قطار القطاع الخاص "فائق السرعة" ينطلق ويستحوذ على 65% من الاستثمارات
السبت، 20 سبتمبر 2025 10:30 م
مبادرة جديدة توسع الشراكة بين الحكومة والمستثمرين.. والمالية: بدء تنفيذ 30 مشروعًا بتكلفة 41 مليار جنيه
تمنح الدولة القطاع الخاص اولوية قصوى فى خطة الاستثمارات الخارجية باعتباره المحرك الرئيسي للاقتصاد خلال السنوات المقبلة، وتمنحه المزيد من التسهيلات والحوافز المالية والاقتصادية من أجل زيادة نسبة تواجده فى المشروعات الهامة للدولة، الأمر الذي يساهم فى توفير الكثير من فرص العمل فى ظل الازمات الاقتصادية التى اثرت على العالم ودفعت بالانشطة الاقتصادية للتراجع.
وحددت مصر أهدافاً واضحة لدعم القطاع الخاص لتحقيقها بحلول عام 2030، وتشمل رفع نسبة مساهمة الاستثمار الخاص إلى 65% من إجمالي الاستثمارات، وجذب نحو 60 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة الصادرات إلى 145 مليار دولار سنوياً، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، اتخذت مصر عدة خطوات أولية نحو تهيئة بيئة أعمال أكثر ملاءمة لنمو القطاع الخاص، ومن بين هذه الخطوات توحيد سعر الصرف، وعلاج التشوهات الشديدة في سوق النقد الأجنبي، وإصدار العديد من القوانين الجديدة لتحسين الإطار التشريعي الحاكم لبيئة أنشطة الأعمال، والتنفيذ الجاري لسياسة ملكية الدولة، التي تنظم مشاركة الدولة في الأنشطة الاقتصادية.
وتسعى الحكومة إلى تحقيق الشفافية وتيسير إجراءات تأسيس وتشغيل الأعمال، بما في ذلك إطلاق منصات إلكترونية لتسجيل الاستثمار الأجنبي، ودعم الشركات الناشئة فى الصناعات الصغيرة، ومنذ 2020 تطور القطاع الخاص بشكل أكبر من السابق في علاقاته مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، من أجل دفع دوره في جهود التنمية باعتباره محرك رئيسي للنمو الشامل وتوليد فرص العمل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وشهدت محفظة التمويل التنموي الموجه للقطاع الخاص نموًا لافتاً في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت 4.2 مليار دولار في عام 2024، متفوقة لأول مرة على التمويل التنموي الموجه للقطاع الحكومي، ما يعكس التحول المتزايد في توجه شركاء التنمية نحو دعم استثمارات القطاع الخاص وتعزيز مساهمته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخلال الفترة من يناير إلى مايو 2025، بلغ حجم التمويل 1.14 مليار دولار، مما يعزز التوقعات بمواصلة هذا الزخم، وبلغ إجمالي التمويلات المقدمة للقطاع الخاص خلال الفترة من 2020 وحتى مايو 2025 نحو 15.6 مليار دولار، من أكثر من 30 شريك تنمية، وهو ما يعكس تنامي الثقة الدولية في مناخ الاستثمار المصري والدور المتصاعد للقطاع الخاص في دفع عجلة التنمية.
وفى إطار دعم الدولة للقطاع الخاص، أعلن أحمد كجوك، وزير المالية، إطلاق مبادرة إنشاء حساب لتمويل دراسات ومستشاري الطرح لمشروعات المشاركة مع القطاع الخاص، موضحًا أننا نعمل مع زملائنا بالحكومة على توسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص لتسريع خطوات التنمية، وأعرب كجوك، فى مؤتمر "إطلاق آلية إعداد مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص" الذى نظمته الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بحضور عدد من الوزراء، عن تقديره لجهود البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية فى دعم مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص، لافتًا إلى "أننا نعمل على بناء إطار محفز لجذب الاستثمارات الخاصة لدفع مسار الثقة والشراكة واليقين والمساندة لمجتمع الأعمال".
وأوضح وزير المالية، أن القطاع الخاص المحلى والأجنبي أثبت قدرته على النمو والمنافسة واستحوذ على 65% من الاستثمارات، مؤكدًا أن الحكومة تعمل دائمًا على طرح مشروعات جاذبة لشركائها من المستثمرين والجهات الممولة، وقال: نجحنا فى إقرار وبدء تنفيذ 30 مشروعًا بنظام المشاركة مع القطاع الخاص خلال العام المالى الماضي بتكلفة استثمارية 41 مليار جنيه فى مجالات الموانئ الجافة ومياه الشرب والصرف الصحى والصناعي ومعالجة الحمأة ومحطات المحولات وشبكات توزيع الكهرباء والتعليم الفنى، وهناك مشروعات مستقبلية بنظام المشاركة مع القطاع الخاص تترواح تكلفتها الاستثمارية من 25 إلى 30 مليار جنيه.
من جانبها أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن إطلاق آلية إعداد مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مصر بين الحكومة المصرية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، يسهم في توفير الدعم الفني والمالي لتنفيذ مشروعات الشراكة في مختلف القطاعات، كما أنه يأتي استكمالاً لجهود الدولة المصرية في تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري كونه شريكا رئيسيًا في الجهود التنموية، مشيدة بالجهود المبذولة مع البنك الأوروبي الذي تتوجه أكثر من 80% من استثماراته في مصر للقطاع الخاص، مشيرة إلى التنسيق مع وزير المالية لتعزيز سياسات استقرار الاقتصاد الكلي، والتكامل بين مختلف وزارات المجموعة الاقتصادية لتنفيذ سياسات مستدامة تسهم في تنفيذ الأهداف الاستراتيجية للدولة، موضحة أن النمو الاقتصادي يشهد تحسنًا مستمرًا كمًا ونوعًا من خلال زيادة مساهمة الصادرات والصناعات التحويلية والاستثمار.
وأوضحت "المشاط" أنه لا يمكن التغلب على التحديات التنموية بدون تطوير آليات تمويل مبتكرة والعمل على تعزيزها ودعمها، مثل التمويل المختلط، والتي تعمل على خلق مصدر تمويلي للمشروعات ذات الأولوية، كما تعمل على المساهمة في تقليل نسبة المخاطر التي قد تواجه الاستثمار، مما ينعكس إيجابياً على تحفيز ضخ رأس المال الخاص في المشروعات التنموية، فضلاً عن أن نجاح الجهود الرامية إلى التصدي للتحديات التنموية المتزايدة، يتطلب تكاتف مشاركة جميع الأطراف المعنية، وتنسيق جهود كافة شركاء التنمية لدعم جهود الحكومات لتحقيق التنمية المستدامة، مشددة على أن مصر تعد منصة لجميع الشركاء الدوليين، وهو ما يعكس إدراك المجتمع الدولي بجديّة الإصلاحات الاقتصادية ورؤية الدولة المصرية لتمكين القطاع الخاص، كما أشارت إلى أن الحكومة تعمل من خلال سياسات متكاملة لتمكين القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، كما أن هناك تنسيق مُستمر مع وزارات المجموعة الاقتصادية لضمان استدامة السياسات وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة.
واستعرضت المشاط، التطورات الإيجابية التي حققها الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة حيث سجل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025 نحو 4.77% مقارنة بنسبة 2.2% في نفس الفترة من العام المالي السابق، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي يتحقق منذ ثلاث سنوات، مشيرة إلى أن النمو الاقتصادي يشهد تحسنًا كمًا ونوعًا انطلاقًا من تطور قطاعات حيوية مثل الصادرات والاستثمارات الخاصة والصناعات التحويلية غير البترولية، كما سلّطت الضوء على ارتفاع استثمارات القطاع الخاص لتصل إلى 62.8% خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي حيث انها تجاوزت نسبة استثمارات القطاع العام، مقارنةً بنسبة 42.5% فقط في العام الماضي، مما يعكس نجاح استراتيجيتنا في فتح المجال أمام القطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية.
وذكرت "المشاط"، أنه استكمالاً لتلك الجهود التي تقوم بها الدولة المصرية لاستقرار الاقتصاد الكلي المصري وتنفيذًا للبرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة بهدف خلق بيئة جاذبة للاستثمار للقطاع الخاص، فقد تم إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية الأحد الماضي بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية، والتي تعتبر إطارًا شاملًا يحقق التكامل والتناسق بين برنامج عمل الحكومة، ورؤية مصر 2030، بهدف استمرار مسار الإصلاح الاقتصادي، والتوجه بشكل أكبر إلى القطاعات الأعلى إنتاجية، والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد، بما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري ويحفز مشاركة القطاع الخاص.
وقال عاطر حنورة، مستشار الوزير لشئون مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص، إن "مبادرتنا نموذج للتعاون المثمر مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية برأس مال 10 ملايين يورو، حيث تسهم فى اختصار مدة التعاقد مع الاستشاريين من نحو 15 شهرًا إلى 8 أسابيع فقط، والآن نستطيع طرح أكثر من 10 مشروعات بنظام المشاركة مع القطاع الخاص فى وقت واحد"، موضحاً أن المستثمر الفائز يسدد تكاليف إعداد المشروعات والاستشاريين إلى الحساب مرة أخرى لضمان الاستدامة المالية، موضحًا أنه يمكن استخدام هذا الحساب فى تمويل المشروعات الخضراء بنظام المشاركة مع القطاع الخاص.
ولفت حنورة إلى أنه من المخطط طرح مشروعات من خلال وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بنحو 41 مليار جنيه هذا العام، مشيرا إلى طرح مشروعات العام الماضي بقيمة نحو 19 مليار جنيه مضيفا نتوقع أن تصل قيمة المشروعات المطروحة عبر آلية الشراكة إلى ما بين 60 و70 مليار جنيه خلال العامين المقبلين، مع التوسع في مشروعات محطات التحلية والمطارات وغيرها، كما أوضح أن الفترة الماضية شهدت طفرة في مشروعات الشراكة، خاصة مع إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة التي أكدت توجه الحكومة نحو تعزيز دور القطاع الخاص، ومن أبرز آلياتها آلية الشراكة.
وتابع حنورة، بإن الحساب الذي تم إطلاقه بقيمة 10 ملايين يورو يعد نقلة نوعية في تمويل مشروعات الشراكة، حيث تم توقيع اتفاقيته في 5 فبراير 2025، ودخل حيز النفاذ في يونيو الماضي، ويحل مشكلة كبيرة، إذ كانت دراسات الجدوى وإعداد مستندات الطرح للمشروعات الطويلة الأجل والمعقدة تكلف مبالغ ضخمة وتستغرق ما بين عام إلى عام ونصف من أجل الحصول على التمويل والموافقات الداخلية من المؤسسات المالية الدولية ومن الجهات المصرية، كما لفت إلى أن الحساب الجديد أصبح متوافرًا بالفعل، معتمدًا من البرلمان ورئيس الجمهورية، وبآليات واضحة، ما أدى إلى تقليص المدة من نحو عام إلى عام ونصف إلى فترة تتراوح بين 6 و8 أسابيع فقط، أي شهرين أو أكثر قليلًا لبدء عمل الاستشاريين، مشيراً إلى أن المشكلة الأخرى التي كان يواجهها هي أنه عند طلب تمويل من أي مؤسسة دولية لدراسة جدوى مشروع ما، لم يكن من الممكن الحصول على تمويل جديد إلا بعد الانتهاء من المشروع الأول وظهور نتائجه.
وقال حنورة: "نادرًا ما كنا نتمكن من تنفيذ مشروعين معًا، لكن مع هذا الحساب أصبح التمويل متاحًا، وهو حساب دوّار؛ فعلى سبيل المثال إذا أخذنا 600 أو 700 ألف دولار لإعداد دراسة، يقوم المستثمر الفائز لاحقًا بإعادة سداد هذا المبلغ للحساب، ليظل قائمًا ولا تنفد أمواله». وأضاف: "مصر ساهمت في الحساب بمليون يورو، بينما ساهم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بنحو 7 إلى 8 ملايين يورو، إلى جانب الحكومة الكورية ومؤسسة (هيبكا) في إسبانيا وهولندا، ليصل الإجمالي إلى 10 ملايين يورو ويمكن زيادة هذا الحساب مستقبلًا إذا تطلب الأمر".
وأوضح أن إطلاق هذا الحساب يتيح طرح ما بين 10 و12 مشروعًا في نفس الوقت، دون الحاجة إلى الانتظار والعمل بالتتابع، مشددًا على أن هذه هي المرة الأولى عالميًا التي يتم فيها إطلاق مثل هذا الحساب.
وأكد حنورة أن الحساب لا يقتصر على قطاع بعينه، بل يغطي جميع قطاعات مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص في البنية الأساسية والمرافق والخدمات العامة، بغض النظر عن الإطار القانوني الذي تعمل تحته المشروعات، سواء وفق قانون الشراكة مع القطاع الخاص رقم 67 لسنة 2010 أو القوانين الخاصة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أو الشركات القابضة للمياه والصرف الصحي والقابضة للكهرباء أو المطارات، حيث يمكن تمويل أي مشروع تُهيكل عقوده وفق صيغة الشراكة مع القطاع الخاص.