأئمة والخطباء وتؤهلهم وتحشد الثقافات التى تعينهم على أداء رسالتهم السامية، لتنفيذ هذه المحاور، والجميع يسابق الزمن من أجل مواجهة الفكر المتطرف.
 
اليوم وبعد مرور 15 شهراً على توليه المسئولية، كان لنا موعد مع الدكتور أسامه الأزهرى، للحديث معه كما تحقق في الوزارة خلال هذه المدة، وما الجديد لديه، وقضايا أخرى مهمة مرتبطة بالوزارة الأكثر التصاقاً بحياة المصريين.. وإلى نص الحوار..
 
609875
 
بداية، أطلقت الوزارة مؤخرًا عدة مبادرات توعوية منها "صحح مفاهيمك"، ما تقيمكم لما أنتجته هذه المبادرة في المجتمع؟
 
مبادرة "صحح مفاهيمك" جاءت من إدراك عميق بأن التحدي الأكبر أمامنا اليوم هو مواجهة الفهم السطحي والمشوَّه للدين، وما ترتب عليه من ممارسات متطرفة أو سلوكيات منحرفة عن جادة الوسطية. وقد بدأت المبادرة تؤتي ثمارها؛ إذ لمسنا تجاوبًا واسعًا من قطاعات متعددة من الشباب والطلاب والموظفين ومختلف قطاعات المجتمع، حيث وجدوا فيها طرحًا علميًّا رصينًا يعيد المفاهيم إلى أصولها الصحيحة، ويزيل ما علق بها من تحريف أو اختزال. ومن هنا، يمكن القول إن المبادرة لم تكن مجرد نشاط توعوي، بل حركة فكرية تهدف إلى إحياء العقل المسلم وربطه بالموروث الصحيح بروح العصر.
 
 
 
هل هذه المبادرة وغيرها قادرة على تصحيح المفاهيم المغلوطة والتصدي لصور التطرف غير الديني التي تسهم في تراجع القيم والأخلاق داخل المجتمع؟ أم أن هناك ضرورة للتكامل مع دور مؤسسات أخرى في الدولة؟
 
بطبيعة الحال، لا يمكن أن يُحمَّل ملف بهذا الحجم إلى مؤسسة واحدة مهما بلغت قوتها، فالقضية تحتاج إلى تكامل مؤسسي شامل. نعم، المبادرة وضعت لبنة قوية في مواجهة الانحراف الفكري والديني، لكنها جزء من مشروع وطني أكبر، ونحن نؤمن أن تصحيح المفاهيم وإعادة بناء الوعي لا يتحقق إلا بتضافر جهود المؤسسات التعليمية والإعلامية والثقافية والفنية، إلى جانب المؤسسات الدينية، فالدولة حين تتكامل مؤسساتها على هذا الهدف المشترك، تضمن أن الخطاب الوطني كله يسير في اتجاه واحد: بناء إنسان متوازن فكريًّا وأخلاقيًّا وروحيًّا. ونحن سعداء للغاية بالتشارك القائم في سبيل هذه المبادرة بين أكثر من ١٥ مؤسسة ما بين وزارة ومجلس قومي ومركز متخصص.
 
 
 
حديث كثير عن دور الأوقاف والمؤسسات الدينية في استعادة الشخصية المصرية المتوازنة دينيًّا ووطنيًّا، إلى أين وصلتم في هذا الملف؟
 
استعادة الشخصية المصرية المتوازنة هو جوهر مشروعنا، وهو في الحقيقة عودة بالإنسان المصري إلى أصالته التاريخية التي تجسدت في الجمع بين عمق التدين ورسوخ الوطنية، ونحن نعمل على ترسيخ هذا التوازن من خلال خطب الجمعة التي أصبحت منصات للتنوير لا مجرد مواعظ تقليدية مقولبة، ومن خلال الدورات التدريبية للأئمة التي تُعِدهم ليكونوا مثقفين وقادة رأي بقدر ما هم خطباء، فضلًا عن البرامج الإعلامية والندوات التي تخاطب الوعي الجمعي مباشرة. وقد بدأنا نلحظ بالفعل تغيرًا في الخطاب العام داخل المجتمع؛ حيث تقلصت المساحة التي كانت تشغلها خطابات التشدد، وحل محلها خطاب يدعو إلى الرحمة، والعقل، والبناء، والعمل. هذا التحول التدريجي هو ما نبني عليه مشروع استعادة الشخصية المصرية في أبهى صورها.
 
 
 
ملف تجديد الخطاب الديني من الملفات الشائكة، إلى أين وصلنا في هذا الملف، وهل لازال هناك خلاف بين المؤسسات الدينية حول التجديد ومفهومه؟
 
قضية تجديد الخطاب الديني ليست محل خلاف جوهري بين المؤسسات، بل هي في الأصل محل اتفاق؛ لأن الجميع يدرك أن الجمود خطر على الدين كما أن التسيب خطر عليه، وما يثار أحيانًا هو اختلاف في زوايا النظر أو في الوسائل، لكن الهدف واحد: تقديم خطاب يعبر عن جوهر الإسلام الرحب، ويفتح أمام العقل المسلم آفاق الإبداع والبناء. ونحن في الأوقاف نتحرك بخطوات عملية: تأهيل أئمة قادرين على استيعاب روح العصر، وتصحيح المفاهيم التي تعرضت للتحريف، وتجديد أساليب العرض مع الحفاظ على ثوابت الدين. وقد بدأنا بالفعل نرى أثر ذلك في الخطاب العام، الذي أصبح أكثر عقلانية وتوازنًا.
 
وقد أشرت في كلمتي في حفل المولد النبوي الأشرف إلى الفرق بين الكلام عن التجديد والكلام فيه؛ وانتهيت فيه إلى ضرورة الحفاظ على قيم البقاء والانتقال منها إلى إذكاء قيم الانطلاق التي هي كفيلة بحفز الهمم وتجديد الطاقات لبناء الإنسان القادر على صنع الحضارة.
 
 
 
قدمتم مؤخرًا لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وثيقة "تجديد الخطاب الديني"، ماذا كانت تحوي، وما هي خطتكم المستقبلية؟
 
الوثيقة التي قدمناها للسيد الرئيس تضمنت رؤية شاملة لملف التجديد، جمعت بين تأصيل علمي رصين مستند إلى تراث الأمة، وبين أدوات عملية تتناسب مع متطلبات الدولة المدنية والحياة الحديثة، وقد احتوت على محاور تشمل إعادة ضبط المفاهيم الكبرى، ورفع كفاءة الأئمة والدعاة، وصياغة خطاب إعلامي مواكب، وتنقية المناهج من شوائب الغلو. أما خطتنا المستقبلية فهي تحويل هذه الوثيقة من إطار نظري إلى واقع معاش عبر برامج تدريبية، ومنصات إعلامية، وشراكات مع وزارات ومؤسسات الدولة.
 
 
 
من ضمن الجدليات حول تجديد الخطاب الديني، حديث البعض عن التراث والتعامل معه، كيف تنظر إلى هذه الجدلية؟
 
التراث عندنا ليس كتلة جامدة ولا تركة مثقلة، بل هو مخزون ضخم من العطاء الفكري والروحي للأمة، ومن الخطأ أن نُسقطه بالكامل أو أن نقدسه بشكل يعطلنا عن الحاضر.
 
فالرؤية الوسطية هي أن نميز بين الثوابت القطعية التي لا تقبل المساس، وبين اجتهادات بشرية أنتجتها عصور معينة، والتي يمكن أن نقرأها بعين نقدية واعية. فما أحوجنا إلى استلهام مقاصد التراث وروحه الكبرى في خدمة الإنسان، لا مجرد ترديد عباراته! والمناداة بترك الإنتاج الفكري السابق برمته ليس من العقل في شيء، والمناداة بالغرق في الماضي والاكتفاء به ليس من العقل في شيء أيضًا؛ نحن أمة وسط – والوسطية مقتضاها الاستنارة وحسن الموازنة؛ والحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أولى الناس بها.
 
 
 
هل التجديد قائم فقط على شرح صحيح الدين أم تغيير المناهج الدراسية خاصة الأزهرية؟
 
التجديد عملية شاملة لا تقتصر على شرح المفاهيم الصحيحة، وإن كان ذلك ركيزة أساسية، بل يتسع ليشمل تطوير المناهج، وتحديث أساليب التعليم والتدريب، وإعادة صياغة طريقة مخاطبة الناس. والمناهج الأزهرية لها مكانة عظيمة، والتطوير فيها عملية مستمرة، بما يواكب روح العصر واحتياجاته، مع الحفاظ على الأصالة العلمية التي تميز الأزهر الشريف.
 
 
 
تجديد الخطاب الديني مرتبط أساسًا بتهيئة خطباء وأئمة لديهم القدرة على القيام بهذه المهمة، هل لدى الأوقاف العدد الكافي والمؤهل من الأئمة؟
 
لدينا بفضل الله قاعدة عريضة من الأئمة، لكننا لا نكتفي بالعدد، بل نركز على الكيف والنوعية؛ لذلك أولينا عناية كبرى إلى برامج التدريب والتأهيل التي تمنح الإمام أدوات معرفية ولغوية ونفسية تؤهله ليكون معلمًا ومربيًا، لا مجرد خطيب. وما زلنا نعمل على رفع مستوى الأداء باستمرار، عبر شراكات مع الجامعات، ومراكز البحث، والمؤسسات الإعلامية، الهدف من التعيين ليس سد العجز فقط، بل اختيار الإمام المثقف الواعي القادر على التعامل مع الواقع، ومواجهة الفكر المتطرف، والتواصل مع الناس بلغة العصر، مشددًا على ضرورة امتلاك الإمام لأدوات التأثير، والوعي بالمسئولية، والثقافة الموسوعية، فضلًا عن الفهم العميق للنصوص الشرعية وتنزيلها على الواقع.
 
 
 
كيف تصدت وزارة الأوقاف لظاهرة الإلحاد وما خطورة هذه الظاهرة؟
 
الإلحاد ظاهرة عالمية تتأثر بالتحولات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، لا نبالغ في حجمها داخل مصر، لكنها حالة موجودة وتحتاج إلى معالجة حكيمة، وقد تصدينا لها عبر حوار عقلاني يحترم عقل الشاب، ويجيب عن تساؤلاته من داخل مصادر المعرفة الدينية والعلمية، دون قمع أو ازدراء، وقد فتحنا أبواب النقاش في المساجد والندوات، وأصدرنا مؤلفات موجهة للشباب بلغة عصرية. الخطورة تكمن إذا تُركت هذه الحالة دون معالجة؛ إذ قد تُحدث فراغًا قيميًا وأخلاقيًا؛ أو تتوسع في أوساط المستهدفين بها، ولذا جعلنا لها نصيبًا علميًا من جهودنا على منصة الأوقاف.
 
 
 
تزايدت مؤخرًا ظاهرة الإسلاموفوبيا، كيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة خاصة في أوروبا؟ الإسلاموفوبيا نتاج جهل وخوف، وأحيانًا استغلال سياسي. والمواجهة تكون بالعلم والمعرفة، وإبراز الصورة المشرقة للإسلام في الرحمة، والعمران، والعدالة. ونحن ننفتح على المؤسسات الدولية، ونشارك في حوارات الأديان والثقافات، ونرسل قوافل دعوية إلى الخارج؛ لنعرض الإسلام كما هو: دين إنساني عالمي. مع جعل المسلمين في الغرب شريكًا أساسيًا في هذه المهمة، عبر التزامها بالقانون واحترامها للمجتمعات التي تعيش فيها.
 
لكن قدرًا غير قليل من تلك الظاهرة مفتعل لتحقيق مآرب سياسية، ولهذا شواهده وعليه أدلته – منها مثلا أن الوثيقة المقدمة في هذا الصدد من الاتحاد الأوروبي إلى الأمم المتحدة وصّفت الظاهرة بأنها "العداء للإسلام والتمييز ضد المسلمين"، بما ينفي عنها "عفوية" الجهل والخوف من الإسلام والمسلمين. كما أن الأمم المتحدة أفردت مبعوثًا عالميًا للظاهرة ويومًا سنويًا خاصًا لها.
 
 
 
هل لدى الوزارة عجز في عدد الأئمة، وكيف ستتعاملون مع هذا الأمر؟
 
بالفعل هناك فجوة بين عدد المساجد وعدد الأئمة، لكننا نعمل على سدها بطرق متعددة: تعيين دفعات جديدة من الكوادر المؤهلة، والاستعانة بأعضاء المقارئ القرآنية وأعضاء هيئة التدريس لسد الاحتياج، والتوسع في اجتذاب المؤهلين من معلمي المعاهد الأزهرية، كما نبحث الاستعانة بالطلاب المؤهلين من السنة النهائية في الكليات الشرعية والعربية الأزهرية، إلى جانب رفع كفاءة الأئمة الحاليين ليغطوا أكبر مساحة ممكنة، والأهم أن نركز على الجودة؛ لأن إمامًا متقنًا قد يغطي مساحة واسعة من التأثير تتجاوز العدد.
 
 
 
هل يمكن القول إن الأوقاف تسيطر على مساجد مصر بنسبة 100%؟
 
الإجابة عن هذا السؤال متوقفة عن فهم محترزات تعريف "السيطرة" الواردة في سؤالكم الكريم. ومع ذلك، فالقانون يكفل للوزارة الإشراف الدعوي على جميع المساجد على مستوى الجمهورية، وهذا ضمانة مهمة لاستقرار الخطاب الديني؛ وهي الضمانة أيضًا للتصدي لأي خروج عن جادة الصواب الدعوي. لكننا لا ننظر إلى ذلك بمنطق السيطرة، بل بمنطق الرعاية والتنظيم، حتى تظل المنابر مصدر هداية ووحدة، لا مجالًا لفوضى الخطاب أو تسلل الفكر المتشدد.
 
 
 
ما دور الأوقاف في تنقية مكتبات مساجد الوزارة من كتب أصحاب الفكر المتطرف؟
 
المكتبات جزء من معركة الوعي، ولذلك قمنا بمراجعة دقيقة لما تحتويه من كتب، وأخرجنا كل ما يروج للتشدد أو الغلو أو الفكر المنحرف. وفي المقابل، أمددنا المكتبات بكتب مناسبة، تغذي العقل بالمعرفة الرصينة، وتفتح أمام القارئ آفاقًا رحبة في الفكر والدين والثقافة.
 
 
 
أطلقت الوزارة بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مسابقة "دولة التلاوة"، ما تقييمكم للنتائج المبدئية للمسابقة، وهل لدينا أجيال جديدة قادرة على إعادة رونق القراءة المصرية للقرآن؟
 
مسابقة "دولة التلاوة" كانت حلمًا طال انتظاره، وهي الآن حقيقة مشرقة. والنتائج المبدئية أظهرت أن مصر لا تزال تنجب قراءً يحملون العبق التاريخي لمدرسة التلاوة المصرية. نعم، لدينا أجيال واعدة بفضل الله، قادرة على إعادة الريادة لمصر في مجال التلاوة، إذا واصلنا دعمها ورعايتها وصقل مهاراتها.
 
ونحن قاب قوسين أو أدنى من المرحلة النهائية للتصفيات، وبإذن الله سيجد محبو دولة التلاوة المصرية مرحلةً مبهرة بصريًا وتنظيميًا وتحكيميًا، فضلا عن الحناجر الذهبية التي يرتجى لها أن تحقق الامتداد المأمول لدولة التلاوة المصرية العريقة.
 
 
 
فيما يتعلق بملف الأوقاف، ما قيمة ما تملكه الوزارة من وقف على مستوى الجمهورية؟ وما هي خطة الإدارة المستقبلية لهذه الأوقاف؟
 
الأوقاف المصرية ثروة قومية هائلة، تمتد عبر كل المحافظات وتشمل أصولًا عقارية وزراعية وتجارية. قيمتها السوقية اليوم بمئات مليارات الجنيهات؛ لكن القيمة تتغير لاعتبارات غير خافية – من قبيل سعر العملة، والنهضة العمرانية الضخمة التي يشهدها الوطن، ودخول مستجدات تشريعية وتنظيمية، وهكذا.
 
خطتنا هي تحويل هذا الوقف من مجرد أصول ساكنة ذات ريع محدود إلى محرك تنموي يخدم المجتمع، عبر استثمارات منتجة، ومشروعات تعليمية وصحية واجتماعية، تعود عوائدها إلى خدمة الناس.
 
 
 
ماذا عن استثمارات هيئة الأوقاف وتعظيم إيراداتها في ضوء توجيهات الرئيس بتعزيز القدرات المالية وحسن استغلال الأصول المملوكة للدولة؟
 
هيئة الأوقاف تسير الآن في مسار جديد يقوم على الحوكمة والشفافية وتعظيم العائد، والاستعانة بالكفايات الاستثمارية القديرة. وقد استجبنا لتوجيهات فخامة الرئيس بضرورة حسن استغلال الأصول، مع الجمع بين الاستثمار والحفاظ على رأس المال. والهدف أن تتحول الأوقاف إلى ذراع استثماري وطني، يساند الاقتصاد المصري، وفي الوقت نفسه يحقق رسالة الوقف الأصلية في خدمة المجتمع، واستغلال الريع في تحقيق التنمية المستدامة.  
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق