الحوار المجتمعى يحسم تفاصيلها..

يوسف أيوب يكتب: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تلم شمل خطط الحكومة

السبت، 27 سبتمبر 2025 08:11 م
يوسف أيوب يكتب: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تلم شمل خطط الحكومة

وضع إطار شامل للإصلاح الاقتصادي وتحقيق التكامل بين رؤية 2030 وبرنامج حكومة "مدبولى"

الدكتورة رانيا المشاط: ليست مرتبطة بوجود صندوق النقد أو غيابه.. ونعمل على خلخلة قطاعات الاقتصاد الحقيقي

قانونا التخطيط والمالية العامة يلزمان الحكومة بإعداد خطة التنمية والموازنة في إطار متوسط المدى بدءً من 2026/2027

جدية حكومية فى تمكين القطاع الخاص وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة والتركيز على القطاعات الأعلى إنتاجية

مصر منصة لحشد التمويلات الميسرة للاستثمار المحلي والأجنبي.. و16 مليار دولار في 5 سنوات من مؤسسات التمويل الدولية

 

في عام 2016 أطلقت الحكومة "رؤية مصر 2030"، وتبعتها بتعديلات لتتوافق مع المتغيرات الدولية، وهى الرؤية التي سارت عليها الحكومة ولا تزال.

وفى يوليو 2024 أعلنت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، برنامجها الذى نالت من خلاله ثقة مجلس النواب.

أثناء الممارسة العملية وضح أن هذ البرنامج ومستهدفاته يختلف بعض الشئ عن عدد من المؤشرات الموجودة ضمن رؤية مصر 2030، والسبب في ذلك وفق ما أكدته مصادر حكومية عدة أن البرنامج جاء "مرناً"، ليتناسب مع المتغيرات الدولية والأقليمية المتسارعة، والتعامل المصرى مع هذه المتغيرات التي أحدثت تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمى وفى القلب منها اقتصاد مصر.

وواحدة من المستهدفات المختلفة، أن رؤية مصر 2030 على سبيل المثال كانت تقول أن الدولة تستهدف الوصول بحجم الصادرت إلى 100 مليار دولار سنوياً، في حين جاء البرنامج الحكومى ورفعها إلى 135 مليار دولار، في ظل تفكير الحكومة التعامل مع المتغيرات التي أدت إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، وأيضاً التأثير على حجم السياحة الوافدة إلى مصر، وبالتالي الاعتماد بشكل كبير على القطاع الصناعى لرفع معدلات النمو، وأيضاً توفير العملة الأجنبية وفرص عمل مباشرة وأخرى غير مباشرة.

الاختلاف بين الرؤية والبرنامج الحكومى، بالتأكيد شيء لا يمكن أن يتناسب مع وضع دولة، تريد فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي أول ما تنظر إلى الدولة فإنها تنظر إلى خططها الاقتصادية المستقبلية، ومن هنا جاء التفكير فيما هو معلن اليوم "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل" التي تخضع اليوم لنقاش وحوار مجتمعى، تقوده الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بعد إطلاق الإصدار الأول لها من جانب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء في السابع من سبتمبر الجاري.

الدكتورة رانيا المشاط، وخلال جلسة حوارية عقدتها الأسبوع الماضى مع رؤساء تحرير الصحف والمواقع، قالت إن إعداد هذه السردية بدأ منذ أكتوبر 2024، لتُحقق التكامل بين رؤية 2030 التي طرأت على مستهدفاتها العديد من المتغيرات بسبب التطورات الإقليمية والعالمية، وبين برنامج عمل الحكومة، مضيفة: فى أكتوبر 2024 رأينا أن النظام الدولى يتغير، ومن الضرورى أن كل دولة يكون لها تميز فى القصة المستقبلية التى تصفها والسياسات التى ستتبعها. وربطها بمستهدفات تستطيع اتباعها وتنفيذها، ومن هنا جاء التفكير في السردية التي لا ينظر إليها باعتبارها حكاية وانما المنهج والميثاق الذى نسير فيه، كونها مرتبطة بسياسات اقتصادية وهيكلية واستراتيجيات الوزارات التى ستقوم بها.

وتستند السردية، وفق "المشاط" إلى مرجعية مؤسسية وتشريعين هامين هما قانون المالية العامة الموحد، وقانون التخطيط الموحد، اللذين يعتبرا المرجعية من خلال موادهما التي نصت على أن تقوم الوزارة المختصة بشئون التخطيط بتحديد الأهداف الاستراتيجية للدولة بجميع قطاعاتها لسنة الموازنة والإطار الموازني متوسط المدى، مع تحديد أولويات تنفيذ تلك الأهداف، ورسم المنظومة المتكاملة للتخطيط التنموي وتحديد الرؤية والاستراتيجيات ذات الصلة ومتابعة تنفيذها على المستويات القومية والإقليمية والقطاعية، وربطها بسياسات الاقتصاد الكلي، والتزام كل وزارة وجهة بالتنسيق مع الوزارة المختصة بشئون التخطيط بإعداد وتحديد مؤشرات أداء المخرجات ونتائج تنفيذ البرامج الرئيسية والفرعية والأنشطة والمشروعات.

القانونان، والذى وافق عليهما مجلس النواب مؤخراً، تضمنا الزام الحكومة بإعداد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة بدءً من العام المالي 2026/2027، لأول مرة لمدة 3 سنوات، ومن هنا جاء قرار الدمج بين وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لتحقيق التكامل بين ملفات الاقتصاد الكلي من خلال التمويلات الخارجية من شركاء التنمية واستثمارات الباب السادس بالموازنة العامة للدولة.

وفى حسم شديد، قالت الدكتورة راينا المشاط إن السردية ليست مرتبطة بوزير أو حكومة، لأنها خطة دولة، والكل ملتزم بها بعد إقرارها وإعلانها.

"المشاط" قالت إن "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية"، لا تأتي بديلا عن رؤية 2030 لكنها تشملها كما تشمل برنامج الحكومة والاستراتيجيات القطاعية الأخرى، موضحة أن هذه السردية جاءت كنتاج عمل تشاركي لتعكس أولويات المرحلة المقبلة، وتضع إطارًا متماسكًا يربط بين الخطط الوطنية والبرامج التنفيذية والتمويلات المتاحة، بما يضمن ترجمة الطموحات إلى واقع ملموس.

وتضيف: يمكن النظر إلي السردية باعتبارها مظلة شاملة لمختلف الاستراتيجيات والرؤى، حيث تضم رؤية 2030 وبرنامج عمل الحكومة، بالإضافة إلى الاستراتيجيات القطاعية مثل استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر، والتنمية الصناعية، والتشغيل، وريادة الأعمال، وكلها روافد رئيسية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، موضحة أنه في هذا السياق العالمي المتغير باستمرار فإن على الدول أن تُظهر وتروج لنموذجها الاقتصادي والسياسات التي تتبعها من أجل اقتناص الفرص واستغلال ما يحدث في العالم من تقلبات وسياسات حمائية من أجل التركيز على مميزاتها التنافسية.

السؤال الذى تردد كثيراً خلال الجلسة امام الدكتورة رانيا المشاط، لماذا هذه السردية الأن، وهل هدفها بالفعل خلخلة قطاعات الاقتصاد؟.. وهنا قالت الوزيرة  إن السردية تستهدف التركيز السياسات والإجراءات والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الدولة من أجل التحول إلى نموذج اقتصادي يعمل على ترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي، وينفذ الإصلاحات الهيكلية من أجل التركيز على القطاعات الأعلى إنتاجية، من خلال سياسات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوطين الصناعة، والتخطيط الإقليمي وتوطين التنمية الاقتصادية. وأشارت هنا إلى تعليقات عدد من الخبراء الاقتصاديين بأن برامج الإصلاح الاقتصادي في مصر كانت تُركز على السياسات المالية والنقدية فقط، دون التطرق إلى قطاعات الاقتصاد الحقيقي، ومن هنا فإن السردية تعمل على هذا التوجه، وتستغل الاستقرار الذي حققته الدولة على صعيد السياستين المالية والنقدية، ونجاحها منذ إجراءات مارس 2024 في التغلب على العديد من التحديات، من أجل خلخلة الاقتصاد الحقيقي، والتركيز على سياسات النمو والتشغيل، والتحول نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.

اختصاراً قالت "المشاط" إن السردية تعتبر «برنامج إصلاح اقتصادي» وأداة ترويج لركائز الاقتصاد المصري تعكس من خلالها السياسات والإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو وجذب الاستثمار، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص وعرض البدائل التمويلية المتاحة له وكذلك تسليط الضوء على الفرص القطاعية الواعدة، مستفيدة من عدد من المؤشرات الدولية التي تتناول الوضع المصرى، ومنها مؤشر آفاق التعقيد الاقتصادي، الذي يبرز تقدم مصر ومجيئها في الترتيب 5 من بين 145 دولة وهو ما يعكس الإمكانيات القوية لقدرة الاقتصاد المصري على تنويع الصادرات والإعلاء من قيمتها المضافة، كما أن مصر تعد من بين البلدان متوسطة الدخل ذات الترتيب المتقدم في مؤشر آفاق التعقيد الأخضر، وهو ما يؤكد الفرص الكبيرة المتاحة للاقتصاد المصري للتحول إلى القطاعات الأعلى إنتاجية والتي تضيف قيمة مضافة حقيقية.

هذه المؤشرات كانت مهمة للحكومة وهى تضع تفاصيل "السردية"، خاصة أنها تعتمد على الاستفادة مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تمثل قاعدة داعمة للتصنيع التجاري، التي تضعها السردية في مكانة متقدمة، لبناء اقتصاد أكثر ديناميكية وقادر على امتصاص الصدمات الخارجية.

الهدف الرئيسى للسردية، هو التحول نحو نموذج اقتصادي يقوم على القطاعات الأعلى إنتاجية، لذلك فإنها وضعت 3 سيناريوهات، أساسي، وسيناريو إصلاح متسارع، وسيناريو متحفظ، في حالة تصاعد حالة عدم اليقين العالمية.

ووضعت السردية ركائز ثلاثة، وهى استقرار الاقتصاد الكلي كشرط حتمي لتحقيق التنمية الاقتصادية، والتحول الهيكلي نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، وإعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص.

فيما يتعلق بالركيزة الأولى المتعلقة باستقرار الاقتصاد الكلي من خلال السياسات المالية والنقدية وحوكمة الاستثمارات العامة، وتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، فأن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» تستهدف إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص، كمحور رئيسي، من أجل تهيئة بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، وأوضحت "المشاط" أن الركيزة الثانية تؤكد أن هذا التحول مبني على مبدأ الانتقال التدريجي من الدور التشغيلي المباشر إلى دور تنظيمي ممكن وشريك استثماري، يُسهم في تحسين كفاءة تخصيص الموارد وتعظيم العائد من الأصول العامة، مؤكدة أن وثيقة سياسة ملكية الدولة تُعد المرجعية الأساسية التي تُحدد إطار تدخل الدولة في مختلف القطاعات، حيث تميز بين القطاعات التي تستمر الدولة في إدارتها لأسباب استراتيجية، وتلك التي يُفسح فيها المجال أمام القطاع الخاص، سواء من خلال الشراكة أو التخارج الكلي أو الجزئي. بما يعكس ترسيخ مبادئ الحوكمة والشفافية وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري، مشيرة إلى أنه من أجل تنفيذ تلك الرؤية تتكامل ثلاث جهات رئيسية تلعب أدوارًا متخصصة ومترابطة، وهي وحدة الشركات المملوكة للدولة التابعة لمجلس الوزراء، التي تم تأسيسها بموجب قانون الشركات المملوكة للدولة أو التي تُساهم فيها، إلى جانب الصندوق السيادي المصري، ووحدة الطروحات الحكومية.

وفيما يتعلق بالركيزة الثالثة المتعلقة بالتحول نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، رصدت مضاعف التشغيل في القطاعات المختلفة والتي أظهرت أن الصناعات التحويلية تُحقق أعلى مضاعف تشغيل، تليها الخدمات، مشيرة إلى أن السردية تستهدف التحول نحو نموذج يقوم على التركيز على تلك القطاعات.

وهنا تشير الدكتورة رانيا المشاط إلى "المقومات الفريدة التي يتمتع بها الاقتصاد المصري والتي تجعله من أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، انطلاقًا من البنية التحتية المتطورة، والسوق المحلي الضخم، والموقع الجغرافي المتميز ووجود شريان قناة السويس الحيوي والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تعد من أكثر المناطق الجاذبة للاستثمار حيث تُمثل رافدًا رئيسيًا على سوق قوامه أكثر من ملياري نسمة، فضلًا عن موقع مصر كمركز للطاقة الخضراء من خلال مشروعات الطاقة المتجددة، والتكامل الإقليمي عبر الاتفاقيات التجارية، وإمكانات التحول الرقمي، والموارد البشرية المؤهلة".

من ضمن مراحل بناء السردية، كان رصد الوضع الحالي للاقتصاد في ضوء المؤشرات الكلية وما وراءها، وهو ما تحدثت عنه "المشاط" بقولها إنه "رغم تحديد متوسط معدلات منذ يوليو 2024، إلا ان الأهم ما وراء هذه الأرقام، فليس المهم أرقام النمو ولكن مكوناته، حيث تصدرت الصناعات التحويلية غير البترولية القطاعات الأكثر دعمًا للنمو إلى جانب السياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، والتجارة، وذلك رغم الأثر السلبي الذي خلفته انخفاض أنشطة قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية، وانكماش قطاع البترول والاستخراجات، وهو ما يعكس الفرص الكبيرة المتاحة للاقتصاد مع عودة تلك القطاعات للنمو في الفترة المقبلة".

وإلى جانب ذلك، والحديث لازال على لسان الدكتورة رانيا المشاط: نظرنا إلى الآثار الإيجابية لحوكمة الاستثمارات العامة كركيزة أساسية لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، والتي ساهمت في زيادة نسبة الاستثمارات الخاصة إلى الاستثمارات الكلية لتسجل نحو 62.8% في الربع الثالث من العام المالي الماضي، وتحقيقها زيادة بنسبة 24% في مقابل انكماش الاستثمارات العامة.

دراسة الوضع الراهن كان مهم لوضع الخطة المستقبلية للاقتصاد، خاصة كما فهمت من وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، التي أكدت أن السردية تقوم في جوهرها على علاقة تكاملية واضحة بين استقرار الاقتصاد الكلي وصياغة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، بما يُرسخ أسس التنمية الاقتصادية ويطلق العنان للإمكانات الكامنة في الاقتصاد المصري، ويخلق تفاعلًا ديناميكيًا ينتقل بالاقتصاد إلى حلقة متصلة تُسهم في رفع الإنتاجية، وتحفيز الاستثمار، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، وتوسيع قاعدة التصدير، بما يدفع النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما أن السردية تُترجم أولويات الإصلاح الهيكلي إلى مجموعة متسقة من المستهدفات الكمية ضمن إطار اقتصاد كلي مبسط يتضمن أهدافًا قابلة للقياس بحلول 2030، مشيرة إلى أن 25 جهة وطنية تقوم على تنفيذ عشرات الإصلاحات ضمن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية وتعمل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على متابعة تنفيذ تلك الأهداف.

 

منصة التمويلات الميسرة

نقطة مهمة في السردية، مرتبطة بمسألة التمويلات وتوفيرها للمستثمرين الراغبين في فتح مشروعات استثمارية وتنموية في مصر، وهى النقطة التي عالجتها السردية، وأشارت إليها "المشاط" بقولها: إن التمويل من أجل التنمية قاسم مشترك في مختلف محاور العمل من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وفي هذا الصدد فقد نجحت الوزارة من خلال آليات التعاون الدولي في أن تصبح مصر منصة للتمويلات الميسرة من شركاء التنمية للقطاعين الحكومي والخاص حيث بلغت تلك التمويلات منذ 2020 نحو 16 مليار دولار، وجزء من شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي إتاحة ضمانات استثمار بقيمة 1.8 مليار يورو لحشد استثمارات عامة وخاصة بقيمة 5 مليارات يورو، كما أن الجهود التي تمت في الفترة الماضية دفعت مؤسسات دولية ثنائية لتمويل القطاع الخاص في مصر لأول مرة في تاريخها، ولذلك فإن الشراكة مع المؤسسات الدولية تأخذ أشكالًا مختلف من التعاون والتكامل.

 

التنفيذ

نأتى إلى النقطة المهمة المرتبطة بتنفيذ هذه السردية، وهنا أترك الحديث للدكتورة رانيا المشاط: وفقًا لقانوني التخطيط والمالية العامة، فإنه بدء من العام المالي الجاري سيتم تطبيق موازنة البرامج والأداء التي تستهدف تحقيق النتائج وقياس الأداء في إطار البرامج والمشروعات الحكومية، اعتمادًا على توجيه الموارد المالية نحو تحقيق أهداف محددة وقابلة للقياس مثل تحسين التعليم أو تعزيز الرعاية الصحية أو تطوير البنية التحتية، وتمثل خطوة مهمة نحو تحسين إدارة المال العام. وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026 تمثل محطة فارقة، حيث تشهد استكمال العمل بمنهجية التخطيط متوسط المدى، من خلال إعداد خطة وموازنة عامة لثلاث سنوات متتالية بدءًا من 2026/2027، في إطار تشريعي وتنظيمي يربط بين مؤشرات الأداء والمخصصات المالية، بما يضمن فعالية الإنفاق العام وتعزيز كفاءته.

وفيما يتعلق بتحقيق التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والمكتسبات التي تعود على المواطن، وأضافت الوزيرة أن السردية الوطنية تنطلق من مبدأ أساسي وهو أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق بدون الاستقرار الاقتصادي الكلي، معتبرة أن السيطرة على التضخم وخفض عجز الموازنة واستدامة الدين العام، هي مدخل رئيسي لتحريك الاقتصاد الحقيقي، موضحة أنه لا يمكن أن نتحدث عن خلق فرص عمل أو جذب استثمارات جديدة إذا لم يكن هناك استقرار في الاقتصاد الكلي، فالسيطرة على التضخم والتوجه نحو التيسير النقدي والالتزام بالانضباط المالي هو الذي يسمح بتوليد الفوائض نحو الإنفاق على الصحة والتعليم والتنمية البشرية، وتمنح المستثمرين ثقة في استقرار السوق المصرية.

وفيما يخص القطاع الصحي، أكدت "المشاط" أن الحكومة لم تغفل هذا الملف الحيوي، حيث شهدت الاستثمارات الموجهة للقطاع في خطة العام المالي الجديد زيادات كبيرة، وحرصت الحكومة على تلبية احتياجات القطاع في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجاري جميعها، من أجل الاستمرار في تطوير مشروعات البنية الأساسية الصحية أو في استكمال منظومة التأمين الصحي الشامل في المحافظات، فضلًا عن زيادة الاستثمارات الخضراء بالقطاع . وأوضحت أن جميع طلبات وزارة الصحة تمت تلبيتها بالكامل في الموازنة الجديدة، إدراكًا لأهمية هذا القطاع كأولوية وطنية مرتبطة بجودة حياة المواطن.

 

تمكين القطاع الخاص

من ضمن الأهداف الرئيسية للسردية، رفع مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، وهنا تؤكد "المشاط" أن تمكين القطاع الخاص يمثل ركيزة محورية في السردية الوطنية، وأن الدولة تعمل على تقليل المزاحمة بين القطاعين العام والخاص من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تحدد بوضوح القطاعات التي ستتخارج منها الحكومة، وتفتح المجال أمام القطاع الخاص للتوسع والاستثمار. كما أن برامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني تمثل أداة رئيسية في دفع التحول الأخضر وتنفيذ المشروعات الكبرى. وشددت على أن الدولة لا تعمل بمعزل عن القطاع الخاص، بل تعتبره شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، مشيرة في ذات الوقت إلى أن الحكومة تسعى لتحقيق وحدة الموازنة العامة للدولة بضم الهيئات الاقتصادية وإعادة هيكلتها وتعظيم الاستفادة من تلك الموارد.

وتطرقت «المشاط»، إلى العلاقة مع صندوق النقد الدولي، مؤكدة أن برامج الصندوق هي برامج وطنية في الأساس، مشيرة إلى أن التعاون مع الصندوق يعزز الثقة في الاقتصاد المصري ويخفض من تكلفة التمويل الخارجي، إلا أن السردية الوطنية ليست مرتبطة بوجود الصندوق أو غيابه، بل هي وثيقة وطنية نابعة من أولويات الدولة المصرية واحتياجاتها الفعلية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق