فلسطين تنتصر.. وجنون في إسرائيل

السبت، 27 سبتمبر 2025 09:30 م
فلسطين تنتصر.. وجنون في إسرائيل
محمود علي

تسونامى الاعترافات بالدولة الفلسطينية يضرب تل أبيب.. وستارمر يكفر عن ذنب عار "بلفور"

دول كبرى تخرج من العباءة الأمريكية وتزيل الظلم التاريخى عن أقدم قضية.. والعلم الفلسطيني يرفرف في العواصم الاوربية

التحركات المصرية المكثفة وقمة القاهرة للسلام وزيارات القادة والمسئولين الدوليين إلى رفح غيرت المزاج الدولى لصالح القضية الفلسطينية

الخارجية الفلسطينية لـ"صوت الأمة": الاعترافات الأوروبية وضعت خطوطًا سياسية واضحة على أرض الواقع وأجبرت حكومة نتانياهو على مواجهة واقع جديد

 

"الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وتجسيدها على أرض الواقع ليس حلمًا؛ بل تشبث بحق طال كفاح الشعب الفلسطيني من أجله وساندته جميع شعوب العالم المُحبة للسلام.. وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلم والأمن والتعاون بشكل دائم بين جميع شعوب المنطقة".. كان هذا تعليق الرئيس عبد الفتاح السيسى، على انعقاد مؤتمر "حل الدولتين" في نيويورك، والذى وصفه بالفرصة التاريخية التى يجب اغتنامها لإنهاء عقود من الصراع والمعاناة. فمن قلب المؤتمر توالت الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية.

وفي خطوة تاريخية اعتُبرت انتصارًا للعدالة الدولية وحق الشعب الفلسطيني الذي سُلبت أرضه وحقوقه طوال أكثر من سبعة عقود من الاحتلال والمعاناة، جاء إعلان دول كبرى اعترافها بالدولة الفلسطينية المستقلة ليمهّد لفصل جديد في مسار النضال الفلسطيني، ويجسّد في الوقت ذاته نجاح جهود الدبلوماسية المصرية التي وضعت هذا الهدف في صدارة أولوياتها، وسعت إلى تشجيع مختلف بلدان العالم على اتخاذ تلك الخطوة.

"انتصرت فلسطين" هكذا يمكن أن توصف هذه الأيام التاريخية التي ألقت بظلالها على المشهد الدولي بأكمله، حيث تصدرت القضية الفلسطينية واجهة الأحداث الدولية، ليس فقط من خلال نضال شعبها المتواصل، بل أيضًا عبر الإجماع الدولي المتنامي على ضرورة إنصاف هذا الشعب ومنحه حقوقه المشروعة، لقد شهدت الأيام الماضية تطورًا نوعيًا غير مسبوق، تمثل في إعلان عشر دول جديدة، بينها دولتان من الأعضاء الحاليين في مجلس الأمن الدولي، الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

هذا الاعتراف المتعدد والمتزامن لا يحمل فقط أبعادًا سياسية، بل يُجسد تحولًا واضحًا في المواقف الدولية، ويشكل خطوة جوهرية نحو تصحيح المسار التاريخي لقضية شعب عانى لعقود من الاحتلال، والتهجير، والتمييز، والحرمان من حقه الطبيعي في تقرير مصيره، وهو في الوقت ذاته رسالة صريحة إلى المجتمع الدولي بأن إقامة الدولة الفلسطينية لم تعد مجرد مطلب نظري، بل باتت مسألة إقرار بحق قانوني وتاريخي، يتطلب التنفيذ وليس التأجيل.

 

الدور المصرى القوى

ويؤكد مراقبون أن هذا التطور الإيجابي، خاصة في مواقف الدول الغربية، يُعد إحدى ثمار دبلوماسية القمة التي ينتهجها الرئيس السيسي، إلى جانب التحركات المكثفة التي قادتها مصر في المحافل الدولية، حيث استثمرت جميع السبل لحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين، وأشاروا إلى أنّ الرئيس السيسي لم يتوقف عن مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، مؤكّدًا أنّ حل الدولتين يمثل الركيزة الأساسية والسبيل الأوحد لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، ومحذّرًا من أنّ تجاهل هذا الحق لن يقود إلا إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.

كما أن استقبال الرئيس السيسي – منذ اندلاع حرب الإبادة في قطاع غزة – للعديد من القادة والمسؤولين الدوليين، واطلاعهم من مدينة العريش أو من أمام معبر رفح على حجم الكارثة الإنسانية وعرقلة إدخال المساعدات، كان له أثر بالغ في تعريف العالم بحقيقة ما يجري على الأرض وكشف ممارسات إسرائيل غير الإنسانية بحق سكان القطاع المنكوب.

وجاء انعقاد مؤتمر «حل الدولتين» في نيويورك، بدعوة من فرنسا والمملكة العربية السعودية على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي شهد سلسلة من الاعترافات بدولة فلسطين، ليؤكد الزخم الدولي المتصاعد، ويُعد في الوقت نفسه ثمرة مباشرة للزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر في أبريل الماضي. فقد أتاحت تلك الزيارة، التي شملت العريش، للرئيس الفرنسي معاينة المأساة من أقرب نقطة ممكنة إلى غزة، والالتقاء بالجرحى الفلسطينيين ولا سيما الأطفال المصابين، وهو ما ترك أثرًا عميقًا أسهم في تسريع الموقف الفرنسي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن استمرار الظلم لم يعد مقبولًا وأن الوقت قد حان لإعطاء فرصة حقيقية للسلام.

واعترف ماكرون "إنه لم يعد بوسع العالم الانتظار للاعتراف بالدولة الفلسطينية"، وقال: "نتحمل مسؤولية جماعية لفشلنا حتى الآن في بناء سلام عادل في الشرق الأوسط"، وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن وعد إقامة دولة عربية في فلسطين لم يتحقق بعد، وعلى الجميع واجب رسم طريق السلام في الشرق الأوسط وفعل كل ما بوسعنا للحفاظ على إمكانية تحقيق حل الدولتين.

وجاء اعتراف حكومة كير ستارمر بالدولة الفلسطينية ليحمل دلالة خاصة، ليس فقط بسبب ثقل بريطانيا السياسي والدبلوماسي، ولكن لما تمثله من خلفية تاريخية مؤلمة للفلسطينيين، ففي عام 1917، وقّعت بريطانيا وعد بلفور، الذي مهّد الطريق لقيام إسرائيل على أرض فلسطين، فيما يعتبره كثيرون "الجريمة التأسيسية" التي بدأ منها المسار الكارثي للقضية الفلسطينية، اليوم، وبعد أكثر من قرن، يبدو أن بريطانيا تحاول، بشكل متأخر، مراجعة موقفها التاريخي من خلال اعتراف رسمي بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.

هذا التحرك البريطاني لا يُقرأ فقط كقرار سياسي آني، بل كخطوة تحمل رمزية عميقة، خصوصًا من حزب العمال الذي طالما كان مؤيدًا لحقوق الفلسطينيين.

وأدخلت بريطانيا تعديلا على خريطة تحذيرات السفر لتشمل فلسطين بشكل صريح الى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة، وجاء التحديث الذي استبدل عبارة "الأراضي الفلسطينية المحتلة" بعبارة "فلسطين"، وأظهرت الخريطة الصادرة عن وزارة الخارجية والتنمية البريطانية الآن فلسطين، مع ذكر الضفة الغربية وقطاع غزة أسفلها بين قوسين.

 

الخروج من العباءة الأمريكية

اللافت في الاعترافات الأخيرة، ليس فقط عدد الدول، بل نوعية تلك الدول، وعلى رأسها كندا وبريطانيا، اللتان تُعتبران تاريخيًا حليفتين استراتيجيتين للولايات المتحدة، وتتحركان غالبًا ضمن إطار السياسة الأمريكية الخارجية، لذلك، فإن إعلان لندن وأوتاوا الاعتراف بفلسطين يمثل خروجًا نادرًا عن الخط الأمريكي الصارم في دعم إسرائيل، ويعكس حالة تململ متزايدة داخل الغرب من سياسات الحكومة الإسرائيلية، خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة وتزايد الانتهاكات بحق المدنيين.

تشكل هذه الاعترافات المتتالية ضربة جديدة لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه بالفعل عزلة دولية متصاعدة بعد الحرب الأخيرة على غزة، ومطالبات بإجراء تحقيقات دولية في جرائم الحرب، وتعتبر حكومة الاحتلال أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل حلفاء تاريخيين للولايات المتحدة، مثل بريطانيا وكندا، بمثابة كسر للمحرمات الدبلوماسية التي طالما شكلت جدار حماية لإسرائيل في المحافل الدولية.

ويؤكد مراقبون أن أي خطوات انتقامية قد تُقدم عليها تل أبيب ردًا على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لن تؤدي إلا إلى تعميق عزلتها، خاصة في ظل تنامي الوعي الدولي بحجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال خلال العامين الماضيين في غزة، بدءًا من التدمير الممنهج وتشريد السكان وقصف مخيمات النازحين وتجويع المدنيين عمدًا، وصولًا إلى سياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تتناقض مع القوانين الدولية.. وتكتمل هذه الصورة بالمخططات الرامية إلى تهجير سكان القطاع وإفراغه من أهله، في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما بات واضحًا للجميع ويعزز الأصوات المطالبة بمحاسبة حكومة نتنياهو دوليًا والإسراع في تنفيذ حل الدولتين.

ورغم كل هذه المحاولات الإسرائيلية التي ستدفع باتجاه التصدي لهذه الاعتراف، تبني فلسطين على هذه الاعترافات الكثير، حتى تحصل على عضوية كاملة بالأمم المتحدة بدل "عضو مراقب" وتعمل على تعظيم الجهود السياسية والدبلوماسية والقانونية والدولية، متخذة العديد من التحركات لاستغلال طوفان الاعترافات لتحقيق عدة أهداف بينها، استكمال إنهاء جميع إجراءات الاحتلال أحادية الجانب وصولا لتطبق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وتعزيز الشخصية القانونية والولاية المعترف بها لدولة فلسطين ريثما يتم تجسيدها على الأرض، وتعزيز وتطوير علاقات دولة فلسطين سواء مع تلك الدول وفي مختلف المجالات، وفق مسؤولون فلسطينيون لـ"صوت الأمة".

وهناك خطوات سياسية وبروتوكولية تترتب على الاعترافات الدولية منها رفع مستوى تمثيل سفارات دولة فلسطين من بعثات إلى سفارات، ورفع العلم الفلسطيني عليها، وستنظم احتفاليات وفعاليات بمشاركة رسمية من الدول وبحضور رسمي فلسطيني، لإعادة رفع العلم على سفارات دولة فلسطين التي ستعترف بالدولة، وفي بعض الدول سيتم إعادة تقديم أوراق اعتماد سفراء دولة فلسطين للمستوى الأول الحاكم في تلك الدول باعتبارهم سفراء دولة فلسطين، وثمة العديد من الإجراءات القانونية التي تصبح مكاسب لسفارات فلسطين، وللدولة في تلك البلدان.

وتحظى الاعترافات بأهمية كونها تأتي -من حيث التوقيت- في ظل سياسات إسرائيلية وخطوات إجرائية على مستوى الكنيست لإفشال إمكانية التعامل مع حل الدولتين، ومن ذلك تصويت الكنيست 3 مرات العامين الأخيرين على رفض الاعترافات بالدولة الفلسطينية ورفض فكرة حل الدولتين وقرار ضم الضفة.

 

تطور نوعى في الصراع العربى الإسرائيلى

وأكد السفير عادل عطية، مدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية الفلسطينية، أن الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، وخاصة من قبل عدد من الدول الأوروبية، تمثل تطورًا نوعيًا وجوهريًا في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، وتكريسًا فعليًا لحق الشعب الفلسطيني الأصيل في تقرير مصيره، باعتبار ذلك أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وشدد عطية لـ"صوت الأمة" على أن هذه الاعترافات لا تأتي فقط في إطار الدعم السياسي الرمزي، بل تحمل دلالات قانونية عميقة، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه إنهاء الاحتلال، وتجسيد حل الدولتين على الأرض، وهو الحل الذي لطالما نادت به الدول الغربية، وأكدت أنه السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.

وأوضح أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم يعد يُمكن توصيفه كعملية عسكرية محدودة، بل هو حرب شاملة تستهدف الركائز الأساسية التي تقوم عليها الدولة الفلسطينية، وهي: الوجود الديموغرافي للشعب الفلسطيني، والجغرافيا المتمثلة في الأرض، والسلطة الوطنية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ولفت إلى أن هذا الاستهداف الممنهج يكشف عن نوايا الاحتلال الحقيقية في تقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، موضحاً أن الاعترافات الأوروبية الأخيرة وضعت خطوطًا سياسية واضحة على أرض الواقع، أجبرت إسرائيل على مواجهة واقع جديد لم يعد بالإمكان تجاهله أو التهرب منه، وأثبتت أن استمرار المراوغة السياسية ومحاولة تصوير الأراضي الفلسطينية المحتلة على أنها أراضٍ "متنازع عليها" لم يعد مقبولًا في الأوساط الدبلوماسية الدولية، خصوصًا بعد أن بدأت بعض الدول بتفعيل أدوات الضغط السياسي والقانوني ضد الاحتلال.

وبيّن عطية أن هناك تحولاً تدريجياً في المزاج السياسي الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، مدفوعًا بالاقتناع المتزايد بأن استمرار الصمت الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية قد بات يهدد السلم والاستقرار في المنطقة بأسرها، مشيرًا إلى أن هذا التحول يُعبّر عن إدراك عميق بأن الأمن الإقليمي والدولي لا يمكن تحقيقه دون تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، كما أشار إلى أن الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية يُشكل دعمًا قانونيًا وسياسيًا حاسمًا، يُعزز من مكانة فلسطين على الساحة الدولية، ويقوي موقفها في المطالبة بعضوية كاملة في الأمم المتحدة، فضلًا عن أنه يُعيد تصويب النقاش الدولي حول طبيعة الاحتلال الإسرائيلي، ويفضح جرائمه أمام الرأي العام العالمي.

ورحّب السفير عطية بالمبادرة المصرية المقترحة للوصول إلى اتفاق شامل ينهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن هذا المقترح يحظى بدعم واسع من القاهرة وعدد من العواصم العربية، إلى جانب دعم من مؤسسات أوروبية تُدرك خطورة استمرار العدوان وتسعى لوقف المجازر بحق المدنيين، وتهيئة الظروف لاستئناف المسار السياسي.

 

رسالة للاحتلال

منذر الحايك المتحدث باسم حركة فتح قال من جانبه لـ"صوت الأمة" أن الحركة ترحب بالمواقف والاعترافات الدولية، وخاصة من الدول العربية الشقيقة، التي بادرت بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. إن هذه الخطوات تمثل رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي، مفادها أن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 هي أراضٍ لدولة فلسطين، وأن الاحتلال والاستيطان المقام عليها يُعدان غير شرعيين بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 2443.

وتؤكد حركة "فتح" أن هذه الاعترافات ليست رمزية كما يدّعي البعض، بل تشكل خطوة عملية ومهمة نحو تجسيد حل الدولتين، وهي بمثابة موقف دولي داعم للحق الفلسطيني العادل والمشروع، وانتصار للرواية الفلسطينية التي أثبتت صدقها وعدالتها في وجه الرواية الإسرائيلية التي سعت لعقود لتشويه صورة الشعب الفلسطيني، ووصمه بالإرهاب، والتشكيك في قدرته على بناء دولته المستقلة ومؤسساته الوطنية.

السفير عمر عوض الله، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني، أكد من جانبه أن الاعترافات هي خطوة عملية ملموسة لا رجعة فيها وليست رمزية، فالاعتراف هو بالشعب الفلسطيني ككل وبقيادته الممثلة بمنظمة التحرير وبحدوده وبحقوقه وبحكومته، موضحاً أنه على المستوى الدبلوماسي، ستتحول مكاتبنا وبعثاتنا في هذه الدول إلى سفارات بكامل الحقوق والحصانة، ما يسهل عمل السفراء والدبلوماسيين الفلسطينيين للقيام بمهامهم في تمثيل شعبنا والحفاظ على حقوقه، بما فيها البعد القانوني المتمثل في تفعيل القوانين المحلية في الدول المعترفة لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، كما أشار إلى أن الاعترافات ستطور العلاقات الاقتصادية وتسهم في تمكين الحكومة الفلسطينية ماليا أيضا، في وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطيني وقيادته لحصار مالي واقتصادي ومحاولة لتقويض عمل الحكومة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبنا وتعزيز صموده على أرض وطنه.

ولفت إلى أن هذه الاعترافات ستساعد أيضا فلسطين على تطوير مؤسساتها ونظمها وبنيتها التحتية إلى مستوى هذه الدول التي لها باع كبير في المؤسسات والبنى التحتية، وهذا سيساهم في تعزيز مكانة دولة فلسطين وشخصيتها على المستوى الدولي، موضحا أن ذلك مرتبط بالهدف الوطني الأساس وهو التخلص من الاحتلال وزيادة الأدوات التي تساهم في الضغط عليه ومعاقبته من أجل إنهائه في أسرع وقت ممكن، كما ورد في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في عام 2024.

 

اشادة فلسطينية بالدور المصرى

وأشاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بدور الوساطة المصرية القطرية الأمريكية التي تسعى إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مثمنًا مواقف مصر والأردن في رفض تهجير الفلسطينيين الذي يرفضه المجتمع الدولي، وقال في كلمة عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" أمام مؤتمر "حل الدولتين" إن جرائم الحصار والتجويع والتدمير لا يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق الأمن، مطالبًا بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والإفراج عن الرهائن والأسرى جميعًا، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، والبدء في إعادة الإعمار دون تأخير في غزة والضفة الغربية من خلال مؤتمر دولي في القاهرة.

وأضاف عباس أن دولة فلسطين هي الجهة الوحيدة المؤهَّلة لتحمُّل المسئولية الكاملة عن الحكم والأمن في غزة، عبر لجنة إدارية مؤقتة مرتبطة بالحكومة الفلسطينية، وبدعم ومشاركة عربية ودولية.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أنه لا استقرار في منطقة الشرق الأوسط بدون حل عادل وشامل يُلبي الطموح المشروع للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية ، وأضاف : "إنني أتوجه إليكم باسم مصر التي قادت على مدار أكثر من أربعين عاماً، جهود إرساء السلام العادل والاستقرار في الشرق الأوسط، لأؤكد اليوم، وأكثر من أي وقت مضى علي هذا الأمر"، مشيراً في الكلمة التي القاها نيابة عن الرئيس السيسي، خلال المؤتمر الدولي رفيع المستوي "من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين"، إلى أن حل الدولتين، ليس مجرد خيار سياسي، أو التزام أخلاقي فحسب، بل هو أيضاً ضرورة أمنية ، فالطريق الوحيد لشرق أوسط آمن ومستقر ومزدهر، هو ضمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والاستقلال، كما أن الأمن لن يتحقق لإسرائيل عبر القوة العسكرية ومحاولة فرض الأمر الواقع، فتجاهل الحقوق الفلسطينية لن يجلب سوى المزيد من التصعيد وعدم الاستقرار، وغياب الأفق السياسي سيفتح الباب للمزيد من العنف والتطرف، وهذا ما أثبتته التطورات المتلاحقة التي شهدتها منطقتنا في العامين الماضيين.

ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بالتدابير التي تتخذها العديد من الدول لحشد الدعم لتحقيق حل الدولتين، يشمل ذلك التعهد على الاعتراف بدولة فلسطين، وقال إنه "مضت أجيال عديدة، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون حل، وانهار الحوار وضربت بالقرارات عرض الحائط وتم انتهاك القانون الدولي، ولم يفض العمل الدبلوماسي المتواصل على مدى عقود من الزمن إلى أي نتيجة"، مشيراً إلى أن الحل الوحيد للخروج من هذا الكابوس هو تحقيق حل الدولتين الذي يتيح قيام دولتين ديمقراطيتين مستقلتين تتمتعان بالسيادة هما إسرائيل وفلسطين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن داخل حدودهما الآمنة المعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967.

وقال فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي إن تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، موضحاً أن هذه الممارسات تؤكد أن إسرائيل تواصل ممارساتها العدوانية التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وتقوض جهود السلام في المنطقة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من جانبه أراد البدء في حراك مختلف عن الجهود التي تبذل بشأن القضية الفلسطينية خاصة وأنه يرفض بشكل قاطع كل التحركات الساعية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية معتبراً هذه الخطوة أحادية، واجتمع ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدد من قادة ورؤساء حكومات الدول العربية والإسلامية بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، وقال ترامب إن "هذا الاجتماع هو الأهم بالنسبة له لأنهم سيضعون حدا للحرب على غزة"، مؤكداً أن "الاجتماع كان ناجحا"، وأضاف الرئيس الأمريكي: "نبذل كل الجهود لإعادة الرهائن من غزة .. اجتماعنا مع قادة في الشرق الأوسط مهم لإيجاد حل للحرب في غزة"، وبشأن الاعتراف بدولة فلسطين، فقد اعتبر ترامب أن قرارات بعض حلفاء واشنطن تشكل "مكافأة لحماس".

وأضاف ترامب: "نريد وضع حد للحرب في غزة التي ما كان من المفترض أن تحصل، واستعادة الرهائن"، وصرح بأن غالبية الرهائن قد أطلق سراحهم وأن الجهود تتركز على استعادة 20 رهينة و38 جثة من غزة، في المقابل، شدد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على أن الاجتماع لوقف الحرب واستعادة الرهائن، مؤكدا أن الوضع سيئ جدا في غزة، ويجب أن نفعل ما في وسعنا لوضع حد للحرب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق