يوسف أيوب يكتب: إسرائيل تحرق المنطقة.. وقمة الدوحة تفضح "العدو المتغطرس"

السبت، 20 سبتمبر 2025 06:11 م
يوسف أيوب يكتب: إسرائيل تحرق المنطقة.. وقمة الدوحة تفضح "العدو المتغطرس"

مصر تشكل حائط صد قوى ضد مخططات تل أبيب بالدعوة إلى إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون

السلوك الإسرائيل منفلت ومزعزع للاستقرار الإقليمي ولا يمكن القبول به أو السكوت عنه.. والعدوان تجاوز لكافة الخطوط الحمراء

نتنياهو يوظف ورقة المفاوضات للاستمرار في الإبادة الجماعية وتكريس نظام شرق أوسطي إسرائيلي ينسف أسس التعايش السلمي

 

أن يكون الرد الإسرائيلي على القمة العربية الإسلامية التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة، الأثنين الماضى، بإطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة ضمن المرحلة البرية من عملية "عربات جدعون2"، فهذا أمر كان متوقعاً. فالحكومة اليمينية المتطرفة التي تسيطر على مقاليد الأمور في تل أبيب، وصلت إلى ما يمكن تسميته بـ"غطرسة القوة" وتسببت في حرق المنطقة، وليس أدل على ذلك من قول بنيامين نتانياهو، أنه يعمل بالفعل على إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط من جديد، فهذا المتغطرس يعمل ليل نهار على فرض ترتيبات أمنية أحادية في المنطقة، مستغلاً الموقف الامريكى المساند له بقوة، والتردد الأوربي في التعامل مع جرائمه ليس فقط في غزة وإنما في سوريا والضفة الغربية وجنوب لبنان وغيرها من المناطق التي أستباحها الاحتلال الإسرائيلي على مدار الأشهر الماضية، وهو ما يهدد بأنفجار في المنطقة، وهو ما حذرته من مصر، التي أكدت الثلاثاء الماضى، أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة، تجعل المنطقة مقبلة على الفوضى نتيجة التهور الإسرائيلي والتمادي في الغطرسة بصورة فادحة، بما سيضر بمصالح كافة الأطراف الإقليمية والدولية دون استثناء.

وأن تكون القمة العربية الإسلامية وما شهدته من مواقف حاسمة، قد أحدثت نوعاً من القلق في تل أبيب، فهذا أمر أيضاً كان متوقعاً، لذلك فإن الأجهزة الإسرائيلية بكل ما تملكه من تاريخ أسود في محاولة شق الصف العربي، أطلقت أحد أبواقها، المعروف باسم "إيدي كوهين" ليثير الانقسام بين العرب وداخل الصف القطرى، فمثل هذه المحاولات مفضوحة ومفهومة سواء لدى الرأي العام أو على المستوى الرسمي. بل أن ما يقوم به "كوهين" ومعه الإعلام العربى مفهوم لأن وحدة الموقف العربي التي برزت في قمة الدوحة والتحولات الواضحة في الخطاب العربي لم يكن لتمر مرور الكرام على الجانب الإسرائيلي.

 

قمة أستثنائية

القمة شكلت محطة استثنائية في مسار القمم العربية، سواء من حيث الزخم الدبلوماسي أو حدة الخطاب السياسي تجاه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، فالقمة التي دعت لها قطر في اعقاب العدوان الإسرائيلي على مبان سكنية في الدوحة مستهدفة اجتماعاً لقيادات حركة حماس، جاءت مختلفة عن سابقاتها، من حيث قوة البيان الختامي وحدة الخطاب الإعلامي والسياسي تجاه الاحتلال الإسرائيلى، كما كان توقيت القمة مهم خاصة كونه جاء في لحظة إقليمية حساسة، إذ تسعى إسرائيل– عبر حكومة نتنياهو واليمين المتطرف، إلى تكريس مشاريع صهيونية توراتية تحت مظلة ما يسمى مشروع (إسرائيل الكبرى)، وهو ما استدعى وقفة عربية موحدة لتشكيل حائط صد لهذه التوجهات، خاصة بعدما تيقن للجميع أن نتنياهو يوظف ورقة مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة كأداة تكتيكية أساسية للاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وتعزيز سياسات الضم والتوسع والاستيطان، والهدف من ذلك هو تكريس نظام شرق أوسطي إسرائيلي ينسف أسس التعايش السلمي، ويلحق الضرر بالشعب الإسرائيلي وشعوب المنطقة كافة، فضلًا عن تهديده المباشر للأمن القومي العربي والإقليمي.

من هنا يمكن فهم ما يحدث الأن في المنطقة، فقمة الدوحة، رغم أنها لم تخرج بقرارات شعبوية من تلك التي كان ينتظرها الشارع العربى، لكنها حملت في طياتها العديد من الرسائل المهمة، التي تلقتها إسرائيل سريعاً، وبدأت في دراستها وتحليلها، خاصة حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن ضرورة التعامل كجسد عربي واحد في مواجهة أي انتهاكات، وتأكيده على أن التهديد لأي دولة عربية هو تهديد للأمة كلها، فهذا الخطاب يمثل نقلة نوعية في الخطاب القومي العربي لم تُطرح منذ سنوات طويلة بهذا الوضوح والحسم.

والحقيقة أن العرب لم يكونوا بحاجة إلى اتخاذ موقف موحد مثلما هم اليوم، فإسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ليس فقط بالعدوان على دولة قطر الشقيقة، وإنما من خلال نهج الحكومة اليمينية المتطرفة التي يترأسها بنيامين نتانياهو المطلوب دولياً في جرائم حرب، فهذه الحكومة منذ عدوانها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 وهى تعمل بلا حساب، مستفيدة من الدعم الأمريكي اللامحدود لها، ووصل الأمر إلى أن نتانياهو يتفاخر ليل نهار بأنه سيعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط.

وأمام هذا المشهد، ليس أمام الدول العربية، ومعهم الدول الأقليمية الا أن يتخذوا موقفاً موحداً يحدد آليات العمل المستقبلي مع هذه الحكومة المتطرفة، وحسناً فعل وزراء الخارجية العرب، حينما اعتمدوا قبل أسبوعين بمبادرة مصرية- سعودية، "رؤية مشتركة للأمن والتعاون في المنطقة" عدتها القاهرة "إطاراً حاكماً للترتيبات المستقبلية"، ووفقاً للأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، فإن هذه الرؤية تتضمن "إدانة أي طرح يهدد سيادة الدول العربية ووحدة أراضيها، والتشديد على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، مع عدم التعويل على أي ترتيبات للتعاون الإقليمي أو التكامل والتعايش بين دول المنطقة، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية أو التهديد المبطن بضم أراضٍ جديدة".

 

تحركات مصرية لصون أمن واستقرار المنطقة

هذه الرؤية تجسد جوهر التحركات المصرية الساعية إلى صون أمن واستقرار المنطقة، ومن هنا جاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مشاركته في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التى عقدت بالعاصمة القطرية الدوحة، الأثنين الماضى، إلى إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون لمواجهة التحديات الكبرى الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تحيط بالمنطقة، وتأكيده أن إقامة مثل هذه الآلية الآن يمثل السبيل لتعزيز جبهتنا وقدرتنا على التصدي للتحديات الراهنة واتخاذ ما يلزم من خطوات لحماية أمننا ورعاية مصالحنا المشتركة، مع التشديد على أن مصر كعهدها دائما تمد يدها لكل جهد صادق يحقق سلاما عادلا ويدعم أمن واستقرار العالمين العربي والإسلامي، وقال: إننا أمام لحظة فارقة تستلزم أن تكون وحدتنا نقطة ارتكاز أساسية للتعامل مع التحديات التي تواجه منطقتنا بما يضمن عدم الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والصراعات والحيلولة دون فرض ترتيبات إقليمية تتعارض مع مصالحنا ورؤيتنا المشتركة.

كلمة الرئيس السيسى أمام قمة الدوحة العربية الإسلامية، كانت محل اهتمام إعلامى وسياسى ليس فقط عربياً، وانما كانت محور تدقيق في إسرائيل، فهناك من عدها تهديداً لتل أبيب، وأخرون قالوا أن رئيس مصر في سبيله لاتخاذ قرار سيكون مؤلما لإسرائيل.

ولنعود إلى ما قاله الرئيس السيسى في القمة، لنقف على رسائله.

الرئيس قال: رسالتنا اليوم واضحة فلن نقبل بالاعتداء على سيادة دولنا ولن نسمح بإفشال جهود السلام وسنقف جميعا صفا واحدا دفاعا عن الحقوق العربية والإسلامية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، والعيش بحرية وكرامة وأمن.

وطالب الرئيس السيسي بضرورة اتخاذ قرارات وتوصيات قوية والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة حتى يرتدع كل باغ ويتحسب أي مغامر، وقال "يجب أن تغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا ليرى أن أي دولة عربية مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام".

كما حذر الرئيس السيسي، من سلوك وممارسات إسرائيل التي تزعزع الاستقرار والأمن بالمنطقة، وقال "إن ما نشهده من سلوك إسرائيلي منفلت، ومزعزع للاستقرار الإقليمي من شأنه توسيع رقعة الصراع ودفع المنطقة نحو دوامة خطيرة من التصعيد، وهو ما لا يمكن القبول به أو السكوت عنه"، مشدداً على تضامن مصر الكامل مع دولة قطر والأمير تميم بن حمد آل ثاني في مواجهة العدوان الإسرائيلي الآثم، معربا عن إدانته بأشد وأقسى العبارات لهذا العدوان الإسرائيلى، على سيادة وأمن دولة عربية، تضطلع بدور محوري في جهود الوساطة مع مصر والولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الحرب والمعاناة غير المسبوقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الشقيق.

ولفت الرئيس السيسي أن العدوان الإسرائيلي يعكس بجلاء ممارسات تجاوزت أي منطق سياسي أو عسكري وتخطت كافة الخطوط الحمراء، وقال "إن الانفلات الإسرائيلي والغطرسة الآخذة في التضخم تتطلب منا كقادة للعالمين العربي والإسلامي العمل معا نحو إرساء أسس ومبادئ تعبر عن رؤيتنا ومصالحنا المشتركة، ولعل اعتماد مجلس الجامعة العربية في دورته الوزارية الأخيرة القرار المعنون: "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة" يمثل نواة يمكن البناء عليها، وصولا إلى توافق عربي وإسلامي، علـى إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليميين، ووضع الآليات التنفيذية اللازمة للتعامل مع الظرف الدقيق الذي نعيشه على نحو يحول دون الهيمنة الإقليمية لأي طرف، أو فرض ترتيبات أمنية أحادية تنتقص من أمن الدول العربية والإسلامية واستقرارها".

وأشار الرئيس السيسى إلى توقيت انعقاد القمة الذى يأتي في "توقيت بالغ الدقة وفي ظل تحديات جسام تواجهها المنطقة التي تسعى إسرائيل لتحويلها إلى ساحة مستباحة للاعتداءات بما يهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها، ويشكل إخلالا خطيرا بالسلم والأمن الدوليين وبالقواعد المستقرة للنظام الدولي"، ناقلاً "إلى قيادة قطر وشعبها الشقيق تضامن مصر الكامل، وتضافرها مع أشقائها، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الآثم الذي شهدته الأجواء والأراضى القطرية والذي يمثل انتهاكاً جسيماً لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويعد سابقة خطيرة، وتهديدا للأمن القومي العربي والإسلامي"، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات، وإنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة، بما يقتضيه ذلك من محاسبة ضرورية للمسئولين عن الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة "الإفلات من العقاب" التي باتت سائدة أمام الممارسـات الإسـرائيلية، وقال: بات واضحا أن النهج العدواني الذي يتبناه الجانب الإسرائيلي إنما يحمل في طياته نية مبيتة لإفشال كافة فرص تحقيق التهدئة والتوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسري، كما أن هذا التوجه يشي بغياب أي إرادة سياسية لدى إسرائيل، للتحرك الجدي في اتجاه إحلال السلام في المنطقة.

وأضاف الرئيس السيسى أن على إسرائيل أن تستوعب أن أمنها وسلامتها لن يتحققا بسياسات القوة والاعتداء، بل بالالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول العربية والإسلامية وأن سيادة تلك الدول لا يمكن أن تمس تحت أي ذريعة، وهذه مبادئ غير قابلة للمساومة، ومن ثم على العالم كله، إدراك أن سياسات إسرائيل، تقوض فرص السلام بالمنطقة، وتضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية، والأعراف المستقرة والقيم الإنسانية، وأن استمرار هذا السلوك لن يجلب سوى المزيد من التوتر، وعدم الاستقرار للمنطقة بأسرها على نحو سيكون له تبعات خطيرة على الأمن الدولي.

ووجه الرئيس السيسي حديثه لشعب إسرائيل قائلا: إن ما يجري حاليا يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أي فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة، وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعا بلا استثناء، فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم حينها بلا جدوى".

وشدد الرئيس السيسي على رفض مصر الكامل لاستهداف المدنيين، وسياسة العقاب الجماعي والتجويع التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وهو ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء على مدار العامين الماضيين، مؤكدا أن الحلول العسكرية وإجهاض جهود الوساطة والاستمرار عوضا عن ذلك في محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة، لن يحقق الأمن لأي طرف، وأكد أن مصر ستواصل دعمها الثابت، لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وتمسكه بهويته وحقوقه المشروعة، طبقا للقانون الدولي، والتصدي لمحاولة المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو ضم الأرض، أو عن طريق التهجير، أو غيرها من صور اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عبر استخدام عناوين ومبررات، لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، مجدداً رفض مصر القاطع لأي مقترحات من شأنها تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وقال: إن مثل هذه الأطروحات ليس لها أساس قانوني أو أخلاقي ولن تؤدي سوى إلى توسيع رقعة الصراع وهو أمر من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

ولفت الرئيس السيسى إلى أنه آن الأوان للتعامل بجدية وحسم مع القضية الفلسطينية، باعتبارها مفتاح الاستقرار فى المنطقة، وأن الحل العادل والشامل، للقضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي يقوم على إنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها "القدس الشرقية"، وأعرب عن تطلع مصر إلى أن يمثل مؤتمر حل الدولتين الذي سيعقد يوم 22 سبتمبر الجاري على هامش الشق رفيع المستوى لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، محطة مفصلية على طريق تحقيق حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، خاصة من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، داعيا إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، من جانب جميع الدول التي لم تقدم على هذه الخطوة بعد، باعتبار ذلك السبيل الوحيد من أجل الحفاظ على حل الدولتين.

وقال الرئيس السيسى: إننا أمام لحظة فارقة تستلزم أن تكون وحدتنا نقطة ارتكاز أساسية، للتعامل مع التحديات التي تواجه منطقتنا بما يضمن عدم الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والصراعات، والحيلولة دون فرض ترتيبات إقليمية، تتعارض مع مصالحنا ورؤيتنا المشتركة، وإن رسالتنا اليوم واضحة فلن نقبل بالاعتداء على سيادة دولنا، ولن نسمح بإفشال جهود السلام وسنقف جميعا صفا واحدا، دفاعا عن الحقوق العربية والإسلامية، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، والعيش بحرية وكرامة وأمن، ويجب أن تغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أي دولة عربية؛ مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام وهذه النظرة كي تتغير، فهي تتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغ، ويتحسب أي مغامر.

هذه الكلمة حملت الكثير من التفاصيل المهمة، التي تعيد التأكيد على الموقف المصرى الواضح والحاسم، الرافض لمخطط التهجير، او إحداث ترتيبات أمنية في المنطقة دون رغبة من دولها، فضلاً عن التشديد على الربط بين الأمن القومى المصرى والأمن القومى للدول العربية.

 

خارطة طريق

وبالعودة إلى الرؤية المصرية السعودية التي تم اعتمادها عربياً، فهى تستحق ان تكون خارطة طريق واضح المعالم في ظل الأزمات الإقليمية التي تتسبب فيها إسرائيل بشكل واضح، وهنا جاءت الرؤية التي تحولت إلى قرار عربى للتأكيد على إن "ما تمر به المنطقة من مرحلة حرجة وتطورات بالغة الخطورة، تتسم بتفاقم التهديدات وتوسّع العدوان الإسرائيلي، وتعميق التوترات التي تمسّ الأمن المشترك لدوله، وتقويض كل مسارات السلام والأمن والاستقرار، كما أن الأحداث الأخيرة الخطيرة والمتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط تبرهن على أن غياب التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، هو السبب الرئيسي في اندلاع جولات من العنف المستمر الذي تطور مؤخراً إلى تصعيد إقليمي"، كما أكد على أن "عدم تسوية القضية الفلسطينية بشكل عادل، والممارسات العدائية لقوة الاحتلال هما ما يقف حاجزاً أمام فرص تحقيق التعايش السلمي في المنطقة"، مشيراً إلى أن "«التصعيد العسكري المتوالي يعكس تجاهلاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي، واستخدام القوة والتدخل العسكري دون سند قانوني، وانتهاك سيادة الدول وإساءة استخدام حق الدفاع عن النفس خارج إطار القانون الدولي... ما يكرس من حالة عدم الثقة بين مختلف الأطراف في المنطقة".

وتضمنت الرؤية، التذكير بمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي أكدت الدول الأعضاء بموجبها على مسار السلام بوصفه خياراً استراتيجياً يتيح آفاق الاندماج والتكامل الإقليمي، مع التشديد على "رفض أي تحركات أو مساعٍ تؤدي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وتهديد سيادة دولها، وجر المنطقة إلى مواجهات تفاقم المعاناة والأزمات الإنسانية وتعطل مسيرة التنمية لعقود آجله"، كما تؤكد الدول الأعضاء أن أي مبادرات للأمن الإقليمي يجب أن تستند إلى مبادئ الأمم المتحدة، لا سيما احترام سيادة دول المنطقة ووحدة أراضيها، بما يسهم في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار... وبناء علاقات استراتيجية وشراكات إقليمية ودولية، وضمان أمن إمدادات الطاقة واستقرار أسواق النفط، وتعزيز الأمن البحري وحرية الملاحة البحرية، والتصدي الجماعي لتحديات المناخ".

وأكدت الرؤية المصرية السعودية، المعتمدة عربياً أن التطورات المتلاحقة "تستدعي وجود توافق بين كل دول المنطقة حول مجموعة من المبادئ الحاكمة للتعاون والأمن المشترك، ومن هنا جاءت "الرؤية المشتركة للأمن والتعاون» في 7 بنود رئيسية؛ حيث قرر مجلس الجامعة "التشديد على الاستمساك بمبادئ الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بثوابت حسن الجوار وعدم الاعتداء وتسوية النزاعات بالطرق السلمية"، كما قرر "التأكيد على ضرورة الالتزام بالمُسلمات الحاكمة للعلاقات الدولية والإقليمية؛ خصوصاً من حيث الحفاظ على الاستقلال السياسي للدول ووحدة أراضيها وأحقيتها في الاستفادة من مواردها الطبيعية، واحترام قواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعلى رأسها عدم استخدام القوة إلا في الإطار القانوني المنظم لذلك؛ متمثلاً في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".

وأكد مجلس الجامعة "الإدانة الشديدة لأي طرح يهدد سيادة الدول العربية ووحدة أراضيها"، مع "التأكيد على ضرورة العمل على إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية، وعدم إمكانية التعويل على ديمومة أي ترتيبات للتعاون والتكامل والتعايش بين دول المنطقة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض الأراضي العربية أو التهديد المبطّن باحتلال أو ضم أراضي عربية أخرى"، ونوه مجلس الجامعة مجدداً بـ"محورية معالجة جذور الصراع والتوترات الإقليمية، لا سيما عبر تسوية القضية الفلسطينية بشكل عادل وشامل، وفقاً لحل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب لخطوط الرابع من يونيو 1967، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية"، كما شدد على "ضرورة إيقاف عمليات التوسع الاستيطاني، ومشاريع التهجير، ومحاولات التغيير الديموغرافي وطمس الهوية العربية وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وضمان حقوق اللاجئين"، ودعا إلى "استمرار ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ مواقف حاسمة"، كما حذر "من أن استمرار انسداد آفاق الحل يعد عاملاً أساسياً لزعزعة الاستقرار في المنطقة ومسوغاً لنشر التطرف والكراهية والعنف إقليمياً ودولياً".

وأكدت الرؤية، "أهمية المضي قدماً نحو تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي وإخضاع كل المنشآت النووية في المنطقة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك احترام حق الدول في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط"، وطالب جميع الدول، خصوصاً الإقليمية، "بالانضمام لمعاهدة عدم الانتشار والالتزام بجميع القرارات الدولية المتعلقة بمنع الانتشار"، مؤكداً أن "معالجة المخاطر النووية أمر أساسي لاستتباب أمن المنطقة ومنعها من الانجراف نحو سباق تسلح نووي".

وأكد القرار في بنده السابع والأخير "ضرورة احترام أمن وسيادة دول المنطقة بصورة متساوية بما يضمن عدم تغليب مصالح طرف على حساب طرف آخر"، داعياً إلى "بناء وتعزيز الثقة المتبادلة".

هذه الرؤية كما قالت مصر في تعليق لها على اعتمادها عربيا تعد "تجسيداً للإرادة العربية الجامعة والتوافق العربي على بلورة إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليميين، يقوم على قواعد القانون الدولي ويستجيب لدقة الظرف الذي تمر به المنطقة"، مؤكدة أنه "لا مجال للسماح بهيمنة أي طرف على المنطقة أو فرض ترتيبات أمنية أحادية تنتقص من أمن المنطقة واستقرارها، وأن الأمن الإقليمي لا يستقيم إلا بالالتزام الصارم بالمبادئ الحاكمة التي يكرسها القرار، وفي مقدمتها احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والامتناع عن استخدام القوة العسكرية خارج إطار الشرعية الدولية".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق