ماذا بعد الاعتراض الرئاسي على "الإجراءات الجنائية"؟

السبت، 27 سبتمبر 2025 09:00 م
ماذا بعد الاعتراض الرئاسي على "الإجراءات الجنائية"؟
أحمد سامى

جلسة عادية بدور الانعقاد السادس لمجلس النواب لدراسة رسالة رئيس الجمهورية.. وبيان لـ"مدبولى"

زيادة بدائل الحبس الاحتياطي وضمانات أكثر لحرمة المسكن وحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة

ترحيب حزبى وحقوقى بالخطوة الرئاسية: هدفها أن تأتي التشريعات منسجمة مع تطلعات الشعب.. وترسيخ لهيبة الدستور والقانون واحترام للاتفاقيات الدولية

 

يفتتح مجلس النواب دور الانعقاد السادس من الفصل التشريعي الثاني الأربعاء المقبل، 1 أكتوبر، ببحث اعتراض رئيس الجمهورية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، حيث أعلن المجلس إدراج الاعتراض الوارد في رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسى، حول مشروع القانون في الجلسة، مع دعوة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، للإدلاء ببيان في هذا الشأن؛ بما يضمن إعادة النظر في المواد محل الاعتراض، وبما يليق بعزيمة مصر على أن يكون قانونها الجنائي الجديد نموذجًا يُحتذى في الدقة التشريعية، وصون حقوق الإنسان، وترسيخ منظومة عدالة جنائية متكاملة تكفل سيادة القانون وصون الحقوق.

وستشهد هذه الجلسة أجراءات محددة، تبدأ بافتتاح الجلسة وإعلان المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب أن المجلس تلقى رسالة من رئيس الجمهورية بالاعتراض على مشروع القانون، ويتم تلاوة رسالة الرئيس، ثم يدعو الدكتور مصطفى مدبولي لإلقاء بيانه، وبعد أن يستمع المجلس إلى بيان رئيس الوزراء يقوم بإحالة رسالة الرئيس وبيان رئيس الوزراء إلى اللجنة العامة لدراسة أوجه الاعتراض، التي ستعقد اجتماعًا برئاسة رئيس مجلس النواب، وفي حال انتهاء رأيها بالموافقة على رسالة رئيس الجمهورية بالاعتراض، تصدر توصيتها في هذا الشأن والتي من المتوقع أن تكون إعادة دراسة مشروع قانون الإجراءات الجنائية في حدود النصوص والأحكام المعترض عليها فقط، ثم يعرض تقرير اللجنة العامة على الجلسة العامة التالية لمجلس النواب، حيث يقوم المجلس بتشكيل لجنة خاصة لإعادة دراسة النصوص محل الاعتراض وإعداد تقرير يعرض على الجلسة العامة لمناقشته.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وجّه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لبحث الاعتراضات على عدد من مواد مشروع القانون. وكان مشروع قانون الإجراءات الجنائية قد ورد من مجلس النواب بتاريخ 26/8/2025 بطلب إصداره، وجاءت مناشدات عديدة للسيد رئيس الجمهورية لإعادة النظر في بعض مواده.

والمواد المعترض عليها تتعلق باعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية، بما يوجب إعادة دراستها لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع، وإتاحة الوقت المناسب أمام الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ الآليات والنماذج المستحدثة في مشروع القانون والإلمام بأحكامه ليتم تطبيقها بكل دقة ويسر وصولًا إلى العدالة الناجزة في إطار من الدستور والقانون.

ونوّه رئيس الجمهورية، بجهود مجلس النواب في إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية وما استحدثه فيه من تنظيم موضوعات لأول مرة، منها: إجراءات منع المتهمين من السفر ووضعهم على قوائم ترقب الوصول، وإجراءات التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي في حالات محددة وتخفيض مدده، وإجراءات التحقيق وتجديد الحبس والمحاكمة عن بُعد من خلال استخدام وسائل تقنية المعلومات، وإجراءات حماية الشهود، وإجراءات التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية، وكذلك التعديلات الجوهرية التي أدخلها مجلس النواب على عدد آخر من نصوص قانون الإجراءات الجنائية الساري.

وقال المستشار محمود فوزى، وزير الشؤون النيابية والقانونية للتواصل السياسي، إن مناقشة اعتراض الرئيس تمر على مرحلتين، الأولى من خلال اللجنة العامة لمجلس النواب لدراسة أوجه الاعتراض، وفي حال قبول الاعتراض، يتم تشكيل لجنة خاصة لإعادة دراسة النصوص محل الملاحظات في ضوء المناقشات والمبادئ التي يقرها المجلس.

وأكد النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن المجلس سيتحرك بشكل عاجل لتشكيل لجنة خاصة لبحث أوجه الاعتراضات الواردة على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، موضحًا أنه إذا رأى المجلس أن القانون لا يحتاج إلى تعديل على أي من مواده فسيتم اعتماده ليصبح واجب التطبيق، موضحاً أن بيان اعتراض الرئيس السيسي وصل للمجلس بشكل مفاجئ.

