الاعتراف بدولة فلسطين آخر صفعات أوروبا على وجه نتنياهو وتزايد الضغوط على إسرائيل.. 10 دول تعلن اعترافها وسط إدانات شعبية من مظاهرات فى إسبانيا
الإثنين، 22 سبتمبر 2025 02:06 م
تشهد الساحة الأوروبية والدولية تحولا جوهيريا فى القضية الفلسطينية، حيث تتوالى الاعترافات الرسمية بدولة فلسطين من جانب دول كبرى، فى خطوة تم وصفها بأنها "تاريخية"، وتأتى لتشكيل صفعة جديدة لحكومة بنيامين نتنياهو، التى تواجه عزلة متزايدة على المستويين الشعبى والرسمى.
وأعلنت 10 دول أوروبية وغربية اعترافها الرسمى بفلسطين، فى مقدمتها بريطانيا وكندا وأستراليا، لتنضم إلى ركب الدول التى سبقتها مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج، هذا التحول يعكش قناعة راسخة لدى العواصم الأوروبية بأن استمرار السياسات الإسرائيلية الراهنة من حروب وحصار على غزة يقوض فرص السلام ويغلق أبواب التفاوض.
وبرزت إسبانيا منذ البداية كقوة دافعة خلف هذا المشهد، إذ اتخذت حكومة بيدرو سانشيز قرار الاعتراف فى مايو 2024، معتبرة أنه ليس مجرد إعلان رمزى بل خطوة مفصلية لكسر الجمود السياسى، وأكد سانشيز أن مدريد أرادت أن تكون الباب الذى يفتح أمام الآخرين، لإعادة حل الدولتين، وهو ما تحقق بالفعل مع إعلان الدول الآخرى اعترافها تباعا، وهو ما جعله يصرح بأنه "يفتخر بقرار هذه الدول لاعترافها بدولة فلسطين".
ولم يقتصر الدور الإسبانى على البعد الرمزي فقط، بل امتد إلى جهود دبلوماسية مكثفة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث قادت مدريد إلى جانب باريس ودبلن مساعي لإدراج القضية الفلسطينية مجددًا على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما شارك سانشيز مؤخرًا في مؤتمر نظمته فرنسا والسعودية لدعم حل الدولتين، إلى جانب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حيث تم الاتفاق على بلورة خطة عملية للضغط على إسرائيل.
وفى السياق نفسه، صوت البرلمان الأوروبى بأغلبية 305 أصوات لصالح قرار يطالب دول الاتحاد الأوروبى بـ النظر الجدى، فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأصدر البرلمان الأوروبي في جلسته العامة قرارًا شديد اللهجة يدين ما وصفه بـ"الكارثة الإنسانية" في غزة، محملا إسرائيل مسؤولية عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، وجاء القرار بموافقة 305 نواب مقابل 151 معارضا، مع دعوات إلى وقف إطلاق النار فورى وضمان وصول المساعدات، مع دعم كامل لتعليق الاتفاق التجارى مع تل أبيب.
ووفقا لصحيفة لابانجورديا الإسبانية فقد أعرب النواب الأوروبيون عن دعمهم لمبادرة المفوضية الأوروبية بتعليق جزئي لاتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، في خطوة تحتاج موافقة حكومات الاتحاد، كما طالبوا بوقف توريد الأسلحة لتل أبيب، وفرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين ووزراء في الحكومة الإسرائيلية مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
وشددت الجلسة على ضرورة إعادة تمويل وكالة "الأونروا" ودعم المحكمة الجنائية الدولية وأوامرها باعتقال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب.
كما أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق الاتفاق التجاري مع تل أبيب وفرض عقوبات على وزيرين في حكومة بنيامين نتنياهو.
تحركات شعبية وضغط من الشارع
ويرافق هذا التطور الرسمى من قبل الحكومات ، تصاعد الزخم الشعبى فى أوروبا ، ففى إسبانيا، خرجت مظاهرات حاشدة في مدريد وبرشلونة للتنديد بالمجازر الإسرائيلية في غزة والمطالبة بمزيد من الخطوات لقطع العلاقات مع إسرائيل، أما في إيطاليا، فقد شهدت البلاد إضرابًا عامًا دعا إليه اتحاد النقابات الكبرى تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، حيث ربط المحتجون بين النضال العمالي المحلي ومناهضة "الهيمنة الرأسمالية" التي يرون أن إسرائيل تمثل ذراعًا منها في الشرق الأوسط.
هذه التحركات الشعبية شكلت عامل ضغط إضافي على الحكومات الأوروبية، التي باتت مضطرة لموازنة مواقفها التقليدية الداعمة لإسرائيل مع المطالب المتنامية من الشارع لوقف "التواطؤ" مع ما يجري في غزة.
إسرائيل في مأزق دبلوماسي
في المقابل، ردت الحكومة الإسرائيلية بغضب شديد على هذه التطورات، واعتبر نتنياهو أن الاعترافات المتتالية تشجع "الإرهاب" وتضر بأمن إسرائيل القومي. غير أن محللين أكدوا أن ردود الفعل الغاضبة تخفي قلقًا حقيقيًا من تراكم الاعترافات، خاصة عندما تصدر من دول وازنة مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، و هذه الاعترافات –وفق خبراء– قد تفتح الباب أمام إعادة ترتيب موازين القوى داخل مجلس الأمن، خصوصًا إذا قررت فرنسا والبرتغال الانضمام قريبًا إلى الركب.
تحول تاريخي ومسار جديد
يُجمع المراقبون على أن ما يحدث يمثل نقطة تحول تاريخية، إذ لم يسبق أن شهدت القضية الفلسطينية هذا الزخم السياسي المتزامن من جانب أوروبا والغرب. الخطوة لا تعني فقط تعزيز الشرعية الفلسطينية دوليًا، بل تضع إسرائيل أمام عزلة غير مسبوقة في الساحة الدولية.
كما أن إدراج خيار العقوبات وتعليق الاتفاقيات التجارية مع تل أبيب ينقل الموقف الأوروبي من دائرة الإدانة الكلامية إلى دائرة الإجراءات العملية، ما يزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياساتها، خصوصًا مع ارتفاع التكلفة السياسية والدبلوماسية لاستمرار الوضع الراهن.