وقال رمزي، إن المجلس الحالي مستمر في الانعقاد حتى بداية العام الجديد، ولن تُرحّل التعديلات بشكل تلقائي إلى المجلس المقبل، لافتاً إلى أن هناك متسعاً من الوقت يمتد حتى نهاية ديسمبر ونصف يناير لإنجازها، موضحاً أن مناقشة التعديلات ستتم بداية عبر اللجنة التشريعية، ثم تُعرض على اللجنة العامة لمراجعتها على وجه السرعة، مشدداً على أنه لا يوجد إطار زمني ملزم للانتهاء من المداولات، لكن الاتجاه هو الإسراع في مناقشتها.

وحول نطاق المراجعة، أوضح عضو البرلمان أن جميع المواد قابلة للنقاش، حتى تلك التي لم يتطرق إليها خطاب الرئيس، نظراً لارتباطها بمواد أخرى قد تتأثر بالتعديلات، مؤكداً أن للمجلس كامل الحق في إعادة النظر في النصوص ذات الصلة لتحقيق أكبر قدر من التوافق القانوني والتشريعي.

 

وعيًا استثنائيًا بقدسية العدالة الجنائية

وفى أعقاب صدور البيان الرئاسي المتضمن الاعتراض على بعض مواد مشروع القانون، أعلن مجلس النواب، أنه تقرر إدراج الاعتراض الوارد في رسالة رئيس الجمهورية في أول جلسة عادية لمجلس النواب بدور الانعقاد العادي السادس من الفصل التشريعي الثاني، يوم الأربعاء الأول من أكتوبر، ودعوة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، للإدلاء ببيان؛ بما يضمن إعادة النظر في المواد محل الاعتراض، وبما يليق بعزيمة مصر على أن يكون قانونها الجنائي الجديد نموذجًا يُحتذى في الدقة التشريعية، وصون حقوق الإنسان، وترسيخ منظومة عدالة جنائية متكاملة تكفل سيادة القانون وصون الحقوق.

وأكد المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، أن المجلس تلقى كتاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الاعتراض على عدد من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، عملًا بحكم المادة (١٢٣) من الدستور، وهو كتاب يفيض بحسّ وطني عميق، وبصيرة دستورية نافذة، وحرص صادق على أن يظل البناء التشريعي في مصر قائمًا على أسس متينة من الوضوح والإحكام والتوازن، فلا يغلب فيه جانب على آخر، ولا تطغى فيه مقتضيات العدالة الناجزة على ضمانات الحرية، لافتاً إلى "أن مجلس النواب إذ يرحّب ترحيبًا عظيمًا بهذا التوجيه الرئاسي الكريم، ليؤكد أن ما تفضّل به السيد رئيس الجمهورية يمثل أرقى صور ممارسة الصلاحيات الدستورية، ويعكس وعيًا استثنائيًا بقدسية العدالة الجنائية ومكانتها في صون السلم العام وحماية المجتمع".

وقال البيان: إن مجلس النواب، وهو يثمّن هذا الموقف البالغ الدلالة، يرى فيه إعلاءً لقيمة الحوار بين المؤسسات، وتجسيدًا للشراكة الرفيعة بين السيد رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية، حيث تتلاقى الإرادات جميعها على تحقيق مصلحة الوطن، وصيانة حقوق الشعب، وترسيخ هيبة الدستور والقانون، ومن هذا المنطلق، وإعمالاً لحكم المادة (١٧٧/ فقرة ٣) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالقانون رقم (١) لسنة ٢٠١٦، والتي تنص على أن:" وفي حالة اعتراض رئيس الجمهورية، يعقد المجلس جلسة عاجلة لهذا الغرض، ويجوز له أن يدعو رئيس مجلس الوزراء للإدلاء ببيان في هذا الشأن.

ويحيل المجلس الاعتراض والبيانات المتعلقة به في ذات الجلسة إلى اللجنة العامة لدراسة المشروع المعترض عليه، والمبادئ والنصوص محل الاعتراض وأسبابه الدستورية أو التشريعية بحسب الأحوال."، والمادة (٢٧٤/ فقرة ١) من اللائحة الداخلية ذاتها، والتي تنص على أن:" يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر.."؛  فقد تقرر إدراج الاعتراض الوارد في رسالة السيد رئيس الجمهورية في أول جلسة عادية لمجلس النواب بدور الانعقاد العادي السادس من الفصل التشريعي الثاني، وذلك يوم الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر سنة ٢٠٢٥، ودعوة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، للإدلاء ببيان في هذا الشأن؛ بما يضمن إعادة النظر في المواد محل الاعتراض، وبما يليق بعزيمة مصر على أن يكون قانونها الجنائي الجديد نموذجًا يُحتذى في الدقة التشريعية، وصون حقوق الإنسان، وترسيخ منظومة عدالة جنائية متكاملة تكفل سيادة القانون وصون الحقوق.

 

ممارسة ديمقراطية في الحياة البرلمانية

المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية للتواصل السياسي، قال إن قرار الرئيس السيسي بإعادة قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لمراجعة بعض مواده، خطوة تمثل ممارسة ديمقراطية في الحياة البرلمانية المصرية، مشيراً إلى أن هذه هي المرة الرابعة التي يُعاد فيها قانون من الرئيس إلى البرلمان، موضحًا أن ذلك حدث مرتين في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ومرتين في عهد الرئيس السيسي، الأولى مع قانون التجارب السريرية، وهذه المرة مع قانون الإجراءات الجنائية

وأشار "فوزى" إلى أن عملية التشريع في مصر تشترك فيها أكثر من مؤسسة؛ تبدأ بالحكومة او النواب كجهة اقتراح، مرورًا بالبرلمان كجهة مناقشة وإقرار، وصولًا إلى الرئيس باعتباره رأس الدولة الذي يملك حق الاصدار أو الاعتراض على القوانين، موضحًا أن المادة (123) من الدستور تمنح رئيس الجمهورية حق الاعتراض على القوانين خلال 30 يومًا من تسلمها، مشيرًا إلى أنه إذا مارس هذا الحق يعيد القانون إلى المجلس محددًا المواد المعترض عليها وأسباب الاعتراض، وفي هذه الحالة، يدعو المجلس إلى جلسة عاجلة لتشكيل لجنة برئاسة وكيل مجلس النواب لفحص هذه المواد، مشدداً على أن هذه الممارسة الدستورية تعكس حرص الدولة على الحريات والشفافية، وأن ما يجري في مصر من مراجعة القوانين يتماشى مع المعايير الديمقراطية المطبقة في العديد من دول العالم.

وأوضح المستشار محمود فوزي، أن الرئيس السيسى مارس حقه الدستوري بإعادة مشروع القانون إلى البرلمان، ليس لانتقاص من جهوده، وإنما من أجل مزيد من الحريات والوضوح، خاصة أن المشروع يتكون من نحو 540 مادة تنظم واحدة من أهم القضايا الدستورية في مصر، وقد تضمن للمرة الأولى تنظيمات متوازنة في العديد من المجالات، مشدداً على أن إعادة القانون تمنح البرلمان فرصة أكبر لإجراء دراسة متأنية للنصوص بما يحقق التوازن المطلوب بين الحريات العامة ومتطلبات العدالة، مؤكدًا أن الخطوة تعكس إرادة سياسية لإقرار قانون أكثر توافقًا وفاعلية، وميل أكبر للحريات والوضوح.

 

ترحيب حزبى

ورحب الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بقرار الرئيس بعدم التصديق على قانون الإجراءات الجنائية وإعادته للبرلمان لمراجعته من جديد، وأكد أنه الحزب الوحيد الذى رفض ـ بكامل هيئته البرلمانية ـ مشروع قانون الإجراءات الجنائية فى صورته التى أقرها مجلس النواب، والتى رأى الحزب أنها تتضمن العديد من أوجه القصور الكبرى، وفى مقدمتها التوسّع فى منح سلطات واسعة لعشرات الموظفين العموميين ورجال الضبط ومسؤولى السجون، وتقييد حقوق الدفاع، وغياب الضمانات الكافية للمحاكمات العادلة، بما يتعارض مع أحكام الدستور والتزامات مصر الدولية.

كما أكد حزب الجبهة الوطنية أن قرار الرئيس السيسي برد مشروع القانون إلى مجلس النواب يمثل خطوة فارقة في مسار بناء دولة القانون في الجمهورية الجديدة، ويعكس حرص القيادة السياسية على أن تأتي التشريعات منسجمة مع تطلعات الشعب، وصون الحقوق والحريات، وضمان العدالة الناجزة.

وقال المجلس القومي لحقوق الإنسان إن هذه الخطوة تعكس احترام الدستور والاتفاقيات الدولية التى التزمت بها الدولة المصرية، وتبعث برسالة إيجابية للرأي العام حول جدية الدولة في تعزيز حقوق الإنسان.

وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن استجابة الرئيس السيسى لمطالب المعترضين يشكل مؤشر إيجابي مهم على توافر الإرادة السياسية لجهود تعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان، مشيدة بالنقاط المهمة التي دعا الرئيس لمعالجتها.

وأشارت الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات إلى أن هذه الاستجابة تعكس إرادة سياسية واضحة نحو تطوير البنية التشريعية بما يعزز حماية الحقوق والحريات ويحقق عدالة جنائية متوازنة، كما أن هذه الخطوة تمثل تطورًا مهمًا في مسار إصلاح المنظومة التشريعية والقانونية في مصر، لاسيما أن قانون الإجراءات الجنائية يعد من القوانين المحورية ذات التأثير المباشر على ضمانات المحاكمة العادلة وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق